Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ناخبو كشمير يترقبون تحقيق وعد "المؤتمر الوطني" باستعادة هوية الإقليم

حقق الحزب نجاحاً باهراً في انتخابات مجلس الولاية على رغم العقبات البيروقراطية

موقف حزب المؤتمر الوطني الواضح ضد إلغاء الوضع الخاص جذب الناخبين إليه (أ ف ب)

ملخص

تضمن البرنامج الانتخابي لـ"المؤتمر الوطني" المؤلف من 44 صفحة، وعداً باستعادة الوضع الخاص لجامو وكشمير حال وصوله إلى السلطة، وتمرير قرار من مجلس الولاية ضد القرارات المتخذة بعد عام 2019. هذه الوعود كانت تترجم آمال الشعب الكشميري لذا جذب الناخبين إليها.

أدى زعيم "المؤتمر الوطني" عمر عبدالله الذي أصبح رئيساً للوزراء للمرة الثانية الشهر الماضي، اليمين الدستورية بعد انتهاء العملية الانتخابية في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير.

وقد شارك في مراسم أداء الدستور اليميني زعيم المعارضة في مجلس النواب راهول غاندي ورئيس حزب ساماجوادي أخيليش ياداف برفقة قادة آخرين من تحالف المعارضة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

بدأ رئيس وزراء كشمير الهندية عمر عبدالله وهو ينحدر من عائلة سياسية عريقة، إذ كان جده أول رئيس وزراء منتخب لإقليم، كما شغل والده أيضاً منصب كبير وزراء كشمير، حياته السياسية في عام 1998 عن عمر يناهز 28 سنة فقط عندما تم انتخابه عضواً في مجلس النواب من مدينة سريناجار، وأعيد انتخابه مرة أخرى في العام التالي ليصبح جزءاً من حكومة "التجمع الوطني الديمقراطي" بقيادة رئيس الوزراء آنذاك أتال بيهاري فاجبايي.

وشغل عبدالله منصب وزير الدولة للتجارة والصناعة أولاً، ثم أصبح وزير الدولة للشؤون الخارجية في الحكومة نفسها، إلا أنه استقال من الوزارة عام 2002 بعد أن أصبح رئيساً لحزب "المؤتمر الوطني" الذي ينتمي إليه.

وفي عام 2002 عندما تولى عمر عبدالله قيادة الحزب، واجه الحزب هزيمة في انتخابات مجلس الولاية التي أجريت في ذلك العام، إذ تقلص عدد مقاعده من 57 إلى 28 مقعداً فقط، كما خسر عمر مقعده أيضاً واضطر لأن يجلس في المعارضة.

ووصل عمر عبدالله إلى مجلس النواب للمرة الثالثة في الانتخابات البرلمانية عام 2004، لكن أداء الحزب الانتخابي لم يتحسن في الأعوام المقبلة على رغم مشاركته في الحكومة تارة والجلوس في مقاعد المعارضة تارة أخرى. واستمر هذا النمط المتدني إلى أن تم اعتقال عمر عبدالله كغيره من القادة السياسيين في كشمير عقب إلغاء الوضع الخاص للإقليم من قبل حكومة مودي في أغسطس (آب) 2019.

وخلافاً للتوقعات، خسر عمر عبدالله مقعده في انتخابات مجلس النواب هذا العام أمام المهندس رشيد بفارق 200 ألف صوت قبيل انتخابات مجلس الولاية، التي أصبح على إثرها عمر عبدالله رئيس وزراء الولاية.

وينفرد عبدالله بين رفاقه الساسة في كشمير بأنه أجرى مناقشات مباشرة حول قضية كشمير مع رئيس باكستان برويز مشرف. كان هذا اللقاء تجديداً للحوار المتبادل بين الطرفين الذي بدأ بميثاق لاهور لتتبعه فترة جمود إثر حرب كارجيل والانقلاب العسكري ضد حكومة نواز شريف إلى أن تقلد مانموهن سينغ السلطة في الهند وأحيا المحادثات الثنائية مرة أخرى.

كيف ينظر المؤتمر الوطني لقضية كشمير؟

يعتبر "المؤتمر الوطني" الأقدم من بين الأحزاب الإقليمية والسياسية في جميع ولايات الهند الذي لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة، ويُطلق عليه أيضاً اسم "الحزب الكبير القديم" لكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، إذ تأسس قبل نحو 15 عاماً من تقسيم الهند.

ومن غير المستغرب أن الرؤية السياسية الأساسية لحزب "المؤتمر الوطن" هي المطالبة بـ "الحكم الذاتي" لكشمير الخاضعة للإدارة الهندية. تاريخياً، تم ضم كشمير الخاضعة للإدارة الهندية إلى نيودلهي عند تقسيم المنطقة عام 1947 وفق شروط "وثيقة الانضمام" التي نصت على أن الحكومة المركزية ستتولى الشؤون الخارجية والدفاع والاتصالات فقط، بينما تتمتع كشمير بالحكم الذاتي الكامل في جميع المجالات الأخرى.

واستمر العمل على بنود الوثيقة إلى عام 1953 عندما تمت الإطاحة بحكومة الشيخ عبدالله (جد عمر عبدالله) واعتقاله، ومنذ ذلك الحين تم تقويض الحكم الذاتي لكشمير الخاضعة للإدارة الهندية مرحلياً، إذ تم إلغاء منصب رئيس الوزراء واستبداله بكبير الوزراء عام 1956 حتى إلغاء الحكم الذاتي والوضع الخاص بشكل كامل في الخامس من أغسطس 2019.

وفي يونيو (حزيران) عام 2000 عندما كان فاروق عبدالله (والد عمر عبدالله) كبير وزراء الولاية، أصدر المؤتمر الوطني "قرار الحكم الذاتي" المكون من 14 نقطة في الجمعية التشريعية لكشمير والذي طالب باستعادة الحكم الذاتي للمنطقة ومنصبي رئيس الوزراء ورئيس الولاية، لكن حكومة فاجباي رفضت هذا القرار مستدلة بأن الولايات التي اندمجت مع الهند عند تقسيم المنطقة سلمت بعض صلاحياتها للحكومة المركزية وتم إلغاء مناصب رئيس الوزراء، لذا لا يمكن العمل بهذا القرار. ومن الجدير بالذكر أن عمر عبدالله كان في ذلك الوقت جزءاً من حكومة فاجباي لكنه لم يكن عضواً في مجلس الوزراء، ويمكن أيضاً اعتبار هذا القرار من مجلس الولاية بمثابة "دخول ثوري" في سياسة عمر عبدالله.

ويرى "المؤتمر الوطني" أن الطريقة الوحيدة للحد من التوتر بين الهند التي تعتبر كشمير "جزءاً لا يتجزأ" منها وباكستان التي تسمي المنطقة "الحبل الوريد لباكستان"، هي أن يمنح كلا البلدين الحكم الذاتي لكشمير الخاضعة لإدارتهما إضافة إلى تعزيز التجارة على الخط الفاصل واندماج سكان المنطقة على جانبي الحدود.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اكتساح على رغم العقبات

برز "المؤتمر الوطني" في انتخابات الولاية كأكبر حزب بحصوله على 42 مقعداً، علاوة على المرشحين المستقلين المنتمين للحزب الذين اضطروا إلى خوض الانتخابات كمستقلين لعدم حصولهم على التذاكر الحزبية بسبب تعديلات بيروقراطية في تقسيم المقاعد على المناطق الجغرافية. ويبلغ عدد المرشحين الفائزين من الحزب 48، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1996 التي يتمكن فيها حزب من تشكيل حكومة في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية من دون الحاجة إلى تحالفات.

وحقق الحزب هذه الأعداد على رغم أن أجهزة الدولة والبيروقراطية كانت تحت سيطرة حزب بهاراتيا جاناتا بالكامل على مدى الأعوام الستة الماضية، كما أن تكافؤ الفرص بالنسبة لأحزاب المعارضة في الولاية لم يكن ما يتمتع به حزب بهاراتيا جاناتا. وعلى رغم كل هذه العقبات إلا أن أداء "المؤتمر الوطني" كان هائلاً وبلغت نسبة فوزه أكثر من 80 في المئة.

فما الذي وعد به الحزب الشعب الكشميري؟ وماذا يأمل الناخبون من الإدارة الجديدة؟

وفي حديث لوسائل الإعلام بعد نتائج الانتخابات عبر سوريندرا تشودري من "المؤتمر الوطني" الذي كسب الانتخابات ضد رئيس ولاية حزب بهاراتيا جاناتا رافيندر راينا، عن الغالبية الواضحة للمؤتمر الوطني بأنها استفتاء ضد قرار حزب بهاراتيا جاناتا بتجريد المادة 370 والوضع الخاص للإقليم.

وخلافاً لمزاعم حزب بهاراتيا جاناتا بشأن التنمية والرخاء، فقد صوت شعب كشمير الخاضع للإدارة الهندية في الانتخابات التشريعية الأخيرة لـ"المؤتمر الوطني" على وعد استعادة هوية كشمير الخاضعة للإدارة الهندية.

ومن الواضح أن الشعب الكشميري أيد موقف "المؤتمر الوطني" من خلال إعطائه غالبية واضحة، إذ بادر الحزب قبل الانتخابات إلى تقديم بيان سياسي يتعلق بما أسماه "كرامة الشعب الكشميري"، وقد تضمن البرنامج الانتخابي لـ"المؤتمر الوطني" المؤلف من 44 صفحة، وعداً باستعادة الوضع الخاص لجامو وكشمير حال وصوله إلى السلطة، وتمرير قرار من مجلس الولاية ضد القرارات المتخذة بعد عام 2019. هذه الوعود كانت تترجم آمال الشعب الكشميري لذا جذب الناخبون إليها.

وعلى رغم أن "الحزب الديمقراطي" أيضاً اتخذ موقفاً تجاه الوضع الخاص للإقليم، إلا أنه لم يكن موقفاً واضحاً، إضافة إلى أن الحزب كوّن تحالفاً مع حزب بهاراتيا جاناتا عام 2014 لذا تقلص عدد مقاعده إلى ثلاثة مقاعد فقط. وعلى نفس القياس، فإن حزب كانغرس اتخذ موقفاً من استعادة الوضع الإقليمي لكشمير، لكنه لم يذكر الوضع الخاص للإقليم لذا لم ينجح الحزب في كسب أصوات الناس.

تحديات الإدارة الجديدة

يواجه كشمير الهندية وضع استثنائي، إذ إن جزءاً كبيراً من موازنتها يعتمد على المنح المقدمة من الحكومة المركزية التي قد تختلف أولوياتها بشأن مشاريع التنمية مع أولويات حكومة الولاية، لا سيما أن حزب بهارتيا جاناتا الذي ألغى الحكم الذاتي والوضع الخاص، لا يزال يدير الحكومة المركزية.

وقد قدم رئيس وزراء دلهي السابق المعارض لحكومة مودي خبرته لعمر عبدالله ساخراً، إذ قال أثناء خطاب خلال تجمع حاشد "إذا واجه (عمر عبدالله) صعوبات في إدارة نصف الولاية فيجب ألا يتردد في التواصل معي (كيجريوال) لأن لدي الخبرة في كيفية إدارة نصف الولاية".

التحدي الأول أمام عمر عبدالله هو التحدي الاقتصادي، إذ يجب اتخاذ إجراءات لتقليل العجز المالي في الموازنة المقبلة، لكن الوضع الحالي للإقليم المجرد من الاستقلال المالي وجني الإيرادات، يجعل الأمر أكثر تعقيداً للحكومة. ونظراً لأن الحكومة المركزية لديها سيطرة أكبر على الموظفين الحكوميين في الإقليم بعد إلغاء الوضع الخاص، فإننا سنستمر في مشاهدة خلافات وصراعات بين الحكومتين حول تعيين ونقل الموظفين.

ويمكن تجاوز الكثير من هذه المشكلات إذا تمت استعادة الوضع الإقليمي لكشمير على الأقل في الأيام المقبلة. لكن هل سيكون ذلك سهلاً في وقت قامت حكومة مودي بزيادة صلاحيات نائب حاكم كشمير الخاضعة للإدارة الهندية في جلسة الموازنة الأخيرة بطريقة مريبة؟

وتعد البطالة أيضاً مشكلة رئيسة في الإقليم، إذ يبلغ معدل البطالة الوطني 3.2 في المئة، بينما تصل النسبة في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية إلى 4.4 وفقاً للمسح الدوري السنوي للقوى العاملة 2022-2023.

من ناحية أخرى، حصل عمر عبدالله على وعد باستعادة الوضع الخاص لكشمير الخاضعة للإدارة الهندية. سيكون من المثير للاهتمام للغاية في الأيام المقبلة أن نرى كيف سيعترك إدارته الجديدة مع الحكومة المركزية لإيفاء الوعد ويدير شؤون الإقليم في الوقت ذاته.

نقلاً عن "اندبندنت أوردو"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير