يستعد الوسطاء لتقديم مقترح هدنة في قطاع غزة "لأقل من شهر"، بعد أكثر من عام على اندلاع الحرب، بحسب ما أفاد مصدر مطلع الأربعاء، بينما تواصل إسرائيل شن غارات جوية على مواقع عدة في القطاع، وكذلك في جنوب لبنان.
وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته بسبب حساسية المحادثات، لوكالة والصحافة الفرنسية الأربعاء، إن الاجتماعات بين رئيس "الموساد" ديفيد برنيع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بيل بيرنز ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، والتي انتهت الاثنين، ناقشت هدنة "لأقل من شهر" في غزة.
ولفت إلى أن الهدنة تشمل تبادلاً للرهائن مقابل أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وزيادة المساعدات لقطاع غزة.
وقال مسؤول أميركي إن مسؤولين من واشنطن سيزورون مصر وإسرائيل لبحث مجموعة من القضايا منها إطلاق سراح الرهائن والتهدئة في المنطقة.
وعلى مدى العام الماضي، انخرطت قطر والولايات المتحدة إلى جانب مصر، في وساطة لوقف الحرب الدائرة في غزة وإطلاق سراح رهائن إسرائيليين في القطاع وأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. لكن كل المساعي للتوصل إلى اتفاق باءت بالفشل.
"حماس" جاهزة للتجاوب
من جانبها، قالت مصادر في "حماس" إن الحركة لم تستلم أية مقترحات في شأن وقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، لكنها جاهزة للتجاوب مع ما يفضي إلى ذلك، بالإضافة إلى الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة.
وقال قيادي في "حماس" لوكالة الصحافة الفرنسية، "لم نتسلم رسمياً أي اقتراح متكامل، نحن جاهزون للتجاوب مع أية أفكار أو اقتراحات تقدم لنا على أن تفضي في المحصلة لوقف الحرب والانسحاب العسكري من القطاع".
وأضاف القيادي الذي فضل عدم الكشف عن هويته أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو هو الذي يعطل التوصل لأي اتفاق لأنه يريد مواصلة تنفيذ مخططاته لحرب الإبادة والتطهير والتهجير، ولا يوجد أي ضغط أميركي لمنعه من حرب الإبادة".
وبيّن القيادي في "حماس" أن "كل ما يتم نقاشه والتشاور حوله مع الوسطاء هو عبارة عن جملة من الأفكار من أجل التوصل لاتفاق لوقف النار وإنهاء الحرب، لكن ليست اقتراحاً مبلوراً ومتكاملاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "قلنا للوسطاء إن (حماس) جاهزة إذا وافق الاحتلال على اقتراح لوقف النار والانسحاب الكلي من قطاع غزة وعودة النازحين إلى بيوتهم في غزة وشمال قطاع غزة، وادخال المساعدات بشكل كاف لشعبنا والتوصل إلى صفقة جادة لتبادل الأسرى".
وأوضح أن الوسطاء المصريين والقطريين يواصلون المشاورات المكثفة، ويسعون للتوصل إلى اقتراح يفضي إلى اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى.
من جهته، قال القيادي في "حماس" سامي أبو زهري، إن الحركة استجابت لطلب الوسطاء في مصر وقطر للبحث في مقترحات جديدة في شأن اتفاق لوقف إطلاق النار من دون تقديم تفاصيل إضافية.
وشدد أبو زهري على أن الحركة "منفتحة على أي اتفاق ينهي معاناة الشعب في غزة ويوقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من القطاع".
وكانت "حماس" أكدت في بيان مساء الثلاثاء، عقد بعض اللقاءات في شأن طلب الوسطاء للبحث في اقتراحات جديدة لوقف النار وتبادل الأسرى.
وشددت على أنها "منفتحة على أي اتفاق أو أفكار ترفع الحصار وتساعد في تقديم الإغاثة والدعم والإيواء لأهلنا، وإعادة الإعمار، وإنجاز صفقة جدية للأسرى".
جثث وأشلاء ومصابون
ويشن الجيش الاسرائيلي منذ 6 أكتوبر (تشرين الأول) عمليات في شمال غزة، مؤكداً أنه يريد منع مقاتلي "حماس" من تجميع صفوفهم، بينما أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه تم الإبلاغ عن سبع عمليات في الأقل تسببت في عدد كبير من الضحايا خلال الأسبوع الماضي.
في شمال غزة، أكد الدفاع المدني في القطاع الثلاثاء، مقتل 93 فلسطينياً في ضربة وقعت قبيل الفجر على "منزل عائلة أبو نصر"، وهو عبارة عن مبنى من خمسة طوابق في بيت لاهيا، مشيراً إلى أن نحو 40 شخصاً ما زالوا تحت الأنقاض.
رداً على أسئلة وكالة الصحافة الفرنسية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يدقق في هذه المعلومات.
وقال ربيع الشندغلي (30 سنة) وهو نازح من بلدة جباليا إلى مدرسة في بيت لاهيا، "وقع الانفجار في الليل وكان قريباً من مكان تواجدنا. كنت أعتقد أنه قصف عادي. مع شروق الشمس خرجنا وبدأ الناس ينتشلون جثثاً وأشلاء ومصابين من تحت الردم".
واظهرت صور أشخاصاً بلباس مدني ينقلون قتلى وجرحى ويحملونهم بواسطة أغطية مغطاة بالدماء من موقع القصف الذي ظهر مدمراً بشكل كبير.
كذلك، أظهرت الصور جثثاً منتشرة في الطرقات وملفوفة بأغطية ملونة بينما يحاول أشخاص التعرف عليها أو توديع أقاربهم.
وأعربت واشنطن الثلاثاء، عن قلقها إزاء الغارة الإسرائيلية التي وصفتها بأنها "مروعة". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين "نشعر بقلق عميق إزاء مقتل مدنيين في هذه الحادثة. إنها حادثة مروعة. نتيجتها مروعة".
ودانت باريس "بشدة" الأربعاء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الثلاثاء مبنى يقع في شمال قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل نحو مئة فلسطيني، بينهم نساء وأطفال.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان "تدين فرنسا أيضاً الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد مستشفيات في شمال القطاع خاضعة لأوامر إخلاء وتؤوي مرضى في حال حرجة"، ودعت إسرائيل إلى إنهاء "الحصار المفروض على شمال غزة" من دون تأخير.
وأكدت "أوتشا" أن مستشفيين هما "كمال عدوان" و"العودة" لا يزالان يعملان، وإن كان ذلك جزئياً، مما يعوق تقديم الخدمات الصحية المنقذة للحياة.
وقالت وزارة الصحة في غزة اليوم الأربعاء إن 43163 فلسطينياً قتلوا فيما أصيب 101510 جراء الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بينما أضافت الوزارة في بيان أن نحو 102 فلسطيني قتلوا وأصيب 287 خلال الساعات الـ 24 الماضية.
وقال مسعفون اليوم الأربعاء إن ما لا يقل عن 20 فلسطينياً قُتلوا جراء سلسلة من الضربات الإسرائيلية على أنحاء قطاع غزة.
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني الأربعاء مقتل شخصين وإصابة آخرين بعد قصف صاروخي إسرائيلي استهدف خيمة نازحين في دير البلح وسط قطاع غزة، وغارة أخرى استهدفت منزلاً في خانيونس جنوب القطاع.
محور تركيز الهجوم
وقال الدفاع المدني في غزة إن عملياته معلقة بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ ثلاثة أسابيع على شمال القطاع، وتقول إسرائيل إن حملتها العسكرية في الشمال تهدف إلى القضاء على حركة "حماس" التي أعاد مقاتلوها تنظيم صفوفهم في هذه المنطقة خلال الحرب المستمرة منذ عام.
وأرسل الجيش الإسرائيلي دبابات إلى بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، حيث أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية التاريخية في قطاع غزة ومحور تركيز الهجوم الجديد.
وفي الوقت ذاته قال مسعفون إن ما لا يقل عن سبعة فلسطينيين قتلوا في وقت سابق اليوم جراء ضربات إسرائيلية على جنوب ووسط غزة.
كما قال مسعفون وسكان إن غارة إسرائيلية على حي الشيخ رضوان في مدينة غزة أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة آخرين قرب عيادة.
من جانبه، أكد الجيش الإسرائيلي شنه "ضربة دقيقة ضد إرهابيين من حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) كانوا يمارسون أنشطة إرهابية داخل المنطقة الإنسانية في خانيونس".
والإثنين، حظر البرلمان الإسرائيلي رسمياً أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل، على رغم معارضة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، في خطوة تُشكل سابقة تاريخية بعد أشهر من تصاعد التوتر بين الوكالة وتل أبيب.
في يناير (كانون الثاني)، وجهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي "أونروا" في قطاع غزة بضلوعهم في الهجوم.
ووجدت سلسلة من التحقيقات أن تسعة من موظفي الوكالة الأممية "ربما كانوا متورطين" في الهجوم، لكن من دون العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية.
وبحسب "أوتشا" فإن شهر أكتوبر شهد "توزيعا محدوداً للغاية" للغذاء بسبب "النقص الشديد" للإمدادات. مشيرة إلى أنه في الأسبوع الأخير من الشهر، فإن أكثر من 1,7 مليون أو 80 % من السكان لم يتلقوا حصصهم الغذائية الشهرية في القطاع.