Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يحمل تحالف ترمب - ماسك لأميركا؟

مخاوف من أن يصبح مالك "إكس" المعطل الأكبر لمسيرة أكبر اقتصاد في العالم

وصلت القيمة الإجمالية لشركات إيلون ماسك إلى 1.4 تريليون دولار منذ سبتمبر الماضي (أ ف ب)

ملخص

أصبح من الواضح أن دور ماسك في الإدارة الأميركية المقبلة لن يقتصر على التأثير في اختيار أعضائها بحكم علاقته مع الرئيس، أو تحقيق بعض الامتيازات لشركاته وأعمال أصدقائه من رجال الأعمال

على رغم أنه يعرف بتعليقاته الساخرة التي تصل إلى حد الفجاجة أحياناً، والتي قد لا يعيرها كثر اهتماماً فإن انتقاد الملياردير الأميركي إيلون ماسك لواحدة من أهم المقاتلات الأميركية قبل أيام، لفت الانتباه إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه في السياسة الأميركية بصورة عامة خلال الأعوام المقبلة.

ففي تغريدة له على منصة "إكس" المملوكة له تعليقاً على استعراض لسرب من الطائرات المسيرة "درون"، كتب ماسك "في الوقت نفسه لا يزال بعض الحمقى يبنون طائرات مقاتلة مأهولة مثل (أف 35)"، مضيفاً علامة سلة المهملات إلى المنشور في إشارة إلى عدم جدوى إنفاق الأموال على مثل تلك الطائرات التي يزخر بها أسطول سلاح الجو الأميركي.

وعدَّ كثر ذلك مؤشراً إلى ما ينوي الملياردير الذي استحدث له الرئيس المنتخب دونالد ترمب وزارة الكفاءة الحكومية عمله مع الإدارات المهمة مثل وزارة الدفاع التي تصل موازنتها السنوية إلى 800 مليار دولار. والواضح أن دور ماسك في الإدارة الأميركية المقبلة لن يقتصر على التأثير في اختيار أعضائها بحكم علاقته مع الرئيس، أو تحقيق بعض الامتيازات لشركاته وأعمال أصدقائه من رجال الأعمال، بل إن مهمة إعادة هيكلة الحكومة وتقليص الإنفاق ستتيح له القيام بما هو أكثر، ووصفته افتتاحية مجلة "إيكونوميست" بأنه يمكن أن يكون "المعطل الأكبر" في تاريخ الولايات المتحدة، استناداً إلى أنه مثل ترمب يعمد إلى "إثارة الاضطراب" أكثر من التغيير والإصلاح بحسب ما ذكرت المجلة.

تفجير الأوضاع

صحيح أن انتخاب الأميركيين للرئيس السابق يعطيه تفويضاً للتغيير الجذري، فعلى رغم مرونة وقوة الاقتصاد الأميركي فإن معظم قطاعاته من الصناعة إلى أسواق المال وأسواق التكنولوجيا تعاني الإحباط من عدم الكفاءة الحكومية، من ثم تحتاج الإدارة في الولايات المتحدة إلى إصلاح شامل، لكن تحالف أكبر مسؤول سياسي في العالم وهو رئيس الولايات المتحدة مع أغنى شخص في العالم يعني تركز السلطة بصورة غير مسبوقة في يد شخصين "يريدان استخدامه لتفجير الأوضاع والقضاء على البيروقراطية ونسف تقاليد الليبرالية وإلغاء القواعد ولوائح التنظيم باسم النمو".

وتقول افتتاحية المجلة يخشى كثر بالفعل حتى من المليارديرات ورجال الأعمال من خارج دائرة أصدقاء ترمب وماسك من أن هذا التحالف يمكن أن يؤدي إلى بروز "أوليغاركية" فاسدة، وحارقة لكل شيء.

ويختلف ذلك عن تحالف سياسيين مع رجال مال وأعمال، وهو أمر ليس نادر الحدوث قديماً والآن. ففي النصف الأول من القرن الـ19 هيمن جون روكفلر على الاقتصاد الأميركي بعدما أسس أكبر شركة نفط وقتها "ستاندرد أويل كومباني" وأصبح أول ملياردير في تاريخ البشرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بدايات القرن الـ20 قبل أن يكون هناك مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) كان جون بيربون مورغان "جيه بي مورغان" بمثابة بنك مركزي من شخص واحد.

ومع أن شركات ماسك أكثر عالمية في ارتباطاتها عما كان عليه وضع الأعمال خلال القرنين الـ19 والـ20 إلا أنها أصغر إذا قيست بمعدل الأرباح مقابل الناتج المحلي الإجمالي، فكل شركات ماسك تساوي اثنين في المئة فحسب من البورصة الأميركية، ونصيب كل شركاته من السوق يقل عن 30 في المئة. وترى "إيكونوميست" أن 10 في المئة من ثروة ماسك المقدرة بنحو 360 مليار دولار نتيجة عقود ومزايا من الحكومة و15 في المئة من السوق الصينية.

والفارق الأهم بين ماسك ورجال المال والأعمال الآخرين هو أنه "معطل" أو مثير للاضطراب، فبدلاً من استغلال الاحتكار لرفع الأسعار أو تكوين نظام مصرفي مستقر كأساس للتمويل تستخدم معظم شركات ماسك التكنولوجيا لخفض الكلف في أسواق تنافسية.

وقناعة مالك شركة السيارات الكهربائية "تسلا" في تعطيل السائد هي أن الابتكار هو ما يهزم التحديات أمام البشر، إذ يرى أن تحقيق تلك الأهداف يحتاج إلى عباقرة أعمال وليس إلى قواعد وعمليات منظمة طويلة الأمد.

مخاوف وأخطار

هنا يلتقي ماسك مع ترمب في القناعة بمبدأ "التعطيل"، فكلاهما يريد قلب كل الحكومة الفيدرالية رأساً على عقب كما تقول افتتاحية المجلة، فالأول أعلن أن موازنته الجديدة للكفاءة الحكومية تستهدف خفض ما يصل إلى تريليوني دولار من الموازنة الفيدرالية السنوية البالغة 7 تريليونات دولار.

ويبدو ذلك تعهداً ساذجاً جداً، إذ إن كل ما هو مخصص للإنفاق لدى الحكومة لا يصل إلى تريليوني دولار أصلاً. فمع نسبة عجز تصل إلى ستة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وديون تصل إلى 100 في المئة فإن الإصلاح مطلوب ومفيد.

أما أكبر الأخطار من وجهة نظر "إيكونوميست" هو الفساد والمحسوبية، فالرئيس المنتحب انعزالي التوجه يستهدف دعم الاقتصاد الوطني، خلال الوقت نفسه أصبحت معظم أعمال ماسك استراتيجية من الفضاء إلى حروب التضليل المعلوماتي عبر الحدود، خصوصاً في ظل الصراع مع الصين.

وهكذا فتحالف ترمب معه ووجوده في قمة السلطة يجعله قادراً على تعديل القوانين واللوائح والرسوم بما يفيده على حساب منافسيه في مجالات عدة، من إنتاج السيارات إلى العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي.

ومما يعزز تلك المخاوف أن ماسك بدأ يستفيد مبكراً من دعمه لترمب خلال الانتخابات حتى فوزه بها، فمنذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وصلت القيمة الإجمالية لشركات وأعمال ماسك إلى 1.4 تريليون دولار، بنسبة زيادة 50 في المئة تفوق معدل الزيادة في السوق أو لدى منافسيه بكثير.

ثم إن ماسك معروف عنه التجاوز والخطأ خصوصاً في المجالات التي لا يعرف عنها كثيراً كما تقول المجلة، مشيرة إلى أن أحكامه الخاطئة في أمور السياسة الخارجية عندما وظف شبكة الإنترنت لشركته "ستارلينك" في حرب أوكرانيا وحبه للظهور وجذب أضواء الإعلام وإدمان مواقع التواصل وولعه بالمؤامرات تثير المخاوف، وهي الصفات التي يتشاركها مع دونالد ترمب في الأغلب.

ويحتاج إصلاح الحكومات إلى الصبر والحنكة السياسية وهما ما لا يتوافران لكليهما مما يزيد من خطر الفشل حتى قبل البدء في الإصلاح، فالرئيس المنتخب مولع بالتوظيف والإقالة وملياردير التكنولوجيا معروف بتقلباته في علاقاته وتغيير مديري أعماله، وهذا مزيج يهدد بفشل كبير.

وحتى إذا بدأ المتحالفان عملية التغيير الهائل بطريقة التعطيل وإثارة الاضطراب فهناك خطر الفشل في منتصف الطريق ولهذا تبعات أهم وأضرار أكبر، إذ إنه سيعيد محاولات إعادة الهيكلة وإصلاح الحكومة الأميركية خطوات بعيدة للوراء.

اقرأ المزيد