ملخص
تم رصد نوعيات الإشاعات التي ستتطور مع تطور الأحداث الانتخابية الرئاسية الأميركية ومعظمها يجمع بين الروايات والمعلومات الحقيقية المتمثل بعضها في صور ومقاطع فيديو مع روايات سابقة مع قدر من التضليل والتزييف المصنوعين باحتراف.
رئيس أميركا المقبل يختاره كثيرون، الناخبون ومن قبلهم نظام "المجمع الانتخابي" المعقد الذي يصعب شرحه، لكنه يحدد مصير انتخابات الرئاسة الأميركية بحسب ما شرعه "الآباء المؤسسون" في الدستور الأميركي، وحتى وقت قريب كان الإعلام من صحف وقنوات تلفزيونية ومواقع خبرية عبر تعريف الجمهور (الناخبون) بآراء وتوجهات وخلفيات المرشحين، أو بمعنى أدق عبر التعريف الموجه، وربما المنحاز، بالمرشحين، وأخيراً وليس آخراً، الـ"سوشيال ميديا"، تلك المنصات التي باتت تصنع الرأي العام وتوجه الاختيارات وتؤثر في الأصوات وتحدد من يختار الأميركيون رئيساً لهم.
وبينما العالم يحبس أنفاسه مع اقتراب يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يسود اعتقاد يرى بعضهم أنه كاذب أو مخادع بأن الأميركيين سيختارون رئيسهم بصورة حرة مستقلة بلا ضغوط أو توجيهات.
الحقيقة أن الجميع يعتقد بأن آراءه ومواقفه ومعتقداته هي من بنات أفكاره المحضة، لا سيما في الدول الديمقراطية الكبرى وعلى رأسها أميركا، لكن واقع الحال "الافتراضي" يؤكد أن ما تتعرض له الغالبية من البشر، بمن في ذلك الناخب الأميركي على الـ"سوشيال ميديا" يؤثر بصورة غير مباشرة في السلوك والأفكار والاختيارات بما في ذلك اختيار الرئيس.
نظام غذائي إخباري
بحسب استطلاع أجرته مؤسسة "بيو" البحثية، فإن المصادر الرقمية أصبحت جزءاً أساسياً من "النظام الغذائي الإخباري للأميركيين"، والـ"سوشيال ميديا" أصبحت تقوم بدور حاسم، لا سيما بين البالغين الأصغر سناً، في معرفة الأخبار وتشكيل التوجهات، فنحو 54 في المئة من البالغين الأميركيين يقولون إنهم يحصلون على الأخبار من منصاتها.
وحتى تلك المنصات ذات الجمهور الأقل عدداً أصبحت وجهات رئيسة للبحث عن الأخبار بين المستخدمين الأميركيين، فمثلاً 59 في المئة من مستخدمي "إكس" يعتبرونها مصدرهم الخبري، كذلك الحال بالنسبة إلى "تروث سوشيال" التي يعتبرها 57 في المئة من مستخدميها مصدرهم الخبري، و52 في المئة من مستخدمي "تيك توك" يقولون إنهم يحصلون على الأخبار بانتظام منها، وارتفع أيضاً عدد المستخدمين الذين يحصلون على جرعاتهم الخبرية من منصات أخرى مثل "يوتيوب" و"إنستغرام".
الاحتراق الخبري
إذا أضيف إلى ذلك شيوع ما بات يعرف بـ"تجنب الأخبار" و"الاحتراق" و"الإجهاد الخبري" بين الأميركيين، فإن أعداد من يرمون بأنفسهم في أحضان "أخبار" الـ"سوشيال ميديا" تزداد باستمرار.
الأستاذ المساعد في كلية الصحافة والإعلام في جامعة مينسوتا الأميركية بنجامين توف يشرح أسباب هذا الإجهاد والاحتراق في "مشروع الثقة بالأخبار" الذي أنجزه "معهد رويترز لدراسة الصحافة" (2024) بقوله إن متجنبي الأخبار يرون أن الصحافيين جزء من نخبة منفصلة عن الواقع، وبلغت نسبة الأميركيين ممن قالوا إنهم يتجنبون الأخبار 43 في المئة، لكن هذا لا يعني إنهم لا يطالعونها تماماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مثلاً، يقول بعضهم إن الأخبار تجدهم عندما يتصفحون التواصل الاجتماعي وإن ذلك جعلهم لا يشعرون بالحاجة إلى اتباع نظام خبري للحصول على جرعاتهم الخبرية، بل يرون أن التعرض للأخبار والتحليلات بالصدفة أكثر فاعلية.
يوضح توف أن متجنبي الأخبار غالباً هم الأشخاص الأصغر سناً وأولئك المنتمون للطبقة العاملة وأصحاب التحصيل التعليمي الأقل، وغالبيتهم من غير الحاصلين على شهادات جامعية.
التعليم واختيار الرئيس
وعلى ذكر التعليم، فإن كثيراً من مراقبي الانتخابات الأميركية الحالية يؤكدون أن مستوى التعليم هو المحدد الرئيس للتصويت في الانتخابات الحالية، وبحسب ما قال الباحث السياسي الأميركي دوغ سوسنيك لـ"سي أن أن"، فإن صعود الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترمب في ثلاث دورات انتخابية ماضية "أدى إلى تسريع وإكمال عملية التصويت السياسي المرتبطة بالتعليم التي بدأت تتشكل في أوائل السبعينيات مع بداية تراجع الطبقة المتوسطة".
وأضاف أنه "مع بداية القرن الـ21 أصبحت هناك هوة حقيقية بين الأميركيين الذين حصلوا على قسط جيد من التعليم، ويشكلون قاعدة الحزب الديمقراطي في مقابل الأشخاص الذين يشعرون بأنهم تعرضوا للإهمال وتركوا خلف الركب، ويشكلون جزءاً أساسياً من القاعدة الحديثة للحزب الجمهوري".
يسميها بعضهم "فجوة الديبلوما"، أي الفجوة في التوجهات والانتخابات التي يصنعها مستوى التعليم الذي حصل عليه الناخب، وتأتي الـ"سوشيال ميديا" وما تحمله من محتوى، لا سيما في موسم الانتخابات لتزيد من تعميق الفجوة مع اقتراب موعد الانتخابات.
إعلانات مضللة
قبل أيام قليلة، أعلنت منظمة "غلوبال ويتنس" غير الحكومية أن منصات تواصل اجتماعي عدة سمحت بتمرير إعلانات تحوي معلومات مضللة عن الانتخابات. فبين ادعاءات إمكان التصويت عبر الإنترنت ونشر نتائج استطلاعات وهمية وغيرها، انتقدت المنظمة ما سمته "إصرار واستمرار شركات التواصل الاجتماعي في تعريض الديمقراطية لخطر التضليل والكذب".
وقالت "غلوبال ويتنس" إن "تيك توك" سمحت ببث أربعة إعلانات على رغم سياسة حظر الإعلانات ذات الدوافع السياسية، مما ردت عليه "تيك توك" في تصريح إلى وكالة الصحافة الفرنسية بأنه تمت الموافقة على أربعة إعلانات بالخطأ، وإنها ستواصل جهودها لتطبيق سياسة حظر الإعلانات السياسية. ورصدت المنظمة كذلك إعلانات شبيهة على "فيسبوك" و"يوتيوب" ولكن بدرجة أقل.
وأعلنت شركة "غوغل" المالكة لـ"يوتيوب" قبل أيام أنها أوقفت موقتاً الإعلانات المرتبطة بالانتخابات، حتى إغلاق مراكز الاقتراع في الخامس من نوفمبر المقبل، وهو ما فعلته في الانتخابات الرئاسية السابقة في 2020 التي تنافس فيها الجمهوري ترمب والديمقراطي جو بايدن.
ضبط المحتوى
جهود ربما تبذل من قبل الشركات المالكة لـلـ"سوشيال ميديا" لضبط المحتوى المتعلق بالانتخابات، لكن جهوداً أكبر تبذل من قبل جهات عدة أخرى لدرجة أن جهات بحثية كثيرة كثفت جهودها للخروج بحزم من التوقعات الخاصة بالمعلومات المضللة والكاذبة التي ستغمر منصات التواصل الاجتماعي بصورة متسارعة ومتزايدة هذه الآونة.
على نحو علمي وعملي، وبناء على دراسة التقنيات الرقمية وتحليل المحتوى والتنبؤ بالمسرح الجاري إعداده لأيام مكثفة من الإشاعات والتضليل والتزييف، خرجت أستاذة علوم الكمبيوتر في قسم التصميم والهندسة المتعلقة بالإنسان في جامعة واشنطن كايت ستاربيرد بثلاثة أنواع رئيسة من الإشاعات يتوقع أن تغمر الـ"سوشيال ميديا" بصورة متصاعدة وصولاً حتى يوم الانتخاب، وتم تلخيصها في دراسة صدرت قبل أيام قليلة عن "مركز الجمهور المطلع" في الجامعة.
عبر متابعة وتحليل الإشاعات المنتشرة على شبكة الإنترنت والمواقع والمنصات التابعة لكل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، رُصدت نوعيات الإشاعات التي ستتصاعد مع تطور الأحداث الانتخابية، ومعظمها يجمع بين الروايات والمعلومات الحقيقية المتمثل بعضها في صور ومقاطع فيديو مع روايات سابقة، إضافة إلى قدر معتبر من التضليل والتزييف المصنوعين بحرفية شديدة.
تشير ستاربيرد إلى أن ادعاءات كاذبة ونظريات مؤامرة عدة حول التصويت ستنتشر بصورة كبيرة عن أشخاص من غير المواطنين، أي ممن لا يحق لهم التصويت يستعدون لذلك أو فعلوا ذلك، وتقول إن الادعاء بتصويت غير المواطنين في هذه الانتخابات سيكون نجم إشاعات انتخابات 2024 الرئاسية.
تصويت المهاجرين
تنتشر بالفعل مقاطع فيديو على "تيك توك" و"إنستغرام" لأشخاص غير مواطنين يعيشون في أميركا ويقولون إنهم مسجلون في القوائم الانتخابية وسيدلون بأصواتهم، وهذه المقاطع تستخدم مقاطع فيديو تم تحريرها انتقائياً وتتم ترجمتها بطريقة غير دقيقة، مما يؤدي الغرض ويعطي انطباعاً خاطئاً ومضللاً لدى من يتابعها.
وتلفت ستاربيرد إلى أن هذا السيناريو من التضليل هو إعادة لما جرى عام 2016 وقت ادعى الرئيس الأميركي آنذاك ترمب أن الأصوات التي أدلى بها بين ثلاثة وخمسة ملايين مهاجر غير شرعي جعلته يتكبد ويخسر كثيراً من الأصوات، إلا أنه لا يوجد دليل حتى اليوم على أن أعداداً كبيرة أدلت بأصواتها.
وبحسب رصد لأحكام القضاء في ذلك العام، فإن 30 صوتاً فقط لمهاجرين غير شرعيين من بين 23.5 مليون صوت تم الإدلاء بها.
وتتوقع الدراسة أن يسهم ارتفاع حدة الخطاب المعادي والمناهض للهجرة في أميركا هذا العام في انتشار حزمة الإشاعات المتعلقة بتصويت غير الأميركيين.
النوع الثاني من الإشاعات المرجحة يتعلق بادعاءات عن تحيز إدارة الانتخابات لمرشح على حساب آخر، وتقول ستاربيرد إنه نظراً إلى الطبيعة اللامركزية للانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن وقوع أخطاء أمر وارد، وهي الأخطاء التي يفتئت عليها صناع التضليل.
تهويل الأخطاء
أبرز الأخطاء المتوقع حدوثها، بالتالي استخدامها عبر التهويل في أثرها، إرسال نماذج التسجيل أو بطاقات الاقتراع بالبريد إلى الشخص أو العنوان الخطأ، فعلى سبيل المثال تم إرسال نحو 250 بطاقة اقتراع إلكترونية عبر البريد الإلكتروني إلى الناخبين العسكريين والناخبين المقيمين خارج أميركا أواخر الشهر الماضي وعليها اسم المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيسة تيم وولز مكتوباً "توم" بدلاً من "تيم"، مما أدى إلى تصاعد اتهامات ديمقراطية للجمهوريين بمحاولة التلاعب بالانتخابات.
وتنبه ستاربيرد من أنه جرت العادة في الأجواء الانتخابية في عصر الـ"سوشيال ميديا" بالإسراع إلى التقاط الصور والفيديوهات وجمع "شهادات" حية من أشخاص ونشرها على المنصات بسرعة فائقة، مما يغذي آلة توالد الإشاعات وتناثر الأخبار المضللة اعتماداً على أدوات التهويل أو الشهادات غير الدقيقة وغيرهما.
يضاف إلى ذلك إقبال كثيرين سواء كانوا أشخاصاً عاديين أو مؤثرين، على القيام بأدوار شهود العيان أو الخبراء أو الناصح الأمين عبر منصات التواصل الاجتماعي لتجميع الأدلة، سواء حقيقية أو غير حقيقية لتناسب الروايات الموجودة مسبقاً.
صور مهزوزة
وتتوقع ستاربيرد أن تظهر ادعاءات أثناء فرز الأصوات بأن جهات ما أو أموراً مشبوهة ظهرت بكثافة أثناء عملية الإدلاء بالصوت، مثل صور فوتوغرافية وفيديوهات مهزوزة وغير واضحة لشاحنات بيضاء مليئة ببطاقات تصويت أشخاص غير مواطنين تقف أمام مراكز الاقتراع، والغاية هي خلق أجواء مثيرة بأن حيلة ما أو شيئاً غامضاً أو تصرفاً خاطئاً أو غشاً يحوم في الأفق، مما يعني أن نتائج التصويت لا يمكن الوثوق بها.
والنوع الثالث من الإشاعات سيعتمد على لقطات حقيقية مذيلة بروايات كاذبة، وصورة حقيقية بكلمات شارحة مضللة، وفيديو تم التقاطه بالفعل يُبثّ ولكن بعد تغيير المعلومات المتعلقة بالمكان والزمان، وتصريح أدلى به أحدهم قبل 10 أعوام في ظرف مختلف يظهر اليوم وكأنه نتاج الأمس، وهكذا.
اللافت أن الحديث والتحذير من التضليل والكذب والفبركة في التواصل الاجتماعي لم يعُد حكراً على ما يسميه بعضهم "القوى الأجنبية المعادية لأميركا التي تتربص بها في الانتخابات"، إذ إن جزءاً من التضليل بات مصنوعاً محلياً، لكن هذا لا يعني أن هذه الانتخابات غير معرضة لتضليل عابر للبحار والمحيطات.
روسيا والصين
ما زالت تقارير غربية عدة تتحدث عن التضليل الإعلامي على الـ"سوشيال ميديا" باعتباره أحد أهم الأسلحة الروسية لزعزعة الديمقراطيات، وعلى رأسها أميركا، فيما دور الصين يبزغ في مكانة متقدمة ضمن قائمة الجهات أو الدول المتهمة بمحاولات التضليل.
وتنتشر في الصحافة الأميركية تقارير عن شبكات التضليل الصينية المعقدة التي تستهدف الناخب الأميركي، وأبرزها شخصية "هارلان" التي اتضح زيفها، ويرجح بعضهم أن يكون الذكاء الاصطناعي الصيني صنع "هارلان" على منصات الـ"سوشيال ميديا"، وهو صورة لشاب وسيم، محارب سابق في الجيش الأميركي يعيش في نيويورك وداعم لترمب، وفجأة أصبح "هارلان" نفسه أكبر سناً ويعيش في فلوريدا.
والتقارير تقول إن الصين تبني شبكات من الحسابات المزيفة على مواقع التواصل ضمن حربها على أميركا ومحاولاتها إفساد النقاش السياسي حول الانتخابات بنشر الفوضى وزرع الانقسامات.
إيران وزرع الاضطرابات
وعلى ذكر الانقسامات، فإن دور طهران لا بد من أن يشار إليه في الانتخابات الأميركية، إذ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أيام أن مسؤولَين إيرانيين تحدثا عن عدم اكتراث النظام بنتائج الانتخابات الرئاسية، إذ يتجاوز العداء لواشنطن الانتخابات والأحزاب، وأن الهدف الأكبر لإيران هو "زرع الاضطرابات وتعميق الاستقطاب".
والغريب أن المسؤولين تحدثا إلى الصحيفة الأميركية عن جهود تبذلها إيران وأموال ضخمة تضخها للتأثير في السباق الرئاسي الأميركي منذ 2022 عبر عمليات التضليل الإعلامي.
وبحسب الصحيفة وما نسبته إلى المسؤولين، وأحدهما في "الحرس الثوري" والأخير في الإعلام والمعلومات، فإن عملاء الحكومة الإيرانية يجندون بصورة روتينية خريجي كليات التكنولوجيا الإيرانية المتميزين، فتُخصص لهم رواتب مرتفعة وتمول بحوثهم بهدف نشر التضليل السياسي في أميركا عبر المنصات الرقمية.
"عاصفة الرمال القطنية"
وقبل أيام قليلة، أعلنت شركة "مايكروسوفت" أن قراصنة إيرانيين يتعقبون مواقع إلكترونية ووسائل إعلام أميركية مرتبطة بالانتخابات وأنهم تابعون لـ"عاصفة الرمال القطنية" صاحبة السجل الحافل في مجال القرصنة الإلكترونية.
وذكرت الشركة أن عمليات القرصنة هذه ترتبط بـ"الحرس الثوري" الإيراني، مما نفاه المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، وقال "إيران ليست لديها أية دوافع أو نية للتدخل في الانتخابات الأميركية"، مما يتناقض تماماً وتصريحات المسؤولَين الإيرانيين إلى صحيفة "نيويورك تايمز" من قبل.
ويعتقد بأن "عاصفة الرمال القطنية" هي جهة إيرانية متخصصة في عمليات الاختراق والتسريب الإلكتروني، وسبق واستهدفت جهات عدة، أبرزها المجلة الفرنسية "شارلي إبدو"، إذ تمكنت من اختراق صفحاتها والحصول على معلومات نحو 200 ألف من قرائها، ونفذت كذلك عمليات اختراق للمنصات الإلكترونية وقت الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2020.
بداية الطوفان
قبل ساعات، انتشر خبر مفاده بأن قوات الجيش الأميركي سيُسمح لها باستخدام القوة ضد المواطنين أثناء الانتخابات، وضمن من أعادوا نشر "الخبر" مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترمب، مايكل فلين، والمرشح الرئاسي السابق روبرت كينيدي الابن، فيما سارعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى نفي الخبر.
"خبر" آخر لكنه مؤكد جرى قبل أيام، حين تلقى عدد من أنصار الحزب الجمهوري رسائل إلكترونية من رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري وزوجة ابن ترمب، لارا. والرسالة موجهة إلى "الوطنيين الأميركيين الحقيقيين" من أجل تأمين فوز كبير لدرجة لا تسمح بالتلاعب فيه.
وتضمنت الرسالة نقطتين تشكلان جزءاً رئيساً من حملة ترمب الانتخابية، الهجرة والتزوير المزعوم للانتخابات، واللافت أن محتوى الرسالة حمل كثيراً من المغالطات وعدم الدقة في الأرقام والأحداث، في ما يبدو بهدف التأثير في الناخبين لضمان تصويتهم لمصلحة ترمب.
إنها مجرد بدايات طوفان التضليل المعلوماتي والأخبار نصف الحقيقية والمعلومات الكاذبة، والمتوقع تفاقمها وتسارع حدتها مع اقتراب الخامس من نوفمبر.
والمتوقع أيضاً أنه بعد الطوفان، ستعود الأصوات المطالبة بتنظيم الـ"سوشيال ميديا" وحماية المستخدمين من الخطاب الضار والسيطرة على الشركات المالكة لهذه المنصات ووضع خطوط فاصلة بين سعيها المستميت إلى كسب المال ولو على حساب مصداقية المعلومات وتضليل الرأي العام وبين حق المستخدم في بيئة خبرية ومعلوماتية آمنة.
وستمر الأيام وتهدأ المطالبات، ثم تعاود النشاط عام 2028 وغيرها من انتخابات دول المعمورة، حيث أصبحت الـ"سوشيال ميديا" عاملاً مؤثراً وصانعاً للرأي العام وموجهاً لمصائر الشعوب.