ملخص
يبدو أن الوجوه التدريبية المألوفة في كرة القدم بدأت الفصل الأخير في مسيرتها وحان الوقت لجيل جديد يقود الأندية الكبرى
في مطلع العام الحالي عندما كانت خمسة من الأندية الأوروبية الكبرى تبحث عن مدربين جدد تنهد أحد المسؤولين المشاركين في عمليات البحث والتوظيف من فئة النخبة وقال مشتكياً، "لا يوجد شيء في كرة القدم أصعب من اختيار مدرب".
كان الإحباط ناتجاً من حقيقة وجود عديد من المتغيرات، خصوصاً عندما ينتقل المدير الفني من مستوى مالي إلى آخر، إذ قد يمتلك الأسلوب الصحيح لكنه يفتقد الشخصية المناسبة، وقد يناسب النادي في التكتيكات ولكن ليس على صعيد الثقافة.
وعلى رغم أن الأندية تحاول إضافة بعض العلوم إلى هذا الأمر، بتغذية العمليات الإنسانية بالتفاصيل من خلال الخوارزميات، لا يزال هناك عنصر ضخم من التجربة والخطأ البشري إذ لا يمكنك دائماً محاكاة نهج المدير الفني في التعامل مع غرفة ملابس مختلفة.
يستضيف ليفربول مباراة دوري أبطال أوروبا الليلة في ملعب "أنفيلد" مع لمسة مختلفة بهذا المعنى، نظراً إلى أن مدرب باير ليفركوزن تشابي ألونسو، كان بإمكانه بالفعل أن يكون في غرفة تبديل "الريدز" بدلاً من آرني سلوت.
ونظراً إلى هذه التحديات في اختيار المدير الفني، فمن المدهش مدى مثالية ألونسو لـ"أنفيلد"، إذ لعب الباسكي في هذا الملعب، كلاعب وسط يحظى بإعجاب كبير وكان مفتاح فوز ليفربول بدوري أبطال أوروبا عام 2005، وقد ضمن ذلك له الخبرة والشخصية اللازمة للتعامل مع المراحل الكبرى، مما أدى إلى كاريزما إدارية مقنعة.
في قلب هذا أيديولوجية تكتيكية متطورة للغاية، وهي أيديولوجية تساعد شخصية ألونسو في تطبيقها.
كان الأمر أكثر جاذبية لأن أسلوب ألونسو يحوي عناصر من طريقة يورغن كلوب، مع مساهمة كل هذا في الإنجاز التاريخي في كسر قبضة بايرن ميونيخ على كرة القدم الألمانية بالفوز بالثنائية المحلية من دون هزيمة.
هناك أصداء أخرى لكلوب في مثل هذه الكيمياء الإدارية مما يجعل ألونسو مثالياً بكل بساطة.
ومع ذلك من الصعب تصديق أن شخصاً مثالياً مثل هذا المدرب الباسكي كان ليحقق أداء جيداً مثل سلوت إذ إن بداية المدرب الهولندي قريبة من الكمال من حيث النتائج، لقد كانت رائعة حقاً.
وبينما قد يقول كثر، إن قائمة المباريات كانت سهلة، مما أتاح لسلوت فرصة، استجاب ليفربول بصورة جيدة لاختبارات أكثر صعوبة إذ كان هناك هدف التعادل المتأخر ضد أرسنال ثم العودة ضد برايتون الرائع، إذ أضاف ليفربول شدة إلى سيطرته على الكرة.
هذان هما الجانبان من الشكل الذي يسير عليه الفريق الآن، وفي حين أنه من العدل أن نقول إننا لن نرى ليفربول "الحقيقي" حتى يخوض سلسلة من المباريات الصعبة، فمن العدل أيضاً أن نقول، إن هذا ليس فريق سلوت الحقيقي بعد.
هذه ليست سوى الأيام الأولى لنهج تكتيكي جديد تماماً بالنسبة إلى الفريق، إذ يبدو أن البصمة الرئيسة حتى الآن كانت سيطرة أوسع على الاستحواذ، لكن كيف سيبدو الأمر عندما يتمكن سلوت من ضبط الفريق بالكامل أو حتى جميع اللاعبين الذين يريدهم؟
لذلك هذه أوقات مثيرة للنادي، وسوف يلعب في مباراة مغرية في "أنفيلد"، إذ يمكن أن يختبر نهج ليفركوزن الأكثر رسوخاً مكانة ليفربول الآن، إذ يسعى الفريق الألماني إلى إنهاء سجل سلوت الفائز بنسبة 100 في المئة في دوري أبطال أوروبا حتى الآن.
حقق فريق ألونسو فوزين وتعادل في واحدة من مبارياته الثلاث، ويمكن لكلا الفريقين أن يقطعا شوطاً طويلاً لضمان مكان في أماكن التأهل التلقائي ضمن المراكز الثمانية الأولى.
نظراً إلى أن الهدف لا يزال يبدو غامضاً للغاية، إذ شهدت مباريات هذا الأسبوع فقط وصول مرحلة المجموعات إلى نقطة المنتصف، فإن مواجهة ليفربول وليفركوزن هي مباراة أخرى تعكس مواضيع أوسع.
هناك سؤال أكبر حول ما إذا كان أحد هؤلاء المديرين الفنيين قادراً على الذهاب إلى مستوى أعلى، إلى معيار الإنجاز الذي وضعه كلوب وبيب غوارديولا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
السبب الرئيس وراء صعوبة تعيين المدربين هو أننا ننتقل الآن إلى عصر جديد، يحدده جيل جديد.
في عام 2016 أعلن الدوري الإنجليزي الممتاز نفسه دوري المدربين النجوم، بعد تعيينات غوارديولا وجوزيه مورينيو وأنطونيو كونتي التي أضافت لعمل كلوب وماوريسيو بوتشيتينو، وكان توماس توخيل صاعداً في ألمانيا، وكارلو أنشيلوتي ولويس إنريكي بارزين في إيطاليا وإسبانيا على التوالي.
الآن أخذ توخيل وبوتشيتينو نفسيهما إلى مسار تدريب المنتخبات، ويبدو أن الأندية الكبرى لن تنظر إليهما إلا كتعيينات قصيرة الأجل، ولم تعد هذه الأندية نفسها تنظر إلى كونتي بسبب راتبه، وهو العامل الذي شوه مورينيو لفترة طويلة.
يمكن القول إن كلوب خلف البرتغالي كمنافس رئيس لغوارديولا في ذروة كل هذا، قبل أن يخرج نفسه من مجال الإدارة الفنية تماماً، وفي غضون ذلك ينتظر الجميع الخطوة التالية لغوارديولا، التي من المتوقع أن تكون على المستوى الدولي، بينما سيتنحى أنشيلوتي في النهاية عن ريال مدريد، ربما لمصلحة ألونسو.
لقد ترك هذا الأمر جميع الأندية الكبرى تتطلع إلى ما سيأتي بعد ذلك، إذ لم يكن لدى أي من المرشحين السيرة الذاتية التي تجعلهم مضمونين، وهناك شعور بأن الجيل الجديد غير معروف إلى حد كبير، وهو أمر مثير للاهتمام بطريقة مختلفة.
وهذا أيضاً ما يجعل قرارات ألونسو أكثر إثارة للاهتمام، فضلاً عن كونها مؤشراً إلى حالة اللعب.
سيكون السؤال الكبير هو لماذا لا يدير ليفربول في الواقع الثلاثاء. إن سحر ألونسو الواضح سيعطي ذلك ميزة أكبر، خصوصاً أن شخصية سلوت العامة منخفضة الكثافة هي العنصر الوحيد الذي طُرح كعامل جذب محتمل، إذ إنه ليس كلوب أو ألونسو.
الحقيقة هي أن أولئك في ليفربول كانوا يقللون من احتمال تعيين لاعب خط الوسط السابق في وقت مبكر جداً وكانوا يبحثون عن مرشحين آخرين، ولكن كان هناك أيضاً وعي بأن ألونسو من المرجح أن يبقى في ليفركوزن.
هذا أمر مثير للإعجاب في اللعبة الحديثة، إذ يكون الميل دائماً إلى القفز من السفينة لأنك قد تفوت فرصتك، وبدلاً من ذلك، شعر ألونسو بالالتزام بمنح ليفركوزن المزيد، وبالتأكيد فرصة دوري أبطال أوروبا.
من جانبه رفض سلوت عروضاً سابقة لأنه أراد منح فينورد الهولندي أقصى ما لديه، ورفض توتنهام قبل تعيين أنغي بوستيكوغلو في مايو (أيار) 2023، ولم ينتقل الهولندي إلا عندما كان الوقت والوظيفة مناسبين.
ربما يكون هذا درساً لهذا الجيل الذي لديه خيارات أكثر بينما تتمتع الأندية بضمانات أقل.
تعيين مانشستر يونايتد لروبن أموريم الذي يواجه مانشستر سيتي في لشبونة اليوم الثلاثاء في واحدة من مبارياته الأخيرة مع سبورتنغ، هو أكثر إثارة للاهتمام في هذا السياق.
هناك أيضاً خيار آخر مهم هنا، وهو خيار سيحدد كيفية لعب مباراة "أنفيلد" حيث ينتمي سلوت إلى مدرسة غوارديولا وينتمي ألونسو إلى المدرسة التي انحرفت عنها.
هذه المباراة ليست مجرد لحظة أبواب منزلقة بل هي مواجهة تفتح الباب المحتمل لعصر جديد، وجيل جديد جاهز ليحل محل القديم.
© The Independent