Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محصلة لقاء "عض الأصابع" بين بلينكن ونتنياهو

مراقبون: جهود الوزير الأميركي لـ"صفقة إقليمية" تبدأ من غزة باءت بالفشل بسبب فاتورة البقاء السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي

اجتماع سابق لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع بنيامين نتنياهو في القدس، 10 يونيو 2024 (أ ف ب)

ملخص

بحسب المقترح الذي عرضه بلينكن، يفترض أن تبدأ جهود حثيثة بمشاركة جهات خارجية والسلطة الفلسطينية لتسليم الأمن الداخلي في غزة إلى قوة شرطية تابعة للسلطة الفلسطينية، على أن ترافقها قوة دولية يتم نشرها على طول الحدود بين إسرائيل ومصر، وفي المرحلة الأخيرة من هذه الترتيبات توافق إسرائيل على استئناف المفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو ما سيفتح الباب أمام محادثات مع دول عربية أيضاً.

كان أمل الإسرائيليين نجاح الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تل أبيب، في التقدم نحو صفقة رهائن وإنهاء حرب غزة بعد مقتل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" يحيى السنوار، خصوصاً دعم واشنطن العسكري المستمر لإسرائيل وتزويدها بمنظومة "ثاد" المضادة للصواريخ الباليستية لمواجهة خطر صواريخ إيران.

لكن بلينكن رجع، كما في زياراته العشر السابقة خلال حرب غزة، بخفي حنين بسبب الفواتير التي يبقيها رئيس الحكومة الإسرائيلية مفتوحة أمام جبهات القتال لتكون بوليصة تأمين استمرار حياته السياسية، وهو السبب في تبدد الأمل الإسرائيلي.

لقاء عض الأصابع

إلى جانب ملفي إيران ولبنان، والجهود التي بذلها بلينكن لضمان إنهاء حرب لبنان قريباً وعدم توجيه ضربة قاسية ضد إيران تدفع إلى رد إيراني يوسع الحرب أكثر، قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، طرح بلينكن، وفق مسؤولين اطلعوا على جلسات محادثاته مع نتنياهو والمسؤولين الإسرائيليين، خطة لإنهاء الحرب على مختلف الجبهات، على أن تكون غزة المرحلة الأولى منها، وبدايتها وقف القتال وتنفيذ صفقة رهائن شاملة تضمن إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين، وفق شروط يتفق عليها الطرفان، مع وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كل القطاع.

بحسب المقترح الذي عرضه بلينكن، يفترض أن تبدأ جهود حثيثة بمشاركة جهات خارجية والسلطة الفلسطينية لتسليم الأمن الداخلي في غزة إلى قوة شرطية تابعة للسلطة الفلسطينية، على أن ترافقها قوة دولية يتم نشرها على طول الحدود بين إسرائيل ومصر، وفي المرحلة الأخيرة من هذه الترتيبات توافق إسرائيل على استئناف المفاوضات مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو ما سيفتح الباب أمام محادثات مع دول عربية أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مقترح بلينكن، بحسب ما رآه مقربون من نتنياهو وضالعون في تطور الأوضاع العسكرية والسياسية، لن يتحقق بوجود الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي على رغم الدعوات والتقارير التي تؤكد إنجازات الجيش في غزة وإمكانية انسحابه والتوجه نحو صفقة أسرى، فإن نتنياهو يتمسك بموقفه الداعي إلى استمرار الحرب حتى تحقيق النصر، وبذلك يضمن استمرار حكومته ومسيرته السياسية، فيما وزراء حكومته يعقدون المؤتمرات ويعدون الخطط لإعادة احتلال غزة وبناء المستوطنات فيها، في ظل خطر متزايد على حياة 101 أسير إسرائيلي تشير تقارير إلى أن أكثر من نصفهم فقدوا حياتهم في الأنفاق، ونسبة كبيرة بنيران الجيش الإسرائيلي.

وبحسب المتخصص في الشؤون السياسية ناحوم برنياع، فإنه برفض نتنياهو لمقترح بلينكن يبقى البديل هو "فقدان المخطوفين واستمرار سفك دماء الجيش الإسرائيلي في حرب من دون هدف وتعميق الأزمة مع الديمقراطيين وإدارة بايدن وإهدار الاحتمال لتشكيل حلف إقليمي"، مؤكداً "نتنياهو لا يريد أن يدفع أي ثمن".

ونقل برنياع عن مداولات المحادثات بين بلينكن ونتنياهو، أن وزير الخارجية قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي إنه بعد أكثر من سنة من الحرب "حققت جميع أهدافك العسكرية في غزة. (حماس) فقدت قوتها العسكرية، السنوار قُتل، وتمت تصفية معظم قيادة الحركة".

الصفقة التي طرحها بلينكن، على رغم أنها تتطلع إلى حل إقليمي فإنها لا تشمل لبنان في هذه المرحلة، لقناعة واشنطن أن الجيش يحتاج مزيداً من الوقت لتحقيق هدف إبعاد قوات "حزب الله" عن البلدات المحاذية للحدود، والقضاء على مراكز قوة الحزب في الضاحية الجنوبية.

لا أمل قريباً

أجمع سياسيون وأمنيون إسرائيليون على أنه طالما أن الضربة لم تنفذ على إيران، ولم يغلق نتنياهو فاتورة حساب المسيرة التي أطلقها "حزب الله" واخترقت نافذة غرفة النوم في بيته في قيساريا، وأعلن أنه سيجبيها من إيران من خلال توسيع وتكثيف الضربة عليها، فلن يكون هناك أمل في التقدم نحو أي تحرك دبلوماسي على أية جبهة كانت.

بحسب تصريحات قياديين في أجهزة الأمن وقيادة الجيش، فإن إيران ستكون مضطرة للرد على الهجوم عليها إن لم يكن بشكل فوري فمن المؤكد أنه بعد أيام قليلة، وفق ما نُقل عن مسؤول أمني بعد زيارة بلينكن وبعد جلسة مشاروات عقدها نتنياهو فور انتهاء جلسته مع الوزير الأميركي لبحث الضربة على إيران، وقد حدد نتنياهو جلسة كابينت الأحد، لبحث موعد الضربة، علماً أن عسكريين وسياسيين إسرائيليين توقعوا تنفيذها بعد انتهاء عيد العرش اليوم الخميس، وانتهاء جولة بلينكن الجمعة.

مئير بن شبات، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، الذي يشغل اليوم رئيس معهد "مسغاف" للاستراتيجية الصهيونية والأمن القومي في القدس، يرى أن الفرصة ضئيلة جداً لإحداث أي نوع من التحولات السياسية والدبلوماسية في ظل استمرار القتال على مختلف الجبهات، مضيفاً، "في غزة سجلت إسرائيل إنجازاً كبيراً في القضاء على السنوار، لكن لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به حتى عودة الأسرى وتحقيق جميع أهداف الحرب، وبعد عودته إلى واشنطن سيواصل بلينكن محاولاته لضمان تحريك مقترحات واشنطن للحل السياسي في غزة وضمان الترتيبات الإنسانية".

واستدرك بن شبات "يمكن افتراض أن بلينكن لا ييأس أيضاً من محاولة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار من خلال صفقة في غزة على شكل (إطار بايدن)، بينما يعتبر اغتيال السنوار وتنفيذ الترتيبات الإنسانية في شمال القطاع صورة نصر لإسرائيل، لكن طالما أن (حماس) تتمسك بموقف وقف إطلاق النار كشرط للمفاوضات فإن فرص التقدم بأي مسار سلمي ضئيلة جداً".

غزة أكثر تعقيداً

يضع بن شبات صورة للأيام المقبلة في ظل استمرار القتال على جبهتي غزة ولبنان إلى جانب ضربة إيران،  وبرأيه فإن النشاط العسكري هو الذي سيشكل الواقع خلال الفترة المقبلة، "ستواصل إسرائيل العمل على تفكيك التهديد الذي بنته إيران من حولنا، بالتالي إضعاف إيران ووكلائها، والاستفادة من الفرص لعرقلة البرنامج النووي. وفي الوقت نفسه ستواصل إسرائيل إلحاق الضرر بالقدرات العسكرية المتبقية لحركة (حماس) والجهود التي استثمرتها لتجديد حكمها في غزة".

واستبعد بن شبات هو الآخر أي تقدم في الحلول المطروحة للقطاع، بل إنه يرى ضرورة لزيادة الضغط العسكري في شمال غزة لـ "منع تعافي حماس" وتعميق الضرر الذي يلحق بقدرات المنظمة المتبقية.

