ملخص
على رغم إنكار ترمب لتغير المناخ فإن علاقته بإيلون ماسك قد تؤثر في توجهاته البيئية، إذ يدعم الأخير التوجهات الصديقة للبيئة
بعد عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، هل سيضطر الكوكب إلى دفع الثمن؟ وكيف سيتكيف مع الحدث؟
يشتهر الرئيس الأميركي المنتخب بوصفه تغير المناخ على أنه "خدعة"، وصرح خلال سبتمبر (أيلول) الماضي في خضم الدمار ووقوع الضحايا جراء الإعصار هيلين بأنه "إحدى أكبر الخدع المضللة".
بعد قبوله الترشيح للرئاسة خلال مؤتمر الحزب الجمهوري خلال وقت سابق من الصيف الماضي، أوضح خطته من أجل خفض فواتير الطاقة، فقال وسط تصفيق جماهيري "سوف نحفر وننقب يا عزيزي، سنحفر وننقب".
وهاجم ترمب توربينات الهواء مرات عدة كان آخرها على مدونة جو روغان الصوتية حين وصفها بـ"مقابر الطيور". وزعم بأنها "تصاب بالعفن" بعد خمة أعوام. وفي المدونة نفسها، قلل نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس من شأنها باعتبارها "هراء تاماً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل أزيدكم من الشعر بيتاً؟ وعد ترمب بأن يتخلص من قانون تقليص التضخم الذي أقرته إدارة بايدن خلال عام 2022، والذي يقدم دعماً بقيمة مليارات الدولارات لمشاريع الطاقة الشمسية والهوائية في محاولة لتحويل أميركا إلى قوة رائدة في مجال الطاقة الخضراء.
مسكينة اتفاقات باريس لتغير المناخ التي التزم الموقعون عليها بمنع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بأكثر من 1.5 درجة مئوية، مع أنه كشف بداية الأسبوع بأن عام 2024 على وشك أن يصبح أول عام يتخطى تلك الدرجة من الاحترار. فقد سحب ترمب الولايات المتحدة من الاتفاقات خلال ولايته الأولى قبل أن يعود جو بايدن للانضمام إليها. ومن المتوقع أن تستمر لعبة شد الحبل هذه مع كوكب الأرض.
وكل هذا كفيل بجعل أكثر المدافعين البيئيين اعتدالاً ينتحبون. لكن مهلاً، هل نحن فعلاً في حاجة إلى كومة من المناديل المعاد تصنيعها؟ أم أن الحقيقة أكثر تعقيداً (كما هي دائماً) مما تبدو عليه للوهلة الأولى؟
وهي كذلك فعلاً، إلى حد معين. فكروا بداية، في أن الرقم القياسي للتنقيب عن النفط محلياً لم تحققه إدارة ترمب بل إدارة جو بايدن. وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية أنتجت الولايات المتحدة عام 2023 كمية من النفط الخام "أكبر من أي بلد في التاريخ".
لكن ترمب قد يكسر هذا الرقم وبخاصة إذا صوب بوصلة سياسة الطاقة في الولايات المتحدة باتجاه الوقود الأحفوري، وهو ما يبدو أنه عازم على فعله، وداس على القوانين المصممة لحماية البيئة التي يعيش الأميركيون وسطها. فلماذا إذاً قال إيد هيرز الزميل المتخصص في مجال الطاقة في جامعة هيوستن وسط بلاد النفط، لوكالة "رويترز" بأنه لا يعتقد أن رئاسة ترمب ستبطئ التحول الطاقي في البلاد، قائلاً إنه "يجري على قدم وساق"؟
إنها السياسة يا عزيزي، السياسة. ربما يرعد الجمهوريون ويزبدون في الولايات التي تدعمهم ضد القوانين البيئية ويهتفون في مؤتمراتهم ضد هدف الوصول إلى صفر انبعاثات، لكنهم سعيدون إجمالاً بالوظائف التي استحدثها ذلك القانون في قطاع الصناعات التحويلية وبالدعم الذي ينهمر عليهم.
قد لا يكون سحق هذا القانون بالبساطة التي يبدو عليها. لكن ربما يعرقل الرئيس المقبل للعالم الحُر سيره عبر تعقيد الأمور بالنسبة إلى الوكالات التي توزع المنح والقروض بموجب بنوده. وقد تتباطأ عملية منح عقود الإيجار للمساحات العامة من أجل إنشاء مشاريع جديدة للطاقة المتجددة، فيما تهلل شركات النفط الكبرى بسبب إلغاء الضوابط التنظيمية والقوانين وتتطلع نحو تمرير مشاريعها بخفة وسهولة.
ولا يمكن تصوير فوز ترمب سوى أنه خسارة للكوكب نظراً إلى التعهدات التي قطعها في هذا الصدد، ولتاريخه في هذا المجال. لكن الوضع أكثر تعقيداً مما قد يبدو من النظرة الأولى.
من اللافت أن نذكر أنه فيما سجلت الأسهم في أكبر شركات النفط في أميركا مثل "إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" و"شيفرون" أرباحاً، كما حصل مع مختلف مؤشرات الأسهم الأميركية، لم تلامس أياً من هذه الشركات الأداء المذهل الذي حققته "تسلا"، وهي شركة تصنع سيارات لا تسير على الوقود.
فقد سجلت شركة ماسك ومصدر فخره وسعادته أرباحاً من رقمين [10 وما فوق] (بنسب مئوية) خلال جلسة التعاملات المسائية في وول ستريت بعد الانتخابات، مما أضاف مليارات الدولارات إلى قيمتها السوقية، من ثم إلى ثروة رئيسها التنفيذي الذي يدعم ترمب.
ويرجح أن يكون ماسك نفسه الشخص الأول والأوحد القادر على تهدئة بعض أسوأ النزعات البيئية للرئيس المقبل، إذ وصف الرجل نفسه سابقاً بأنه من "أكبر مناصري المناخ" (على ’إكس‘ طبعاً) فيما اعتبر أن الاحترار العالمي "خطر كبير".
صحيح أن بعض تصريحاته في هذا الصدد أثارت الاستياء مثل إنكاره تأثير عمليات الزراعة (في حين أن لها تأثيراً). من المبالغة أن نعتبر ماسك نصيراً لقضايا المناخ والأرجح أن أي ضغط يمارسه في هذا الاتجاه مدفوع بمصلحته الذاتية إلى درجة كبيرة. وما يعنيه تأييد رئيس شركة "تيسلا" لترمب هو أن الحوافز الضريبية التي تمنح للسيارات الكهربائية على سبيل المثال ستبقى قائمة على الأرجح. وقال الأخير سابقاً إنه لن يكون لديه "أي خيار" غير دعم السيارات الكهربائية "لأن إيلون دعمني".
لكن إن كان أي شخص قادراً على إدخال بعض الاعتدال إلى آراء ترمب في هذا الموضوع، فالأرجح أنه هو. هل يكون إيلون ماسك آخر الآمال وأفضلها لكوكب الأرض؟ ربما يصح ذلك.
© The Independent