Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا حملت زيارة المبعوث الأميركي لبورتسودان؟

قدم مقترحات وافق عليها رئيس مجلس السيادة الذي أكد أن الحكومة السودانية أوفت بكل الالتزامات التي قطعتها

تعد هذه الزيارة الأولى لتوم بيرييلو منذ تعيينه مبعوثاً خاصاً للسودان في فبراير الماضي (إعلام مجلس السيادة السوداني)

ملخص

توجه المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو للمرة الأولى إلى البلد الذي يعصف به الصراع سعياً لزيادة تدفق المساعدات إلى ملايين المحتاجين وإنهاء الحرب الطاحنة.

قام المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو، الإثنين، بزيارة قصيرة إلى بورتسودان العاصمة الإدارية الموقتة للبلاد، التقى خلالها قائد رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، ونائبه مالك عقار، إضافة إلى وزير الخارجية علي يوسف وعدد من المسؤولين وممثلين للقوى السياسية والإدارات الأهلية في السودان، وتم البحث في التطورات العسكرية والجهود الدبلوماسية الأميركية لحل الأزمة السودانية.

وبحسب بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة فإن "لقاء البرهان وبيرييلو تناول كل ما يدور في شأن الأزمة الراهنة بخاصة في ما يتعلق بالأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين جراء الاستهداف الممنهج الذي مارسته ميليشيات التمرد في حق المدنيين والنازحين واللاجئين، كما ناقش خريطة الطريق وكيفية إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية ورتق النسيج الاجتماعي، فضلاً عن العملية السياسية كمخرج نهائي لما بعد الحرب".

وأشار البيان إلى أن "المبعوث الأميركي قدم مقترحات في هذا الصدد ووافق عليها رئيس مجلس السيادة، الذي أكد أن الحكومة السودانية أوفت بكل الالتزامات التي قطعتها في شأن فتح المعابر والمطارات من أجل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، فضلاً عن انفتاح الحكومة على كل ما من شأنه إيصال هذه المساعدات للمحتاجين"، مؤكداً في الوقت ذاته على "عدم موافقة حكومة بلاده على استغلال معبر أدري لتوصيل السلاح للتمرد".

وتعد هذه الزيارة الأولى لبيرييلو منذ تعيينه مبعوثاً خاصاً للسودان في فبراير (شباط) الماضي بعد أن تأجلت مرات عدة، والتي سبقتها لقاءات وجولات إقليمية كثيرة قام بها لدول المنطقة المعنية في الشأن السوداني.

فما دلالات وانعكاسات هذه الزيارة على المشهد السوداني بخاصة من ناحية إحداث اختراق يؤدي إلى إحياء جهود إحلال السلام من خلال منبر جدة الذي ترعاه الوساطة السعودية – الأميركية؟

 

أفكار جديدة

علق وزير خارجية السودان السابق إبراهيم طه أيوب بقوله "يبدو أن الإدارة الأميركية الحالية تنوي الاستمرار في قيادة البلاد، كما قال وزير خارجيتها حتى الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2025. ويتضح ذلك من خلال إصرار الرئيس جو بايدن على دعم حلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، ومن هذا المنطلق يسود الاعتقاد بأن واشنطن ستبذل جهدها في لعب دور محوري على الجبهات كافة ومن بينها الجبهة السودانية، وبالتالي يمكن القول إن الولايات المتحدة جادة في إطفاء بعض بؤر التوتر بخاصة في منطقتي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي لأن استمراره قد يفتح الباب أمام التوغل الروسي أو الصيني أو حتى الإيراني".

ورأى أيوب أن المبعوث الأميركي للسودان الذي وافق هذه المرة على لقاء البرهان بمقره في بورتسودان، يحمل أفكاراً جديدة لحل المعضلة السودانية وفق توافق القوى المتحاربة على إيقاف الصراع الدموي والقبول بنسخة جديدة من إعلان جدة. وربما يرى الاستراتيجيون الأميركيون في الخلافات التي طفحت للسطح بين القيادات الإسلامية السودانية، فرصة في إقناع القيادة العسكرية الانسلاخ من قبضة الإسلاميين والقبول بمبدأ التفاوض سبيلاً وحيداً لإنهاء النزاع العسكري الذي طال أمده.

وأردف وزير خارجية السودان السابق "تبقى لإدارة بايدن شهران يمكن له إنجاز ما فشل في إنجازه خلال الأعوام الأربعة الأخيرة بالقدر الذي لا يترك لخلفه الفرصة في إنهاء نزاعات الشرق الأوسط والقرن الأفريقي".

 

وقت ضائع

في السياق، يرى سفير السودان السابق في جنوب أفريقيا أسامة نقد الله، أن زيارة بيرييلو لن تحدث اختراقاً ولن تعيد الطرفين المتحاربين (الجيش و"الدعم السريع") لطاولة المفاوضات في منبر جدة، لأنه يمثل إدارة ستنتهي فترة ولايتها في غضون شهرين أي إنها زيارة تأتي في الوقت الضائع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف نقد الله "هناك حراك دبلوماسي يتمثل باهتمام مجلس الأمن الدولي الذي سيصدر قراراً يدعو الطرفين لوقف إطلاق النار والسماح بمرور مواد الإغاثة الإنسانية وحماية المدنيين، كما هناك قناعة دولية بألا تصبح حرب السودان مأساة منسية، لكن هذا لن يتأتى إلا إذا توافرت إرادة سياسية ورغبة من قبل الطرفين المتقاتلين على وقف الحرب والعودة للتفاوض، وهذا مستبعد حالياً إذ نشهد تصعيداً على كل مسارح العمليات، فلا بد من إرادة دولية لفرض ضغوط على داعمي الطرفين بالسلاح والعتاد الحربي".

ونوه سفير السودان السابق في جنوب أفريقيا إلى أنه لا يرجح أن يكون المبعوث الأميركي للسودان قد حمل لدول الجوار خلال جولته الأخيرة مشروع تسوية لإنهاء الصراع في البلاد.

 

ماء وجه

من جانبه، اعتبر الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء أمين إسماعيل مجذوب زيارة بيرييلو بأنها "محاولة لحفظ ماء وجه الإدارة الديمقراطية الحالية برئاسة جو بايدن وما يمكن تحقيقه في الأيام الأخيرة من عمرها".

وتابع "ظل المبعوث الأميركي الخاص للسودان يطلب لقاء رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في مطار بورتسودان متعللاً بالأوضاع الأمنية وهو أمر غير منطقي، فهذه الإشكاليات كانت تستخدم للضغط على الحكومة السودانية لترضخ للجلوس إلى طاولة المفاوضات التي أجريت أخيراً في جنيف".

واستبعد مجذوب أن يتوصل بيرييلو خلال هذه الزيارة القصيرة التي تستغرق يوماً واحداً لأي حلول تسهم في إنهاء القتال الدائر في البلاد لأكثر من 19 شهراً، فمن غير الممكن حدوث أي نوع من التفاهم حول صيغة مشتركة بخاصة أنه سيلتقي بنحو 14 مسؤولاً سودانياً مما يجعل الأمر صعباً.

وحول الجانب الإنساني قال "لقد تم فتح معبر أدري الواقع على الحدود السودانية - التشادية من جانب الحكومة السودانية، وكل المنافذ الأخرى شرقاً وشمالاً مفتوحة، لكن لا بد أن يصاحب ذلك التزام من جانب ‘الدعم السريع‘ بحماية هذه المعابر، فما يحدث الآن فيه تناقض واضح، إذ إنه لا يمكن أن تطالب بفتح معابر بدارفور وغيرها وتقوم في الوقت نفسه بمهاجمة إحدى المطارات الرئيسة في إيصال الإغاثة للمتضررين".

وأردف الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية "أعتقد أن الأمر معقد ويحتاج لبذل جهود صادقة من قبل الإدارة الأميركية المقبلة لا الحالية التي لم يتبق لها وقت كاف لفعل شيء في هذا الملف".

تصعيد عسكري

تأتي هذه الزيارة في وقت تبادل الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ ساعات الصباح الأولى من الإثنين القصف المدفعي على جبهات عدة في الخرطوم وبحري وأم درمان، فضلاً عن مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور. في حين هاجمت قوات "الدعم السريع" فجر الإثنين بالطائرات المسيرة مطار مدينة عطبرة الدولي، نحو 310 كيلومترات شمال العاصمة الخرطوم، حيث تصدت لها قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش وتم إسقاطها خارج حرم المطار.

وقال بيان صادر عن إعلام ولاية الخرطوم إن "خمسة مدنيين قتلوا وأصيب آخرون في قصف الميليشيات المتمردة للمصلين بمسجد قرية الرشاد شرق الحريزاب بالريف الشمالي لمحلية كرري أثناء صلاة المغرب"، موضحاً أن من بين الجرحى أطفالاً تعرضوا لإصابات بالغة.

وبحسب شهود عيان فإن الجيش السوداني استهدف من قواعده شمال أم درمان مواقع لقوات "الدعم السريع" في مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، فيما قصفت قوات "الدعم السريع" عدداً من المناطق شمال أم درمان، مناطق سيطرة القوات المسلحة.

وفي الأثناء، شهدت مدينة الفاشر قصفاً متبادلاً بين طرفي النزاع منذ فجر الإثنين مما أوقع ضحايا في صفوف المدنيين في الأحياء الشمالية والغربية للمنطقة.

وأشار مواطنون في المدينة إلى استمرار المواجهات المباشرة بين القوتين في المحور الشرقي والجنوبي الشرقي استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة، وقصفت مقاتلات تابعة للجيش السوداني مواقع انتشار قوات "الدعم السريع" في الجزء الشرقي والجنوبي.

ومنذ أسبوعين، تصاعدت العمليات العسكرية بشكل كبير في الفاشر إثر معاودة قوات "الدعم السريع" هجماتها على المدينة في محاولة للسيطرة على آخر معاقل السلطة المركزية في الإقليم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير