Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب في 2025 لن يبخل على العالم بالمفاجآت

من الممكن أن تتشكل نسخة أكثر جرأة من الرئيس الجمهوري عندما ينعدم قلقه الانتخابي

اللقطة الشهيرة التي توثٍّق الخلافات التي رشحت بين دونالد ترمب وقادة مجموعة السبع في عام 2018 (أ ف ب)

ملخص

أقدم دونالد ترمب في ولايته الأولى على خطوات فاجأت حتى الجمهوريين وهو يعرف أنه سيواجه استحقاقاً انتخابياً خلال أقل من أربعة أعوام، ومع ذلك لم يبذل جهداً لتغيير أسلوبه، ومع إمكانية عودته للمكتب البيضاوي في يناير (كانون الثاني) 2025 من دون ذلك العبء، فمن المحتمل أن تزيد نيران أوكرانيا وغزة ولبنان شهية المرشح الجمهوري لإطلاق العنان من جديد لنهج إبرام الصفقات وسياسة خارجية صعبة التنبؤ.

سيحكم دونالد ترمب الولايات المتحدة إذا فاز بانتخابات 2024 لولاية واحدة من دون القلق حيال استحقاق انتخابي آخر، مما يرجح تشكل نسخة ترمبية أكثر جرأة على المسرح العالمي، بخاصة أنه لن يكون عرضة للقدر نفسه من الضغوط الداخلية قبل 8 أعوام، ومن المحتمل أن يكون للشرق الأوسط نصيب لا يستهان به من التغييرات، سواء في التوجهات السياسية أو طريقة التعامل.

ويقول مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون إن ترمب لا يفكر ضمن إطار سياسي متسق، ويتفق معه الباحث براين كاتوليس قائلاً لـ "اندبندنت عربية" إنه "من غير المرجح أن يكون لديه نهج سياسي متماسك تجاه الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية".

 

وبالطبع، اقترب ترمب من دول مؤثرة في الشرق الأوسط، وكان قادة المنطقة أكثر انفتاحاً لزيارة واشنطن في عهده، ووفق إحصاء لـ "معهد واشنطن" ففي الـ 20 من يوليو (تموز) 2023 شهد ترمب 20 زيارة لقادة من الشرق الأوسط خلال أول عامين ونصف العام، مقارنة بثلاث زيارات في عهد جو بايدن، مما يظهر الفجوة التي تشكلت بين الشرق الأوسط والبيت الأبيض بعد رحيل الرئيس الجمهوري.

لكن ذلك لا يعني أن المنطقة ستكون في مأمن من مفاجآت ترمب، إذ يقول كاتوليس إن "سفر ترمب إلى إيران لإبرام صفقة مع المرشد الأعلى ممكن بالاحتمال نفسه لأمره بضربة عسكرية ضدها"، لافتاً إلى أنه "يتباهى بعدم القدرة على التنبؤ به، وإرباك الدول سواء كانت صديقة أم عدوة".

وأضاف الباحث الأميركي أنه من "المرجح أن يحتضن ترمب السعودية ومصر كشريكين وثيقين أو يتخلى عنهما ويطالبهما بدفع العُشر في مقابل استمرار التعاون الأمني ​​الأميركي، فحظاً موفقاً لشركاء أميركا في المنطقة ضمن محاولة معرفة كيفية التعامل مع ولاية ترمب الثانية".

 

ترمب 1.0

اتسمت السياسة الخارجية لترمب بتحدي التقاليد والرغبة في إبرام الصفقات، ففي عام 2017 دشن الرئيس الجمهوري أولى جولاته الخارجية عبر زيارة السعودية، مخالفاً النمط الذي سار عليه أسلافه بالسفر إلى المكسيك أو كندا، كما هز التحالفات الأميركية التقليدية مع أوروبا وطالب دول حلف الـ "ناتو" بتعزيز مساهماتها المالية، كما أسهم نهجه وخطابه غير التقليديين في استهدافه من قبل الديمقراطيين، ليصبح أول رئيس أميركي يتعرض لمحاولتي عزل.

وأجرى ترمب تغييرات في الحقائب الوزارية خلال عامين ونصف العام أكثر مما فعل أسلافه الخمسة في أربعة أعوام، والمحصلة في ولاية واحدة هي تعاقب وزيري خارجية وثلاثة وزراء دفاع ومدعيين عامين وأربعة مستشارين للأمن القومي، مما أسهم في تحويل عدد كبير من مسؤوليه إلى أعداء علنيين.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي عام 2019 ذهب ترمب إلى المنطقة الفاصلة بين الكوريتين والتقى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وبنى علاقة جيدة مع الرئيس فلاديمير بوتين وأرسل له سراً عام 2020 أجهزة كشف كورونا التي كانت تنقص روسيا، ولم يكترث ترمب من انكشاف ذلك عندما حذره بوتين من أن الإعلام الأميركي سيهاجمه إذا تسربت الواقعة، وفق كتاب بوب وودورد "الحرب"، المنشور في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

ترمب 2.0

أقدم ترمب على تلك الخطوات التي فاجأت حتى الجمهوريين وهو يعرف أنه سيواجه استحقاقاً انتخابياً خلال أقل من أربعة أعوام، ومع ذلك لم يبذل جهداً لتغيير أسلوبه، ومع إمكانية عودته للمكتب البيضاوي في يناير (كانون الثاني) 2025 من دون ذلك العبء، فمن المحتمل أن تزيد نيران أوكرانيا وغزة ولبنان شهية المرشح الجمهوري لإطلاق العنان من جديد لنهج إبرام الصفقات وسياسة خارجية صعبة التنبؤ.

 

العلاقة مع إيران

بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو (أيار) 2018، اختار ترمب توقيع قرار إعادة فرض العقوبات عليها أمام الكاميرات، وبعد نحو عامين أمر باغتيال قاسم سليماني. 

وعلى رغم التوقعات بعودة توتر العلاقات الأميركية - الإيرانية في عهد ترمب إلا أنه أرسل بعض الإشارات الإيجابية لطهران، ففي سبتمبر (أيلول) الماضي قال ترمب من برجه في نيويورك إنه منفتح على محادثات مع إيران، وأوضح رداً على سؤال ما إذا كان سيعقد اتفاقاً مع طهران في شأن برنامجها النووي، "بالتأكيد سأفعل ذلك، وعلينا أن نعقد صفقة". وخلال مقابلة بثتها "قناة العربية" في الـ 20 من أكتوبر الجاري أثنى على المفاوضين الإيرانيين، وقال إن "إيران كانت يائسة والتوصل إلى اتفاق معها كان ممكناً لولا أن بايدن سمح بتدفق الأموال إليها".

إسرائيل

وعبّر ترمب عن دعمه لإسرائيل بالاعتراف بالقدس عاصمة لها في ديسمبر (كانون الأول) 2017، كما رعت إدارته "اتفاقات أبراهام" في سبتمبر 2020 بين كل من الإمارات والبحرين وإسرائيل.

ومن المؤكد أن إسرائيل استقبلت بإيجابية تأكيد ترمب بأن توسيع اتفاقات السلام "قد يستغرق عاماً" إذا عاد للبيت الأبيض، لكن ترمب لا يبدو متحمساً ليرث الفوضى الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فحتى قبل توسع الحرب من غزة إلى لبنان لم يغفل المرشح الجمهوري إرسال إشارات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة "إنهاء الحرب" بسرعة، محذراً من أن سمعة إسرائيل وصورتها لدى المسرح الدولي على المحك.

 

أوكرانيا وحلف الـ "ناتو"

خلال ولايته الأولى ضغط ترمب على حلف الـ "ناتو" لضمان المساهمة العادلة، وقال الباحث الأميركي بول سوليفان لـ"اندبندنت عربية" إن "هناك سوء فهم في شأن موقفه حيال الـ 'ناتو'، فهو يدرك أهميته لكنه لا يعارضه بل يعارض أعضاء الحلف الذين لا يتحملون مسؤولياتهم المالية بشكل كاف، وقد دفع عدداً من الدول إلى زيادة إنفاقها الدفاعي".

ويثير موقف ترمب مخاوف أوكرانية وأوروبية حيال توقف الدعم الأميركي، إذ انتقد المرشح الجمهوري المساعدات لأوكرانيا، وكان مرشحه لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس "أكثر صراحة في معارضته لأوكرانيا"، وفق "معهد بروكينغنز"و دعا إلى إنهاء المساعدات وطرح خطة سلام.

ويؤكد ترمب أن الحرب لم تكن لتندلع لو كان رئيساً، وأن بإمكانه إنهاءها خلال 24 ساعة، لكن مسألة تخليه عن أوكرانيا بالكامل غير محسومة، فالرئيس الجمهوري هو من أنهى حظر إدارة باراك أوباما على إمداد أوكرانيا بأسلحة دفاعية فتاكة، وزوّد كييف بأسلحة "جافلين" المضادة للدبابات.

 

ورغم الانقسام بين رؤيتي ترمب وأوكرانيا، إلا أن المرشح الجمهوري لم يتردد في استضافة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في سبتمبر الماضي، وقال "نحن الاثنان نريد نهاية للحرب والتوصل إلى صفقة عادلة"، في حين ذكر زيلينسكي بأن "أداء رقصة التانغو يتطلب اثنين"، في إشارة إلى أنه على رغم ما قاله ترمب فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن بوتين لديه أية مصلحة في التفاوض إلا باستسلام أوكرانيا.

وخلال المناظرة الرئاسية مع هاريس في سبتمبر الماضي لم يجب ترمب عما إذا كان يريد أن تفوز أوكرانيا في حربها مع روسيا، وبدلاً من ذلك قال "أريد أن تتوقف الحرب"، حاثاً البلدين على التفاوض، ومضيفاً "ما سأفعله هو أنني سأتحدث إلى أحدهما وسأتحدث إلى الآخر ثم سأجمعهما".

وأجرى ترمب وزيلينسكي مكالمة هاتفية في يوليو الماضي، وكتب بأن عندما يصبح رئيساً فستتفاوض روسيا وأوكرانيا على صفقة تنهي العنف.

وأثناء ولايته الأولى وعد الرئيس الجمهوري بتحسين العلاقات مع روسيا وإبرام اتفاق للحد من الأسلحة، إلا أن إدارته فرضت مجموعة من العقوبات على روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات وتسميم الجاسوس البريطاني سيرغي سكريبال وابنته. وعلى رغم رغبة ترمب الأولية في تأمين معاهدة جديدة للحد من الأسلحة مع روسيا لكن إدارته سحبت أميركا من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى لعام 1987 ومن "معاهدة الأجواء المفتوحة" لعام 2002.

الاقتصاد

لكن المسألة التي تثير قلق سوليفان هي الرسوم الجمركية المرتفعة، فترمب يقول إن الدول الأخرى ستتحمل كلفة هذه الرسوم، لكن الحقيقة برأيه أن فرض الرسوم الجمركية يعني أن الواردات ستصبح أكثر كلفة مما يؤثر بصورة أكبر في الشركات والمستهلكين الأميركيين.

 ويؤيد الباحث مقترح ترمب إلغاء الضريبة المزدوجة على الأميركيين والشركات الأميركية، لأن ذلك من شأنه تحفيز الناس على العمل، كما أن هذا النوع من الضرائب يضر بتنافسية الموظفين الأميركيين في الخارج مقارنة بغيرهم، إذ أنه عند النظر إلى التكاليف الشاملة فستفضل الشركات توظيف أشخاص من دول أخرى بسبب عدم الحاجة إلى دفع الضرائب، مما يعني أن الأميركيين قد يواجهون صعوبة في المنافسة عالمياً.

ويحذر سوليفان من بلوغ الدين الأميركي 35 تريليون دولار، لأن ذلك يعوق التنمية في البلاد وستتحمل الأجيال المقبلة عبء العيش داخل الدولة الأكثر مديونية في العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل