ملخص
تعد بادية "السخنة" أبرز الأمكنة التي تحولت هدفاً لـ"داعش"، لموقعها المهم، بخاصة أنها على مقربة من خمس محافظات سورية، هي حلب ودير الزور وحمص والرقة وحماة. وتتبع لناحية "السخنة" قرية الكوم، التي تعد مصدر قوة ودعم لمسلحي "داعش"، تليها منطقة جبل البشري في دير الزور والرصافة قرب الرقة.
تعاود مجموعات فلول تنظيم "داعش" هجماتها المتلاحقة على بادية "السخنة" مستخدمة الرشاشات والأسلحة المتوسطة في حرب استنزاف لم تتوقف منذ دحره في شهر مارس (آذار) عام 2019 وحتى اليوم.
خسائر
وهاجم التنظيم الإرهابي، أخيراً، نقاطاً عسكرية لقوات النظام السوري، في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، في بادية "السخنة" المتاخمة لريف حمص، وسط البلاد.
كما نفذت المقاتلات الحربية الروسية غارات جوية عدة على مواقع لـ"داعش" وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، وتركزت الضربات على مناطق أم سيول وجبل الضاحك وروض الوحش، على بعد كيلومترات عدة من مدينة "السخنة" باتجاه جبل العمور.
ووثق المرصد مقتل 586 شخصاً خلال العمليات العسكرية ضمن البادية السورية، بينهم 50 من أفراد "داعش"، ومن بينهم 24 مسلحاً قتلوا بقصف جوي روسي، والبقية على يد قوات النظام ورعاة المواشي.
ولقي، في الوقت ذاته، 478 من قوات النظام، والفصائل الموالية لها مصرعها، ومن ضمنها 42 من الفصائل الموالية لإيران من الجنسية السورية في عمليات عسكرية غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص، كما قتل 58 مدنياً بينهم طفلان وسيدة بهجمات "داعش" على البادية.
"السخنة" وساحة القتال
في غضون ذلك، تحدث قائد لواء "القدس" محمد السعيد عن "اشتباكات دارت في ريف حلب الغربي، في موازاة هجوم بالمسيرات أسفرت عن إصابة تسعة عناصر، بينهم خمسة من لواء القدس وأربعة من الفرقة 30 التابعة لجيش النظام".
أضاف "آخر التطورات خسارة تكبدها لواء القدس، الأسبوع الماضي، نتج عنها مصرع اثنين من أفراد اللواء وإصابة 14 آخرين. في المقابل، قتل عدد من مسلحي داعش، ودمّرت آليتان تابعتان له ومصادرة أخرى وُجد بداخلها أسلحة وذخيرة، ومعدات طبية وأجهزة اتصالات".
وتتوخى قوات النظام الحذر في حملة واسعة النطاق لاستهداف "داعش" عبر بادية "السخنة"، وبمساندة من الطيران الروسي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ثغرات ميدانية
في الأثناء، يعول ممن تبقى من أفراد تنظيم "داعش" على انشغال دمشق بالتصعيد الإسرائيلي الأخير لا سيما على الجبهة الجنوبية من جهة الجولان. ويرى مراقبون أن التنظيم الإرهابي يسعى إلى تكثيف هجماته لاستغلال انشغال الفصائل الموالية لإيران، ولا سيما "حزب الله" في حرب لبنان.
وتعد بادية "السخنة" أبرز الأمكنة التي تحولت هدفاً لـ"داعش"، لموقعها المهم، بخاصة أنها على مقربة من خمس محافظات سورية هي حلب ودير الزور وحمص والرقة وحماة. وتتبع لناحية "السخنة" قرية الكوم، التي تعد مصدر قوة ودعم لمسلحي "داعش"، تليها منطقة جبل البشري في دير الزور والرصافة قرب الرقة.
ضربات جوية
وكان نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا أوليغ إيفناسيوك أعلن، في وقت سابق، شنّ ضربات جوية مع بداية الحملة العسكرية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووفق كلام له في مؤتمر صحافي أشار إلى ضرب تجمعين لمسلحين خرجوا من منطقة التنف، أو ما تسمى منطقة الـ (55) كيلومتراً الحدودية بين الأردن والعراق. في إشارة إلى وصولهم من مناطق خاضعة لنفوذ القوات الأميركية.
والجدير ذكره أن سكان "السخنة" المقيمين والرعاة يعانون الأمرين من مسلحي "داعش"، في ظل استمرار هجماتهم بخاصة في مواسم محددة مثل جمع نبات الكمأة، الذي يظهر في البادية بكثرة مع بداية كل موسم، إضافة إلى فرض ضرائب وكسب الغنائم جراء نصب المكامن، كمصادر دخل بعد انهيار النظام المالي للتنظيم.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وصول العدد الإجمالي لمسلحي "داعش" في سوريا والعراق إلى نحو 10 آلاف في عام 2022. ويقدر عدد مسلحيه في منطقتي السخنة والكوم والبشري بما يزيد على 3 آلاف.
وتسعى قوات النظام وحلفاؤها إلى خوض حرب جزئية في البادية، الهدف منها تأمين طرق إمداد خاصة، ولا سيما طريق دمشق - دير الزور، وطريق الرصافة - أثريا، مما يترك لـ"داعش" آلاف الكيلومترات في المساحات الجغرافية البعيدة.
المكانة الاستراتيجية
وإن كانت البادية السورية تمتد بين 40 و60 في المئة تقريباً من مساحة سوريا بما يقارب 74 ألف كيلومتر مربع، فإن بادية "السخنة" تعد أكبر منطقة مأهولة بالسكان بعد بادية تدمر على امتداد البادية السورية، وتكتسب "السخنة" أهميتها لقربها من الطريق الدولي الواصل بين دمشق جنوباً إلى دير الزور شرقاً، وتتقاطع مع طرق عدة تصل إلى أرياف محافظات عدة مثل حلب وحمص والرقة وحماة.
كذلك تتوزع حقول للنفط والغاز في محيطها، ومن أبرزها حقل "الهيل" النفطي الذي يحتل المرتبة الثانية من جهة الإنتاج بعد إعادة السيطرة عليه وانتزاعه من "داعش" في يوليو (تموز) عام 2017 ويبعد 40 كيلومتراً من تدمر.
ومعلوم أن "السخنة" كانت مسرحاً لعمليات "داعش"، والخط الدفاعي الأول، مما يفسر وجود أكبر عدد من مسلحيه في هذه البقعة.
ويعتمد التنظيم الإرهابي على هجماته الخاطفة ونصب المكامن وحرب العصابات، مستهدفاً المركبات المدنية والعسكرية وصهاريج النفط والغاز وإرباك قوات النظام والجماعات الحليفة لها.