Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤتمر فرنسا من أجل لبنان... إجماع دولي لن يوقف الحرب

تعهدات بتقديم مليار دولار وثمة من "اعتبره خطوة متسرعة وأنه كان يجب الإعداد له بصورة أفضل"

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (أ ف ب)

ملخص

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتهم إيران بالوقوف وراء مواجهة "حزب الله" إسرائيل ورئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي تجنب طهران في كلامه وترك مسؤولية السلاح الخارج عن سلطة الدولة لرئيس الجمهورية المقبل.

شكل المؤتمر الدولي لدعم لبنان الذي دعت إليه فرنسا محاولة لحشد الدعم السياسي والاقتصادي العاجل للشعب اللبناني وسيادة لبنان، لكنه لم يخرج بخلاصات حول الوضع اللبناني أو بحلول واضحة وفورية لوقف إطلاق النار على رغم دعوات كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتحقيق هذا الأمر.

وبلغ حجم المساعدات، لكن بصيغة التعهدات، نحو مليار دولار موزعة بين 800 مليون دولار للبنان و200 مليون للجيش اللبناني. وأكد وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو، في ختام المؤتمر، أن الحل يكون بالتنفيذ الكامل للقرار الدولي 1701 وتعزيز وجود الـ "يونيفيل" على الحدود ونزع السلاح غير الشرعي. أما ميقاتي فترك مسألة "السلاح غير الشرعي" لرئيس الجمهورية المقبل، ودعاه في اللقاء الإعلامي الذي عقده بعد المؤتمر "أن يلتزم تطبيق اتفاق الطائف الذي ينص بصراحة على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية، وألا يكون السلاح إلا بيد الدولة اللبنانية والجيش".

 

 

وعلى رغم نتائجه المتواضعة عكس المؤتمر حرصاً من قبل المجتمع الدولي والعربي على دعم سيادة لبنان وشعبه واستقراره، واهتماماً دولياً بقضيته ورفضاً لعزله. ووصف منسق لجنة التنسيق اللبنانية - الفرنسية CCLF جو معلوف المواقف التي صدرت عن المؤتمر، خصوصاً في الشق السياسي، بالقوية، لكنه اعتبر أنها غير قابلة للتطبيق حالياً خصوصاً أن إمكانات فرنسا محدودة وهي تتكل على حليفتها الولايات المتحدة الأميركية التي تملك كل المفاتيح.

وكان أعضاء من لجنة التنسيق اللبنانية الفرنسية واكبوا الاستعدادات لأعمال المؤتمر كمراقبين، والمعلوم أن اللجنة تضم خمس منظمات فرنسية، أسسها لبنانيون في فرنسا، ومعهم "ملتقى التأثير المدني" بصفة الهيئة الاستشارية للجنة، ونشطوا في الفترة الماضية باتجاه رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة الخارجية الفرنسية ولجنة الصداقة الفرنسية - اللبنانية في الجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس الشيوخ الفرنسي، وسلموا هؤلاء رسائل واضحة في خريطة الطريق الإنقاذية.

وعلى رغم كل ما تعرضت له الدبلوماسية الفرنسية ماضياً باتجاه لبنان، وما شابها من التباسات إلى حد تعرضها لنقد عميق سواء في لبنان أو في المجتمع الدولي، وإصرارها على التطبيع مع الدور الإيراني في الشرق الأوسط ولبنان، وتغطية دور "حزب الله" في الإمساك بالقرار مع حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بما يناقض ثوابت فرنسا التاريخية بضرورة صون دور الدولة اللبنانية الدستوري والسيادي، فإن كثراً رأوا في إصرار فرنسا على عقد المؤتمر الدولي تحت عنوان دعم الشعب وسيادة لبنان، مؤشراً أن هناك ثابتة فرنسية دبلوماسية أساسية لم تتزحزح، وهي التفكير في ما يمكن ويجب أن يقدمه المجتمع الدولي للبنان في مرحلة ما بعد الحرب، خصوصاً على المستوى الإنساني والتربوي والاستشفائي والإعمار، وتمتين أفق دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي الذي تتولاه إيطاليا بتنسيق كثيف مع الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة، ويواكب ذلك جهود هائلة من السعودية والإمارات العربية وقطر ومصر والأردن.

 

في الكواليس

وعلمت "اندبندنت عربية" من مصدر دبلوماسي أوروبي أن مسودة البيان الختامي لا سيما في الشق السياسي منه لم تكن موضع إجماع المشاركين، وشكلت الصيغة المقترحة للدعوة إلى وقف إطلاق النار مادة للنقاش خصوصاً لجهة العبارة التي يجب أن تستخدم في هذا البند وسط رفض ألمانيا وبريطانيا إدانة إسرائيل. وحمل وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هيمش فولكنر في مداخلته "حزب الله" مسؤولية "بدء الصراع حين أطلق صواريخ تجاه شمال إسرائيل"، وأعرب عن وقوف بلاده إلى جانب إسرائيل في حقها بالدفاع عن نفسها في مواجهة ما وصفه بالهجمات الإيرانية غير القانونية.

وكان جرى نقاش في كواليس الدول الصديقة للبنان حول توقيت المؤتمر، وجرى بحث في الخماسية الدولية بتوسيع مروحة التفكير العميق بأولويات المؤتمر، ولو أن فرنسا أخذت قراراً أحادياً بهذا الاتجاه مع أهمية مقاربة آليات المتابعة كي لا تأتي نتائج المؤتمر فولكلورية. وثمة من "اعتبره خطوة متسرعة، وأنه كان يجب الإعداد له بصورة أفضل، وتنسيق جدول أعماله مع الاتحاد الأوروبي الذي ينظر إلى لبنان بصفة شريك حضاري، على الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط". وعد المصدر نفسه "تحديد الأولويات أساسياً، وكان يجب أن يخضع لنقاش دقيق، بخاصة أن حكومة تصريف الأعمال تفتقد للثقة". واستطرد "أليس الأجدى الضغط لانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة مهمة قبل أي خطوة تشرع الستاتيكو القائم، وتفسح في المجال لقوى الأمر الواقع، لاعتبار أن مؤتمر فرنسا هو جرعة دعم لها؟".

وفي حين شكل موضوع دعم الجيش اللبناني محط إجماع الدول المشاركة نظراً إلى الدور الأساسي الذي سيكلف به في المرحلة المقبلة، وأكد مصدر دبلوماسي عربي أن "كل خطوة مرحب بها لدعم لبنان، ونحن معنيون بذلك، لكن المرحلة تقتضي وقف إطلاق النار، وانتخاب رئيس للجمهورية، وبلورة خريطة طريق إنقاذية، منها إعادة الأعمار وتنفيذ الإصلاحات البنيوية، ولكن هل هذا يمكن أن يقوم من دون استعادة الدولة؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ميقاتي يتجنب إيران

وترأس ماكرون جلسة الافتتاح إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومشاركة 70 دولة و15 منظمة دولية، وحمل إيران وإسرائيل مسؤولية الحرب في لبنان عندما قال "لا بد من أن تنتهي حرب الآخرين على أرض لبنان"، وأضاف "إيران تدفع بـ’حزب الله‘ لمواجهة إسرائيل ويجب على الحزب أن يوقف هجماته، كما أن على إسرائيل وقف عملياتها العسكرية في لبنان". وشدد ماكرون على تطبيق القرار 1701 وأن تبسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل أراضيها بما فيها جنوب الليطاني.

في المقابل تجنب رئيس حكومة لبنان الإشارة من قريب ولا من بعيد إلى طهران، وذلك بعد أيام قليلة على رفضه موقف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف الذي أعلن استعداد بلاده التفاوض مع فرنسا في شأن تطبيق القرار 1701. وشدد ميقاتي، في كلمته، على أولوية وقف إطلاق النار الذي "يمكن أن يمهد الطريق لاستقرار مستدام طويل الأمد، وسيفتح الباب أمام مسار دبلوماسي ستدعمه الحكومة بالكامل". وفي إشارة إلى رفض تعديل القرار الدولي وأي إضافات مقترحة لتعزيز تطبيقه عد ميقاتي "قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، يبقى، بصيغته الحالية، حجر الزاوية للاستقرار والأمن في جنوب لبنان، والتنفيذ الكامل والفوري لهذا القرار من جانب لبنان وإسرائيل من شأنه أن يحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه ويوفر الأمن على حدودنا الجنوبية التي يمكن أن تسمح للمجتمعات النازحة بالعودة إلى مناطقها". وأكد ميقاتي أن "التزام الحكومة اللبنانية بدء عملية تطويع جنود لبنانيين إضافيين وفقاً للقرار 1701 يظهر التزاماً واضحاً بتنفيذ هذا القرار"، وشدد على أن "معادلة الاستقرار تتحقق بالوقف الفوري لإطلاق النار والتنفيذ الكامل لـ1701 ونشر 8 آلاف عنصر من الجيش جنوب نهر الليطاني".

قراءة في النتائج

واعتبر الكاتب السياسي، المقرب من "حزب الله"، قاسم قصير أن أهمية المؤتمر تكمن في أنه يؤمن الدعم المالي للبنان ويشكل غطاءً معنوياً له لمنع استفراده من قبل إسرائيل، ويؤمن الدعم للجيش اللبناني، وتعليقاً على مداخلة الرئيس ماكرون الافتتاحية نفى قصير أن تكون إيران هي التي تدفع "حزب الله" إلى مواجهة إسرائيل، مؤكداً "أنها لا تريد حرباً في المنطقة، وأن الحزب يدافع الآن عن لبنان، وإسرائيل لا تريد وقف إطلاق النار على رغم موافقة ’حزب الله‘ وإيران".

من جهته رأى المتخصص في مجال القانون والسياسات الخارجية في باريس محيي الدين الشحيمي أن الهدف الأساسي الذي وضع لمؤتمر باريس انتهى بنجاح، خصوصاً لجهة الضرورات الملحة والمستعجلة ومساعدة لبنان في القطاعات الحيوية واللوجيستية والحياتية لاستمرارية وحماية الشعب والدولة والإدارات، وقال الحشيمي إن المؤتمر أسهم أيضاً في عدم السماح لعزلة لبنان عن العالم العربي والمجتمع الدولي، وعكس إجماعاً على مساعدة لبنان وعدم تركه بهذه المرحلة خصوصاً بالنواحي الإنسانية الشاملة، في قطاع الطب والاستشفاء والأدوية، وكل ما يمكنه أن يساعد الشعب اللبناني لمواجهة ظروف الحرب القاسية. لكن المؤتمر الذي عكس إجماعاً دولياً وعربياً على مساعدة الشعب اللبناني للصمود شهد شبه إجماع، بحسب الحشيمي، في ما يتعلق بكيفية الانتقال إلى مرحلة التسوية السياسية والوصول إلى وقف إطلاق النار. وكشف عن أن المؤتمر سيتحول إلى خلية عمل رديفة دولية لتحقيق هدف وقف إطلاق النار، مشدداً على أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق لبنان الرسمي الذي عليه أن يتعاون ويؤسس لنوع من الشرعية الوطنية ولقرار حازم لا يقتصر على الإعلان عن الالتزام بالقرار 1701، بل العمل على تطبيقه حتى يؤسس موقفه لمظلة دولية يمكن أن تلزم إسرائيل كذلك بتطبيقه. وأكد الحشيمي أن "مؤتمر باريس مهد لعبور لبنان من مرحلة الحرب إلى مرحلة التسوية التي تشمل تنفيذ القرار 1701 وكامل مندرجاته بما يعني القرارين 1559 و1680 والحصول على قرار لوقف إطلاق النار ووقف العدوان الإسرائيلي على لبنان".

المزيد من تقارير