Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فسائل قليلة قد تدفع المجاعة... غزة تستنبت العيش

غرس شجيرات الخضروات وسط الخيام طريق السكان للنجاة من الهلاك بعد أن دمرت إسرائيل ثلثي الأراضي الزراعية في القطاع

ملخص

ثمة مبادرات فردية تحاول إنقاذ غزة من الجوع، لكن هل ستنجح الزراعة الفردية في توفير الغذاء لكل سكان القطاع؟

بيديها الناعمتين تتحسس أبرار أوراق نبتة الملوخية التي بدأت تتمدد، تبتسم وتنظر بتمعن إلى السيقان الخضراء. تشعر الفتاة بالأمل ويغلب عليها شعور الإصرار، وتقول "أستعد لقطفها علها تسد جوع عائلتي التي لا تجد طعاماً في ظل الحرب".

تركض أبرار بخفة نحو خيمتها الصغيرة داخل غزة وتحضر دلواً به ماء، تغمر يدها فيه وتأخذ غرفة تسكبها على سيقان الملوخية، بينما تضيف "يعيش سكان غزة مجاعة قاسية، لا يتوافر في القطاع أي نوع من الخضراوات والطعام، نعتمد على المعلبات، لذلك قررت ممارسة نشاط الزراعة".

بين الخيام

لم تنَم جذور الملوخية ضمن مساحة الأراضي الخصبة في قطاع غزة والمخصصة لزراعة الخضراوات، وإنما ترعرعت بين خيام النازحين، إذ حاولت أبرار تنفيذ مبادرة فردية لزراعة الخضراوات السريعة النمو برفقة مجموعة من النازحين الذين فقدوا بيوتهم. وفي هذه الخطوة تحاول الفتاة توفير طعام للنازحين وسد جوعهم، وعملت على ترويج مبادرتها لتنتشر في جميع أنحاء قطاع غزة.

 

تحمل أبرار دلو الماء وتسير بين الخيام، تسقي جميع النباتات التي غرستها بين ممرات مركز الإيواء، وتوضح  أن "الجيش الإسرائيلي دمر أثناء اجتياح القطاع جميع الأراضي الزراعية، وفي الوقت نفسه يرفض دخول الخضراوات إلى غزة. من دون تفكير وجدت أن الحل هو زراعة الممرات بين خيام النازحين بالخضراوات".

وتسببت الهجمات الإسرائيلية وعمليات التوغل البري للآليات العسكرية الثقيلة في تدمير وتجريف الأراضي الزراعية، مما حرم سكان غزة من أكبر مصدر للغذاء، إذ كان المواطنون يعتمدون في القطاع على المزروعات المحلية في طعامهم، وكان لديهم اكتفاء ذاتي، لكن بسبب الحرب تغيرت المعادلة.

تدمير الزراعة

لم يبقَ في غزة شجر ولا زرع، ففقدت الأراضي الخصبة مميزاتها بسبب المتفجرات والعمليات العسكرية وأضحت جرداء، ودمر الجيش منطقة بيت لاهيا ووادي غزة وأراضي خان يونس ورفح، مما أدى إلى انخفاض حاد في الإنتاج الغذائي داخل القطاع.

وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، فإن الجيش الإسرائيلي مارس تدميراً ممنهجاً وواسعاً للأراضي الزراعية في غزة، إذ قضى على ثلثي المساحة، أكثر من 77 في المئة، مما أدى إلى فقدان أحد مصادر الغذاء، فقد حولت إسرائيل الطعام إلى أداة حرب.

 

من جديد بدأ سكان غزة الاقتراب من المجاعة، إذ ترفض إسرائيل السماح للبضائع التجارية بدخول القطاع، وكذلك تقيد تدفق المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، ولا تسمح بتوريد أصناف الغذاء والخضراوات والفاكهة، مما ينطبق على شمال غزة أو منطقة الحرب، وجنوب القطاع أو المنطقة الإنسانية.

تعليق الـ"فاو"

لا تفهم أبرار في الزراعة، وليست لديها خبرة سابقة في هذا المجال، لكن الفتاة تؤكد أن المبادرة تسعى إلى النهوض بالمنتج الزراعي لتوفير نوع غذائي بديل من المساعدات الغذائية التي بغالبيتها معلبات فول وبازلاء وفاصولياء، وهي لا تسمن ولا تغني من جوع، على حد قولها.

نجحت فكرة أبرار، وعلى غرارها ينتظر قاسم بفارغ الصبر جني محاصيل نبتة الثوم التي زرعها أيضاً بين ممرات الخيام، ويقول "انقطع الثوم فترة طويلة من السوق، ووصل ثمن الكيلوغرام منه إلى 70 دولاراً وهذا مبلغ خيالي، فقررت زراعته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما ساعده في نجاح التجربة أن لديه خبرة زراعية، وهنا يشير الشاب إلى أن الزراعة المنزلية أو بين الخيام باتت محط اهتمام كثير من النازحين الذين تركوا أراضيهم فاتخذوا من مخيمات النزوح تربة خصبة لزراعة أشتال زراعية تكفي سلتهم الغذائية بدلاً من تناول المعلبات والبقوليات التي سببت سوء تغذية لعدد كبير منهم.

بحسب وزارة الزراعة في غزة، فإن أنشطة الزراعة الرسمية انتهت من القطاع وبات يعتمد على المبادرات الفردية، ويؤكد الممثل الإقليمي لـ"فاو" عبدالحكيم الواعر أن "الزراعة في غزة دخلت بالفعل مرحلة الانهيار التام"، مضيفاً أن "كل الناس في غزة تقريباً تحولوا إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية، نظراً إلى عدم تمكن أي من المنتجين والمزارعين من الإنتاج المحلي، مما أدى إلى حالات كثيرة من سوء التغذية وآثار وخيمة وأمراض مزمنة للأطفال خصوصاً".

لن تنهي المجاعة

ووفقاً لبيانات وزارة الزراعة، فإنه جرى تسجيل 300 مبادرة خاضت تجربة الزراعة المنزلية أو الفردية من دون أية خبرات أو تجارب زراعية سابقة، ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد أبو عودة إن "500 دونم تم استصلاحها في الفترة الأخيرة وزراعتها بالخضراوات"، مردفاً أن "هذه المساحات توفر كميات شحيحة من الخضراوات في الأسواق وبأسعار باهظة وجودة متدنية، بسبب الظروف غير المثالية في عمليات الإنتاج الزراعي، فالمبادرات الشبابية تقف غالباً وراء عمليات استصلاح الأراضي، لكن هذه التجارب لن تنهي المجاعة أبداً".

 

وعن طريق إعادة تدوير محصول تالف أصابه الجفاف، قررت مروة تأسيس مشتل صغير وإنتاج شتلات من الفلفل والباذنجان، وتوضح أن "مشروع زراعة الأرض يعيد علاقتنا كغزيين بأرضنا من خلال حرثها والاهتمام بالنباتات".

لكن مروة تواجه مشكلة تأمين الشتلات وانقطاع المياه، وتقول "قررت في ظل الجوع الذي يعانيه أهالي غزة تقديم مبادرة من منطلق تخصصي لزراعة البيوت وأماكن الإيواء لكي ننتج غذاءنا بأنفسنا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات