ملخص
توسع الحرب الإسرائيلية على جبهات عدة كانت لها تداعيات على اقتصاد إسرائيل وعزز مخاوف وكالات التصنيف الائتماني لأداء اقتصاد البلاد، إذ كانت قد خفضت وكالة "أس أند بي غلوبال" تصنيفها الائتماني الطويل الأجل لإسرائيل "من "A+ إلى "A" في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري
تستعد إسرائيل لتقديم أول تقييم لمدى تأثير الصراع مع "حماس" في الاقتصاد، مع مراجعة البنك المركزي لأسعار الفائدة، بعد ما يزيد على أسبوعين من الهجمات التي شنتها والتي استدعت تدابير طارئة لتحقيق الاستقرار في الأسواق.
ومن المتوقع أن يصاحب قرار سعر الفائدة، المقرر غداً الإثنين توقعات محدثة من باحثي بنك إسرائيل (بنك إسرائيل المركزي)، إذ يرجح غالبية الاقتصاديين أن يبقي البنك على سعر الفائدة من دون تغيير عند 4.75 في المئة، مواصلاً التوقف الموقت الذي بدأ في يوليو (تموز) الماضي، بعد عشر زيادات متتالية بدأت مطلع العام الماضي عندما كانت الأسعار قريبة من الصفر.
وقال محافظ البنك المركزي الإسرائيلي أمير يارون، إن "الصراع المتعدد الجبهات في إسرائيل قد يستمر حتى أوائل العام المقبل"، مستدركاً "لكنه قد يبدأ بالتراجع تدريجاً في غضون شهر تقريباً".
وقال يارون في مقابلة مع قناة "بلومبيرغ" في واشنطن "لقد طال أمد الحرب أكثر مما توقعنا في البداية، وتوقعاتنا الأساس تشير إلى أن الحرب ستستمر تقريباً حتى الربع الأول من 2025، مع نفس الشدة الحالية تقريباً لمدة شهر آخر، ومن ثم تبدأ بالتراجع تدريجاً".
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كان أكد أن موازنة الدولة لعام 2025 ستشمل خفوضاً كبيرة في الإنفاق، في ظل مواجهة الحكومة الأعباء المالية الناجمة عن الحرب المستمرة على سبع جبهات.
غير أن منتقدين يرون أن النفقات غير الضرورية التي تصب في مصلحة داعمي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تحمى من الخفوض للحفاظ على تماسك الائتلاف الحالي، وهو توجه يراه بعض المحللين الماليين إشارة مقلقة.
وتوسع الحرب الإسرائيلية على جبهات عدة كانت لها تداعيات على اقتصاد إسرائيل وعزز مخاوف وكالات التصنيف الائتماني لأداء اقتصاد البلاد، إذ كانت قد خفضت وكالة "أس أند بي غلوبال" تصنيفها الائتماني الطويل الأجل لإسرائيل "من "A+ إلى "A" في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وأشارت الوكالة إلى الأخطار التي تهدد الاقتصاد والمالية العامة بسبب تصاعد النزاع مع حركة "حزب الله" المدعومة من إيران في لبنان، وأعربت الوكالة عن قلقها في شأن التهديدات الأمنية المحتملة، بما في ذلك الهجمات الصاروخية الانتقامية ضد إسرائيل، التي يمكن أن تفاقم التأثير الاقتصادي.
تصنيف البلاد الائتماني
في غضون ذلك، خفضت وكالة "موديز" تصنيف البلاد الائتماني درجتين إلى "Baa1" في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، محذرة من إمكانية تدهور التصنيف إلى "نفايات" إذا تحولت التوترات الحالية مع "حزب الله" إلى صراع شامل.
وعدت وكالة "أس أند بي غلوبال" أن الأنشطة العسكرية في غزة وارتفاع حدة القتال على الحدود الشمالية لإسرائيل، بما في ذلك التوغل البري في لبنان قد تستمر حتى عام 2025، مع أخطار حدوث عمليات انتقامية ضد إسرائيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أغسطس (آب) 2024، خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تصنيفها للمصدرين الأجانب الطويل الأجل لإسرائيل إلىA" " من "A+" وأبقت الوكالة على النظرة المستقبلية سلبية.
وعكس الخفض إلىA" " تأثير استمرار الحرب في غزة، وزيادة الأخطار الجيوسياسية، والعمليات العسكرية على جبهات عدة، وتأثرت المالية العامة الإسرائيلية.
وتوقعت "فيتش" أن يبلغ العجز في الموازنة الإسرائيلية 7.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وأن تبقى الديون فوق 70 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، إضافة إلى ذلك، من المرجح أن تتدهور مؤشرات الحوكمة للبنك الدولي، مما يثقل كاهل التصنيف الائتماني لإسرائيل.
صندوق النقد يخفض توقعات النمو لإسرائيل
من جانبه، خفض صندوق النقد الدولي الثلاثاء الماضي بصورة حادة توقعاته لنمو الاقتصاد الإسرائيلي لعام 2024 إلى 0.7 في المئة، وهو انخفاض كبير عن 1.6 في المئة التي تم توقعها في أبريل (نيسان) الماضي.
ويأتي هذا التعديل في ظل المخاوف من التأثير غير المتوقع للنزاعات الإقليمية في اقتصاد إسرائيل، كما هو موضح في أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي من الصندوق، الذي أطلقه صندوق النقد الدولي في اجتماعاته السنوية مع البنك الدولي في واشنطن التي اختتمت أعمالها أمس السبت.
ويمثل هذا التوقع المعدل أيضاً انخفاضاً كبيراً عن نسبة ثلاثة في المئة التي كان الصندوق يتوقعها لإسرائيل في أوائل أكتوبر من العام الماضي.
وعند النظر إلى عام 2025، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الإسرائيلي إلى 2.7 في المئة من التقدير السابق الذي كان يبلغ 5.4 في المئة، إضافة إلى خفض توقعات النمو، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدل التضخم في إسرائيل، فمن المتوقع الآن أن يصل معدل التضخم لعام 2024 إلى 3.1 في المئة، ارتفاعاً من تقدير سابق بلغ 2.4 في المئة، مما يتجاوز النطاق المستهدف للحكومة الإسرائيلية الذي يراوح ما بين واحد و3 في المئة، وزِيد توقع التضخم لعام 2025 إلى ثلاثة في المئة من 2.5 في المئة.
وأكد التقرير أن التوقعات الاقتصادية لإسرائيل تواجه أخطاراً كبيرة بسبب الآثار غير المؤكدة للنزاعات الإقليمية المستمرة، ويمكن أن تؤدي هذه النزاعات إلى تعطيل النشاط الاقتصادي والتجارة والاستثمار، مما يؤثر بدوره في معدلات النمو والتضخم.
وتسلط التعديلات التي أجراها صندوق النقد الدولي الضوء على التحديات التي تواجه اقتصاد إسرائيل في المستقبل القريب، لا سيما مع تصاعد التوترات الجيوسياسية التي قد تؤثر في الظروف الاقتصادية المحلية والدولية.