ويرد على مقترح المساعدات الإنسانية، الذي تشدد عليه واشنطن وتبذل الجهود لضمان وجود جهات خارجية في عملية الإشراف على توزيعها، قائلاً "من الصعب تقييم فرص فكرة خلق (فقاعات إنسانية) تؤمنها شركة أميركية مثلاً، لكن من الواضح أنها تنطوي أيضاً على أخطار كبيرة". داعياً إلى "زيادة الضغط على صناع القرار في مقر (حماس) بالخارج، وعلى قطر التي تستضيفهم على أراضيها".

بالنسبة إلى إيران، يؤكد بن شبات على ضرورة الرد، ولكنه لا يرى حاجة لإسرائيل لأن تتسرع فيه، ويدعو إلى تأجيل ردها لتحطيم أعصاب الإيرانيين، وفي المقابل الحفاظ على أقصى قدر من الغموض والاستعداد لسيناريوهات الدفاع أمام رد إيراني أكبر من الرد الأخير".

أما تجاه "حزب الله" فيرى بن شبات أن الجيش حقق إنجازات وضعت إسرائيل في نقطة انطلاق جيدة لليوم التالي، تجعل من الممكن التطلع إلى نزع سلاح الحزب ووضع ترتيبات تمنع تسليحه.

انقلاب مهندس "الجنرالات"

في ظل النقاش حول الجهود الأميركية لتسوية في غزة بعد السنوار تضمن عودة الأسرى، فاجأ الجنرال احتياط غيورا إيلاند، الذي طرح "خطة الجنرالات" وتشمل تهجير سكان الشمال والسيطرة على المنطقة بذريعة الحاجة لتنظيفها من مقاتلي "حماس" على أن تكون بداية لتطبيق الخطة بمناطق أخرى في القطاع، بطرح موقف مغاير ليس فقط لهذه الخطة بل لمواقفه التي تمسك بها طوال فترة الحرب، والتي تؤجج نيران القتال في غزة ولبنان ومختلف الجبهات، وراح يدعو لوقف المعارك.

فبعد التقارير الأمنية والعسكرية التي تشير إلى الوضع المتدهور لإسرائيل على جميع الأصعدة من حيث الشرخ المتعمق للمجتمع، والخطر على حياة الأسرى، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، قال إيلاند إن هناك أربعة أسباب ضرورية لإنهاء الحرب فوراً، وهي الارتفاع المتزايد لعدد الجنود الإسرائيليين القتلى والمصابين، والضغط الهائل على الجنود وعائلاتهم من ناحية مالية وعائلية، والعبء الاقتصادي على إسرائيل، ورغبة العالم في إنهاء الحرب في غزة. وبرأيه أن "العالم يتفهم أكثر حربنا في لبنان وضد إيران مباشرة، لكن لا أحد يفهم ما الذي نريد تحقيقه في غزة".

ودعا إيلاند إلى العمل على تحسين شروط اتفاق تبادل أسرى بزيادة عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الأسرى في غزة "الذين سيموتون باستمرار الحرب"، محذراً متخذي القرار والحكومة الإسرائيلية بعد تصريحات وزراء وقادة أحزاب الائتلاف بضرورة العمل على الاستيطان في غزة واستمرار السيطرة العسكرية عليها "إذا واصلنا القتال في غزة بنصف سنة أخرى، أو سنة، فإن الأمر لن يغير الواقع هناك. أمران فقط سيحصلان: كل المخطوفين سيموتون وسيقتل مزيد من الجنود. الواقع في القطاع لن يتغير لأنه طالما دخلت إلى هناك مؤن بكميات كبيرة ستقوم (حماس) بتوزيعها على السكان، وبدعم هذه المساعدات تجند مزيداً من المقاتلين، وسيبقى للحركة مئات المخربين الذين سيواصلون القتال حتى لو لم تكن لهم سلسلة قيادة ناجعة".

وينصح متخذي القرار في مفاوضاتهم "بالتشديد أمام الولايات المتحدة ومصر وقطر بأن إسرائيل ستسمح بإعمار غزة فقط إذا ما تم تجريدها من السلاح بالتوازي مع المشروع. غزة مدمرة تماماً، و(حماس) لا يمكنها أن تبني قوتها من جديد إذا لم يجرِ هناك مشروع ضخم لإعادة البناء، وهو ما لن نسمح به من دون آلية تدمر بمنهجية ما تبقى من البنى التحتية العسكرية".

المزيد من متابعات