Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مؤسسة تنبأت بانتصار ساحق لترمب... فكيف حققت ذلك؟

يكشف المستشار السابق لتيريزا ماي كيف أن الاستراتيجيات المختلفة التي اتبعتها شركته ساهمت في تحقيق النجاح في توقع الفوز الكبير الذي حققه ترمب في الانتخابات الرئاسية

بهجة مؤيدي ترمب أثناء إعلان "فوكس نيوز" عن فوز مرشحهم (أ ب)

ملخص

كيف حققنا النجاح؟ ببساطة لم نكتف بنهج واحد في التواصل مع الناخبين بل استخدمنا أساليب متنوعة ساعدتنا في الوصول إلى نتائج أكثر دقة وتجنب الأخطاء الشائعة التي تقع فيها الاستطلاعات التقليدية.

يوم الأربعاء الذي سبق الانتخابات كنت في ديترويت. وبعد أن أمضيت أشهراً من العمل على إجراء مقابلات وتنظيم مجموعات تركيز وإعداد استطلاعات، طرحت سؤالي الأخير على أحد الناخبين.

أجريت حينها حديثاً مع شيري وهي أم عزباء سوداء البشرة لها من العمر 31 عاماً. وكانت صوتت لمصلحة هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، ومن ثم اختارت عدم المشاركة في انتخابات 2020، ولا تزال تشعر بالتردد حيال انتخابات 2024. وعلى امتداد المقابلة التي استمرت 90 دقيقة، شاركتني شيري مخاوفها المتنوعة، بدءاً بشخصية دونالد ترمب الذي وصفته بـ"العدائي جداً" ومروراً بكامالا هاريس التي اعتبرتها ذات "سلوك زائف". أما مسألة الحدود فقالت إنها "وصمة عار حقيقية"، في حين أعربت عن قلقها على تعليم ابنتها قائلة "لا أريد لابنتي أن تضطر للقلق حول مشاركة حمام مع فتى" [في إشارة إلى المتحولين جنسياً]. وفي شأن الاقتصاد شعرت بأنها "عالقة في دوامة لا مخرج منها".

ومع أن شيري لم تصوت يوماً للحزب الجمهوري قالت لي حين ضغطت عليها لمعرفة تفضيلها إنها تميل للتصويت لدونالد ترمب. والسبب الأساسي؟ الاقتصاد. فقد شعرت ببساطة بأنها كانت أفضل حالاً خلال إدارة ترمب مقارنة مع ما تعيشه تحت إدارة بايدن. ومن ثم فقد شعرت أن الرئيس السابق هو أكثر صدقية من هاريس، وقالت "قد يكون دونالد ترمب ذئباً لكنه صريح في هذا الشأن. أما كامالا فهي ذئبة بملابس نعجة".

والحال أن شيري كواحدة من كل ثلاثة ناخبين من الأقليات العرقية مثلها دعمت ترمب الثلاثاء الماضي، وهو ما مكنه من تحقيق أفضل نتيجة يصل إليها أي مرشح جمهوري بين الناخبين من غير البيض منذ عقود.

وصحيح أنها كانت مجرد مقابلة، لكن ذلك الحديث مع شيري كان من اللحظات التي تترك أثراً عميقاً.

ولا شك في أن هذا الحديث جعلني أشعر بارتياح أكبر تجاه كيفية تنظيمنا للاستطلاعات وإطلاقنا للتوقعات في مرحلة ما قبل الانتخابات. فاستطلاعنا النهائي توقع تقدم ترمب بفارق ثلاث نقاط في التصويت الشعبي، وهو أكبر فارق توقعته يوماً أية جهة منظمة للاستطلاعات. وكنا من بين قلة قليلة ممن تنبؤوا بفوز ترمب المحتم في الانتخابات الوطنية. وكان التقدم الذي أظهرته توقعاتنا النهائية لهذا الأخير أكبر بكثير مما توقعته أية جهة أخرى منظمة للاستطلاعات الانتخابية. ومن ثم كنا السباقين في التأكيد أن ترمب سيفوز خلال الانتخابات الرئاسية، وقد فعلنا ذلك منذ الـ24 من سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى مدار 25 يوماً من أصل الأيام الـ30 الأخيرة السابقة للانتخابات، تنبأت بأن يحصل ترمب على ما بين 312 مقابل 226 صوتاً لمنافسته. وعندما ارتفعت حظوظ هاريس صباح الثلاثاء الماضي بدت شركة الاستطلاعات التي أديرها في موقف ضعيف وعرضة للنقد بسبب موقفها المختلف عن الآخرين.

لكن سرعان ما تبدد ذلك القلق. وكانت شركة "جيه أل بارتنرز" JL Partners أكثر الشركات دقة في تنظيم استطلاعات الرأي ووضع النماذج، وليس فقط على مستوى البلاد بل عالمياً. وخير إثبات على ذلك أن شركات كثيرة إما أنها فشلت أو رفضت دعم نتيجة محددة، أو توقعت فوز هاريس لتكون شهادة حية على تميز الفريق الرائع الذي أعمل معه أنا وشريكي في التأسيس الدكتور توم لوبوك كل يوم.

كيف حققنا النجاح؟ ببساطة لم نكتف بنهج واحد في التواصل مع الناخبين، بل اعتمدنا مزيجاً من الأساليب المتنوعة. فأظهرت أبحاثنا أن الاستطلاعات التي تقتصر على المكالمات الهاتفية تمنح وزناً مبالغاً للأشخاص الذين يخصصون وقتاً للتحدث عبر الهاتف، وغالباً ما يكونون وفق إحصاءاتنا من النساء المسنات ذوات البشرة البيضاء والتوجهات الليبرالية. وكانت هذه تحديداً نقطة الضعف في استطلاع آن سيلتزر الذي توقع فوز هاريس في ولاية أيوا بفارق ثلاث نقاط (بينما انتهى الأمر بفوز ترمب هناك بفارق 13 نقطة).

أما الاستطلاعات التي تعتمد حصراً على الإنترنت فتبالغ في تقدير عدد الأشخاص المنتمين إلى الفئات النموذجية. فتركز على شريحة واسعة من الأشخاص المثقفين الأكثر التزاماً بقضايا المجتمع والأكثر شباباً ممن يعملون من المنزل، ويكون الاحتمال كبيراً بأن تصوت هذه الفئات لمصلحة الديمقراطيين.

وبدلاً من الاعتماد على طريقة واحدة للوصول إلى الناخبين اعتمدنا نهجاً متعدد الأساليب باستخدام خوارزمية داخلية. فاستخدمنا مزيجاً من وسائل التواصل المباشر عبر الاتصال بالناس على هواتفهم المحمولة، وإجراء مكالمات هاتفية على الخطوط الثابتة وتوجيه الرسائل النصية إلى شبكات مختارة، واعتماد المنصات الإلكترونية على الإنترنت إضافة إلى إدراج استطلاعات الرأي في تطبيقات الألعاب. ووصل كل أسلوب تواصلي إلى فئة مختلفة من المقترعين. على سبيل المثال، كانت الاستطلاعات في الألعاب تحفز الناس على المشاركة من خلال منحهم نقاطاً إضافية مما جذب فئة الشباب الذكور غير البيض. وأظهرت النتائج أن 30 في المئة من الناخبين غير البيض دعموا ترمب وهو ما يتماشى مع النتائج النهائية للانتخابات.

ومن ثم، نجحنا في استقطاب المصوتين لترمب الذي يصعب الوصول إليهم ممن لا يثقون بالاستطلاعات أو لا يملكون الوقت لملئها، وذلك عبر الاجتماع بهم بشروط تناسب حياتهم اليومية.

وكذلك، اتخذنا مبادرات جريئة وحاسمة متى تعلق الأمر بتركيبة نماذجنا. فعلى سبيل المثال بقيت استطلاعاتنا تشير إلى وجود عدد كبير من الأشخاص ممن امتنعوا عن التصويت خلال انتخابات 2016 و2020. وفي استطلاعنا الأخير، كان عددهم كبيراً جداً ووصلت نسبتهم إلى 17 في المئة. وتشمل هذه العينة في معظمها سكان المناطق الريفية الذين صوتوا بصورة كبيرة لمصلحة ترمب بفارق 20 نقطة.

بيد أن شركات أخرى قللت من شأن هذه الأرقام ولم تعطها الأهمية التي تستحقها، مفترضة أنه لا يمكن لها أن تكون حقيقية. أما نحن فلم نشكك فيها ولم نتردد بل اعتمدنا على البيانات، حتى عندما كانت مخالفة لما كنا نسلم به جدلاً. فكان قرارنا صائباً بدليل أن ارتفاعاً كبيراً في أعداد الناخبين – وبخاصة في المناطق الريفية – ساعد ترمب بصورة كبيرة، فكانت هذه الفئة السكانية أكثر من خدم مصلحته.

