ملخص
مسؤولون غربيون كانوا قد ربطوا في وقت سابق بين موسكو وهجمات عدة مخطط لها في أوروبا في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مخطط مزعوم لحرق شركات مملوكة لأوكرانيا في لندن، وإرسال أجهزة حارقة في طرود على متن طائرات شحن. وفي يوليو (تموز)، اشتعلت النيران في واحدة منها في مركز للبريد السريع في ألمانيا واشتعلت أخرى في مستودع في إنجلترا.
حذر مدير جهاز الاستخبارات البريطاني بأن العالم يعيش أخطر مرحلة خلال 40 عاماً متهماً روسيا بشن "حملة مدمرة وغير مسؤولة" من التخريب في أوروبا لإضعاف الدعم لأوكرانيا. وقال سير ريتشارد مور بأن الغرب قد يواجه "تداعيات" مع تزايد تطرف الإرهابيين المحتملين بسبب الحرب في الشرق الأوسط.
وتابع سير ريتشارد قائلاً: "خلال 37 عاماً من عملي في مجال الاستخبارات، لم أر العالم في وضع أكثر خطورة مما هو الآن. التأثير في أوروبا، بيتنا الأوروبي المشترك، لا يمكن أن يكون أكثر جدية"، مشيراً إلى أنه "في حال سمح لبوتين بالنجاح في تحويل أوكرانيا إلى دولة تابعة له، فلن يتوقف عند ذلك". وأشار سير ريتشارد إلى أن جهاز الاستخبارات البريطاني "يقدر إرثنا من العمليات السرية التي نحافظ عليها بينما نساعد أوكرانيا على المقاومة" - حيث يعمل الجواسيس البريطانيون على وقف عواقب غزو روسيا لأوكرانيا. وحذر في هذا السياق من أن السماح لبوتين بتحقيق النصر في أوكرانيا قد يعرض الأمن الأوروبي وعبر الأطلسي للخطر في ما بدا أنه رسالة مباشرة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، إذ اشتكى الرئيس الأميركي العتيد مراراً من حجم الأموال والمساعدات العسكرية التي ترسلها واشنطن لمساعدة كييف.
وقال مور: "كشفنا أخيراً عن حملة مدمرة وغير مسؤولة بشكل لا يصدق في أوروبا بينما يلجأ بوتين وأتباعه إلى التلويح باستخدام السلاح النووي لبث الخوف من عواقب مساعدة أوكرانيا". وأضاف أن "كلفة الدعم الغربي لأوكرانيا معروفة ولكن ثمن عدم القيام بذلك سيكون أعلى بشكل هائل. إذا نجح بوتين، فستفكر الصين في دلالات ذلك وستتجرأ كوريا الشمالية وستصبح إيران أكثر خطورة مما هي عليه الآن".
وخلال لقاء مع نظيره الفرنسي بمناسبة مرور 120 عاماً على أول توقيع للاتفاق الودي المتمثل بالاتفاقية الدبلوماسية الأنغلو- فرنسية، قال سير ريتشارد: "سيكون أمننا - البريطاني والفرنسي والأوروبي والأطلسي - معرض للخطر".
وقال رئيس الاستخبارات إن وكالته ونظيرتها الاستخبارات الخارجية الفرنسية، التي يديرها نيكولا ليرنر، تعملان معاً لمنع أي تصعيد خطر من خلال "تقييم الأخطار وإبلاغ قرارات حكوماتنا المعنية" رداً على "مزيج الغطرسة والعدوان الذي يلجأ إليه بوتين".
وفي سياق متصل كان مسؤولون غربيون ربطوا في وقت سابق بين موسكو وهجمات عدة مخطط لها في أوروبا في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك مخطط مزعوم لحرق شركات مملوكة لأوكرانيا في لندن، وإرسال أجهزة حارقة في طرود على متن طائرات شحن. وفي يوليو (تموز)، اشتعلت النيران في واحدة منها في مركز للبريد السريع في ألمانيا واشتعلت أخرى في مستودع في إنجلترا.
نفت موسكو ضلوعها في كل هذه الحوادث.
في غضون ذلك، تأتي تصريحات سير ريتشارد بعد أن حذر المدير العام لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني "أم آي 5" كين ماكالوم، الشهر الماضي من أن الجواسيس الروس كانوا في "مهمة مستمرة لإحداث الفوضى في الشوارع البريطانية والأوروبية" - بما في ذلك "الحرق العمد والتخريب وأعمال أكثر خطورة تتم بتهور متزايد".
وإذ وصف ماكالوم مسؤولي الاستخبارات البريطانية بأنهم يواجهون "عملاً شاقاً للغاية"، أضاف أن روسيا وإيران لجأتا إلى توظيف ضباط استخبارات خاصين ومجرمين من المملكة المتحدة ودول ثالثة.
والجمعة، تحدث رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية نيكولا ليرنر قائلاً بأن تجربة بريطانيا في التعامل مع روسيا في أعقاب الهجمات الأخيرة مثل تسميم جاسوس روسي سابق في سالزبري نوفيتشوك عام 2018، كانت لا تقدر بثمن بالنسبة إلى الاستخبارات الفرنسية التي تسعى إلى نزع فتيل التصرفات الروسية.
وكانت بريطانيا وفرنسا من بين حلفاء أوكرانيا الأكثر استعداداً للسماح لكييف باستخدام الأسلحة التي توفرها لضرب أهداف داخل روسيا بعد أن خففت إدارة بايدن خلال الشهر الماضي معارضتها المستمرة منذ فترة طويلة لاستخدام نظام الصواريخ التكتيكية ATACMS الأميركية الصنع لضرب روسيا.
ومنذ ذلك الحين، قصفت روسيا البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا بمئات الصواريخ والطائرات من دون طيار (المسيرات)، وأطلقت صاروخاً باليستياً متوسط المدى وهددت الغرب به، وغيرت العقيدة النووية الروسية لخفض معدل استخدام مثل هذه الأسلحة.
وفي وقت أثار موقف ترمب في شأن أوكرانيا مخاوف بعض المسؤولين البريطانيين، قال سير ريتشارد - الذي تم التداول باسمه كخيار محتمل لتولي منصب السفير البريطاني في واشنطن - إنه واثق من أن العلاقات عبر الأطلسي لا تزال قوية ومتينة. وقال: "لعقود من الزمن، جعل تحالف الاستخبارات بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مجتمعاتنا أكثر أماناً. لقد عملت بنجاح مع إدارة ترمب الأولى لتعزيز أمننا المشترك وأتطلع إلى القيام بذلك مجدداً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما تطرق سير ريتشارد بصورة مباشرة إلى الإنفاق الدفاعي، بعد أن دعا ترمب دول حلف شمال الأطلسي إلى إنفاق مزيد خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض. وقال: "نحن نعلم أننا في حاجة جميعاً إلى بذل مزيد من الجهد. ولهذا السبب تعهدت الحكومة البريطانية بإنفاق 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع".
ولكن، رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني أشار إلى أن أوروبا وأميركا الشمالية "تمتلكان بالفعل أضعاف الناتج المحلي الإجمالي وموازنة الدفاع في روسيا"، مضيفاً: "لا ينبغي لنا أبداً أن نشك في أن تحالفنا يتمتع بقوة الأعداد، سواء الاقتصادية أو العسكرية، ويسهم هدفنا الموحد في إضفاء معنى على ذلك".
أمأ عن الحرب في غزة، فاعتبر سير ريتشارد بأننا "لم نتوصل بعد إلى إدراك كامل للتأثير المتطرف الذي خلفته المعارك والخسائر الفادحة في أرواح الأبرياء في الشرق الأوسط بعد أهوال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023".
وكانت الحرب في غزة قد اندلعت، مترافقة مع إطلاق النار عبر الحدود بين إسرائيل و"حزب الله" في لبنان، في السابع من أكتوبر 2023، عندما شنت "حماس" هجوماً داخل إسرائيل وقتلت الجماعة المسلحة نحو 1200 شخص وأسرت نحو 250 آخرين في غزة.
رداً على ذلك، شنت إسرائيل هجوماً جوياً وبرياً مدمراً ضد "حماس"، في وقت تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمواصلة القتال حتى يتم إطلاق سراح كل الرهائن. ولا يزال نحو 100 رهينة محتجزين، على رغم الاعتقاد أن نحو ثلثهم لقوا حتفهم. وبحسب مسؤولين محليين في القطاع الصحي، قتل أكثر من 44 ألف فلسطيني في قطاع غزة المدمر بشكل هائل، في حين أجبر نحو 90 في المئة من سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة على النزوح من منازلهم.
وكان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني سير جون ساورز حذر الشهر الماضي من أن الشرطة وأجهزة الاستخبارات في بريطانيا يجب أن تكون "على أهبة الاستعداد" لأن اغتيال قادة "حماس" و"حزب الله" على يد إسرائيل قد يؤدي إلى وقوع هجمات على الأراضي البريطانية.
أسهمت عدة وكالات في إعداد هذا التقرير
© The Independent