Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا وقع اختيار نتنياهو على يسرائيل كاتس ليكون وزيرا للدفاع؟

قرار يعكس جوانب غير سليمة في إدارة الحرب وعدم التوافق بين المؤسستين السياسية والعسكرية

لا يملك وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد يسرائيل كاتس أية خبرة عسكرية (أ ف ب)

ملخص

ملخص

 تخوف من احتمال إقالة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي ورئيس "شاباك" رونين بار على رغم نفي مكتب نتنياهو نيته إقالتهما.

 غالانت كان صدامياً تجاه نتنياهو واختلف معه على قرارات عدة وتحدى سلطته مرات عدة.

لم ينتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكثر من 24 ساعة حتى بدأ بتنفيذ مخططه بعد التخلص من العقبة الأساس، وزير الأمن المقال يوآف غالانت، الذي اتخذ نتنياهو قرار إقالته في ذروة خوض إسرائيل حرباً على مختلف الجبهات.

وجاء القرار بتزامن مصادقة غالانت على تجنيد 7 آلاف من الحريديين المتشددين دينياً في الجيش، ليسجل هذا سبباً مركزياً في دوافع الإقالة، والذي من شأنه زعزعة أركان حكومة نتنياهو وتفكيكها.

وأمس الأربعاء اتفق نتنياهو مع وزراء ائتلاف حكومته على خطوات تحبط الجهود التي قام بها غالانت لتجنيد الحريديين، وكانت البداية التوافق مع رئيس كتلة "يهدوت هتوراة"، يسرائيل إيخلر، على تأجيل التصويت في الكنيست على القانون لتمويل المتهربين من الخدمة، لحاجة الدفع قدماً بقانون يعفي دفعة واحدة وإلى الأبد الحريديم من التجنيد في الجيش بدلاً منه.

"الحكومة تفضل المتهربين على المجندين"

هذا هو الشعار الذي يهيمن على الاحتجاجات الإسرائيلية التي انطلقت فور إعلان نتنياهو إقالة غالانت، الذي اعتبر في كلمة له بعد الإقالة أن ثلاثة أسباب أدت إلى هذا القرار، فإلى جانب التجنيد، وفقاً لغالانت، فقد كانت جهوده للتسريع في تنفيذ صفقة الأسرى وتقديم تنازلات لضمان عودتهم سبباً ثانياً، أما السبب الثالث فيعود لدعوته إلى استخلاص العبر من خلال تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، من حيث الإخفاقات الاستخباراتية والعسكرية، مع أن غالانت جزء من الوضع الذي أدى إلى حدوث السابع من أكتوبر 2023، بل إن اسمه يندرج ضمن الشخصيات التي تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الإخفاق.

ووفق مسؤولين سياسيين وأمنيين فإن أوامر المحكمة الدولية باعتقاله إلى جانب نتنياهو تجعله أيضاً في قائمة منتهكي قوانين الحرب، واستعداد الجيش لبقاء طويل وربما لاستيطان يهودي في القطاع، ومع هذا كله جاء قرار إقالته في فترة الحرب بمثابة ضربة قوية للمؤسسة العسكرية برمتها.

ركلة للمناعة الوطنية

إقالة وزير أمن خلال الحرب قرار يعكس جوانب غير سليمة في إدارتها وعدم التوافق بين المؤسستين السياسية والعسكرية، بحسب خبراء عسكريين، وهذا ما كان ملموساً حتى يوم إقالة غالانت، ومن المتوقع أن يتعمق بعد الإقالة.

ويرى الخبير السياسي بن درور يميني أن الشرخ الذي ستلحق به هذه الإقالة سيؤدي أولاً إلى المساس بالأمن القومي في إسرائيل، وقال "قرار إقالة وزير الأمن يطاولنا جميعاً في إسرائيل"، مضيفاً "نحن في ذروة الحرب التي ستصبح قريباً الأطول في تاريخ إسرائيل، وفي استنزاف وتآكل، ونحن بحاجة ماسة إلى كل قطرة طاقة، وفي هذه اللحظة العسيرة يقرر نتنياهو تنحية الرجل الوحيد، وزير الأمن الذي يحظى بالثقة الأعلى وهي 58 في المئة بحسب الاستطلاع الأخير، في مقابل 60 في المئة يعربون عن عدم الثقة بنتنياهو".

وتابع، "في إسرائيل الحكومة الموجودة الآن ليس فيها وزير واحد فقط يمكن التعويل عليه، وهذه ركلة للمناعة الوطنية ونتنياهو يضع إسرائيل في خطر".

 وبرأي بن دور فإن "إقالة غالانت هي أيضاً مساس بالجنود الإسرائيليين"، معتبراً أن "الهدف المركزي من الإقالة هو إعطاء المزيد للمتهربين من الخدمة وزيادة العبء على من يخدم في الجيش، وهذا بيع لكل المصالح القومية لإسرائيل في مقابل تخليد الائتلاف الأكثر كارثية في إسرائيل منذ قيامها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عصيان مدني وتمرد داخل الجيش

من جهته تجاهل نتنياهو تقارير الجيش التي أظهرت حاجته إلى 10 آلاف جندي في الأقل، وفضل التوافق مع ائتلاف حكومته والحفاظ على تماسكها على أن يتجاوب مع الجيش بضمان تعبئة النقص في عدد جنوده، مما أثار تحركات داخل جنود الاحتياط فور إعلان نزول الجماهير إلى الشارع احتجاجاً على قرار الإقالة. وعبّر أكثر من مسؤول عسكري عن قلقه من حدوث تمرد بين جنود الاحتياط الموجودين في لبنان وغزة، وهم يتلقون الدعم من عائلاتهم وحثهم على الإعلان عن رفضهم الاستمرار في القتال، ليس فقط رداً على إقالة غالانت وإنما على التمييز وعدم تقاسم العبء في الخدمة وإعفاء المتدينين من ذلك، وأيضاً للضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى.

وجاء تزامن إقالة غالانت مع فوز الرئيس دونالد ترمب برئاسة أميركا، والذي شد الأنظار إليه مع انشغال الإسرائيليين في مناقشة أفضلية فوز ترمب لإسرائيل وتداعيات ذلك على سير الحرب تحديداً، وهذا بحسب عسكريين ودبلوماسيين ساعد نتنياهو، باعتبار أنه خفض لهيب الاحتجاجات على قرار غالانت وتوقيته.

وعلى رغم استمرار التظاهرات والاحتجاجات والدعوة إلى شل الحركة الاقتصادية وإعلان العصيان المدني من قبل قادة المعارضة، فإن اليوم الخميس شهد هدوءاً في التحركات الشعبية، فيما نتنياهو واصل عمله على نار هادئة من أجل ضمان تحقيق أهدافه السياسية وتماسك حكومته، وأعلنت وزارة الأمن التي كانت تستقبل وزيرها الجديد صفقة أسلحة ضخمة لشراء 25 طائرة من نوع F-15 من إنتاج شركة "بوينغ" الأميركية بقيمة 5.2 مليار دولار، وستجهز الطائرات بمنظومات إسرائيلية متطورة وتحسينات تتيح لها الطيران لفترة طويلة.

شرخ يتعمق ودولة تضعف

الغضب العارم في إسرائيل على قرار إقالة غالانت سببه التوقيت، باعتبار أن إسرائيل تمر بأخطر فترة في تاريخها، وقد ألمح إلى ذلك غالانت خلال لقائه قيادة الأركان قبل مغادرة وزارته حين قال إن "إسرائيل تخوض حرباً صعبة للغاية على سبع جبهات، وقد تكون طويلة جداً، من طهران وحتى غزة".

وسعى غالانت قبل مغادرته هيئة الأركان إلى ترك بصمة نجاحه في هذه الحرب، على رغم ما قد يواجهه بعد تشكيل لجنة التحقيق الرسمية من تهم وتحمّل مسؤولية إخفاقات السابع من أكتوبر 2023، إذ اعتبر أنه "بعد أكثر من عام من الحرب نجحت إسرائيل في تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط، من غزة إلى طهران ومن الحديدة إلى الضاحية"، وحذر من ازدياد التحديات الأمنية بصورة كبيرة ملمحاً إلى إطالة الحرب.

وخلال تطرقه إلى هذا الجانب أكد غالانت ضرورة اتخاذ القرارات العسكرية وتجنيد القوى القادرة على مواجهة التحديات، وهو في ذلك يشير إلى وزير الأمن المقبل، فهو بحسب ما يرى الإسرائيليون، أن نتنياهو سيكون المسؤول المشرف على الأرض، ولكن رسمياً سيتولى المنصب يسرائيل كاتس الذي لا يملك أية خبرة عسكرية، بل إن ولاءه لنتنياهو سيجعل القرارات المتعلقة في الحرب على مختلف الجبهات أسهل وأسرع بما لا يقبل التأويل، فغالانت كان صدامياً تجاه نتنياهو واختلف معه على قرارات عدة وتحدى سلطته مرات عدة، أحياناً علناً وأحياناً خلف الكواليس، وكان دوره البارز والداعم لصفقة الأسرى على عكس موقف نتنياهو، كما أسهم أيضاً في إثارة الاحتجاجات الفورية التي عكست تعميق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي.

وكما يرى سياسيون وخبراء فإن سلوك كاتس السياسي سيجعله مطيعاً لأوامر نتنياهو، وهذا ما عمّق الجدل أكثر بعد إقالة غالانت، في كيفية العمل من أجل وقف القتال في غزة وضمان إعادة الأسرى.

ويزداد الخوف مع الإعلان عن احتمال إقالة رئيس أركان الجيش هرتسي هليفي ورئيس "شاباك" رونين بار، على رغم نفي مكتب نتنياهو نيته إقالتهما، لكن المؤسسة العسكرية تخشى خطوة كهذه من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بسير الحرب وأمن إسرائيل، وفق ما تسرب من اجتماعات داخلية في المؤسسة العسكرية بعد إقالة غالانت، ولا يستبعد أمنيون انعكاس الإقالات بصورة مباشرة على الجيش، مما يسهم في تقويض الانضباط أيضاً بين الضباط.

وفي المقابل أعرب الخبير العسكري نير دفوري، بعد تلقيه اتصالات هاتفية من ضباط وجنود احتياط داخل الجيش، عن قلقه من الفترة المقبلة، وما قد يحدث إذا ما نفذ هؤلاء ما يخططون له.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات