Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عملاء إيران في إسرائيل حزام نار داخلي ضمن "طوفان الأقصى"

مر عامان ولم تتمكن أجهزة الاستخبارات من كشف هذه الخلايا التي عززت النشاط الاستخباراتي لطهران

كشف "الشاباك" عن خمس شبكات تجسس بينها شبكة من أربعة فلسطينيين من القدس (رويترز)

ملخص

من بين أخطر المهام دفع 100 ألف دولار مقابل اغتيال عالم إسرائيلي من تل أبيب لأحد سكان المدينة، ويدعى فلاديمير فيرخوفسكي (35 سنة)، ووفق ملفه في المحكمة فقد تلقى مدفوعات بعملات رقمية لتنفيذ مهام مختلفة للاستخبارات الإيرانية، بما في ذلك كتابات على الجدران ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

على مدار عامين نجحت الاستخبارات الإيرانية في تشكيل شبكات تجسس داخل إسرائيل لتزويدها بمختلف المعلومات الأمنية والاستخباراتية ومواقع عسكرية في غاية الأهمية والخطورة، مقابل مبالغ مالية تُحدد قيمتها وفق أهمية المعلومة إلى جانب القيام بأعمال تثير عدم الاستقرار السياسي داخل إسرائيل.

مر عامان ولم تتمكن أجهزة الاستخبارات من كشف هذه الخلايا التي عززت النشاط الاستخباراتي لإيران مع بداية حرب "طوفان الأقصى"، السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بل نجح وكلاء إيرانيون وفق ما يتضح من ملفات المشتبه فيهم داخل المحاكم الإسرائيلية في تجنيد مزيد وفق مختلف الوسائل المتاحة بالتركيز على إقامة العلاقات وتوثيقها وفق شبكات التواصل الاجتماعي وإقامة علاقات عمل خاصة تحت اسم يهودي وباللغة العبرية.

 

وفي غضون شهرين كشف "الشاباك" (الأمن العام) عن خمس شبكات تجسس بينها شبكة من أربعة فلسطينيين من القدس والبقية يهود من سكان إسرائيل، حصلوا على مبالغ مالية طائلة مقابل تزويد إيران بمعلومات تجاوزت 1000 معلومة في الأقل، 600 بينها من قبل شبكة واحدة من سبعة إسرائيليين يهود وكان رئيس الشبكة طالباً جامعياً بالفرقة الثانية في علم النفس. وبدأت العلاقة معه من قبل وكيلين إيرانيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي وأقنعاه بتجنيد مزيد حتى أقاموا غرفة تجسس خاصة داخل منزل، زودوها بمختلف المعدات اللازمة للحصول على المعلومات ونقلها إلى إيران.

ومنذ الضربة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل التي أطلق خلالها ما بين 180 و200 صاروخ باليستي استهدفت في معظمها قواعد عسكرية وجاءت الضربات في غاية الدقة. وأعلن من قبل إيران عن تفاصيل الإصابات ومداها ما أثار الشكوك حول وجود جهات داخلية تزودها بالمعلومات. وكان لافتاً للأجهزة الاستخباراتية عملية قاعدة لواء غولاني ودقتها والتي أدت إلى مقتل وجرح عدد من الجنود الإسرائيليين.

وتعاظمت الشكوك حول وجود مخبرين من إسرائيل بعد ما نشر من تفاصيل حول العملية، وضمن التحقيق في إخفاقات العملية جند جهاز الأمن العام "الشاباك"، ومجموعات خاصة لتقصي الحقائق حتى توصل إلى شبكة اليهود السبعة ومن ثم الفلسطينيين الأربعة من القدس، وقبلها أيضاً ثلاث شبكات.

وبحسب مسؤولين في أجهزة الأمن، فإن النشاط في البحث عن كشف مزيد من الشبكات أو الأفراد الذين يعملون الآن في صالح إيران مازال مستمراً وبوتيرة عالية خلال وقت تنظر المحاكم الإسرائيلية في لوائح اتهام وتمديد اعتقال المعتقلين.

أسوأ فترة عرفتها إسرائيل

ولعل الخلية التي تشمل سبعة يهود من حيفا وبلدة نوف هجليل المحاذية لمدينة الناصرة في الشمال هي الأكثر إثارة، وأيضاً الأكثر ضرراً بما ألحقته في الوضع الأمني والعسكري جراء المعلومات التي سلمتها لإيران، وتجاوزت 600 معلومة مقابل ملايين الدولارات.

وفي معاينة في ملف شبكة اليهود السبعة المقدم إلى المحكمة يتضح أنهم قاموا بتصوير وجمع معلومات حول القواعد والمنشآت العسكرية للجيش الإسرائيلي، بالتركيز على القواعد العسكرية وبينها "نيفاتيم" و"رمات ديفيد"، اللتان تعرضتا لقصف عبر أكثر من صاروخ باليستي خلال الهجوم الإيراني الأخير، إلى جانب تفاصيل عدة عن مبنى قيادة الجيش ووزارة الأمن في تل أبيب المعروف باسم "الكرياه" والذي تعقد فيه معظم الاجتماعات الأمنية، و"الكابينت"، والخطط الحربية وغيرها، كما تتم فيه لقاءات مع شخصيات دبلوماسية وأمنية أجنبية خلال زياراتها إلى إسرائيل، خصوصاً خلال فترة الحرب، وتحت هذا المبنى أقيم ملجأ القيادة الإسرائيلية الذي تعقد فيه اجتماعاتها خلال الحرب أيضاً.

ويتضح أن ما ساعد الشبكة في الحصول على معلومات عسكرية وأمنية دقيقة وجود جندي إسرائيلي تهرب من الجيش بعد تجنيده في هذه الشبكة، وقدم مساعدات كبيرة في جمع المعلومات من خلال اطلاعه على معسكرات الجيش وقواعد عسكرية مستفيداً من خدمته في الجيش، مما ساعد أيضاً على معرفة تفاصيل نصب منظومات "القبة الحديدية" في مختلف المناطق داخل إسرائيل، والتي استُهدفت خلال الضربة الإيرانية، وكذلك من خلال القصف الصاروخي والمسيرات على مختلف المناطق داخل إسرائيل في الشمال والمركز.

وفي ملف "السبعة" أيضاً، أُرسلت خرائط لعشرات المواقع الاستراتيجية في إسرائيل بينها قاعدة لواء غولاني، إضافة إلى القواعد البحرية والموانئ والبنى التحتية للطاقة بما في ذلك محطة توليد الكهرباء في الخضيرة (منطقة حيفا).

ويتوقع الجمعة المقبل الـ25 من أكتوبر الجاري تقديم لوائح اتهام ضد "السبعة"، وبحسب ما تبين من التهم من المنتظر أن تصدر بحقهم أحكام لأعوام طويلة، خصوصاً ما يتعلق بتهمة التعاون مع عدو وتهديد أمن إسرائيل.

ويتضح من ملفات "السبعة" أنه على مدار عامين نفذوا سلسلة من المهام المختلفة من دون إمكانية كشفهم، وهي الحال نفسها مع بقية الشبكات أو الأفراد الذين كشف عنهم "الشاباك" أخيراً. وخلال هذه الجهود تلقت إيران معلومات واسعة ودقيقة أمنية واستراتيجية، بما في ذلك تصوير مواقع مختلفة في إسرائيل، بحسب مسؤول أمنى.

وبحسب هذا المسؤول نفسه في "الشاباك"، "وكجزء من التحقيق تم الاستيلاء على عديد من المواد التي جمعها من اعتقلوا، ونقلها إلى عملاء إيرانيين بما في ذلك صور ومقاطع فيديو لعديد من قواعد الجيش الإسرائيلي في جميع أنحاء البلاد، والموانئ، والبنى التحتية للطاقة في إسرائيل، كل ذلك خلال وقت تخوض فيه إسرائيل القتال في عدد من الساحات المختلفة، وبحسب تقديراتنا"، وتابع المسؤول نفسه "نشاط العملاء أدى إلى أضرار أمنية لأمن إسرائيل".

والمتهمون في مختلف خلايا التجسس رضخوا لتحقيقات واسعة تم خلالها وفق ما تشمله ملفاتهم "الكشف عن خطورة ونطاق الحوادث، التي تعد من أخطر عمليات التجسس التي عرفتها إسرائيل".

إيران تواصل التجسس

وخلال الأثناء، اعتبر المسؤول السابق في "الشاباك" ليئور أكرمان أن إيران لن تتوقف عن محاولات تجنيد الإسرائيليين للتجسس وشن هجمات ضد أهداف إسرائيلية مستغلة الجشع المالي لدى كثيرين. وبحسب اطلاعه على عمليات تجنيد الإسرائيليين قال "يعمل الإيرانيون على نطاق واسع من خلال الشبكات الاجتماعية والملفات الشخصية المزيفة، وفي الماضي جندوا إسرائيليين أبرياء إلى حد ما للقيام بمهام جمع المعلومات لهم. أما التجنيد الحالي منذ بداية الحرب فنرى ثمة طرقاً جديدة، ويمكن القول إنه أكثر غرابة مما سبق، خصوصاً باستخدام الإيرانيين طريقة تتعلق بتحديد مكان إسرائيلي وتجنيده لغرض تنفيذ هجمات داخل إسرائيل مقابل المال، بل ينطوي أيضاً على نقله سراً إلى اجتماعات في إيران، أي إنه بكل صراحة من تعامل معه لا يمكن أن نقول إنه سقط في خدعة، إنما هو على دراية كاملة بما يفعله".

وبحسب أكرمان أيضاً "فقد تمكن الشاباك من التوصل إلى هذه الشبكات أو الأفراد وإحباط عمليات خطرة جداً، على رغم ما تم نقله من معلومات هائلة إلى الإيرانيين ساعدتهم في عملياتهم وهجومهم على إسرائيل. ودعا سلطات تنفيذ القانون إلى العقاب بصورة كبيرة في هذا المجال، وخلق دعاية بارزة لمثل هذه الحوادث من أجل تعزيز الردع، ومنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل".

مزيد من الإسرائيليين مستعدون للتعاون

ولم يخف "الشاباك" قلقه من أن إيران ووفق نشاطها الواسع في شبكات التواصل الاجتماعي وبإبداعات كثيرة وفق تعبير البعض، ستجد كثيرين من الإسرائيليين مستعدين للتعاون معها، وبخاصة من أجل المال.

وحذر "الشاباك" من "أن الإيرانيين يعملون -من خلال عرضهم على مجموعات واسعة جداً من الإسرائيليين- على تجنيد العملاء عبر منصات العملات الرقمية والمالية ومواقع البحث عن الوظائف، ويضع الحرس الثوري الإيراني في رأس أولوياته مهاجمة كبار المسؤولين الإسرائيليين وتنفيذ اغتيالات".

ووفق ما شملته ملفات المتهمين، فقد عرض المسؤولون الإيرانيون على الإسرائيليين مبالغ باهظة لإغرائهم للقيام بمهام مختلفة، وقدموا أنفسهم على أنهم يسعون إلى توظيف الإسرائيليين في مهام متعددة وبأجر مرتفع جداً.

ومن بين أخطر المهام دفع 100 ألف دولار مقابل اغتيال عالم إسرائيلي من تل أبيب لأحد سكان المدينة، ويدعى فلاديمير فيرخوفسكي (35 سنة)، ووفق ملفه في المحكمة، فقد تلقى خلال الأشهر الأخيرة، مدفوعات بعملات رقمية لتنفيذ مهام مختلفة للاستخبارات الإيرانية، بما في ذلك كتابات على الجدران ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وضمن التخطيط لتنفيذ الاغتيال طلب وكيل إيران منه أن يتوجه إلى مكان معين، وهناك وجد مسدساً ومجلة تشرح بالضبط كيفية تنفيذ عملية اغتيال العالم الإسرائيلي، كما تلقى وعداً بالمساعدة في تهريبه إلى روسيا بعد تنفيذ العملية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبين أن الإيرانيين وصلوا إلى فيرخوفسكي عبر تطبيق "تيليغرام" وتواصل معه شخص يدعى إيلي بحسب "الشاباك"، "وتظاهر بأنه مواطن إسرائيلي وسأل فيرخوفسكي ما إذا كان يريد كسب المال؟ وعندما رد بالإيجاب أرسل إليه 10 دولارات عبر تحويلة مالية لطمأنته بإمكانية حصوله على المال. وبعد أيام عدة طلب وكيل إيران من الإسرائيلي كتابة شعارات، فقام بذلك على الجدران في شارع بارزيلاي،وفي موقف القطار في تل أبيب وأماكن أخرى، ومن بين هذه الشعارات "نتنياهو = هتلر" وتلقى مقابل كل الشعارات 30 دولاراً".

وتبين أنه نفذ خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين بعض المهام التي أحيلت إليه، وبخاصة دفن حاويات بلاستيكية مزودة بأجهزة تتبع قرب مقبرة في بيتاح تكفا (وسط)، وإرسال مقاطع فيديو من تظاهرات في تل أبيب في محاولة للاتصال بمتظاهر آخر.

تسعيرة حسب المهمة

وما تبين في مجمل شبكات العملاء أن هناك تسعيرة خاصة بتباين كبير بقيمة المبلغ وفق المهمة. فبينما دفع 30 دولاراً على كتابة شعار، و100 ألف دولار على الاغتيال، دفع الإيرانيون 200 دولار لكل عميل لتغيير جهاز هاتفه، وجميعهم استخدموا هواتف من نوع واحد، أما مهمة دفن وإخفاء معدات استخدمت في نقل المعلومات، فقد حصل العميل على مبلغ 100 دولار مقابل كل عملية دفن الحاجات، وبينها، أيضاً، دفن جهاز التتبع في منطقة معينة.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط