ملخص
يقول المدير الأكاديمي لـ"المؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية" بيار رازو "هناك سباق مع الوقت بين إيران التي يجب أن تنتج الحد الأقصى من الصواريخ الباليستية الدقيقة والفعالة، وإسرائيل التي يجب أن تنتج أو تحصل من الولايات المتحدة على الحد الأقصى من الصواريخ المضادة للصواريخ". ويضيف "الأول الذي تنفد ذخيرته سيجد نفسه في وضع ضعيف للغاية".
قللت طهران من شأن الضربات الإسرائيلية الأخيرة على منشآتها العسكرية في حين أعلنت إسرائيل إرساء "توازن قوى" جديد. ويقدر محللون أن هذه الضربات أدت إلى إضعاف القوة الضاربة لطهران ومن ثم قدرتها على الردع.
ونفذت إسرائيل السبت الماضي غارات جوية رداً على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي وقع خلال الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي انتقاماً لاغتيال قادة حركة "حماس" الفلسطينية وجماعة "حزب الله" اللبناني اللتين تدعمهما طهران.
وحتى لو أقرت إيران بـ"أضرار محدودة" فإن هذا التصعيد الثنائي المتكرر مهم جداً بالنسبة إلى محللين غربيين حاورتهم وكالة الصحافة الفرنسية، فقد استهدفت الغارات الإسرائيلية الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرتها على الرد.
المواقع المستهدفة
ويقول معهد "هادسون" الأميركي إن "إسرائيل استخدمت نحو 100 طائرة مقاتلة وربما أنظمة طائرات من دون طيار". ويضيف "بتنفيذها ثلاث ضربات استهدفت القوات الإسرائيلية قدرات إنتاج الصواريخ الإيرانية وهندسة الدفاع الجوي".
ومن بين المواقع الأربعة لإنتاج الوقود الصلب الذي تستخدمه الصواريخ والقذائف الإيرانية أصيبت ثلاثة منها في شارهود وخوجير شرق البلاد وبارشين قرب طهران، بحسب المتخصص في "المعهد الدولي للدراسات" فابيان هينز.
ويوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن إسرائيل "تعمدت استهداف مرحلة حيوية في عملية التصنيع، مما سيكون له عواقب وخيمة على إنتاج الصواريخ".
ودمرت الضربات أيضاً منظومات روسية مضادة للطائرات من طراز "أس 300"، إضافة إلى رادارات بعيدة المدى.
وأفاد معهد "إنتربرايز الأميركي" في واشنطن بأن "المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين أكدوا أن الضربات جعلت منظومات أس 300 غير صالحة للاستخدام" وألحقت أضراراً بمواقع الرادار "التي قُدمت على أنها قادرة على رصد الصواريخ الباليستية والطائرات الشبح".
ردع "حزب الله" تلاشى
وسبق أن استهدفت إسرائيل جماعات موالية لإيران في العراق وسوريا مع مواصلة هجومها في لبنان ضد "حزب الله".
ويملك "حزب الله" صواريخ بعيدة المدى قادرة على الدفاع عن المنشآت النووية لحليفته إيران لكن قدراته تراجعت، ويقول فابيان هينز إن "عامل الردع لديه لم يعد موجوداً".
وبذلك، تستطيع إسرائيل الآن وبسهولة أكبر من أي وقت ضرب منشآت الطاقة أو المنشآت العسكرية الإيرانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول المدير الأكاديمي لـ"المؤسسة المتوسطية للدراسات الاستراتيجية" بيار رازو "هناك سباق مع الوقت بين إيران التي يجب أن تنتج الحد الأقصى من الصواريخ الباليستية الدقيقة والفعالة، وإسرائيل التي يجب أن تنتج أو تحصل من الولايات المتحدة على الحد الأقصى من الصواريخ المضادة للصواريخ". ويضيف "الأول الذي تنفد ذخيرته سيجد نفسه في وضع ضعيف للغاية".
وتبعاً لذلك فإن المواجهة تأخذ بعداً عالمياً وتنتظر إيران مقاتلات "سو 35" التي وعدتها بها روسيا قبل 18 شهراً، فضلاً عن إعادة تزويدها بمنظومة "أس 300" أو نسختها الأكثر تقدماً "أس 400".
وتوعدت إيران أمس الخميس برد "قاس" على الهجوم الذي شنته إسرائيل على عدد من منشآتها العسكرية، وفق ما أورد الإعلام المحلي.
وقال مدير مكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، محمد محمدي كلبيكاني بحسب ما نقلت عنه وكالة "تسنيم" للأنباء إن "ما قام به النظام الصهيوني أخيراً عبر مهاجمة أجزاء من بلادنا كان خطوة يائسة، سترد عليها إيران رداً قاسياً يجعل (إسرائيل) تندم".
من جهتها، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الجمعة عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين قولهم إن المرشد الأعلى علي خامنئي أصدر تعليماته للمجلس الأعلى للأمن القومي الإثنين الماضي بالاستعداد لضربة أخرى على إسرائيل، لأن "نطاق الهجوم الإسرائيلي (كان)... أكبر من أن نتجاهله".
روسيا وحرب أوكرانيا
وسلمت طهران روسيا مسيرات "شاهد" في حربها داخل أوكرانيا، لكن موسكو تحشد كل ترسانتها وصناعتها الدفاعية لمواصلة جهدها الحربي في أراضي جارتها.
ويقدر بيار رازو أنه "إذا وقعت إيران شراكة استراتيجية مع روسيا" فإن البطاريات والطائرات المقاتلة يمكن أن تكون "هدية" قيمة. أما "إذا لم يسلمها الروس، فإن طهران ستفتقر إلى الوسائل اللازمة للدفاع عن مجالها الجوي في صورة مناسبة".
وتعتمد إسرائيل من جهتها على دعم واشنطن المترددة في السماح للبلدين بخوض مواجهة مباشرة.
ويلفت معهد "هادسون" إلى أن "دراسة وتحليل ما امتنعت إسرائيل عن استهدافه أمر مهم لفهم التداعيات الجيوسياسية للضربات". ويضيف "لقد أدى ضغط إدارة جو بايدن على القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى الحد من حجم الضربات".
وبذلك تم إنقاذ البرنامج النووي الإيراني في تقدير بيار رازو وآخرين، الذين يشككون في قدرة إسرائيل على تدمير المنشآت الموجودة في مخابئ تحت الأرض.
ويضيف "كما أن المحطات النووية منتشرة في عدة مواقع ويقع بعضها تحت مدن كبيرة". من هنا فإن ضربها سيؤدي إلى مواجهة دامية لا ترغب فيها واشنطن.
ويرى هينز أنه إذا ضرب الإيرانيون مرة أخرى، فستكون إسرائيل في وضع مثالي للرد بقوة أكبر. وفي حال امتنعوا عن ذلك، فقد يرى عدوهم في هذا الأمر حافزاً لاستئناف الضربات.
ويخلص المحلل في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" إلى أنه "سيتعين على إيران إيجاد طريقة لإعادة ترسيخ قدرتها على الردع، ولا أرى كثيراً من الخيارات الجيدة بالنسبة إليها راهناً".