ملخص
تضم الحكومة المغربية الحالية أكبر عدد من الوزراء الذين أتوا من مهنة الهندسة وآخرين قدموا من مهنة التدريس الجامعي ووزراء كانوا قبل دخولهم الحكومة يعملون في قطاع المحاماة والاستشارات القانونية وآخرين وفدوا من عالم المال والأعمال.
تتغير المسارات المهنية والخيارات الحياتية لعديد من الوزراء بعد مغادرتهم مناصبهم الحكومية في المغرب، فمنهم من عاد إلى مهنه الأصلية قبل دخوله الحكومة، ومنهم من فضل الانزواء والاكتفاء بالمعاش الحكومي، وآخرون جربوا مهناً جديدة اعتماداً على تجاربهم في تدبير الشأن العام.
وتضم الحكومة المغربية الحالية أكبر عدد من الوزراء الذين أتوا من مهنة الهندسة وآخرين قدموا من مهنة التدريس الجامعي ووزراء كانوا قبل دخولهم الحكومة يعملون في قطاع المحاماة والاستشارات القانونية وآخرين وفدوا من عالم المال والأعمال.
وبعد التعديل الحكومي الموسع الذي جرى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي غادر وزراء مقاعدهم الوزارية ليعود بعضهم إلى الجامعات كأساتذة، ووزراء قرروا إنشاء شركات ومقاولات خاصة، بينما آخرون لم يقدموا بعد على أية خطوة مهنية علنية.
مسارات مهنية مختلفة
ويعد وزير الصحة السابق خالد آيت طالب، أحد أكبر الوزراء المغادرين للنسخة الأولى من الحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، ويستعد حالياً بعد التجربة الحكومية للعودة إلى مهنة الطب التي أوصلته إلى كرسي الوزارة سنة 2021، باعتبار أنه طبيب جراح، وكان يعمل قبل الاستوزار في لجنة الخبراء بوزارة الصحة منذ سنة 2008، كما يترأس مجلس إدارة معهد البحث في السرطان.
ومن أكبر مغادري الحكومة أيضاً وزير التعليم العالي عبداللطيف ميراوي الذي سيعود بدوره إلى مهنته الأصلية كأستاذ في الجامعات المغربية، وأحد الكوادر العلمية في الجامعات الفرنسية، كما أنه يدير المعهد الوطني للعلوم التطبيقية بمدينة رين الفرنسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق مقربين من الوزير ميراوي، فإنه سيباشر عمله، بعد التجربة الحكومية التي قادته إلى الإمساك بملف التعليم العالي والبحث العلمي، كأستاذ جامعي وخبير دولي في قضايا التعليم العالي وتكنولوجيا المعلومات.
من جهتها أعلنت وزيرة الأسرة والتضامن عواطف حيار التي غادرت التشكيلة الحكومية أيضاً أنها ستعود إلى أحضان جامعة "الدار البيضاء" التي منها دخلت إلى البلاط الحكومي، مؤكدة أنها فخورة بالرجوع إلى جامعتها لتلقي أول درس افتتاحي لها بعد الاستوزار حول موضوع "انفتاح الجامعة على محيط العمل الاجتماعي".
أما وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور فقد غادرت الحكومة لتنطلق في عالم الأعمال، من خلال إدارة مقاولة إدارة توظيف البيانات البديلة على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، فضلاً عن تأطير مشاريع رقمية ذات أبعاد اجتماعية.
وزير الاستثمار السابق محسن جزولي يعتزم بعد تجربته الحكومية العمل في مجال الاستشارات وإقامة الاستراتيجيات لفائدة المؤسسات، وأيضاً من خلال مركز للأبحاث يختص بالسياسات الاقتصادية للبلاد.
طبيب نفسي
رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني الذي غادر منصبه عام 2021 قال إن "المسؤوليات، أياً كان نوعها، هي تكليف قبل أن تكون تشريفاً، يستلزم القيام بها على أحسن وجه ممكن"، مبرزاً أن هذه "المسؤوليات لا تدوم، بالتالي من الطبيعي أن يستعد المكلف إياها أن يعود إلى حياته العادية في أي وقت". وأضاف، "وعياً بهذه الحقيقة، بدأ الاستعداد لاستئناف عمله الطبي في عيادته النفسية أشهراً قبل موعد انتهاء مدة المسؤولية الحكومية"، وتابع، "لم يمر إلا أسبوعان تقريباً على تسليم المهام لرئيس الحكومة الجديد حتى كنت حاضراً في العيادة الطبية التي تحتاج إلى المداومة، وبذل الجهد، لتعود تدريجاً إلى حركتها الطبيعية". ولفت إلى أنه إضافة إلى الممارسة الطبية النفسية اليومية يحرص على المساهمة في برامج التوعية الصحية بكتابة المقالات والمشاركة في الندوات والمحاضرات وفي المؤتمرات المتخصصة، وأيضاً إصدار بعض الكتب للإسهام في التثقيف النفسي.
وقال أيضاً إنه استأنف بعض الأنشطة الفكرية والعلمية وأتم مشاريع فكرية بدأها منذ سنوات وتوقفت بسبب المسؤوليات السياسية أو الحكومية، فأصدر في هذه الفترة بعضها، "لكن بعضها الآخر قيد الإتمام، أو قيد المراجعة في ضوء الأحداث الكبيرة التي تعيشها البلاد والمنطقة العربية".
المقام الحكومي
في السياق رأى الباحث السوسيولوجي محمد شقير أن "من الضروري في موضوع مسار الوزراء السابقين، التمييز بين فترتين تاريخيتين، ففي فترة الملك الراحل الحسن الثاني كان يظل معظم الوزراء في مناصبهم مدة طويلة، أو ينتقلون من منصب إلى آخر"، بالتالي تابع شقير، "قلما يكون لهؤلاء الوزراء هامش زمني للانشغال بمهام ومهن أخرى، بخاصة أن الملك الراحل سبق أن حدد لهم معاشاً يغنيهم عن البحث عن وظائف أخرى، باستثناء بعض الوزراء الذين لم يطيلوا المقام في الحكومة".
وتحدث الباحث شقير عن الوزير الأول (رئيس الحكومة) السابق الراحل مولاي عبدالله إبراهيم الذي زاول مهنة التدريس في الجامعة حتى تقاعد بمعاش وزارة التعليم، كما أن الراحل عبدالهادي بوطالب زاول أيضاً مهنة التعليم الجامعي في الفترات التي لم يكن فيها وزيراً أو سفيراً، في حين عاد الوزير الأول الراحل عبدالكريم العمراني إلى العمل في عالم المال والتجارة. أما المرحلة الثانية، وفق شقير، فتتعلق بفترة حكم الملك محمد السادس، إذ بالنظر إلى قصر مدة المقام في الوزارة، عادة ما يفضل بعض الوزراء العودة إلى ممارسة مهنهم السابقة، فمنهم من عاد إلى مهنة الطب أو التدريس، ومنهم من عاد إلى العمل السياسي من بوابة الترشيح نائباً، كما أن منهم من اكتفى بالمعاش المالي الذي سيحصل عليه بصفته عضواً سابقاً في الحكومة.
وينص "ظهير ملكي" (مرسوم يصدره العاهل المغربي)، يتعلق بمعاشات الوزراء السابقين، على أنه "لا يستحق عضو الحكومة السابق المعاش ما دام مجموع المداخيل الشهرية التي يحصل عليها يساوي أو يفوق مبلغ المعاش"، كما أنه في "حال رجوع الوزير السابق إلى ممارسة عمله الذي كان يزاوله قبل توليه مهامه الحكومة، فإنه لا يستفيد من معاش تقاعد الوزير".