Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الدوافع الخفية للمصالحة الإسلامية – الترمبية؟

مسلمون يضعون خلافاتهم القديمة مع المرشح الجمهوري جانباً ويعلنون دعمه لأسباب سياسية وثقافية

ملخص

ارتبط اسم ترمب بـ "حظر المسلمين" لكن عندما مد يده إليهم خلال انتخابات 2024، لم يردّوه، مما يعكس اتجاهين، الأول الإحباط المتزايد لدى المسلمين من سياسات إدارة جو بايدن، وثانياً حاجة ترمب إلى استمالة هؤلاء الناخبين وخصوصاً في ولاية ميشيغان المتأرجحة.

خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الـ 20 كان الحزب الجمهوري الوجهة الجاذبة للمسلمين المهاجرين إلى الولايات المتحدة، لتكريسه قيم العمل والتجارة والاستقرار الأسري، وبحسب "واشنطن بوست" فقد صوّت ما يقارب 70 في المئة من المسلمين لمصلحة جورج دبليو بوش خلال انتخابات عام 2000. 

لكن التحول الأهم في توجهات الجاليات المسلمة حدث بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر (أيلول) 2001 عندما وجد المسلمون أنفسهم هدفاً للمراقبة والتشكيك، ونما الخطاب الجمهوري الذي يصفهم بأنهم مشبوهون أو حتى غير أميركيين. وبلغ الاستياء ذروته خلال انتخابات عامي 2009 و2012 عندما اتجه كثير من المسلمين إلى دعم الحزب الديمقراطي الذي فتح حضنه لهم لتحويلهم إلى كتلة انتخابية زرقاء. ثم وسع دونالد ترمب الفجوة بعد إقراره حظر السفر الذي استهدف دولاً ذات غالبية مسلمة عام 2017.

من العداء إلى التأييد

لكن الرجل الذي ارتبط اسمه بـ "حظر المسلمين" مد يده إليهم خلال انتخابات 2024 ولم يردّوه، مما يعكس اتجاهين، الأول الإحباط المتزايد لدى المسلمين من سياسات إدارة جو بايدن، وثانياً حاجة ترمب إلى استمالة هؤلاء الناخبين وخصوصاً في ولاية ميشيغان المتأرجحة لتحقيق الفوز.

وظهر ترمب أمس السبت في تجمع انتخابي محاطاً بقادة الجاليات العربية والمسلمة في ميشيغان، يتقدمهم خطيب الجامع الكبير في الولاية الأميركي من أصول يمنية بلال الزهيري، ليعلن تأييدهم للمرشح الجمهوري.

وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من الاجتماعات مع الجاليات العربية والمسلمة التي نظمتها حملة ترمب ويقودها نسيبه ومنسقه للشؤون العربية اللبناني الأصل مسعد بولس، ففي الـ 11 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري دعا ترمب بعض قادة المجتمع الإسلامي إلى اجتماع خاص ومغلق لـ 20 دقيقة، وفي الـ 26 من الشهر نفسه عقد اجتماع مسجل بين ترمب ووفد من الأئمة ورؤساء المراكز الإسلامية الأميركية، وقدم خطيب الجامع الكبير في ميشيغان خمسة مطالب.

ماذا يريد المسلمون؟

وقال ممثل الجاليات المسلمة الزهيري في الاجتماع مع ترمب "نطلب منكم إنهاء الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وبخاصة الحرب التي أودت بحياة عشرات آلاف الأبرياء في غزة، بما فيهم النساء والأطفال، ونرغب في أن يُسجل اسمكم في التاريخ بالرئيس الذي لم يبدأ حروباً بل أوقفها".

وأثارت حرب غزة مشاعر الجاليات المسلمة التي تتهم بايدن بتمكين إسرائيل من مواصلة عملياتها العسكرية التي قتلت آلاف المدنيين الفلسطينيين، وقد بدأ بالفعل كثير من المسلمين والعرب مراجعة موقفهم الداعم للرئيس، مما ألقى بظلاله على نائبته التي ترشحت بديلة عنه، إذ أظهر استطلاع لمركز "بيو" للأبحاث أن ستة في المئة فقط من المسلمين يعتقدون أن الموقف الأميركي تجاه فلسطين وإسرائيل متوازن.

لكن إنهاء الحروب ليس المطلب الوحيد الذي دفع الجاليات المسلمة حديثاً لدعم ترمب، بل هناك مطالب أخرى أحدها دعم القيم الأسرية، إذ يرى بعض المسلمين أن الحزب الديمقراطي بالغ في تكريس أجندة المثليين والتحول الجنسي، وهناك مخاوف من أن هاريس قد تقود الحزب إلى أقصى اليسار، بحكم أنها كانت من أبرز أصوات الجناح التقدمي في الكونغرس قبل ترشيحها لمنصب نائب الرئيس.

وجاء في كلمة الجاليات، "نعتقد أنه من الضروري حماية الأطفال من التأثيرات الموجودة في المناهج الدراسية التي قد تؤثر في براءتهم وتعوق تطورهم الطبيعي، ونشجع على سياسات تضمن أن المحتوى التعليمي يحترم القيم الأساس التي تشاركها الأسر في جميع أنحاء وطننا مع الحرص على مصلحة أطفالنا"، كما طالب المسلمون ترمب إذا فاز بتعزيز تمثيلهم في الإدارة المقبلة والمشاركة في أدوار قيادية.

ويصل عدد المسلمين الأميركيين إلى 10 ملايين، وحتى عام 2023 لم يُنتخب سوى أربعة مسلمين أميركيين لعضوية الكونغرس جميعهم ديمقراطيون، فيما يخدم ثلاثة مسلمين حالياً في مجلس النواب.

ودعا ممثل الجاليات المسلمة ترمب إلى اتخاذ موقف صارم ضد الـ "إسلاموفوبيا"، وقارن بين التغطية الإعلامية غير العادلة والدقيقة للإسلام، وما يتعرض له ترمب باعتباره من أكثر الرؤساء الذين ظلمهم الإعلام، وقال إن "المسلمين من أكثر الأقليات التي تُمثل بصورة غير عادلة، وهذا أمر نشترك معك فيه، إذ إن الإعلام ينشر عنا وعنك سوء الفهم والمغالطات".

وأكدت الجاليات المسلمة أهمية تأمين الحدود مع ضمان مسار قانوني لمن يرغب في الهجرة إلى البلاد، في حين كشف ترمب عن موافقته على هذه النقاط، وقال "ليس هناك أي شيء مما قاله ممثل الجاليات يُعتبر حتى ولو قليلاً مثيراً للجدل، ولا حتى يدعو إلى القول دعني أفكر في الأمر، أنا أوافق على ذلك بنسبة 100 في المئة".

وبعد هذا الاجتماع أطل ترمب في تجمع جماهيري خارج ديترويت محاطاً بممثلي الجاليات المسلمة، وقال إنه التقى مجموعة من الأئمة المحليين، مؤكداً أنه يستحق دعم الناخبين المسلمين لأنه سينهي الصراعات ويحقق السلام في الشرق الأوسط، مضيفاً "هذا كل ما يريدونه".

تحد أمام ترمب

وعلى رغم هذا التأييد فإن ترمب تعهد أثناء حملته بإعادة حظر السفر الذي ألغاه بايدن مباشرة بعد توليه منصبه، واستقبله المسلمون بحفاوة، وقال في سبتمبر الماضي إنه سيوسع الحظر لمنع اللاجئين من غزة من دخول الولايات المتحدة، وذلك خلال حدث حول مكافحة معاداة السامية، إذ سعى إلى تعزيز تواصله مع الناخبين اليهود قبل الانتخابات، ويدل هذا التناقض على التحدي الذي يواجه ترمب في الموازنة بين استمالة المسلمين ودعم إسرائيل، بخاصة أنه من أشد داعميها وقد اعترف بالقدس عاصمة لها.

منافسة محتدمة

ويمثل المسلمون نحو 2.4 في المئة من إجمال سكان ميشيغان، حيث يعزز ترمب مكاسبه في أوساط المسلمين، كما تعد الولاية ضمن سبع ولايات أميركية متأرجحة ستحسم الانتخابات، إذ يوجد فيها نحو 8.4 مليون ناخب مسجل و15 صوتاً داخل المجمع الانتخابي من أصل 270 صوتاً لازماً للفوز، وهي أيضاً جزء من "الحائط الأزرق" أو الولايات التي تميل للديمقراطيين، إضافة إلى ولايتي بنسلفانيا وويسكنسن.

وفي ظل منافسة شديدة قبل تسعة أيام من الانتخابات الرئاسية، يحشد ترمب أنصاره في ماديسون سكوير غاردن الشهيرة في نيويورك، في حين تخطط هاريس لتحفيز الناخبين في ولاية بنسلفانيا الحاسمة.

ويحاول المرشحان جاهديْن إقناع الناخبين في واحدة من أكثر المعارك الانتخابية إثارة للانقسام داخل الولايات المتحدة، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تعادلهما قبل عملية الاقتراع التي ستجري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ومن المتوقع أن يحظى تجمع ترمب في قاعة ماديسون سكوير غاردن التي تتسع لنحو 20 ألف مقعد، بتغطية إعلامية واسعة في مدينة نيويورك التي يتحدر منها الرئيس السابق، والتي لا تزال معقلاً قوياً لـ "الديمقراطيين".

المزيد من متابعات