Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئاسة ترمب خطر على الاقتصاد البريطاني

يكتب أندرو غرايس قائلاً إن المملكة المتحدة قد تصبح ضحية جانبية للتهديد الذي يمثله دونالد ترمب للتجارة العالمية، والخوف من هذا الاحتمال ليس آخر المخاوف التي تؤرق حكومتها

هل تنجو حكومة بريطانيا من مواجهة مع إدارة ترمب في فصول الحرب التجارية المرتقبة (رويترز، غيتي)

ملخص

هل تهدد سياسة ترمب التجارية اقتصاد المملكة المتحدة أم يكون بريكست خشبة خلاص لندن في فصول الحرب التجارية الأوروبية - الأميركية المقبلة؟

ما الذي سيكون أكبر شواغل كير ستارمر وهو يفكر في رئاسة دونالد ترمب الثانية؟ حتى وقت قريب كان مصير أوكرانيا على رأس قائمة المخاوف التي تنتاب حكومة المملكة المتحدة، نظراً إلى احتمال أن يحاول ترمب من جانب واحد إنهاء الحرب – وليس بالضرورة بشروط مواتية لأوكرانيا.

ومع ذلك يتضح الآن لحكومة المملكة المتحدة أن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المئة على الواردات من الصين و10 أو 20 في المئة على الواردات من كل بلد آخر، بما في ذلك المملكة المتحدة، يمكن أن يلحق أضراراً جسيمة بالاقتصاد البريطاني. ذلك أن ثمة مخاوف متزايدة من أن تتضرر بشدة تجارة المملكة المتحدة مع أكبر سوق تصدير منفردة لها – الولايات المتحدة.

قد تعاني بريطانيا أيضاً أضراراً جانبية تترتب على الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين، في ضوء أثر الحرب هذه في سلاسل الإمداد. وتتظاهر وزارة المالية بأن الأمور تسير على ما يرام، إذ تلمح إلى أن الحكومة ستحاول إقناع ترمب بالعدول عن الإضرار بشريك تربطه به علاقات تعاون وطيدة وتذكيره بأن الحرب التجارية العالمية ستكون سيئة للجميع. ويأمل بعض المسؤولين في أن يكون تهديد ترمب ورقة مساومة لحمل الصين على خفض إعاناتها الحكومية، هم يشيرون إلى أنه في ولايته الأولى لم يفعل كل ما قال إنه سيفعله.

ومع ذلك تشعر وزارة الأعمال والتجارة بقلق وتتعرض إلى ضغوط متزايدة من قادة قطاع الأعمال لكي تبادر إلى خطوة، ربما عن طريق فرض رسوم جمركية انتقامية على الواردات الأميركية. ذلك أن الاتحاد الأوروبي، ثالث أكبر كتلة تجارية في العالم إلى جانب الولايات المتحدة والصين، يعد العدة لإجراءات انتقامية [رد وتصد]. أحد الخيارات المتاحة لستارمر هو التمسك بتحرر المملكة المتحدة بعد بريكست [من قيود الكتلة الأوروبية] من طريق الوقوف موقف الحياد، بالنظر إلى أن ترمب لا يحب الاتحاد الأوروبي. لكن أعلام قطاع الصناعة البريطانية تخشى من أن "العلاقة الخاصة" التي يجري الترويج لها كثيراً لن يعتد بها [لن تكون وازنة]، إذا كان الرئيس الجديد يخوض حرباً تجارية عدوانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى ذلك أظهرت التقديرات في موازنة الأسبوع الماضي بالفعل أن معدل النمو في المملكة المتحدة سجل مستوى أدنى من المتوقع بعد اندفاعة أولية استمرت لسنتين، ولا يقترب المستوى المقدر من نسبة الـ2.5 في المئة التي يريدها ستارمر. وإذا تراجع معدل النمو نتيجة لرسوم ترمب الجمركية، قد تنهار حسابات الموازنة التي أعدتها راشيل ريفز. ذلك أن الوزيرة لا تملك بالفعل سوى هامش صغير تاريخياً في ضوء قواعد المالية العامة المعدلة التي تعتمدها، لذلك قد يترتب على مثل هذه الانتكاسة فرض مزيد من الضرائب (تصر ريفز على أنها لا تريدها) أو تشدد أكثر صرامة في الإنفاق العام قد يقوض وعدها "بعدم العودة للتقشف".

سيعاني ستارمر مشاغل أخرى، كيف سيتعامل ترمب الذي لا يقدم شيئاً من دون مقابل مع العلاقات الخاصة مع المملكة المتحدة؟ إلى أي مدى يمكن أن تكون العلاقة خاصة في وقت يخشى بعض الدبلوماسيين الآن أن يعيد ترمب أميركا لموقف انعزالي شبيه بموقفها السابق للحرب العالمية الثانية؟

صحيح أن لديه روابط عائلية ببريطانيا ويحب عائلتها المالكة، لذلك يملك ستارمر أوراقاً تفاوضية. كان هو وديفيد لامي، وزير الخارجية، يعلمان أن ولاية ثانية لترمب من المرجح أن تحل حتى عندما كانا يتمنيان خلاف ذلك. لقد عملا بجد لبناء الجسور مع ترمب وكبار الجمهوريين، وتواصل لامي مع جي دي فانس النائب المقبل للرئيس.

على رغم ذلك، سيشعر لامي بعدم الارتياح اليوم. لن يعرف أبداً ما إذا كان ترمب، الرجل الذي لا يمكن توقع ردود أفعاله، سيتذكر فجأة انتقادات لامي اللاذعة السابقة له إذا ناسبه أن يفعل، ألم يصفه لامي ذات مرة بأنه "عنصري على غرار الأعضاء في كو كلوكس كلان" و"متعاطف مع النازية" و"كاره للنساء"؟

ومع ذلك، كان لامي حاضراً في عشاء ضم ستارمر إلى ترمب في برج ترمب في سبتمبر (أيلول)، عندما قيل إن الرئيس المقبل قال لرئيس الوزراء: "أنت ليبرالي، لذلك لن نتفق على الدوام لكن يمكننا العمل معاً". وفي ما يتعلق بحلف شمال الأطلسي، يمكن لستارمر أن يتملق ترمب بإبلاغه أنه أصاب حين قال إن البلدان الأوروبية يجب أن تتحمل مزيداً من تكاليفها الأمنية بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة.

موقف المملكة المتحدة جيد ويمكن لستارمر أن يفوز بإعجاب ترمب من خلال وضع جدول زمني لزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعتقد حلفاء ستارمر أن الشكوى من "تدخل" حزب العمال في الانتخابات الأميركية من خلال مساعدة الديمقراطيين كانت عاصفة في فنجان ستطوى صفحتها الآن.

ومع ذلك فإن ستارمر وترمب على طرفي نقيض: الأول ملتزم بالقانون الدولي والمؤسسات المتعددة الأقطاب، والثاني من المرجح أن يكون منفلت العقال في ولاية ثانية وأخيرة. هذه المرة سيضم فريقه مزيداً من الأشخاص الذين يشاركونه نظرته للعالم مقارنة بفريقه في ولايته الأولى، وقد يشكل إيلون ماسك عائقاً أمام علاقة جيدة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

لقد اختلف ماسك مع ستارمر ويميل إلى تولي دور في إدارة ترمب، وحتى من دون منصب سيكون صوته مؤثراً في أذن الرئيس المقبل. في المقابل، إلى أي حد يستطيع ستارمر، مثلاً، إقناع الرئيس الأميركي إذا ناشده عدم إعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة إيران؟ قد تؤدي اضطرابات إضافية في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط، في ضربة اقتصادية أخرى لن تكون المملكة المتحدة محصنة منها.

ثم هناك مشكلات غير متوقعة، عندما يدين سياسيو حزب العمال تصرفات ترمب المثيرة للجدل أو تصريحاته الشائنة، لا بد أن يحدث ذلك. سيتعين على ستارمر البقاء على الحياد والارتقاء إلى مستوى شعاره المتمثل في "إعطاء البلاد الأولوية على الحزب"، بينما يحاول إنجاح علاقته الشخصية.

شيء واحد فقط يمكن توقعه من ترمب: سيكون التعامل معه كابوساً، كابوساً أصبح الآن حقيقة مؤلمة.

© The Independent

اقرأ المزيد