Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيتون سوريا محاط بألسنة النار وفؤوس الحطابين

تقديرات تشير إلى احتراق نحو 200 شجرة كل ساعة والخسائر تتجاوز 30 مليون دولار

يوجد في سوريا نحو 90 مليون شجرة زيتون (اندبندنت عربية)

ملخص

الزيتون يعد من أهم الزراعات البعلية في سوريا، بل الموطن الأصلي للشجرة حيث وصلت المساحة المزروعة إلى 650 ألف هكتار (6.5 ألف كيلومتر مربع)، وعدد أشجار الزيتون 90 مليون شجرة، وبقيت سوريا حتى اندلاع الحرب تحتل مكانة متقدمة عربياً، في الموقع الثاني، والسادس بين دول المتوسط، مع إنتاج تجاوز مليون طن سنوياً ومنها 150 ألف طن من الزيت.

تنازع شجرة الزيتون للحياة في بلد عاش الحرب والصراع المسلح، وإن كانت نيران المعارك لم ترحم غصن الزيتون رمز المحبة والسلام خلال عقد من زمن الحرب فإن فؤوس التحطيب ونار الحرائق قد أكملت على ما تبقى من ذهب سوريا الأخضر.

كان يا مكان

الزيتون يعد من أهم الزراعات البعلية في سوريا، بل الموطن الأصلي للشجرة، إذ وصلت المساحة المزروعة إلى 650 ألف هكتار (6.5 ألف كيلومتر مربع)، وعدد أشجار الزيتون 90 مليون شجرة، وبقيت سوريا حتى اندلاع الحرب تحتل مكانة متقدمة عربياً، الموقع الثاني، والسادس بين دول المتوسط، مع إنتاج تجاوز مليون طن سنوياً ومنها 150 ألف طن من الزيت.

كل ذلك تهاوى مع اندلاع الحرب عام 2011 وبعد اشتعال الأراضي الزراعية في الريف بمعارك ضارية بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، وكحال الثروة الزراعية تضررت شجيرات الزيتون بين الحرق والقطع، وعلى رغم من الاستقرار الأمني الذي طاول كثيراً من المناطق لا تزال هذه الشجرة حبيسة الإهمال أو تترصدها أيادي الضمائر الضعيفة لقطعها وتحويل خشبها إلى وقود للتدفئة.

الإنتاج على المحك

وقدرت اللجان الفنية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وصول إنتاج الزيتون في سوريا هذا الموسم إلى أكثر من 740 ألف طن، ونحو 94 ألف طن من زيت الزيتون، وأعلنت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة عبير جوهر عن زيادة ستة في المئة عن الموسم الماضي، ولفتت بحسب تصريح لها للوكالة الرسمية للأنباء "سانا" عن توقع زيادة كمية الزيت بنسبة 16 في المئة من وزن الثمار.

 

 

في المقابل يضع مكتب الزيتون احتمال انخفاض نسبة التحويل في المعاصر نتيجة النضج القسري للثمار لأسباب تتعلق بالتغيرات المناخية منها ارتفاع درجات الحرارة لفترات زمنية طويلة نسبياً، وفي فترات حرجة من نمو وتطور الثمار بما فيها فترة الاصطناع الحيوي للزيت.

وتأثرت أشجار الزيتون بتعديات كثيرة طاولت أشجاراً معمرة منها الحرق بغية (التفحيم) أو التحطيب عبر استخدام المنشورات الآلية التي تعمل على مادة البنزين وهي مناشر سريعة القص، وتقطع كميات كبيرة من الأشجار بزمن أقل، علاوة على مواسم الجفاف، والتغير المناخي الذي ترك تأثيراً واسعاً على الإنتاج الموسمي عاماً بعد عام.

ويروي الناشط البيئي، رواد عليلو جملة من المنغصات التي جعلت من الغطاء الأخضر مهدداً بصورة كبيرة إذ الزيتون من ضمن الأشجار دائمة الخضرة، إلى جانب السرو والصنوبر وغيرها من الأشجار الحراجية التي تأذت بالحرائق.

وأضاف، "تتفاوت اتساعها كل عام، ولعل هذا العام كان قاسياً على أشجار الزيتون وخسائر جسيمة طاولت المزارعين بعد حرائق امتدت لآلاف الدونمات في أرياف حمص واللاذقية، علاوة على خسارة أصناف من الثروة الحيوانية في الغابات، والأحراج التي التهمتها ألسنة النار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل يرى رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية للأنشطة الجبلية، إبراهيم سعود أنه وثق وعبر فريقه الاحترافي سيراً على القدام في مناطق الدرباسية وجبال تشالما وكسب على مسافة 100 كيلومتر رحلة برية استكشافية "خسارة جديدة تضاف هذا العام للغطاء النباتي في أكثر المناطق الجبلية والحراجية أهمية، وهذه الخسارة لا يمكن تعويضها بسنتين أو خمسة أعوام، إذ يعود الغطاء الأخضر لهذه المواقع، إنها تحتاج إلى كثير من الوقت، لتعود كما كانت".

الأمان الغذائي

في غضون ذلك اشتهرت كل من حلب وإدلب واللاذقية في الشمال الغربي في سوريا بزراعة الزيتون، وعلى رغم أن أراضي هذه المحافظات عاشت حروباً في أريافها ونزاعات المسلحة فإن الحرائق جاءت على كثير من أراضي الزيتون ففي ريف حمص على سبيل المثال انطفأت جذوة الحرائق في وادي النصارى بعد ثلاثة أيام متواصلة مما خلف خسائر في حقول الزيتون لا تعوض وسط جهود مضنية من قبل فرق الإطفاء وقوى الدفاع المدني للسيطرة على الكارثة ومنع تفاقمها.

ويصف الباحث الاقتصادي، عامر شهدا في تعليقه حول موسم الزيتون، ومجمل الحرائق التي طاولت بلدته في قرى ريف حمص، بـ"الخسائر البالغة حيث امتدت عبر أيام محولة الوادي الممتلئ بالزيتون إلى كومة من الأشجار المتفحمة، وتبدل الغطاء الأخضر، الذي طالما كان مقصداً للزوار وموقعاً سياحياً مفضلاً إلى رماد".

 

 

يروي بحسرة خسائر الزيتون "مع مرور كل ساعة تحترق بأقل تقدير 200 شجرة زيتون، ومعظم هذه الأشجار لم تقطف ثماره، وقدر الأهالي المتضررين عدد الأشجار التي تحولت إلى رماد بأكثر من 400 ألف شجرة زيتون، وأصغر شجرة عمرها 60 سنة وهناك أشجار تجاوزت 120 سنة، وتقدر الخسارة 400 مليار ليرة سورية (30.8 مليون دولار)".

الحطب الدافئ

أثناء ذلك يغري أشجار الزيتون والفستق الحلبي وعدد من أنواع الأشجار الحراجية أصحاب الفؤوس كل عام قبل دخول فصل الشتاء بالاتجاه صوب الحقول المهجورة أو الغابات والمواقع الحراجية، ويرمون بأدواته الحادة منتزعين الأشجار بغية التحطيب طمعاً ببيع كميات الخشب والحطب بأسعار باهظة.

ويلفت النظر المزارع، لقمان العلي عن ارتفاع أسعار طن الحطب في الأسواق التجارية هذا العام مما يشجع الحطابين على العمل على زيادة الكمية ويقول، "إن شح مادة المازوت وانخفاض الكميات دفع كثيراً من الناس للتدفئة عبر الحطب وزاد الطلب عليه، إذ ارتفع سعر طن الحطب الواحد ليصل إلى ما يعادل 400 دولار أميركي".

أمام ذلك ينفر مزارعو الزيتون ممن التقيناهم من العمل في هذا المجال، معبرين عن ذلك بضعف الإمكانات، وغياب اليد العاملة، وخصوصاً هجرة الفلاحين خارج حدود الوطن، ومن يعود فإنه يتجه إلى زراعات ذات مردود سريع، إذ تحتاج أشجار الزيتون إلى تؤدة بالرعاية وصبر خصوصاً أن الأعباء المالية زادت من السماد وتوفير المياه والمحروقات اللازمة للري من ثم التسويق اللازم، إذ يتكبد الفلاحون خسائر تضاف إلى جملة الأعباء المالية، وإلى ذلك يهوي الذهب الأخضر أمام عوامل غير مشجعة لإنتاجه ويظل تائهاً من دون دعم ورعاية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي