ملخص
فتحت تونس في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، العروض المالية المقدمة من طرف مشغلي الشبكات العمومية للاتصالات الثلاث "اتصالات تونس" و"أوريدو تونس" و"أورانج تونس"، في إطار مشروع إسناد إجازات الجيل الخامس للهاتف الجوال والتي قد تكون أقل من 100 مليون دينار (33.3 مليون دولار) لكل مشغل، وفق مصدر مطلع على الملف.
تشهد مختلف الوكالات التجارية لمشغلي الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت في تونس اكتظاظاً لافتاً من العملاء ما بين خلاص فواتير الإنترنت الشهرية والتذمر من التقطع المتواصل للإنترنت أو ضعفها وانقطاعها في فترات عدة من اليوم.
والمار من أمام هذه الوكالات التجارية لأكبر مشغلي الاتصالات والإنترنت في تونس (توب نت وأورانج تونس وأوريدو تونس)، يلاحظ طوابير الانتظار سواء في داخل أو خارج هذه الوكالات لإيجاد حل لمعضلة ضعف تدفق الإنترنت في عدد من مناطق البلاد.
وعلى رغم إعلانات المشغلين زيادة سعة التدفق بالتوازي مع رفع فواتير الربط بشبكة الإنترنت وسعيهم إلى تطوير الخدمات، غير أن التذمر والتشكي يظلان السمة البارزة لجل المشتركين سواء بتقطع التدفق في أوقات مختلفة من اليوم أو ضعفه.
وتأمل السيدة سارة الشقراني في إنهاء معاناتها المتواصلة مع تواضع شبكة الإنترنت، خصوصاً أنها تعمل عن بعد من منزلها لشركة خاصة، لافتة إلى أنها تعرضت لإشكاليات عدة في عملها بسبب ضعف التدفق.
وأعربت السيدة الأربعينية عن أملها في الإسراع بدخول خدمات الجيل الخامس من الإنترنت في تونس في أقرب وقت، موضحة أنها تأخرت كثيراً في ظل التطورات الاقتصادية والحاجة الماسة للشركات في تونس إلى الجيل الخامس من الإنترنت وكذلك الاستجابة لرغبات بقية العملاء والمشتركين في الحصول على خدمات إنترنت راقية تنهي معاناتهم.
ويعدّد التونسيون أزمات عدة يواجهونها بالنسبة إلى خدمات الإنترنت في البلاد، أبرزها ارتفاع كلفة الربط بالإنترنت والخدمات التي يرونها لا تتوافق مع مستوى التعريفات والأسعار المفروضة.
ويرون أن سعة التدفق المروجة لا تتماشى مع حقيقة التدفق على أرض الواقع، إذ إن عدداً من العملاء يشتركون في خدمة 20 غيغابيت إنترنت، لكنهم يحصلون مقابل ذلك على سعة لا تتجاوز 15 غيغابيت، خصوصاً في فترات الذروة ليلاً.
بداية 2025 تسويق الجيل الخامس للإنترنت
وتأمل تونس في بدء تسويق خدمات الجيل الخامس من الإنترنت، خصوصاً الإنترنت الجوالة منها في 2025، بعد تأخر لافت بالمقارنة مع بقية الدول العربية.
وفتحت تونس في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، العروض المالية المقدمة من طرف مشغلي الشبكات العمومية للاتصالات الثلاث "اتصالات تونس" و"أوريدو تونس" و"أورانج تونس"، في إطار مشروع إسناد إجازات الجيل الخامس للهاتف الجوال والتي قد تكون أقل من 100 مليون دينار (33.3 مليون دولار) لكل مشغل، وفق مصدر مطلع على الملف.
وعند إسناد رخصة إجازات الجيل الرابع للهاتف الجوال، فإن العرض المالي المقدم في تلك الفترة كان في حدود 150 مليون دينار (46 مليون دولار) لكل مشغل.
وكانت وزارة تكنولوجيات الاتصال التونسية أعلنت عن فتح العروض المالية المقدمة من طرف مشغلي الشبكات العمومية للاتصالات الثلاث لاستكمال الإجراءات المتعلقة بإسناد إجازات الجيل الخامس للهاتف الجوال.
وأفاد الوزير سفيان الهميسي، خلال فتح العروض في مقر الوزارة، بأن "مرحلة فتح العروض المالية تعتبر خطوة مهمة في مسار إسناد إجازات الجيل الخامس بعد تقييم العروض الإدارية والفنية والاقتصادية"، مؤكداً حرص الحكومة على التزام الروزنامة التي أعلن عنها قبل إطلاق طلب العروض، بما يمكّن من إطلاق خدمات الجيل الخامس في الآجال المحددة، تدعيماً للبنية التحتية للاتصالات ومواكبة للتطورات التكنولوجية واستجابة لتطلعات المواطن والمؤسسات الاقتصادية من خلال توفير خدمات اتصالات ذات جودة عالية.
تحدٍّ كبير للبلاد
من جهته، قال الصحافي المتخصص في القطاع محمد علي السويسي إن خدمات الجيل الخامس من شبكات الاتصالات الجوالة تطور جديد في شبكات الاتصالات الخليوية، وتعتبر الجيل اللاحق للأجيال السابقة، وصممت شبكات الجيل الخامس لتقديم تحسينات ملحوظة في الأداء والقدرات على اختلاف الصعد.
وأشار إلى أن أحد الجوانب الرئيسة لهذه التقنية دعم سرعات بيانات عالية جداً، مما يتيح نقل كميات كبيرة من البيانات بسرعة فائقة، ويسمح بتجربة استخدام أكثر سلاسة وفاعلية، سواء في تحميل الملفات الكبيرة أو تدفق الفيديو عالي الجودة أو تحميل الألعاب عبر الإنترنت من دون تأخير، إضافة إلى ذلك فإن هذه التقنية تسعى إلى تحسين زمن الاستجابة وهو الوقت الذي يستغرقه إرسال البيانات من جهاز إلى آخر، وتقليل زمن الانتقال يعزز تجربة الاتصالات الحية والتفاعلية مثل الألعاب المتعددة اللاعبين من دون تأخير ملحوظ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن أهمية إدراج الجيل الخامس في تونس، يعتقد السويسي بأن هذا الجيل الجديد الذي يعتمد نظرياً على سرعة تدفق أكبر بـ20 مرة، يوفر جملة من الخدمات والاستعمالات والمميزات الجديدة، مستدركاً "لكنه يتطلب موازنة ضخمة، وهو في الوقت نفسه تحدٍّ كبير بالنسبة إلى الدولة وكذلك إلى مشغلي الهواتف الجوالة".
أرقام قياسية
وتشير الأرقام الرسمية لهيئة الاتصالات الحكومية التونسية إلى التطور المهم في نسبة انتشار خدمات الهاتف الجوال في تونس، إذ وصلت إلى مستوى قياسي، فبلغ عدد المشتركين في خدمات الهاتف الجوال 16 مليون مشترك بنسبة 130 في المئة بحسب آخر إحصاءات لمايو (أيار) الماضي، مما يعكس حجم الطلب المتزايد على خدمات الاتصالات الجوالة.
إضافة إلى ذلك، شهد استخدام الإنترنت عبر الهواتف الجوالة نمواً ملحوظاً، إذ تجاوز عدد المستخدمين أكثر من 10 ملايين بنسبة 91.1 في المئة.
وبلغ إجمالي مبيعات شرائح الهواتف الجوالة في تونس 25 ألف شريحة في اليوم الواحد، مما يعكس سلوك المشتركين في امتلاك شرائح مختلفة والتغيير المستمر لأرقام الهاتف الجوال.
تحسين البنية التحتية
وتعتبر وزارة تكنولوجيا الاتصال أن إدخال تقنية الجيل الخامس للإنترنت والاتصالات في تونس جزء من استراتيجية الدولة لتحسين البنية التحتية الرقمية وتوسيع تغطية الشبكة عالية السرعة عبر كامل البلاد، وتُعدّ هذه التقنية بمثابة رافعة أساسية لتسريع التحول الرقمي في مختلف القطاعات الاقتصادية، إذ من المتوقع أن تُمنح تراخيص وتسويق النطاق العريض للغاية بحلول نهاية هذا العام، لتكون بذلك تونس وفق الوزارة أول بلد في شمال أفريقيا يطلق خدمات شبكة الجيل الخامس في 2025.
والكويت من أوائل الدول في المنطقة العربية التي أطلقت هذه التقنية الحديثة للاتصالات في يونيو (حزيران) 2019 بالتعاون مع شركة "هواوي"، إلى جانب البحرين والإمارات والسعودية وقطر التي تعاونت أيضاً مع الشركة الصينية، ثم سلطنة عمان وبعد ذلك مصر والأردن.
في غضون ذلك، تعتقد الوزارة عبر مختلف بياناتها ومعطياتها بهذا الخصوص، بأن تكنولوجيا الجيل الخامس ستمثل نقلة نوعية مهمة في تدعيم البنية التحتية حتى تصبح قادرة على استيعاب التطورات التي تشهدها التطبيقات الرقمية المتنوعة في مختلف المجالات الرقمية والذكية، وتفتح آفاقاً جديدة واعدة أمام الابتكار وتنويع الخدمات وتشجيع الشركات الناشئة على بعث المشاريع وتكوين الكفاءات وتعزيز القدرات في المجال الرقمي لتصبح بذلك تونس قطباً إقليمياً في هذا المجال.
استعدادات حثيثة
وشرع مزودو خدمات الإنترنت والاتصالات في تونس في الاستعداد لخدمات الجيل الخامس بعروض إشهارية وإعلانات عبر مختلف المحامل الإلكترونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تظهر جاهزيتهم لهذه التقنية.
وتعتبر الشركات الخاصة أن قطاع تكنولوجيات الاتصال من القطاعات الاستراتيجية المهمة التي تعول عليها الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.