Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة "بريكس+" تكسر محاولات عزل روسيا

دان المشاركون ممارسات إسرائيل في حق الفلسطينيين وطالبوا بالحوار سبيلاً للتسوية الأوكرانية

صور جماعية للزعماء ورؤساء الوفود المشاركة في قمة "بريكس+" في قازان (سبوتنيك)

ملخص

حظيت الأوضاع في الشرق الأوسط وما يحدث في غزة ولبنان بمساحة كبيرة من اهتمام قمة "بريكس+" على رغم الطابع الاقتصادي الذي كثيراً ما تميزت به أعمال القمم السابقة.

تحت شعار "تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين"، وبمشاركة ممثلي 32 بلداً، منها 24 ممثلة على مستوى الرئاسة، وقيادات ست منظمات عالمية، عقد رؤساء بلدان مجموعة "بريكس+" دورتهم الـ16 في قازان عاصمة تتارستان، بمشاركة غير مسبوقة من رؤساء بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، ومختلف بلدان ما يسمى بالجنوب العالمي.

وعلى رغم الطابع الاقتصادي الذي كثيراً ما تميز به نشاط "بريكس" منذ تأسيسها، لم يغفل المشاركون في دورة هذا العام ما تشهده الساحة العالمية من حروب وتحديات، وفي الصدارة منها الأوضاع في أوكرانيا، وما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تصعيد لماكينة الحرب الإسرائيلية، وتجاهل للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. وللمرة الأولى منذ مدة طويلة تعالت في قازان صرخة عدد من قادة العالم تحذيراً من مغبة الإمعان في سياسات إبادة الجنس من جانب السلطات الإسرائيلية في حق السكان العزل من أبناء قطاع غزة، في الوقت نفسه الذي شخصت فيه الأزمة الأوكرانية بكل آلامها وأحزانها، لتفرض نفسها على جدول أعمال قمة قازان.

تجاوز التناقضات على المستوى الثنائي

ولعل أهم ما يميز هذا التجمع العالمي، يكمن في نجاح موسكو في تجاوز محاولات "الغرب الجماعي" الرامية إلى إحكام طوق العزلة حول روسيا، بما حققته من "إنجازات" في "إذابة" التناقضات التي كثيراً ما سادت علاقات عديد من الدول، ومنها "أرمينيا وأذربيجان والهند والصين والبرازيل وفنزويلا، وغيرها من البلدان التي شاركت في قمة قازان هذا العام، وذلك فضلاً عن دعوة أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة في أعمال القمة، الذي سبق أن "اعتذر" عن عدم المشاركة في "قمة السلام" التي دعت إليها كييف في ربيع هذا العام، وهو ما سارعت المصادر الغربية، ووزارة الخارجية الأوكرانية إلى وصفه بـ"العار الكبير". وكانت السلطات الأوكرانية انتقدت في بيان أصدرته بهذا الصدد لقاء غوتيريش مع بوتين، وهو اللقاء الذي تناول الأوضاع في أوكرانيا، إلى جانب بحث ما يجري من أحداث في الشرق الأوسط.

أما عن جدول أعمال قمة قازان فحددها المتحدثون في الجلسة العامة، وتركزت حول القضايا الاقتصادية بالدرجة الأولى، ومشكلات الطاقة ومكافحة الفقر والإرهاب الدولي، وضمان التنمية المستدامة للأمن الغذائي فضلاً عن الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط وفي أوكرانيا، وغير ذلك من القضايا الملحة في مختلف بقاع العالم التي تناولها الإعلان الختامي للقمة.

 

 

وتضمن هذا الإعلان الدعوة "إلى تعزيز نظام منع الانتشار النووي، ومنطقة الشرق الأوسط الخالية من الأسلحة النووية"، إلى جانب "ضرورة تجديد جميع الأطراف للاتفاق النووي الإيراني"، والدعوة إلى "زيادة مساهمة البلدان النامية في الاقتصاد العالمي"، والعمل من أجل دراسة "إنشاء منصة نقل موحدة" لضمان الخدمات اللوجيستية المتعددة الوسائط بين بلدان مجموعة "بريكس+".

وتناول المشاركون في قمة قازان، وبمبادرة من الرئيس بوتين، إنشاء منصة استثمارية جديدة لبلدان مجموعة "بريكس"، تستخدم البنية التحتية لبنك التنمية الجديد، هو ما سيصبح أداة قوية لدعم اقتصاد هذه البلدان، فضلاً عن توفير الموارد المالية لبلدان الجنوب والشرق العالمي، وذلك إلى جانب إنشاء بورصة حبوب تغطي قطاعات الزراعة الأخرى في المستقبل. وعلى الصعيد السياسي تضمن البيان الختامي للقاء دعم "بريكس" لانضمام دولة فلسطين المستقلة إلى الأمم المتحدة ضمن حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، واتفاق الدول الأعضاء حول "تحويل بنك التنمية الجديد إلى بنك تنمية متعدد الأطراف لدول الأسواق الناشئة".

إقامة الدولة الفلسطينية وإبادة الجنس

حظيت الأوضاع في الشرق الأوسط وما يحدث في غزة ولبنان بمساحة كبيرة من اهتمام "بريكس+". وعلى رغم الطابع الاقتصادي الذي كثيراً ما تميزت بها أعمال القمم السابقة، توقف كثر من المتحدثين عند الأوضاع في الشرق الأوسط، وإدانة ما وصفوه بسياسة "إبادة الجنس" التي تمارسها السلطات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة وسكان الجنوب اللبناني، وهو ما ركزت عليه طويلاً، ديلما فانا روسيف الرئيسة السابقة للبرازيل، ومديرة بنك التنمية لمجموعة بلدان "بريكس"، وكذلك رئيس جمهورية جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، وآخرون.

وفي كلمته التي ألقاها في الجلسة العامة لقمة قازان، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن أزمة الشرق الأوسط باتت الأكثر دموية في التاريخ، وإن حل الدولتين يجب أن يكون أساساً للتسوية. وفي الاتجاه نفسه انتقد المتحدثون الممارسات الدموية التي تلجأ إليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كما أعلنوا ضرورة الإعلان عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بوصفها أساساً للتسوية في الشرق الأوسط.

وبهذا الصدد دعا بوتين إلى وقف القتال في غزة، الذي قال إنه "امتد إلى لبنان ويؤثر في كثير من الدول في المنطقة، فيما يزداد التصعيد بين إسرائيل وإيران، وهو ما يجعل المنطقة على حافة حرب شاملة". وأشار إلى أن "الأزمة تزداد حدة بزيادة عدد اللاجئين لأكثر من مليون شخص حيث يتم تدمير المدارس والمستشفيات". وأكد "ضرورة أن تقوم التسوية في الشرق الأوسط على قرارات الشرعية الدولية، وقيام دولة فلسطين المستقلة لتعيش بأمن وسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل"، وذلك إلى جانب أن "المطالب الأساسية للسلام والاستقرار تتحقق بتنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي كلمته التي ألقاها في الجلسة العامة لقمة قازان، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن "هناك حاجة ملحة وعاجلة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من غزة"، مجدداً رغبة بلاده بالانضمام إلى مجموعة "بريكس". وأضاف "أن الحرب الإسرائيلية ترتكب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وما يحدث الآن في شمال قطاع غزة، حيث تلجأ قوات الاحتلال إلى تجويع السكان هناك".

ومن جانبه، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أنه "لا يمكن الحديث عن الأزمات من دون الحديث عن أزمة الشرق الأوسط على وقع الحرب الإسرائيلية المستمرة ضد المواطنين المحاصرين في قطاع غزة وامتداد الحرب إلى الأراضي اللبنانية، مما يدلل على تفريغ المبادئ وازدواجية المعايير". وأضاف أن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط "شواهد تفرض تضافر الجهود الدولية ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة، في ظل امتداد الصراعات لتؤثر سلباً في حركة الملاحة في خليج عدن والبحر الأحمر واستقرار سلاسل الإنتاج العالمية".

ومضى ليقول "لا يمكننا توفير النمو بينما تستمر إسرائيل في سياساتها العدوانية، ولا تكف عن سفك الدماء، لقد تسببت إسرائيل في استفحال الأزمة الراهنة، وحل الأزمة فقط على أساس إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو مطلب حاسم"، كذلك فإن "إمداد إسرائيل بالأسلحة والذخيرة بلا شروط سيصعد النزاع ولن يوقفه. تركيا بادرت بوقف التجارة وبيع الأسلحة إلى إسرائيل، وتعول على دعم القمة بهذا الصدد. هناك حاجة إلى وقف إراقة الدماء ومعاناة السكان".

أوكرانيا لم تغب عن قمة قازان

الرئيس الصيني شي جينبينغ بدوره توقف طويلاً عند القضية الأوكرانية، إذ دعا إلى الحد من التصعيد والمواجهة المسلحة في أوكرانيا. وطالب بضرورة البحث عن طرق لتحقيق تسوية سياسية، واعتماد الحوار سبيلاً إلى هذه التسوية. وعاد الزعيم الصيني إلى طرح المبادرة الصينية - البرازيلية التي سبق أن قدمها البلدان إلى الأمم المتحدة، كما دعا المشاركين في الاجتماع إلى زيادة الحوكمة العالمية في هذا المجال من أجل تسوية شاملة للنقاط الساخنة. وقال إن الصين، جنباً إلى جنب مع البرازيل، تقدمتا بمبادرة من ست نقاط في شأن تسوية الأزمة الأوكرانية، كما بدأت وجنباً إلى جنب مع البلدان المعنية، في إنشاء مجموعة من "أصدقاء العالم" على موقع الأمم المتحدة.

يعتقد رئيس جمهورية الصين الشعبية أنه من المهم تصعيد الوضع في أقرب وقت ممكن وتمهيد الطريق للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية. ومن المعروف أن "مبادرة السلام" الصينية - البرازيلية تتضمن "إرسال المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى المناطق المتضررة من القتال وحماية المدنيين، وتبادل أسرى الحرب، ورفض توسيع منطقة القتال".

 

 

أما الرئيس بوتين فوصف المفاوضات حول هذا الموضوع بأنها "غير واعدة"، بعد الأحداث في منطقة كورسك في الصراع في أوكرانيا. وقال إنه من المهم تحقيق خفض التصعيد في أقرب وقت ممكن، وتمهيد الطريق لتسوية سياسية.

جينبينغ استهل كلمته خلال الجلسة العامة لقمة "بريكس" بالتوقف عند ما وصفه بـ"الصعود الجماعي لبلدان الجنوب العالمي". وقال إنه "علامة مشرقة على عالم متغير ديناميكياً"، مشيراً إلى أن حركتهم المشتركة نحو التحديث تمثل حدثاً تاريخياً في تاريخ العالم وتعهداً كبيراً غير مسبوق في حضارة البشرية. ودعا الزعيم الصيني أيضاً إلى وقف تصعيد الصراع في أوكرانيا.

في الوقت نفسه، حرص الرئيس بوتين على إجراء كثير من اللقاءات الثنائية مع رؤساء الدول التي شاركت في قمة قازان، وهي البلدان التي تقدمت بطلب للعضوية الكاملة، وكذلك البلدان التي تشارك كعضو مراقب. وكانت تركيا سبق أن تقدمت بطلب العضوية على رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي "الناتو". وبهذا الصدد قال الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف رداً على سؤال حول مدى إمكانية انضمام تركيا إلى عضوية مجموعة "بريكس بلس"، على رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي، "إن جاذبية التعاون في إطار (بريكس) هي أن لا أحد يطرح السؤال (إما أو). هذا شرط يحبون وضعه في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي".

المزيد من تحلیل