Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القصف يطارد نازحي غزة والأمل يفارقهم في المستشفيات

طبيب واحد يخدم 200 ألف نسمة بعدما اعتقل الجيش الإسرائيلي جميع الكادر الصحي

في مستشفى كمال عدوان هناك أطفال بحاجة إلى جراحات معقدة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

كان الطبيب محمد وحده الذي يعمل في مستشفى كمال عدوان، ويشرف على علاج الجرحى وتطبيب المرضى ومتابعة الحالات، وما أن سمع صوت عويل الناس ترك الفحوص التي يجريها وهرع إلى منطقة استقبال المصابين يحاول أن يفهم ماذا يجري.

على شكل طابور طويل كان سكان بيت لاهيا ينقلون ضحايا غارة إسرائيلية إلى مستشفى "كمال عدوان" المدمر جزئياً، ويضعون المصابين والقتلى في ممرات المرفق الصحي، وبصوت عال يهتفون على الأطباء لعلاج الجرحى.

كان الطبيب محمد وحده الذي يعمل في المستشفى، ويشرف على علاج الجرحى وتطبيب المرضى ومتابعة الحالات، وما أن سمع صوت عويل الناس ترك الفحوص التي يجريها وهرع إلى منطقة استقبال المصابين يحاول أن يفهم ماذا يجري.

عدد كبير من الضحايا

قصفت إسرائيل منزلاً في مدينة بيت لاهيا في شمال غزة، مكون من خمسة طوابق، وكان يحتمي فيه نحو 300 شخص، تسببت الغارة في تدمير كامل للبيت، وقتل فيه 93 فرداً وأصيب 54 آخرون، أما البقية فإن مصيرهم مجهول وجزءاً منهم ما زال عالقاً تحت الأنقاض.

حمل الجيران الضحايا على الدواب وعربات الكارو، إذ توقفت خدمة الإسعاف والطوارئ والدفاع المدني في شمال غزة بالكامل جراء العملية العسكرية الإسرائيلية على المنطقة، ونقل هؤلاء المدنيون المتطوعون الجرحى والقتلى إلى مستشفى "كمال عدوان".

 

 

أخذ الطبيب محمد ينظر على الضحايا ويقول "عددهم كبير جداً"، وهو مصدوم جداً، كان العامل الصحي عاجزاً عن التفكير وحائراً كيف يبدأ ومن ينقذ وماذا يفعل، يتدارك نفسه ويخاطب ذاته "تأخير متابعة جروحهم يعرضهم للخطر ولا حلول أصلاً".

مستشفى واحد

إذا كان الطبيب يفكر في تحويل جزء من الضحايا إلى مستشفى آخر، فإنه لن يستطيع فعل ذلك، إذ توقفت المستشفيات في شمال غزة عن الخدمة ولم يتبقّ سوى مستشفى "كمال عدوان"، أما إذا كان يفكر في استدعاء فرق طبية أخرى فإنه لن يجد سوى مدير المرفق الصحي فقط يمكنه مساعدته.

في شمال غزة يوجد ثلاث مستشفيات (العودة والإندونيسي وكمال عدوان) ويبقى المرفق الأخير قادراً على العمل، أما البقية فخرجت من الخدمة، إذ يفرض الجيش الإسرائيلي حصاراً على شمال غزة ويشنّ هناك عملية عسكرية.

 

 

يعد مستشفى "كمال عدوان" المرفق الصحي الوحيد الذي يعمل في شمال غزة، وهو ثالث أكبر مستشفيات القطاع، ويخدم مناطق الشمال جميعها (بيت حانون، بيت لاهيا، جباليا، وقرى المنطقة)، وخلال الحرب الحالية فإنه يعالج ما يقارب 200 ألف نسمة وهؤلاء الذين تبقوا في المنطقة ورفضوا النزوح جنوباً.

الهجوم على المستشفى

في أثناء العملية العسكرية الإسرائيلية على بيت لاهيا، حاصر الجيش الإسرائيلي المستشفى مدة خمسة أيام، بعد ذلك اقتحمت القوات المرفق الصحي، فتشته واعتقلت كثيراً من المدنيين فيه، ثم اعتقلت جميع طواقمه الطبية.

أثناء الاقتحام أيضاً جرف الجيش الإسرائيلي سور المستشفى ودمر المركبات التي كانت توجد في ساحته، وأحرق جزءاً من مرافقه، وهرست الدبابات سيارات الإسعاف، وكذلك أتلف ودمر الجنود أجهزة طبيبة وخبرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الجيش الإسرائيلي برر هذا الهجوم المحرم دولياً، بأن عناصر "حماس" مكثوا في مستشفى "كمال عدوان"، يقول المتحدث أفيخاي أدرعي "حركة حماس أنشأت مقراً إرهابياً داخله، واستخدمت سيارات الإسعاف لنقل المخربين". ويضيف "داخل المستشفى وفي محيطه عثر على وسائل قتالية ووثائق تابعة لحماس، كما اعتقل مقاتلون فلسطينيون تحصنوا داخل المستشفى". وبحسب أدرعي فإن الجيش الإسرائيلي "حافظ على المنظومات الحيوية والمرضى الذين يتلقون العلاج في المستشفى، إذ جرى تفعيل تفعيل مولد الكهرباء في المستشفى لتزويد أجهزة التنفس الاصطناعي والمرضى بالكهرباء والأوكسجين بصورة منتظمة".

اعتقال جميع الأطباء

إعادة الكهرباء وتشغيل محطة الأكسجين ليس كل ما يحتاج إليه المستشفى، إذ يقول مدير المستشفيات مروان الهمص إن "المرفق الصحي بحاجة إلى العاملين فيه، الجيش الإسرائيلي اعتقل ورحل جميع الأطباء وعددهم 40، إلا طبيباً واحداً بتخصص أطفال من بين كل التخصصات، ومعه مدير المستشفى".

 

 

ويوضح الهمص أنه يجب إيفاد فرق طبية متخصصة إلى "كمال عدوان"، لأنه لا يستطيع طبيب واحد أن يخدم المنطقة كلها ويقوم بجميع المهمات في المستشفى، مشيراً إلى أن وزارة الصحة اتخذت قراراً للمرة الأولى في تاريخها، إذ طلبت من الناس هناك الذين يملكون "مهارات طبية وجراحية" الالتحاق بالمستشفى.

ولم يسبق وأن طلبت وزارة الصحة من أشخاص عاديين يملكون مهارات تقديم خدمات طببة، وهذا الأمر يعد غير صحي ولا قانوني، لكن الحرب وظروفها فرضت ذلك.

طبيب أطفال عليه متابعة كل التخصصات

وبالعودة للمستشفى والطبيب محمد، فإن كل الخيارات أمام الطبيب محمد واحدة، وهي بدء معالجة المصابين، لكنه خائف من عدم إتمام المهمة على أكمل وجه، إذ إنه متخصص في طب الأطفال وهناك كثير من الجراحات والأمور الطبية لا يستطيع القيام بها.

 

 

تشجع الطبيب وطلب من مدير المستشفى مساعدته في علاج الجرحى وتعاون الاثنان على مهمة تبدو مستحيلة في جميع دول العالم، إذ مطلوب منهما فحص 147 حالة، وفرز القتلى وتكفينهم، ومتابعة الجرحى وإجراء جراحات لهم، وبعد ذلك تطبيبهم.

يقول الطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى "كمال عدوان" "كل دقيقة يموت شخص، عدد من القتلى كان بالإمكان أن يعيشوا لو قدم علاج بسيط لهم، المستشفى يعمل به طبيب واحد غير قادر على إسعاف عشرات المصابين بسبب نقص الإمكانات، وهو ما يتسبب في وفاة معظم المصابين".

يضيف "انهارت المنظومة الصحية بالكامل في بيت لاهيا، ومن يصل إلى المستشفى من جرحى الغارات الإسرائيلية يموت بسبب انعدام الإمكانات، لدينا حالة لطفل يحتاج إلى استكشاف بطن لإيقاف النزف، وهذا يحتاج إلى طبيب جراحة وهو غير متوفر، وهناك أطفال عظامهم خرجت من أجسادهم وهم بحاجة إلى جراحة عظام، وهناك إصابات بالدماغ بحاجة إلى أطباء مخ وأعصاب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير