Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تلك خريطة المجتمعات الصغيرة المؤثرة في الانتخابات الأميركية

الاختلافات في التركيبة السكانية وأنماط التصويت بكل منطقة تشكل لبنة أساسية للفوز

متطوعون يجمعون لافتات هاريس خارج مكتب حملة الحزب الديمقراطي في بنسلفانيا (أ ف ب)

على رغم تركيز وسائل الإعلام على الولايات السبع المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية الأميركية باعتبارها ولايات الحسم، فإن تعادل المرشحين الرئيسين دونالد ترمب وكامالا هاريس في كل استطلاع تقريباً، يجعل الأنظار تتجه إلى عدد محدد من المجتمعات الانتخابية الصغيرة التي تشكل كتل تصويت جغرافية رئيسة داخل هذه الولايات وتتميز بالاختلافات في التركيبة السكانية وأنماط التصويت بين مجموعات رئيسة من الناخبين مثل ذوي الأصول اللاتينية أو السود أو العمال ذوي الياقات الزرقاء، بما يشير إلى الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي يمكن من خلالها استنباط تأثيرها الكبير في من يفوز بالبيت الأبيض، فما أهم هذه المجتمعات؟ وما طبيعة التغير في تركيبتها السكانية واتجاهات التصويت وفرص المرشحين للفوز بها؟

أهمية المناطق الأصغر

في كل دورة انتخابية رئاسية ينصب مزيد من الاهتمام على الولايات المتأرجحة التي تحسم من يفوز بالبيت الأبيض وهي بنسلفانيا وميشيغان ووسكنسن وأريزونا وجورجيا ونورث كارولاينا ونيفادا، لكن الحملات الانتخابية للمرشحين تركز على مناطق أصغر، إذ يمكن لعوامل مثل التركيبة السكانية والإقبال على التصويت أن تلعب أدواراً حاسمة في النتيجة النهائية للسباق، وإذا حاز أي من الحزبين الرئيسين الجمهوري أو الديمقراطي أقل من حصته التاريخية من الأصوات في مقاطعة رئيسة، فإنه يخاطر بخسارة الولاية، وكذلك السباق الأوسع نطاقاً على مستوى الولايات المتحدة بعدم اجتيازه حاجز الـ270 صوتاً انتخابياً من أصوات المجمع الانتخابي الإجمالية البالغ عددها 358 صوتاً.

وتعد أفضل طريقة لمعرفة كيف ستصوت ولاية ما هي تفكيك ودراسة مستوى الدوائر الانتخابية الأصغر، والبحث في البيانات الأحدث والنظر في اختلافات التركيبة السكانية وأنماط التصويت عبر تلك الدوائر التي يمكن أن تكون كل منها لبنة أساسية لكل من ترمب أو هاريس في ائتلاف الولايات المتأرجحة الفائز.

مجتمعات بنسلفانيا

تعد ولاية بنسلفانيا التي تسمى أيضاً (حجر الزاوية) الأهم في ما يسمى الجدار الأزرق للديمقراطيين، ووفقاً لتوقعات مؤسسة نيت سيلفر لعام 2024، فإن المرشح الذي يربح هذه الولاية يفوز بالانتخابات بنسبة 90 في المئة، لكن بنسلفانيا ولاية متناقضة، حيث تتنوع بين مدينة فيلادلفيا الكبرى إلى المدن الصناعية القديمة ومساحات كبيرة من سلسلة جبال أبالاتشيا، ما جعل الاستقطاب الحضري والريفي بها أكثر وضوحاً من الولايات الأخرى.

قبل ثمانية أعوام، عملت حسابات الاستقطاب لمصلحة ترمب، عندما تحرك معظم الناخبين البيض ذوي الياقات الزرقاء في المناطق الريفية إلى اليمين بصورة أسرع من تحرك المهنيين في الضواحي إلى اليسار، وانخفضت نسبة الإقبال الديمقراطي للأقليات في فيلادلفيا، لكن هذه الحسابات انقلبت لمصلحة جو بايدن عام 2020، حينما حقق مكاسب كبيرة في ضواحي فيلادلفيا وأدى بصورة أفضل حتى في المناطق ذات الياقات الزرقاء في النصف الشرقي من الولاية، مما جعله يفوز بها بأقل من 90 ألف صوت.

ضواحي فيلادلفيا

يعيش سدس الناخبين في بنسلفانيا (1.1 مليون ناخب) في ضواحي فيلادلفيا، ولدى هاريس فرصة للبناء على الفوز الذي حققه بايدن عام 2020 فهي منطقة حاسمة بصورة متزايدة للديمقراطيين على مستوى الولاية، لكن ينبغي على هاريس أن تدافع ضد مزيد من التآكل في هوامش فوز الديمقراطيين وتراجع الإقبال في الدوائر الانتخابية ذات الغالبية السوداء في مدينة فيلادلفيا التي تضم 379 ألف ناخب يشكل السود 75 في المئة منهم، بعد أن اتجهت هذه الدوائر بعيداً قليلاً من الديمقراطيين وأدلت بأصوات أقل خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

سكرانتون وويلكس بار وإيري

يتطلع ترمب إلى الناخبين من الطبقة العاملة في المدن الأصغر لمواجهة هوامش الفوز المحتملة لهاريس في فيلادلفيا، إذ كان أكبر اختراق له عام 2016 في سكرانتون وويلكس بار (161 ألف ناخب) فيما يسمى حزام الفحم الشمالي الشرقي في بنسلفانيا، لكن عام 2020، اتجهت سكرانتون مسقط رأس بايدن والمناطق المحيطة بها لصالحه بخمس نقاط، وهي مكاسب يأمل ترمب أن يعكسها هذا العام، كما يطمح ترمب في أن يحظي ببعض الزخم الذي حققه في آخر انتخابين في مدينة إيري الواقعة على ضفاف البحيرة الغربية وحولها وتشمل 72 ألف ناخب، إذ ضعفت هوامش الديمقراطيين في الدوائر الحضرية بنحو 11 نقطة منذ عام 2016.

اللاتين في المدن الصغيرة

لا يعد عدد السكان اللاتين في ولاية بنسلفانيا كبيراً، لكنه عامل حاسم محتمل يتجه نحو اليمين، إذ تظهر بعض التحليلات تحولاً بمقدار 10 نقاط نحو ترمب في تصويت ذوي الأصول اللاتينية في مدن الولاية الصغيرة التي تضم نحو 133 ألف صوت، بما يهدد بمحو ما يقارب نصف هامش فوز بايدن عام 2020، وينمو هذا التصويت المتوقع بصورة أسرع في وسط المدن الصناعية الأصغر، مثل ريدينغ وبيت لحم وهازلتون والتي تضم نحو 30 في المئة من السكان اللاتين.

ضواحي جنوب وسط الولاية

قد تكون ساحة المعركة النهائية للولاية هي الضواحي سريعة النمو في المناطق الحضرية الأصغر في وسط ولاية بنسلفانيا ووادي ليهاي، إذ تمثل هذه المناطق 9 في المئة من أصوات الولاية بعدد يصل إلى 595 ألف صوت منهم 43 في المئة من البيض غير الحاصلين على مؤهل جامعي، و42 من البيض خريجي الجامعات و6 في المئة من اللاتين و4 في المئة من السود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع النمو الجديد، اتجهت المنطقة نحو الديمقراطيين، وفقد الجمهوريون المحليون قبضتهم على أماكن مثل مقاطعة كمبرلاند، خارج هاريسبرغ، وفي حين فاز ترمب عام 2020 بهذه المنطقة بأكثر من خمس نقاط، إلا أن هذه الفجوة قد تضيق في انتخابات 2024.

مقاطعات بوكونوس

تقدم مناطق بايك ومونرو في جبال بوكونوس التي تضم 113 ألف صوت مؤشراً آخر، حيث أصبحت المنطقة تحظى بنمو سكاني متزايد من قبل القادمين من ولاية نيويورك، وفي حين صوت سكان بوكونوس عام 2020 لمصلحة ترمب بنحو نقطة واحدة، بخفض عن سبع نقاط عام 2016، تظهر اتجاهات تسجيل الناخبين الأخيرة تحولاً باتجاه العودة إلى الحزب الجمهوري.

ويشكل البيض من غير الحاصلين على مؤهل جامعي نحو 49 في المئة من السكان بينما يشكل البيض الحاصلين على درجة جامعية نحو 23 في المئة من السكان والسود 14 في المئة واللاتين 11 في المئة.

 مناطق ميشيغان

يمكن أن تساعد الأصوات الانتخابية الـ15 الحاسمة لولاية ميشيغان في تحديد من سيفوز بالبيت الأبيض، لكن الولاية التي كانت في الماضي معقلاً للحزب الجمهوري أصبحت الآن أرجوانية اللون، ومنذ ثمانية أعوام كانت ميشيغان، إلى جانب بنسلفانيا وويسكنسن، واحدة من اللبنات الأساسية للمجمع الانتخابي لكل من ترمب والرئيس جو بايدن، ففي عام 2016، هزم ترمب هيلاري كلينتون بفارق أقل من 11000 صوت في ميشيغان، بينما هزم بايدن ترمب بفارق 154181 صوتاً بعد أربع سنوات.

وأصبح السؤال الآن، هل تستطيع كامالا هاريس الحفاظ على هوامش فوز بايدن أو تحسينها أم أن ميشيغان ستعود لدعم ترمب مثلما فعلت عام 2016؟ تكمن الإجابة في الطريقة التي سيصوت بها الناخبون في المناطق المتقلبة مثل مقاطعتي واين وكنت.

مقاطعة واين

تعد مقاطعة واين التي تضم مدينة ديترويت، المقاطعة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في ميشيغان، إذ يبلغ عدد سكانها 1.75 مليون نسمة، أو أكثر من 17 في المئة من سكان الولاية، وعلى رغم تصويت هذه المقاطعة بقوة للديمقراطيين تاريخياً، لكن الجمهوريين حققوا مكاسب تدريجية خلال عهد ترمب.

تعتمد مقاطعة واين، الموطن الأصلي لشركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى، بصورة كبيرة على صناعة السيارات، وتضم المقاطعة جزءاً كبيراً من سكان منطقة ديترويت الحضرية، كما تمثل ضاحيتان متجاورتان هما أوكلاند وماكومب، حصة كبيرة أيضاً، وتمثل مدينة ديترويت 36 في المئة من سكان مقاطعة واين، وتشمل مدينتي ليفونيا وديربورن ذات الغالبية من الأميركيين العرب.

ولعقود من الزمن، كانت مقاطعة واين معقلاً رئيساً للديمقراطيين وظلت تقدم أصواتاً ديمقراطية أكثر من أي مقاطعة أخرى في ميشيغان، وبلغ الأداء الرئاسي الديمقراطي ذروته خلال سنوات أوباما، بنسبة 74 في المئة من أصوات المقاطعة عام 2008، لكن المقاطعة لم تعد ديمقراطية كما كانت في السابق بعدما حقق ترمب والجمهوريون تقدماً في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي شهدت تراجع حصة الديمقراطيين بنحو 5 نقاط مئوية بسبب عقود من إزالة الصناعة بالمدينة، والمشكلات الحضرية والأزمات المالية، إذ يبلغ متوسط ​​دخل المقاطعة 24 في المئة أقل من المعدل الوطني الأميركي، وبلغ معدل الفقر ضعف المعدل الوطني تقريباً.

 

وخلال هذا العام صوت الناخبون من أصول عربية في ديربورن وغيرها من ضواحي ديترويت كغير ملتزمين في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي للتعبير عن غضبهم من إدارة بايدن – هاريس حيال إدارة الحرب في غزة وعدم قدرة بايدن على ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وأعرب 40 في المئة من الأميركيين العرب عن دعمهم للمرشحة عن حزب الخضر جين ستاين التي وصفت ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، مما يهدد فرص هاريس في الفوز بالولاية بخاصة أن شريحة من العرب الأميركيين أعلنوا دعمهم لترمب الذي وعدهم بوقف الحروب في الشرق الأوسط.

مقاطعة كينت

تعد مقاطعة كينت، التي تضم مدينة غراند رابيدز، رابع أكبر مقاطعة من حيث عدد السكان في ميشيغان، إذ يبلغ عدد سكانها 661000 نسمة، أو 6.6 في المئة من سكان الولاية، ولعقود من الزمن، صوتت المقاطعة للجمهوريين، حيث كانت موطناً للرئيس جيرالد فورد وموقعاً لمكتبته الرئاسية، لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت مقاطعة كينت أرجوانية سياسياً، وأحياناً زرقاء بعدما كانت معقلاً جمهورياً لمعظم القرن الماضي نتيجة قيمها الثقافية المحافظة والإيمان باقتصاد السوق المنتشر بين أحفاد المهاجرين الهولنديين المتدينين الذين استقروا في غرب ميشيغان في سبعينيات القرن الـ19.

لكن مثل عديد من المناطق الحضرية والضواحي، تحركت مقاطعة كينت نحو الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة بعد أن فاز بها جورج دبليو بوش بنسبة 59 في المئة من الأصوات في كل من عامي 2000 و2004، بينما فاز بها باراك أوباما عام 2008، لكنه خسرها بعد أربع سنوات أمام ميت رومني، الذي نشأ في ميشيغان، وكان والده حاكماً لها، وفي عام 2016، فاز ترمب بمقاطعة كينت بفارق ثلاث نقاط، لكن بايدن قلبها بعد أربع سنوات، وفاز بفارق ست نقاط.

وعلى رغم أن حجم مقاطعة كينت متواضع، ولديها عدد أقل من ناخبي الأقليات الذين قد يقلق الديمقراطيون في شأنهم مقارنة بديترويت، فإنها من مناطق الضواحي المتعلمة جيداً، حيث يحتاج الديمقراطيون إلى تحقيق أداء جيد في الأقل كما فعلوا في الانتخابات الأخيرة للبقاء قادرين على المنافسة في ميشيغان.

ومثل مقاطعة كينت، كانت مقاطعة أوكلاند في ضواحي ديترويت تتجه أكثر نحو الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة، ويمكن للديمقراطيين عادة الاعتماد على ثلاث مقاطعات قوية في ميشيغان وهي واين، ووشتيناو، وإنغام حيث أعطت كل من هذه المقاطعات الثلاث بايدن ما لا يقل عن 65 في المئة من الأصوات عام 2020.

وفي الوقت نفسه تحركت عديد من مقاطعات ميشيغان الأخرى، نحو الحزب الجمهوري في الانتخابات الأخيرة، مما يعكس التحولات التي شوهدت على المستوى الوطني في مناطق الطبقة العاملة، وتشمل هذه المقاطعات ذات التوجه الجمهوري ضاحية ديترويت ذات الياقات الزرقاء في مقاطعة ماكومب، والتي دعمت ترمب بنسبة 53 في المئة عام 2020، ومقاطعة كالهون التي دعمت ترمب بنسبة 55 في المئة، ومقاطعة ساغيناو، التي فاز بها بايدن بنسبة 49 في المئة.

مناطق ويسكنسن

في عام 2020، كانت ولاية ويسكنسن هي نقطة التحول في أميركا إذ فاز بها بايدن بفارق 20 ألف صوت فحسب، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنها لن تكون محورية بالقدر نفسه في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنذ عام 2000، تم تحديد أربع من ست انتخابات رئاسية في ويسكنسن بفارق نقطة مئوية واحدة أو أقل، ومن بين جميع الولايات المتأرجحة، كانت ويسكنسن تتمتع بالجغرافية السياسية الأكثر غرابة، فقد صوتت المناطق الريفية للديمقراطيين في انتخابات القرن الـ20، بينما أسهمت ضواحي ميلووكي الحمراء العميقة في مقاطعات واكيشا وأوزوكي وواشنطن في هوامش الجمهوريين.

لكن عام 2016، ومع وجود ترمب في السباق، بدأت هذه المناطق في السير نحو الاتجاهات الوطنية العامة، حيث اتجهت المناطق الريفية نحو الجمهوريين، في حين اتجهت ضواحي ميلووكي الثرية إلى اليسار، ومع ذلك تظل الولاءات قوية في ولاية ويسكنسن من الناخبين ذوي الميول الديمقراطية من أصول إسكندنافية في المناطق الريفية الغربية من الولاية، إلى الجمهوريين من الطبقة المتوسطة في الضواحي خارج ميلووكي، وإذا تمكن أي مرشح من إعادة تنظيم الناخبين بصورة أسرع سيكون له الأفضلية في هذه الولاية.

الليبراليون في ماديسون

تعد الدوائر الانتخابية الأساسية المحيطة بمبنى الكابيتول بالولاية وجامعة ويسكنسن في ماديسون هي أكبر كتلة تصويت ليبرالية وأكثرها نفوذاً من أي ولاية ساحة معركة، إذ أدلت بأكثر من 6 في المئة من أصوات الولاية، وفي عام 2020، وسع الديمقراطيون هامشهم إلى 59 نقطة وستحتاج هاريس إلى الفوز بهامش مريح في هذه المنطقة.

ماديسون زرقاء للغاية لدرجة أن المناطق الريفية المحيطة بها تصوت للديمقراطيين، وقد فعلوا ذلك بفارق 22 نقطة عام 2020، لكن هذه المناطق الريفية بدأت تتجه نحو الجمهوريين عام 2016، وعلى أمل تجديد الزخم في منطقة ريفية بها جيوب ضواحي، نظم ترمب أخيراً حملة قرب المنطقة.

 

في عام 2016، كانت منطقة دريفتلس بالجنوب الغربي الريفي في ويسكنسن بمثابة نقطة الصفر لإعادة تنظيم الجمهوريين الريفيين، إذ انتقل الناخبون هناك بفارق 24 نقطة مقارنة بعام 2012، ويزعم الجمهوريون أنه لا يزال هناك مجال أكبر للتحسين، ونظراً إلى أن ويسكنسن هي ثاني أكثر الولايات الريفية من حيث المساحة، فإن المكاسب هناك حاسمة بالنسبة لترمب.

لا تزال الضواحي التي تضم الطبقة المتوسطة في ميلووكي تشكل معقلاً للجمهوريين، وإن كانت الهوامش قد تقلصت إلى حد ما في عهد ترمب، ويعتمد نجاح هاريس على مستوى الولاية جزئياً على توسيع مكاسب حزبها في الضواحي الداخلية ذات الدخل المرتفع في ميلووكي ومدن مثل واكيشا وويست بيند.

مناطق كارولاينا الشمالية

عندما أصبحت هاريس المرشحة الديمقراطية، ارتفعت ولاية نورث كارولاينا مرة أخرى إلى كونها ساحة معركة من الدرجة الأولى، فبعد أن صوتت الولاية في انتخابات عام 2020 لمصلحة ترمب بأقل من 75000 صوت، تبدو الآن متأرجحة للغاية، لكن لكي تفوز بها هاريس ستعتمد على الإقبال القوي من السود وأن يقترن بدعم أقوى في الضواحي ذات الغالبية البيضاء.

تحاول هاريس كسر الجمود في الولاية من خلال التقدم في مجموعة من الدوائر الانتخابية ذات الدخل المرتفع في شارلوت وحولها حيث أدلت هذه المنطقة بنسبة 9 في المئة من أصوات الولاية وذهبت لمصلحة بايدن بنقطتين بعد أن ذهبت لمصلحة رومني قبل ثماني سنوات بفارق 18 نقطة.

المهنيون في ضواحي رالي دورهام

لكي تفوز هاريس فإنها تحتاج أيضاً إلى رفع النتيجة في مناطق مثلث التعليم العالي الأكثر ودية للديمقراطيين حيث تشكل 12 في المئة من إجمالي أصوات الولاية وفي عام 2020، صوتت هذه الأماكن لمصلحة بايدن بفارق 34 نقطة.

لكن ضواحي رالي دورهام البيضاء من الطبقة العاملة كان أداء الجمهوريين ضعيفاً بها، إذ خسر ترمب هذه المنطقة بفارق ضئيل عام 2020 لكنه سيسعى إلى استعادة المنطقة هذا العام.

وتوجد نسبة كبيرة من أصوات السود في ولاية نورث كارولاينا بالمناطق الريفية والبلدات الصغيرة، ومعظمها في الجزء الشرقي من الولاية، إذ تمكن ترمب من تقليص الهوامش الديمقراطية بصورة أكبر في هذه المناطق الريفية ذات الغالبية السوداء، مع وجود ناخبين أكثر من المحافظين ثقافياً، مقارنة بالمناطق الحضرية في الولاية.

مناطق أريزونا

بينما تتميز ولايات ساحات المعارك في الشرق بانقسام حضري ريفي في الغالب، إلا أن الانقسامات في ولاية أريزونا، تتركز في الغالب في منطقة فينيكس الحضرية المهيمنة، والتي تدلي بستة من كل 10 أصوات في الولاية.

ولعقود من الزمن، كانت الولاية معقلاً للجمهوريين، لكن في السنوات الأخيرة، مع ابتعاد المناطق الحضرية والضواحي عن الحزب الجمهوري في عهد ترمب، حقق الديمقراطيون بعض النجاح في الولاية، وفي عام 2020، على سبيل المثال، فاز مارك كيلي بمقعد في مجلس الشيوخ، وفاز بايدن بالولاية بنسبة 0.3 في المئة فحسب، أي بأقل من 11000 صوتاً، ولم يحقق ترمب سوى تقدم ضئيل في تصويت اللاتين في الولاية، على النقيض من مكاسبه الأكبر في فلوريدا وتكساس.

وفي جميع أنحاء منطقة فينيكس والضواحي الكبيرة، يتم الإدلاء بنصف أصوات الولاية بالكامل في الدوائر الانتخابية ذات الغالبية البيضاء والطبقة المتوسطة المنقسمة سياسياً بصورة وثيقة.

ضواحي فينيكس المتعلمة جامعياً

في عام 2020، أدلت مجتمعات ضواحي فينيكس مثل غيلبرت وتشاندلر، إذ يشكل خريجو الكليات غالبية الناخبين، بنسبة 29 في المئة من أصوات الولاية، وفاز الديمقراطيون بهذه المناطق بثلاث نقاط، بعدما فاز بها ميت رومني بفارق 13 نقطة عام 2012، ولهذا تحتاج هاريس إلى دعم الناخبين في الضواحي للفوز بالولاية، في حين سيسعى ترمب إلى العودة إلى المسار الصحيح في هذه المنطقة الحاسمة.

تمثل المجتمعات الغنية مثل الأجزاء الشمالية من سكوتسديل وبارادايس فالي ما يقارب 4 في المئة من أصوات الولاية، ولا تزال تصوت لمصلحة الجمهوريين بقوة، ففي عام 2020، سجل ترمب هامش فوز قدره 18 نقطة، لكن هاريس قد ترى فرصة مع الناخبين الأثرياء الذين اعتادوا على الجمهوريين مثل جون ماكين أكثر من ترمب.

المناطق اللاتينية

حتى عام 2020، ظلت الدوائر الانتخابية اللاتينية الحضرية معقلاً ديمقراطياً، إذ فاز بايدن في فينيكس وفي الدوائر الانتخابية ذات الغالبية اللاتينية في توسون بنحو 45 نقطة، وإذا فاز ترمب في أريزونا، فسيكون ذلك جزئياً لأن الولاية لحقت بتحول اللاتين على مستوى الولايات المتحدة إلى اليمين.

ولا يمكن التقليل من أهمية مقاطعة ماريكوبا، موطن منطقة فينيكس الحضرية، والتي تدلي بستة من كل 10 أصوات في الولاية حيث فاز بايدن بنقطتين، وهي العتبة التي تحتاج هاريس إلى تجاوزها لتكون لها اليد العليا على مستوى الولاية.

 

وتجمع هذه المقاطعات المحورية بين كتلتين أو أكثر من الكتل التصويتية المتميزة الريفية أو الحضرية أو حسب العرق والإثنية، وفي بلد مستقطب، فإن الجمع بين هذه الكتل في مكان واحد أو متقارب هو ما يجعله ساحة معركة.

مناطق جورجيا

ظلت ولاية جورجيا معقلاً للجمهوريين، لكنها تحولت من الحزب الجمهوري إلى الديمقراطي عام 2020 عندما فاز بها بايدن بنحو 12 ألف صوتاً فحسب، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها مرشح رئاسي ديمقراطي بالولاية منذ عام 1992، وكان هذا مدفوعاً بتصويت الأميركيين من أصل أفريقي بالولاية بصورة كثيفة لمصلحة الديمقراطيين.

مقاطعة كوب

أصبحت هذه الضاحية الواقعة شمال أتلانتا أكثر تنوعاً عنصرياً وعرقياً على مدار العقدين الماضيين، وتحولت مقاطعة كوب، التي كانت ذات يوم مقاطعة جمهورية ذات غالبية بيضاء، إلى مقاطعة أكثر تنوعاً في السنوات الأخيرة، ولديها مجموعة أساسية من الناخبين الأثرياء الحاصلين على تعليم جامعي مما ساعد في جعل مقاطعة كوب ديمقراطية بصورة متزايدة.

وتهيمن منطقة مترو أتلانتا على جورجيا، إذ تمثل 57 في المئة من سكان الولاية، ومن الناحية العددية، تعد مقاطعة كوب جزءاً واحداً فقط من مترو أتلانتا، حيث تمثل نحو ثمن سكانها فحسب.

ويعود السبب الرئيس وراء أهمية مقاطعة كوب سياسياً إلى تنوعها حيث يتألف نصف سكانها من البيض، ونحو 30 في المئة من السود، و15 في المئة من ذوي الأصول اللاتينية ونحو 6 في المئة من الآسيويين، كما يعود إلى ثرائها ومستوى تعليمها العالي ووجود عديد من مقار الشركات الكبرى بها، لكن على غرار التغييرات التي شهدتها ضواحي أخرى ثرية وجمهورية في أماكن أخرى من البلاد، ابتعدت مقاطعة كوب خلال عهد ترمب عن الحزب الجمهوري، ففي عام 2016، فازت هيلاري كلينتون بمقاطعة كوب بفارق يزيد قليلاً على نقطتين، وفي عام 2020، وسع بايدن هذه الميزة إلى أكثر من 14 نقطة.

مقاطعتا فولتون وديكالب

تشمل مقاطعة فولتون معظم مدينة أتلانتا، وهي الأكثر اكتظاظاً بالسكان، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من مليون نسمة، ومنحت بايدن 73 في المئة من أصواتها عام 2020، أما مقاطعة ديكالب، فتقع شرق مقاطعة فولتون مباشرة ويبلغ عدد سكانها نحو 760 ألف نسمة، وفاز بها بايدن أفضل من فولتون، إذ حصل على 83 في المئة.

وفي كل من فولتون وديكالب، ستحتاج هاريس إلى الحفاظ على نسبة إقبال عالية، وبخاصة بين الناخبين السود وهي المجموعة التي بدت على المستوى الوطني وكأنها تظهر دعماً أقل قوة للديمقراطيين.

مجتمعات نيفادا

تمتلك ولاية نيفادا ستة أصوات فقط من أصوات المجمع الانتخابي ما يجعلها أقل ولاية بين الولايات المتأرجحة الأخرى السبع، ومع ذلك لم تنقطع زيارات ترمب وهاريس إليها حتى الأيام الأخيرة من السباق الرئاسي.

تعد مقاطعة كلارك، التي تضم لاس فيغاس والمناطق المحيطة موطناً لنحو ثلاثة أرباع سكان الولاية، لكن الحزب يحتاج إلى خروج الناخبين للتصويت والفوز على مستوى الولاية، إذ ربما يكون هذا العام هو الأكثر تقلباً، بخاصة أن التسجيل غير الحزبي أصبح الآن الغالبية في الولاية.

ويعيش نحو 28 في المئة فقط من سكان مقاطعة كلارك البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في لاس فيغاس، حيث تقع فنادق الكازينو الشهيرة تقنياً في المقاطعة وليس المدينة، وتعد مقاطعة كلارك متنوعة، إذ يعيش بها نحو 39 في المئة من البيض، و32 في المئة من اللاتين، و14 في المئة من السود و12 في المئة من الآسيويين.

ويميل اقتصاد مقاطعة كلارك بصورة كبيرة نحو الكازينوهات المميزة في لاس فيغاس، إذ تتدفق العائدات من مزيج من الألعاب والترفيه الأكثر ملاءمة للعائلات، وينتمي أرباب العمل في مقاطعة كلارك إلى قطاع الضيافة، وهذا يعني أن الأجر متواضع نسبياً، إذ يبلغ متوسط ​​دخل الأسرة نحو 5000 دولار سنوياً وهو أقل مما هو عليه في باقي البلاد، ومعدل الفقر أعلى بنحو  نقطتين مئويتين من المستوى الأميركي.

ولأن قوة العمل بمجال الضيافة في مقاطعة كلارك نقابية للغاية، والنقابات معتادة على إظهار قوتها السياسية، لذا فإنها تعمل دائماً تقريباً نيابة عن الديمقراطيين، ولهذا تبدو القضية في كل دورة انتخابية، بما في ذلك عام 2024، ليست حول ما إذا كانت مقاطعة كلارك ستصوت للديمقراطيين، لكن ما إذا كان تصويتها الديمقراطي سيكون كافياً لنجاح الحزب على مستوى الولاية.

ويقول جيريمي غلمان، عالم السياسة بجامعة نيفادا - رينو إن الديمقراطيين يعتمدون على ما يسمى آلة ريد الموثوقة، وهي المنظمة السياسية التي بناها السيناتور الراحل هاري ريد وتؤدي إلى عملية إقبال ضخمة، يتم تنظيمها بالتنسيق الوثيق مع نقابة الطهاة القوية في مقاطعة كلارك، وعادة ما ينطوي هذا على حملة منسقة ومكثفة من باب إلى باب لحث الناخبين الديمقراطيين على المشاركة.

وعلى رغم أن تاريخ نيفادا من الطفرات والكساد يشير إلى أن الاقتصاد قد يكون قضية قوية بصورة خاصة هذا العام، فإن نيفادا ليست ولاية دينية بصورة خاصة، بالتالي فإن القضايا التي تحفز اليمين الديني لا تتردد بها بالقدر نفسه.

وبالنسبة إلى الديمقراطيين، فإن الهدف هذا العام هو ضمان أن تعمل آلة ريد بكامل طاقتها وأن يواصل الحزب تحسين جهوده لتشجيع الناخبين على التصويت للاستفادة من قوانين التصويت التي نفذت أخيراً في نيفادا، بما في ذلك التصويت بالبريد والتسجيل في اليوم نفسه، كما يقول ديفيد دامور، عالم السياسة بجامعة نيفادا - لاس فيغاس.

في المقابل فإن هدف الجمهوريين هو تقليص الهامش الديمقراطي مع الناخبين اللاتين ويحتاج الحزب الجمهوري إلى تشجيع ناخبيه على استخدام التصويت المبكر والتصويت بالبريد بدلاً من الانتظار حتى يوم الانتخابات للتصويت.

مقاطعة واشو

وإضافة إلى مقاطعة كلارك، فإن المقاطعة الوحيدة الأخرى في نيفادا ذات الأهمية السياسية هي مقاطعة واشو، التي تعد موطناً لأقل من 16 في المئة من سكان نيفادا، لكنها شريحة حاسمة من الناخبين، لأن واشو كانت غالباً بمثابة العامل الحاسم بين معقل الديمقراطيين في مقاطعة كلارك ونحو 10 في المئة من الولاية التي تقع في المقاطعات الجمهورية والمعروفة باسم "الريف"، والتي مالت قليلاً نحو الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة.

المزيد من تقارير