Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تغازل حلفاء أميركا لمقاومة سياسة ترمب الحمائية

عروض استثمار من بكين لجذب شركاء الولايات المتحدة في أوروبا وآسيا

تهدد وعود ترمب بفرض رسوم جمركية على واردات الصين نموذج النمو الذي يروج له الزعيم الصيني شي جينبينغ (رويترز)

ملخص

من المرجح أن يكون القادة الأوروبيون حذرين من العروض الصينية ومترددين في اتخاذ أي مواقف قد تعمق الانقسامات

مع تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بإلحاق الأذى بالاقتصاد الصيني من خلال إغلاق السوق الأميركية أمام البضائع الصينية تبحث بكين عن طرق لانتزاع حلفاء واشنطن رداً على ذلك.

في حين تهدد وعود حملة ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 في المئة على الواردات من الصين نموذج النمو الذي يروج له الزعيم الصيني شي جينبينغ، وهو النموذج الذي يركز على زيادة التصنيع وتصدير البلاد للخروج من الركود الاقتصادي، فإن تعويض الأثر المحتمل على الاقتصاد الصيني المتذبذب بالفعل، استدعى من القيادة الصينية دراسة خطط لتقديم تخفيضات في الرسوم الجمركية وإعفاءات من التأشيرات واستثمارات صينية وحوافز أخرى لحلفاء أميركا في أوروبا وآسيا، وفقاً لأشخاص مقربين من صانعي القرار في بكين.

ويقول هؤلاء إن الصين على استعداد للحوار مع واشنطن بمجرد تشكيل فريق ترمب الجديد، لكنها أيضاً تسعى إلى الاستفادة من الفرصة لإغراء شركاء أميركا التقليديين من أجل كسب الوقت وتعزيز موقفها في المنافسة المتصاعدة مع الولايات المتحدة.

"الانفتاح الأحادي" في الدوائر السياسية الصينية

تواجه بكين صعوبة كبيرة في تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح، إذ صار الاتحاد الأوروبي أكثر تشدداً في مواقفه تجاه الصين في السنوات الأخيرة، في ظل غضب أوروبي بسبب دعم بكين للحرب الروسية في أوكرانيا، وهو ما تعده أوروبا تهديداً أمنياً وجودياً يعقد الأمور، علاوة على أن حلفاء الولايات المتحدة في آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين، أصبحوا أكثر حذراً تجاه جارهم المتزايد في التسلط.

وفي الأشهر الأخيرة ألغت الصين متطلبات التأشيرات للمسافرين من نحو 10 دولة، بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا والدنمارك وفنلندا وكوريا الجنوبية، من دون اشتراط الرد بالمثل فوراً.

وتعد هذه الاستراتيجية، التي يطلق عليها اسم "الانفتاح الأحادي" في الدوائر السياسية الصينية، تغييراً تكتيكياً بالنسبة لقيادة كثيراً ما فضلت الصفقات الاقتصادية والدبلوماسية القائمة على "الندية".

الصين تتجه إلى خفض الرسوم الجمركية

وفي اجتماعاته الأخيرة مع قادة الأعمال الغربيين، أشار مسؤول الاقتصاد في حكومة شي، هي ليفنغ، إلى أن بكين تدرس "خفض الرسوم الجمركية بصورة استباقية" في عديد من القطاعات من أجل تعزيز الاستثمارات الأجنبية والتجارة مع أوروبا ودول آسيوية أخرى، وفقاً للمصادر المقربة من صانعي القرار.

وتشمل القطاعات التي تستهدفها الصين في خططها تقنيات الأجهزة الكهربائية والاتصالات، إضافة إلى المأكولات البحرية ومنتجات زراعية أخرى، بحسب الدول التي تركز عليها بكين.

ومن المرجح أن يكون القادة الأوروبيون حذرين من العروض الصينية ومترددين في اتخاذ أي مواقف قد تعمق الانقسامات التي يخشون بالفعل من حدوثها مع إدارة ترمب. وقال المسؤولون الأوروبيون منذ فترة طويلة إن بكين لم تفِ بالتزاماتها التجارية السابقة، فيما هم قلقون من أن زيادة الوصول إلى الأسواق قد تكون ستاراً لشركات صينية لسرقة التكنولوجيا الأوروبية.

وفي معرض تجاري كبير في شنغهاي الثلاثاء الماضي، قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ إن الصين ستسعى إلى تحقيق الانفتاح الأحادي لتقديم فرص للأجانب للوصول إلى السوق الصينية.

ويعكس تغير نهج بكين التحديات التي تتوقعها في التعامل مع ترمب، الذي شكلت سنواته الأربع الأولى في البيت الأبيض سياسة واشنطن تجاه الصين من طريق استبدال سياسة الدخول التي استمرت لعقود بتوجه أكثر تصادمية، إذ أضرت الحرب التجارية واسعة النطاق في فترة ترمب الأولى بصورة كبيرة بالعلاقات الثنائية.

وأرسل شي رسالة تهنئة لترمب الخميس الماضي، لكنه أطلق أيضاً تحذيراً غير مباشر للإدارة المقبلة في شأن الدخول في صراعات اقتصادية جديدة مع الصين، وقال "تخبرنا التجربة أن كلا البلدين سيستفيدان من التعاون ويخسران من المواجهة".

ومن خلال استراتيجية الانفتاح الجديدة، يأمل المسؤولون أن تستفيد بكين من المخاوف في أوروبا وآسيا من أن ترمب سيعيد إحياء الخطاب العدائي تجاه حلفاء الولايات المتحدة الذي استخدمه خلال فترة رئاسته الأولى، ففي حملته الانتخابية في وقت مبكر من هذا العام، قال ترمب إنه سيشجع روسيا على مهاجمة دول حلف شمال الأطلسي التي لا تدفع بما يكفي في التحالف، وهي تصريحات أثارت القلق عبر أوروبا.

بكين ومحاولة تفريق حلفاء أميركا

ومن خلال المبادرة يقول المسؤولون، "تعتزم الصين زيادة الضغط على الولايات المتحدة ومحاولة تفريق حلفائها، وتحتاج بصورة ماسة إلى تنويع أسواقها بعيداً من أميركا التي قد تحاول عزلها. وعلى رغم أنها حققت تقدماً في العالم النامي، فإن الوصول الأكبر إلى الأسواق الأوروبية أو الآسيوية قد يكون له تأثير أكبر".

ويرى القادة الصينيون فرصة للصين في عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وبحسب الأشخاص المقربين من صانعي القرار في بكين، يعتقدون أن ترمب هو مفاوض غير ثابت يمكن أن يسبب مزيداً من الاضطرابات السياسية والاجتماعية في أميركا، ويدفع حلفاء بايدن الذين تمكن من كسبهم بعيداً، مما قد يساعد بكين في إعادة بناء علاقاتها مع الأوروبيين وآخرين.

وعندما بدأ ترمب في فرض الرسوم الجمركية على الصين في بداية عام 2018 لإجبار بكين على تغيير ممارساتها الاقتصادية التي تعتمد على الدولة، ردت الصين بالمثل في كل مرة، معتقدة أن رجل الأعمال الذي تحول إلى رئيس سيتراجع في النهاية.

تبع ذلك تصعيد متبادل، وانتهت الرسوم الأميركية على واردات السلع الصينية إلى مضاعفتها أربع مرات من 3 في المئة إلى 12 في المئة في المتوسط خلال فترة ترمب الأولى.

ومع ذلك استفاد المصدرون الصينيون من الطلب القوي في السوق الأميركية خلال جائحة "كوفيد-19"، حينما منح المستهلكين الأميركيين أموالاً مباشرة من الحكومة، وعندما جعلت العملة الصينية الضعيفة للغاية المنتجات الصينية أرخص في الأسواق الخارجية.

وتعد الصادرات الصينية مدفوعة بأجندة شي التي تركز على التصنيع، واحدة من قليل من النقاط المضيئة في الاقتصاد الصيني في الوقت الحالي، وهذا يعني أنه إذا نفذ ترمب تعهداته في شأن الرسوم الجمركية، فإن تأثيرها في الاقتصاد الصيني من المرجح أن يكون أكبر بكثير مما كان عليه خلال فترة ولايته الأولى.

ويقول بعض الاستراتيجيين الجمهوريين إنه بمجرد أداء اليمين الدستورية من المرجح أن يبدأ ترمب في الوفاء بتعهداته بفرض الرسوم الجمركية، مع التركيز على فشل الصين في الوفاء بصورة كاملة بما يسمى اتفاق التجارة المرحلة الأولى الموقع بين واشنطن وبكين عام 2020، والذي كان يتطلب من الصين زيادة مشترياتها من السلع والخدمات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار على مدار عامين، ووفقاً للاتفاق، يحق للولايات المتحدة رفع الرسوم الجمركية على الصين بسبب عدم الامتثال.

الإغراءات الصينية لأوروبا

وأظهر تقرير حديث صادر عن شركة "غافيكال دراجونوميكس" للأبحاث الاقتصادية أن الصادرات الصينية ارتفعت بنسبة 60 في المئة، وأن حصة الصين من الصادرات العالمية أصبحت أعلى بمقدار نقطتين مئويتين مقارنة بعام 2017، قبل أن تفرض إدارة ترمب الأولى الرسوم الجمركية.

ويقدر الاقتصادي لدى "ماكنزي" لاري هو أن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية بنسبة 60 في المئة قد تؤدي إلى خفض نمو الاقتصاد الصيني بمقدار نقطتين مئويتين في الأشهر الـ12 التي تلي تطبيق الرسوم، مضيفاً "الحرب التجارية 2 قد تنهي نموذج النمو المستمر في الصين الذي كان يعتمد بصورة رئيسة على الصادرات والتصنيع".

وفي وقت سابق من هذا العام حاول المسؤولون التجاريون الصينيون بصورة يائسة إقناع الاتحاد الأوروبي بالتراجع عن فرض الرسوم على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، ومع ذلك، رفع الاتحاد الأوروبي هذا الخريف الرسوم إلى ما يصل إلى 45.3 في المئة، وهي أقوى تدبير تجاري اتخذته في الآونة الأخيرة.

من جانبها عرضت بكين مزيجاً من الإغراءات والتهديدات للكتلة المكونة من 27 دولة في محاولة لصد هذه الرسوم، بما في ذلك احتمال استثمارات جديدة وتهديد بفرض رسوم على السلع الأوروبية.

أشار كل من بكين وبروكسل إلى أنهما سيستمران في التفاوض لمحاولة إيجاد بديل للرسوم الجمركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعد الروابط الاقتصادية بين أوروبا والولايات المتحدة أمراً حيوياً، إذ تبلغ قيمة صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة أكثر من ضعف قيمة صادراتها إلى الصين. ومع ذلك، قد توفر العروض الصينية لزيادة الوصول إلى الأسواق بعض النفوذ للكتلة الأوروبية في المفاوضات التجارية الصعبة التي من المتوقع أن تجريها مع فريق ترمب.

ولإغراء قادة أوروبا، قد تقدم الصين بعض الإغراءات الطفيفة، مثل إنهاء التحقيقات التجارية التي أطلقت العام الماضي ضد واردات منتجات الألبان واللحوم الأوروبية، وفرض الرسوم الموقتة على "البراندي" الأوروبي، وتشمل الخطوات الأخرى إمكانية تسهيل الوصول إلى أسواق المشتريات الصينية وتعهدات بزيادة الاستثمار في الدول الأوروبية.

لكن أي وعود من الصين بزيادة الاستثمار في الكتلة الأوروبية قد تعرض إلى خلق انقسامات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بحسب ما قالت رئيسة برنامج العلاقات الخارجية في معهد "ميركاتور لدراسات الصين" أبيغيل فاسيلييه لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وأضافت فاسيلييه أن النقاط الرئيسة التي يريدها الاتحاد الأوروبي من الصين تشمل اتخاذ تدابير فعالة للحد من تدفق المنتجات منخفضة الكلفة إلى السوق الأوروبية، وإنهاء دعم الصين لروسيا. وفي ما يتعلق بهاتين النقطتين قالت، "لا تمتلك الصين، في هذه المرحلة، القدرة على الاستجابة".

اقرأ المزيد