Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فنجان القهوة يوفر فرص عمل واعدة للأردنيين

المقاهي أصبحت بيئة بديلة تتيح للشباب العمل أو الدراسة خارج منازلهم

يلجأ شبان استنفدوا فرصهم في الحصول على عمل إلى افتتاح مقهى (مهرجان القهوة الأردني)

ملخص

ارتفعت فرص العمل في قطاع المقاهي بنسبة 15 في المئة منذ عام 2023 وتشير التقديرات إلى وجود 500 مقهى في عمان وحدها. فهل يكون الأمر مجرد طفرة؟

في تحول اقتصادي وثقافي أصبحت المقاهي تجارة رائجة ولها شعبية متزايدة، بصورة ملحوظة في الأردن، إذ بات كثر يرون فيها فرصة عمل مجدية في ظل ارتفاع معدلات البطالة وندرة الفرص في القطاعات التقليدية.

ويلجأ شبان استنفدوا فرصهم في الحصول على عمل إلى افتتاح مقهى يوفر لهم مصدر دخل مادي خصوصاً مع تزايد الطلب على الأماكن الشبابية.

وبعدما شهدت ثقافة القهوة في الأردن نمواً واضحاً إثر جائحة كورونا وانتشار العمل من بعد والتعليم الإلكتروني، أصبحت المقاهي بيئة بديلة تتيح للرواد والشباب العمل أو الدراسة خارج منازلهم.

 

مقاه في كل مكان

ومع ارتفاع نسبة البطالة التي تجاوزت 20 في المئة ازداد توجه الأفراد نحو الأعمال الصغيرة كمحاولة للهرب من قيود السوق التقليدية وضعف الرواتب وتدني الأجور في الوظائف التقليدية، فكان قطاع المقاهي أحد هذه الخيارات.

ففي العاصمة عمان يصطف مئات الشبان والفتيات في طابور طويل أمام أحد المقاهي الشهيرة وواسعة الانتشار في سبيل الحصول على كوب قهوة باردة أو ساخنة، تلبية لأسلوب حياة شبابي بات طاغياً، هذه الأيام، خلافاً لأعوام ماضية سابقة لم تكن فيها القهوة مشروباً شعبياً في الأردن.

ويرصد اقتصاديون انتشاراً كثيفاً ومقلقاً، في الوقت ذاته، للمقاهي في كل مكان بالعاصمة الأردنية عمان على نحو يدفع البعض إلى الخشية أن تكون هذه الظاهرة موقتة ومدفوعة بحماس اقتصادي غير مدروس.

ويفسر مراقبون كيف تزايد الطلب على هذه المقاهي التي تحولت إلى جزء أساسي من ثقافة المجتمع الأردني، خصوصاً بين الشباب الذين يلجأون إليها للتواصل والدراسة والعمل من بعد، ومتابعة الأحداث الرياضية.

ويشرح محمد الذي يمتلك سلسلة مقاه أردنية شهيرة أسباب نجاح هذا المشروع ويقول، "من الناحية الاستثمارية، يعد فتح مقهى صغير، أو عربة متنقلة لتقديم القهوة، أقل تعقيداً وبساطة مقارنة بالمشاريع الأخرى، خصوصاً إذا كانت الموازنة محدودة. لكن في المقابل فإن نسبة الاستدامة فيه ليست مضمونة بصورة كافية مقارنة بقطاعات أخرى ثابتة النمو".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحديات

وهيمنت القهوة على مزاج الأردنيين منذ أن دخلت العولمة إلى المملكة جالبة معها مطاعم الوجبات السريعة والمقاهي العالمية الشهيرة. لكن على رغم جاذبية هذه السوق، يواجه القطاع الناشئ تحديات من أبرزها الكلف العالية كالإيجارات، وأجور الأيدي العاملة، والضرائب، فضلاً عن حجم المنافسة الكبيرة إذ يتزايد عدد المقاهي، يوماً بعد آخر، كما تتوسع المقاهي القائمة بصورة لافتة عبر افتتاح فروع جديدة سنوياً، مما يخلق سوقاً مشبعة قد يكون فيها البقاء للأفضل، ويصعب على المبتدئين تحقيق الأرباح أو الاستمرار. إضافة إلى هذه العوامل، يرصد مالك أحد المقاهي الشبابية مشكلة التقلبات الاقتصادية إذ تؤثر الظروف الاقتصادية على القوة الشرائية للأفراد، مما ينعكس سلباً على إنفاق الناس على قطاع الترفيه الذي يعد قطاع المقاهي أحد أبرز ملامحه.

 تجارة المياه السهلة

تعد جملة "تجارة الماء الرابحة" من العبارات الشائعة في المجتمع الأردني، وتستخدم للدلالة على سهولة تحقيق الأرباح من خلال بيع القهوة والمشروبات الأخرى، ومع ذلك لا ينطبق الأمر على جميع المقاهي، إذ يعتمد الربح على عوامل متعددة مثل الموقع ومستوى الخدمة، وتنوع المنتجات المقدمة في قطاع المقاهي الذي غزا الأحياء الشعبية والراقية في الأردن على حد سواء.

وتبرز أيضاً أزمة كلف الطاقة المتزايدة كالكهرباء والغاز خصوصاً بعد ارتفاع أسعارها سنوياً، مما قد ينعكس لاحقاً على العاملين في هذا المجال، إذ تعمل نسبة لا بأس بها من أصل نحو 1.4 مليون عامل في قطاع الخدمات الذي يشمل قطاع المقاهي، والذي يواجه معضلة القدرة على التكيف مع متطلبات السوق وليس فقط بيع القهوة، مما يدفع البعض للاستثمار أكثر في ميادين عمل أخرى.

وتشير التقديرات إلى وجود 500 مقهى في عمان وحدها، بعضها تقليدي يعود إلى فترات تاريخية مهمة في الأردن، وأخرى تعتمد على أفكار مبتكرة لتلبية رغبات الشباب الأردني.

مهنة من لا مهنة له

بموازاة ذلك ومع اتساع عدد المقاهي في البلاد، برزت مهنة "الباريستا" بوصفها واحدة من تجليات انتشار ثقافة القهوة، إذ أصبحت مهنة تحضير القهوة مرغوبة لتحسين الدخل.

ويقول مروان الذي يعمل في هذه الوظيفة منذ خمسة أعوام، إنه وجد فيها وسيلة لتلبية حاجاته المالية حينما كان على مقاعد الدراسة الجامعية، وتحقيق دخل مستقر مقارنة ببعض القطاعات الأخرى.

لكن هذه الوظيفة قد تكون موقتة لكثيرين، إذ يعتمد عديد من الشباب عليها كحل انتقالي، في ظل عدم وجود أمان وظيفي أو وجود ضمانات عمل كافية مثل التأمين الصحي أو التقاعد.

وفي رأي مخالف يقول أيمن الذي يعمل في هذه المهنة، منذ أعوام، إنه مع انتشار المقاهي الراقية في الأردن وازدياد الطلب على المشروبات المتنوعة، ظهرت الحاجة إلى مهارات عالية في إعداد القهوة والابتكار في مجال المشروبات، وهذا عزز من أهمية "الباريستا" كعمل يتطلب مهارات خاصة. ويضيف أيمن "الجهة التي أعمل لديها تقدم تدريبات مهنية متخصصة لرفع كفاءة العاملين، وتزيد من فرص احترافية هذه المهنة لمن يرغبون في تطوير مسارهم الوظيفي في هذا المجال".

وفي مؤشر إلى اتساع حجم مهنة "الباريستا" أقيمت مسابقة متخصصة عام 2019 للعاملين فيها في محاولة لتشجيع الشباب ذكوراً وإناثاً، إذ تراوح رواتب هذه المهنة ما بين 500 و1000 دولار.

المقاطعة تنعش المقاهي

في السياق ذاته، يقول مراقبون إن حملات المقاطعة النشطة للمنتجات الأجنبية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، أنعشت، بصورة غير مباشرة، عدداً من المقاهي المحلية الحديثة باعتبارها بديلاً مناسباً. ووفقاً لدراسة استقصائية أجرتها هيئة الإعلام الأردني، أشار 65 في المئة من الأردنيين إلى أنهم يفضلون دعم المنتجات المحلية كجزء من جهودهم لمقاطعة المنتجات الأجنبية.

كما تشير البيانات الصادرة عن وزارة السياحة والآثار الأردنية إلى أن عدد المقاهي المحلية زاد بنسبة 30 في المئة عام 2023. وهذا يعود جزئياً إلى ارتفاع الطلب من قبل المستهلكين الذين يفضلون الخيارات المحلية إذ تقول إحصائية لمجلة "فوربس"، إن الأردن في المرتبة الرابعة عربياً من حيث استهلاك القهوة، ويقدر استهلاك الفرد سنوياً بنحو كيلوغرامين، في حين ارتفعت فرص العمل في قطاع المقاهي بنسبة 15 في المئة منذ عام 2023 .

المزيد من تقارير