ملخص
يعزو المحللون تراجع المبيعات إلى الزيادة في مخزونات المساكن غير المبيعة، التي تواصل الضغط على المطورين الذين يلجأون إلى خفض الأسعار لجذب المشترين وتقليل المخزون
توقعت ثلاثة مراكز أبحاث هذا الشهر ألا يبدأ القطاع العقاري المتعثر في الصين في التعافي حتى النصف الثاني من العام المقبل، حتى مع أحدث تدابير التحفيز.
فبعد أشهر من التدابير التدرجية، ترأس الرئيس الصيني شي جينبينغ في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي اجتماعاً رفيع المستوى، تعهد خلاله بـ"وقف تراجع سوق العقارات".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدمت وزارة المالية الصينية مزيداً من التدابير الهادفة إلى استقرار القطاع العقاري.
وقال محللو بنك "غولدمان ساكس" في ملاحظة بتاريخ الـ22 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعنوان آفاق العقارات في الصين 2025، "نحن أخيراً في نقطة تحول في الانحدار المستمر في سوق الإسكان مدعومة بحزمة تخفيف شاملة ومنسقة"، مضيفين "هذه المرة تختلف عن التدابير السابقة التي كانت جزئية".
ويتوقع المحللون أن تستقر أسعار العقارات في الصين في أواخر عام 2025، وأن ترتفع اثنين في المئة في العامين التاليين.
ومن غير المحتمل أن تستقر مبيعات العقارات وبناء المنازل الجديدة حتى عام 2027، وفقاً لتوقعات "غولدمان".
وتوقعت وكالتي التصنيف "إس أند بي غلوبال ريتنغز" و"مورغان ستانلي" هذا الشهر، أن يصل سوق العقارات في الصين إلى أدنى مستوياته في النصف الثاني من عام 2025.
المطورون مثقلون بالديون في الصين
وقال مدير "إس أند بي غلوبال ريتينغز" إدوارد تشان وفريقه في ملاحظة بتاريخ الـ17 من أكتوبر الجاري، "إذا استمرت الحكومة في إعطاء الأولوية لدعم تمويل المطورين وتقليص المخزون، فإننا نعتقد أن مبيعات العقارات والأسعار يمكن أن تستقر نحو النصف الثاني من عام 2025"، لكنهم في الوقت نفسه حذروا من أن السياسات ستحتاج إلى بعض الوقت لتظهر آثارها.
من جانبها أوضحت بكين أن الجهود لدعم قطاع العقارات المتعثر تأتي في المرتبة الثانية بعد هدفها في تعزيز التصنيع المتقدم كمصدر جديد للنمو، لكن هذا ليس بالأمر السهل، إذ كان العقار يمثل أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي، مع روابط وثيقة بين ثروات الأسر ومالية الحكومات المحلية، وأن المطورين المثقلين بالديون في الصين يواجهون صعوبات متزايدة في تسليم المنازل التي بيعت مسبقاً، مما يثبط معنويات المستهلكين.
لا عودة لأيام الطفرة
وقال المحللون إن استقرار سوق العقارات في الصين لا يعني عودة كاملة لأيام الازدهار، إذ تشير التوقعات إلى أن أي انتعاش في مبيعات المنازل وعمليات البناء الجديدة سيظل محدوداً في السنوات المقبلة.
من جانبها تتوقع وكالة "إس أند بي غلوبال" أن تنخفض مبيعات العقارات في الصين إلى نحو 9 تريليونات يوان (1.25 تريليون دولار) أو أقل هذا العام، قبل أن تتراجع أكثر إلى ما يصل إلى 8 تريليونات يوان (تريليون دولار) في عام 2025، أي أقل من نصف مستوى مبيعات 18 تريليون يوان (2.5 تريليون دولار) المسجل في عام 2021.
ويعزو المحللون تراجع المبيعات إلى الزيادة في مخزونات المساكن غير المبيعة، التي تواصل الضغط على المطورين الذين يلجأون إلى خفض الأسعار لجذب المشترين وتقليل المخزون.
وفي سبتمبر الماضي انخفضت مبيعات أكبر 100 مطور عقاري في الصين 37.7 في المئة على أساس سنوي، وهو أكبر انخفاض منذ أبريل (نيسان) الماضي من هذا العام، وفقاً لوكالة "إس أند بي غلوبال " التي استندت إلى بيانات من معلومات العقارات في الصين.
ولم يكن هذا الانخفاض مجرد تراجع لشهر واحد، بل انخفضت المبيعات 36.6 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من العام مقارنة بالعام السابق.
وتدهور المبيعات يؤثر بصورة أكبر على سيولة المطورين، مما يؤدي إلى "انعدام الثقة" واعتبار المطورين "نهجاً حذراً" تجاه الاستحواذ على الأراضي وبدء مشاريع جديدة، وفقاً لتحليلات الوكالة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وانخفض عدد المشاريع الجديدة للبناء 42 في المئة في عام 2023 مقارنة بذروته في عام 2019، وتراجع 23 في المئة إضافي على أساس سنوي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، وفقاً لتحليل "إس آن بي غلوبال" للبيانات الرسمية من المكتب الوطني للإحصاء.
ويترقب المحللون اجتماع البرلمان الصيني الأسبوع المقبل للحصول على أي تفاصيل حول الإنفاق المالي لتقليل المخزون السكني.
وتتوقع تقديرات "غولدمان ساكس" أن تحتاج الحكومة إلى تقديم 8 تريليونات يوان (1.12 تريليون دولار) من الإنفاق المالي، وهو ما لم يعلن بعد.
في حين حذر محللو "غولدمان" من أنه من دون مثل هذا التحفيز، قد يستمر تراجع سوق العقارات لثلاث سنوات أخرى".
وقالوا إن مثل هذا الدعم سيحتاج إلى معالجة قضايا سيولة المطورين، وتقليل المخزون من المساكن غير المبيعة، وضمان تسليم المنازل التي بيعت مسبقاً، ولكن لم تكتمل بعد.
وعادة ما تباع المنازل في الصين قبل اكتمالها، وأثبت هذا النموذج التجاري عدم استدامته بعد أن شددت بكين القيود على اعتماد المطورين على الديون للنمو، وتراجعت طلبات المشترين مع تباطؤ النمو الاقتصادي.
من جانبها قدرت "نومورا" في أواخر العام الماضي أن نحو 20 مليون منزل بيعت مسبقاً لا تزال غير مكتملة.
قائمة الانتظار
وفي الشهر الماضي أشارت السلطات إلى أن نحو 4 ملايين منزل اكتملت، وسلمت للمشترين بموجب برنامج قائمة الانتظار لهذا العام، والتزمت بتسريع الدعم المالي.
وفي يونيو (حزيران) الماضي وحتى قبل إعلان أحدث تدابير التحفيز، كانت "مورغان ستانلي" تتوقع أن يؤدي تقليص المخزون إلى "انتعاش في طلب قروض العقارات في أواخر 2025 أو 2026".
ويتوقع المحللون وفقاً لـ"سي أن بي سي" أن نحو 30 في المئة من المخزون غير المبيع لن يباع أبداً، مما يتطلب من البنوك أو كيانات غير محددة تحمل الكلفة.
وكانت انخفضت مبيعات العقارات في 22 مدينة رئيسة بنحو أربعة في المئة في أكتوبر الجاري، وهو ما يعد تراجعاً أقل بكثير من الانخفاض الذي تجاوز 25 في المئة في سبتمبر 2024، وفقاً لأكاديمية الصين "إندكس"، وهي شركة أبحاث عقارية.
هناك مزيد مما يتعين القيام به
ويواصل المحللون التعبير عن حذرهم في شأن فعالية إجراءات التحفيز في قطاع العقارات في الصين، ووفقاً لمحللي "بنك غولدمان ساكس"، فإن الدعم المقدم حتى الآن كان غير كاف وواجه تحديات تنفيذ كبيرة، مما قد يفشل في إيقاف الانخفاض المستمر في سوق الإسكان. وحذروا من أنه إذا لم تتحسن الإجراءات السياسية، فإن أسعار العقارات قد تنخفض 20 في المئة إلى 25 في المئة أخرى، وتعد إحدى القلائل من التدابير المستهدفة التي أعلنت لمعالجة قضايا المخزون، هي تعهد بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) بتخصيص 300 مليار يوان (42 مليار دولار) لتمويل القروض لمؤسسات الدولة.
ويهدف هذا البرنامج إلى تمكين هذه المؤسسات من شراء المنازل المكتملة غير المباعة، وتحويلها إلى إسكان ميسور الكلفة، ومع ذلك أشار محللو مؤسسة أس أند بي غلوبال إلى أن هذه التدابير تغطي فقط نسبة صغيرة (4-6 في المئة) من إجمالي المخزون السكني المكتمل.
علاوة على ذلك أفاد محللو مورغان ستانلي بأن المناقشات الأخيرة مع البنوك في مقاطعة تشجيانغ (إحدى المناطق الأكثر ثراء في الصين)، كشفت عن أن هذه البنوك لم تشارك بعد في برنامج الحكومة الهادف إلى تمديد القروض لشراء مخزون الإسكان، في وقت يثير هذا الافتقار إلى المشاركة مزيداً من القلق في شأن تأثير وجهود الحكومة لاستقرار سوق العقارات.