وعندما انضمت هاريس إلى السباق الانتخابي اتخذنا قراراً آخر وهو ألا نمنحها أية ميزة لمجرد أن حزبها هو الحاكم، كما فعلت غالبية نماذج التوقعات الأخرى. وتعرضنا للانتقادات جراء ذلك لكنه كان قراراً صائباً، إذ إن إضافة هذه الميزة كانت ستزيد احتمالات فوز هاريس بنحو خمس نقاط.

ويذكر في هذا السياق أنه لم يكن من المفترض أن يشكل الأمر مفاجأة بالنسبة إلى واضعي النماذج، لأن هاريس لم تكن هي من يتولى الحكم. ومثلما أطيح عدد من القادة حول العالم منذ عام 2020 وبفارق كبير في النقاط خلال السباقات الانتخابية، أظهرت استطلاعاتنا أن بايدن الرئيس الحالي كان يؤثر سلباً في حظوظ كامالا هاريس الانتخابية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن ثم، اكتسبنا دروساً ثمينة من تجربتنا في الانتخابات العامة البريطانية التي جرت خلال وقت سابق من هذا العام، إذ كنا هناك أيضاً من بين شركات الاستطلاعات الأكثر دقة خلال تلك الفترة.

وفي سياق متصل، عندما يقول ناخب إنه لا يعرف لمن سيصوت يكتفي منظمو الاستطلاعات في معظمهم بإزالته من العينة فوراً. لكننا في استطلاعنا اعتمدنا نموذجاً أكثر تطوراً يستند بصورة كبيرة إلى البيانات السكانية وإلى إجابات أخرى قدمها المشاركون في استطلاعنا، وهو ما مكننا من توقع مواقفهم الانتخابية. فعلى سبيل المثال إذا أشار أحد المشاركين إلى أنه غير متأكد من مرشحه لكنه يرى أن أداء ترمب في مجال الاقتصاد كان الأفضل، فسنصنفه ضمن الناخبين الذين قرروا التصويت لمصلحة ترمب.

وهذا ما حصل تحديداً في الانتخابات العامة البريطانية، حيث كشف استطلاعنا عن تقدم حزب "العمال" بأقل مما افترضته شركات استطلاعات أخرى، مما جعل مقاربتنا أكثر قرباً من النتيجة النهائية.

صحيح أن هذه القرارات قد تبدو بعيدة من الموضوعية وهذا صحيح إلى حد ما. فمع أن تنظيم الاستطلاعات يعد من العلوم لكنه يتطلب أيضاً اتخاذ قرارات دقيقة حول كيفية تناول قضايا مثل ميل الناخبين نحو الفريق الحاكم، وطبيعة النماذج والعينات إضافة إلى كيفية التعامل مع الناخبين المترددين.

وبالنسبة إلينا يكمن الفرق في أننا لم نتخذ هذه القرارات بالاستناد إلى حكمة المعلقين أو إلى حدسنا الشخصي. فبعد أن أجرينا على مدى عامين مئات المقابلات مع الناخبين وجهاً لوجه ولمدة 90 دقيقة، كنا واثقين من أن قراراتنا تستند إلى الصورة الحقيقية.

وكذلك كانت هذه المقابلات المطولة محورية لفهم الدوافع التي حثت الناخبين من غير البيض على تغيير رأيهم والتصويت لمصلحة ترمب. ذلك أن محادثة قصيرة لا تكفي لكشف نياتهم الانتخابية الحقيقية، لأن هؤلاء الناخبين يميلون في البداية إلى دعم هاريس إلا أنهم يعلنون في النهاية أنهم سيمنحون أصواتهم لترمب، بعد أن يوضحوا رؤيتهم الشاملة حول الاقتصاد والسياسات الحدودية والقيم الأسرية.

قد تكون شيري مجرد ناخبة واحدة، لكن محادثاتنا مع أشخاص مثلها ربطت تحليلاتنا بواقع هذه الانتخابات.

وفي سياق استطلاعاتي تحدثت إلى قارئة غيب في نورث كارولاينا وجبت هضاب الرمل في نيفادا مع ناخب متردد وجلست لمدة ساعتين مع أحد المتعرين في أيوا. وغالباً ما سألت نفسي عما كنت أفعله. لكن الجمع بين المهارات الإحصائية المتطورة ووقت قضيناه ميدانياً مع مواطنين أميركيين عاديين خولنا تحقيق النجاح حيث فشل الآخرون. ونحن لم نكن منصاعين إلى أي منحى فكري جماعي، بل بقينا متشبثين بقيمنا وتوقعنا النتيجة الصحيحة.

جيمس جونسون منظم استطلاعات في مدينة نيويورك، وعمل سابقاً مستشاراً لرئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي. وهو شريك تأسيس شركة الاستطلاعات "جيه أل بارتنرز".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات