ملخص
حتى الآن لم يتم الإعلان عن اسم الزعيم الجديد للتنظيم، والاحتمالات تنحصر في أسماء عدة لعل أبرزها جودت تركيولو، الملقب بـ"جودت الطويل"، ومصطفى أوزجان الملقب بـ"الريس"، وعبدالله آيماز زعيم الذراع الأوروبية للتنظيم، وهؤلاء الثلاثة بينهم منافسة قديمة احتدمت خلال الأيام الماضية
منذ عام 1999 يعيش فتح الله غولن في مزرعة خاصة بولاية بنسلفانيا الأميركية، كان غولن معروفاً بالوسط التركي بصورة كبيرة، لكن اسمه برز كثيراً على الساحة العالمية بعد أن "هندس" محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا ليل الـ15 من يوليو (تموز) 2016.
في الـ20 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن رسمياً عن وفاة فتح الله غولن، في الحقيقة وفاته لم تكن بالحدث المفاجئ، فقد كانت صحته متدهورة للغاية، حتى إن بعض المقربين منه تحدث عن معاناته من "عدم استقرار عقلي" خلال الأشهر الأخيرة من حياته، كما شهد التنظيم الذي يقوده انقسامات كثيرة خرجت للعلن أخيراً، وبما أن لدى تنظيم غولن إمبراطورية مالية، ازدادت حدة التنافس على إدارتها، لكن التنافس الأبرز بالطبع سيكون على زعامة المنظمة بعد رحيله.
فتح الله غولن ولد في مدينة أرضروم شرق تركيا عام 1941، ونشأ في أسرة متدينة، وتلقى التعليم الديني، واتخذ نهجاً صوفياً، وتأثر كثيراً بالشيخ بديع الزمان النورسي، وفي مطلع السبعينيات تم تعيينه إماماً لأحد مساجد مدينة إزمير، لكن أحواله تغيرت كلياً بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته تركيا في سبتمبر (أيلول) 1980، فتحالف مع القيادة الجديدة، وقاد تنظيماً امتد إلى وسط آسيا وأوروبا وأميركا، لكن هذا التنظيم تلاشى داخل تركيا بعد الحملة التي شنتها السلطات ضده إثر محاولة انقلاب 2016.
من هو الزعيم الجديد؟
حتى الآن لم يتم الإعلان عن اسم الزعيم الجديد للتنظيم، والاحتمالات تنحصر في أسماء عدة، لعل أبرزها جودت تركيولو، الملقب بـ"جوت الطويل"، وهو الذي يصفه البعض بالصندوق الأسود لفتح الله غولن، إذ كان يثق به ويأمنه على كل شيء، ويعد من أكثر الأشخاص قرباً منه، خصوصاً في السنوات الأخيرة، وعلى رغم هذا فإن تركيولو ليس هو الرجل الثاني في التنظيم بعد غولن، بل هناك شخص آخر يعد الرجل الثاني من ناحية النفوذ وهو مصطفى أوزجان.
بالنسبة إلى تركيولو لم يكن سابقاً ذا مكانة كبيرة في التنظيم، إلا أن قوته ازدادت يوماً بعد يوم، وأكثر ما قربه من غولن هو زواجه من ابنة سيف الله غولن، وهو شقيق فتح الله غولن، وبعد هذا الزواج أصبح تركيولو عضواً أساسياً في كل صغيرة وكبيرة تخص هذا التنظيم.
تركيولو رجل مهم في التنظيم الموازي ومثير للجدل، سبق أن أكدت تقارير أنه أعطى دواء لغولن قبيل وفاته لجعله يبدو بصحة جيدة، بهدف منع تفكك التنظيم، وهو أيضاً متهم بأنه احتجز غولن داخل المزرعة في بنسلفانيا.
يملك جودت تركيولو 10 عقارات مسجلة باسمه واسم عدد من أفراد عائلته، وهي عبارة عن منازل وفيلات وقصور فخمة، ومزرعة كبيرة أيضاً، وهذه الأملاك تعزز الادعاء بأن تركيولو هو الخزنة السرية للمنظمة، وأيضاً سبق أن واجه اتهامات بالاختلاس.
الإمام السابق
ويعد جودت تركيولو هو الأوفر حظاً لزعامة التنظيم، يليه مصطفى أوزجان، أحد أهم رجالات المنظمة، وهو الرجل الثاني بعد غولن، يلقب بـ"الريس"، ولديه شركة خاصة كبيرة. وعلى رغم التنافس بينهما فإن أوزجان عمل بصورة وثيقة مع تركيولو، وقد استطاع أوزجان إنشاء نظام يتمكن من خلاله إرسال 15 في المئة من إيرادات التنظيم في جميع أنحاء العالم، وقد سبق أن عينه فتح الله غولن بمنصب "إمام تركيا"، وعلى رغم قربه أيضاً من غولن فإنه واجه اتهامات علنية بالاختلاس، وكانت قضيته على أجندة قيادة التنظيم خلال السنوات الأخيرة.
الذراع الأوروبية
بعد تركيولو وأوزجان، يأتي اسم عبدالله آيماز كأحد المرشحين لقيادة تنظيم فتح الله غولن، وآيماز هو الذي يدير الفرع الأوروبي للمنظمة، وهو شخصية قوية ومعارض تركي مهم، عمل كثيراً حتى استطاع جمع ثروة هائلة، وتصرف بأمور عدة من دون الرجوع إلى فتح الله غولن، بهدف لفت الانتباه إليه، وسبق أن وردت تقارير تؤكد أن آيماز هدد الجانب الأميركي بترك إدارة التنظيم في أوروبا، كما أنه هدد بأنه "من الممكن أن تكون هناك معارك قاسية يمكن أن تؤدي إلى اغتيالات بين أولئك الذين يريدون الاحتفاظ بالسلطة داخل المنظمة".
ولدى آيماز عدد من كبار الشخصيات في التنظيم تعمل معه ولصالحه، بينها مصطفى يشيل وعلي أورسافاش وبربروس كوكاكورت وطالب بويوك وبلال كارادومان وإسماعيل سينغوز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خيارات أخرى
مسألة تعيين خليفة لغولن تسببت في معارك خلافية بين أعضاء الإدارة العليا للتنظيم، التي تضم جودت تركيولو ومصطفى أوزجان وبربروس كوجا أوغلو وأكرم دومانلي ومحمد جيتين ورئيس تحرير صحيفة "زمان" السابق علي أورسافاش.
وهناك هيكل آخر في التنظيم يسمى "مجلس الرؤساء الأعلى"، يضم أسماء بارزة مثل عثمان شيمشك وسوات يلدريم وغيرهما، وهؤلاء أيضاً لهم حظوظ في زعامة التنظيم، والجديد بالذكر هنا هو أن عثمان شيمشك يدير ما يسمى "وفد الملالي"، ضمن مجلس الرؤساء الأعلى، وهذا الوفد يضم أسماء مثل مصطفى أوزجان وبربروس كوكاكورت وإسماعيل بويوكجليبي وعادل أوكسوز وعبدالله آيماز وأكرم دومانلي.
والمدير التنفيذي في المنظمة يدعى سعاد يلدرم، وهو أيضاً مرشح لتولي زعامة التنظيم.
الخلافات بين فرعي أميركا وأوروبا
من ناحية أخرى، انعكست صراعات تقاسم السلطة والممتلكات بين تركيولو وفريقه، الذي لعب الدور الأكثر أهمية في الهيكل الأميركي للمنظمة، وآيماز وفريقه الذي أدار الهيكل الأوروبي، على الجمهور، ووجه آيماز اتهامات لتركيولو بأنه استولى على الأصول المادية للمنظمة، ووجه له تهديدات بهدف إبعاده عن المنافسة في الزعامة.
والخلافات بين أعضاء التنظيم بدأت مباشرة بعد وفاة فتح الله غولن، وكان كبار القادة يعارضون بعضهم بعضاً حتى في مكان وتوقيت الدفن، وأسماء المسموح لهم بحضور الجنازة، إذ اقترح جودت تركيولو أن يتم دفنه في منطقة الغابات بمنزل صهره، لكن هذا الرأي لم يعجب بعض القياديين الآخرين.
الصراع الأساسي
أطراف الصراع الأساسي داخل التنظيم هم الثلاثي جودت تركيولو ومصطفى أوزجان وعبدالله آيماز، وقد بذل تركيولو جهوداً كبيرة لتحجيم نفوذ أوزجان وآيماز، لأنه يعتقد أنهم يعارضونه وينتقدونه بشدة، وهم أقدم منه وأكبر سناً، لكن السيطرة المالية لديه أكبر منهما، وهو مصدر أساسي للمال لجماعة ليست قليلة داخل التنظيم.
في المقابل حاول آيماز الحد من نفوذ منافسيه تركيولو وأوزجان، وخصوصاً في ما يتعلق بالقضايا المالية.
باختصار شديد تأخير الإعلان عن اسم الزعيم الجديد للتنظيم سببه الوحيد هو عدم اختيار زعيم جديد حتى الآن، والخلافات تزداد بين الذراعين الأميركية والأوروبية للتنظيم، علماً أن الذراع الأوروبية تدير التنظيم في أوروبا وأفريقيا، والذراع الأميركية تديره في الولايات المتحدة وآسيا.
ملاحظة: الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف، ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة "اندبندنت تركية".