ملخص
أعلنت إيران في أغسطس 2020 توقيف المعارض جمشيد شارمهد الذي كان يقيم في ذلك الوقت في الولايات المتحدة خلال "عملية معقدة"، من غير توضيح أين وكيف اعتقل.
أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أنها استدعت اليوم الثلاثاء القائم بالأعمال الإيراني بعد إعدام المعارض الإيراني - الألماني جمشيد شارمهد في طهران.
وأفادت الوزارة عبر منصة "إكس"، "أبلغنا احتجاجنا الشديد على أفعال النظام الإيراني ونحتفظ بالحق في اتخاذ تدابير أخرى".
وبموازاة استدعاء القائم بالأعمال اتصل السفير الألماني لدى طهران ماركوس بوتزل بوزير الخارجية الإيراني، و"احتج بأشد العبارات على قتل جمشيد شارمهد". وأوردت الوزارة أن "وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك استدعت بعد ذلك السفير الألماني إلى برلين للتشاور".
كانت السلطات في طهران أعلنت عن إعدام المعارض الإيراني الذي يحمل الجنسية الألمانية شارمهد المعتقل منذ 2020، مما أثار غضب برلين التي نددت بـ"النظام اللاإنساني" في طهران.
وأصدرت محكمة في طهران في فبراير (شباط) 2023 حكماً بالإعدام بحق شارمهد البالغ في ذلك الحين 69 سنة، لإدانته بـ"الإفساد في الأرض"، لاتهامه بالضلوع في هجوم استهدف مسجداً في شيراز (جنوب) في أبريل (نيسان) 2008 وأوقع 14 قتيلاً ونحو 300 جريح.
وقال موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية الإيرانية أمس الإثنين إنه "بعد اتباع الإجراءات القانونية والموافقة النهائية على قرار القضاء من قبل المحكمة العليا، نفذ حكم الإعدام في حق جمشيد شارمهد، هذا الصباح".
"عملية معقدة"
وكانت إيران أعلنت في أغسطس (آب) 2020 توقيف المعارض الذي كان يقيم في ذلك الوقت في الولايات المتحدة خلال "عملية معقدة"، من غير توضيح أين وكيف اعتقل. غير أن عائلته تتهم الأجهزة الأمنية الإيرانية بخطفه أثناء وجوده في الخارج وبنقله بالقوة إلى إيران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكتب المستشار الألماني أولاف شولتز على منصة "إكس" أن "إعدام النظام الإيراني جمشيد شارمهد هو فضيحة أدينها بأشد العبارات"، مضيفاً أن المعارض "لم يحصل على فرصة الدفاع عن نفسه ضد التهم الموجهة إليه خلال المحاكمة".
من جهتها، نددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بالإعدام، قائلة إن "قتل جمشيد شارمهد يظهر مرة جديدة طبيعة النظام اللاإنساني الذي يحكم طهران، نظام يستخدم الموت ضد شبابه وسكانه ورعايا أجانب". وأضافت أن برلين أبلغت مراراً "أن إعدام مواطن ألماني ستكون له عواقب وخيمة".
"غير مقبولة إطلاقاً"
وكانت ألمانيا عدت عقوبة الإعدام عند إعلانها "غير مقبولة إطلاقاً" وردت بطرد دبلوماسيين إيرانيين يعملان في برلين، مما حمل إيران بدورها على طرد دبلوماسيين ألمانيين من طهران.
وعلقت ابنة المعارض غزال شارمهد في منشور على "إكس" أنها تنتظر التحدث إلى الحكومتين الألمانية والأميركية، موضحة أنه إذا كانت لديهما "أدلة" على إعدام والدها، فستطالب بتسليم جثمانه إلى عائلته وإنزال "عقاب شديد" بـ"القتلة في النظام الإسلامي".
وعبرت وزيرة الخارجية عن "تعاطفها الصادق" مع عائلة شارمهد "التي كنا على اتصال وثيق بها دائماً". وأكدت أن السفارة الألمانية لدى طهران عملت "بلا كلل" من أجل قضية المعارض وأرسلت فرقاً رفيعة المستوى من برلين في مناسبات عدة.
غير أن مريم كلارن ابنة إيراني ألماني آخر مسجون في طهران كتبت على "إكس" أن "عملية القتل هذه التي ارتكبتها دولة كان يمكن تفاديها لو أن الحكومة الألمانية أرادت ذلك فعلاً".
وعد مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران"، محمود أميري مقدم، التي تتخذ من النرويج مقراً، أن إعدام شارمهد "هو بمثابة قتل رهينة خارج نطاق القضاء"، مذكراً بأن المعارض اختطف في الخارج ونقل بصورة غير قانونية إلى إيران، حيث حكم عليه بالإعدام من دون أن يحظى بمحاكمة عادلة.
وقال الأمين العام لمنظمة غير حكومية أخرى هي المركز الأوروبي لحقوق الإنسان والحقوق الدستورية فولفغانغ كاليك "هذا مثال جديد يصور ضعف هذه الحكومة التي لا تسمح بالعدالة، لأن جمشيد شارمهد لم يحظ بمحاكمة عادلة وبدفاع مستقل".
"إرهابية"
ولد شارمهد في طهران وهاجر في الثمانينيات إلى ألمانيا قبل أن ينتقل اعتباراً من 2003 إلى الولايات المتحدة. وعرف بمداخلاته المعادية إيران عبر الفضائيات الناطقة بالفارسية.
وكانت السلطات الإيرانية تتهمه بأنه على رأس مجموعة "تندر" (رعد) التي تعدها إيران "إرهابية"، وهي معروفة أيضاً باسم "جمعية مملكة إيران" وتدعو للعودة إلى النظام الملكي الذي أطاحته الثورة الإسلامية عام 1979.
ودان القضاء الإيراني شارمهر كذلك بإقامة اتصالات مع "ضباط في مكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) ووكالة الاستخبارات المركزية "سي آي أي" الأميركيتين وبأنه "حاول الاتصال بعملاء من الموساد الإسرائيلي".
ولا تعترف إيران بوضع الجنسية المزدوجة لمواطنيها وأعدمت في السنوات الأخيرة عدداً من مزدوجي الجنسية، مثل المعارض الإيراني السويدي حبيب شعب الذي أعدم في مايو (أيار) 2023 لإدانته بـ"الإرهاب".
وأثارت طهران في عام 2023 موجة تنديد دولية بإعدامها المسؤول السابق في الدفاع علي رضا أكبر الذي كان يحمل أيضاً الجنسية البريطانية بتهمة "التجسس". ولا يزال عديد من الأوروبيين محتجزين في إيران وبينهم ما لا يقل عن ثلاثة فرنسيين.
وبحسب أرقام منظمة حقوق الإنسان في إيران أعدم ما لا يقل عن 627 شخصاً منذ 2024 في إيران.