Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثورة في عالم الطيران تضمن التقاء الثقافات من دون المساس بصحة كوكبنا

من المتوقع أن تدخل أول طائرة تجارية تعمل بالهيدروجين الخدمة بحلول عام 2035

صناعة الطيران تدخل الآن ثورتها الرابعة التي تركز على الاستدامة وتمثل تغييراً في كيفية عملها (أ ف ب)

ملخص

يمكن اعتبار فكرة الطيران الصافي الصفري بحلول عام 2050 قابلة للتحقق، ولا سيما أن صناعة الطيران تحرز خطوات كبيرة نحو الحد من تأثيرها البيئي عبر دمج الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتقنيات المبتكرة.

 

تشهد صناعة الطيران واحدة من أهم التغييرات في التاريخ، وتعود للحاجة الملحة للاستدامة مع التركيز بصورة خاصة على الوصول إلى انبعاثات كربونية صافية صفرية بحلول عام 2050، إذ يستجيب هذا الهدف الطموح للتأثير البيئي السلبي للطيران الذي يسهم بنحو 2.5 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وبينما تتطلع هذه الصناعة إلى المستقبل فإنها تستكشف تقنيات وابتكارات مختلفة للحد من بصمتها الكربونية، وهنا ننوه إلى أن صناعة الطيران تدخل الآن ثورتها الكبرى الرابعة التي تركز على الاستدامة وتمثل تغييراً في كيفية عملها.

وتزامناً مع الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ينكب هذا القطاع حالياً على معالجة آثار الخطوط البيضاء التي تتركها الطائرات، والتي بدورها تسهم في الانحباس الحراري العالمي من طريق حبس الحرارة في الغلاف الجوي.

تحدي الصفر الصافي

إن تحقيق الصفر الصافي للانبعاثات بحلول عام 2050 يشكل تحدياً معقداً، إذ ينبعث من الطيران حالياً ما يقارب 445 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهو جزء صغير ولكنه مهم من إجمال 37.4 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية نجحت الصناعة في خفض الانبعاثات بـ 50 في المئة، ومع ذلك فإن تحقيق الـ 50 في المئة التالية من الانخفاض سيتطلب تدابير وابتكارات جذرية، وخصوصاً مع نمو الطلب على السفر الجوي الذي من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2040.

وأحد أكثر السبل الواعدة للحد من الانبعاثات يكون من خلال التقدم في تكنولوجيا الطائرات، إذ أصبحت الطائرات الحديثة بالفعل أكثر كفاءة في استهلاك الوقود بـ 20 في المئة من سابقاتها، بفضل التحسينات في الديناميكية الهوائية وأداء المحركات واستخدام مواد أخف وزناً.

وتعتبر هذه التطورات بالغة الأهمية إذ تسعى الصناعة إلى تقليل استهلاك الوقود والانبعاثات بصورة أكبر، ويعمل المهندسون على تصميم أجنحة أطول وأكثر نحافة وأخف وزناً لتحسين الديناميكية الهوائية، وقد تتميز هذه الأجنحة بأسطح ذكية تتكيف في الوقت الفعلي مع ظروف الطيران، مما يعزز الأداء، وبالتوازي مع ذلك تُطور أنظمة الدفع الهجينة التي تجمع بين المحركات النفاثة التقليدية والطاقة الكهربائية لتقليل الانبعاثات والضوضاء.

الوقود المستدام للطيران

وإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً يطور العلماء الوقود المستدام للطيران ليحل محل وقود الطائرات التقليدي، إذ يتمتع الوقود المستدام بإمكان تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون خلال دورة حياة الطائرة بنسبة تصل إلى 80 في المئة، مما يجعله جزءاً أساساً من إستراتيجية خفض البصمة الكربونية.

ويتطلب تحقيق هذا الهدف تعبئة سلسلة التوريد بأكملها لضمان الإنتاج الكافي بكلف تنافسية، بما في ذلك زيادة الإنتاج وتحسين الخدمات اللوجستية والتعاون مع أصحاب المصلحة لإنشاء سوق وقود مستدامة للطيران.

وتقدم الطائرات التي تعمل بالهيدروجين بديلاً خالياً من الانبعاثات، وبحلول عام 2035 فمن المتوقع أن تدخل أول طائرة تجارية تعمل بالهيدروجين الخدمة باستخدام الهيدروجين، إما كوقود للاحتراق المباشر أو لتوليد الكهرباء عبر خلايا الوقود، وسيكون تطوير البنية التحتية للهيدروجين، بما فيها أنظمة التخزين والتزود بالوقود، أمراً بالغ الأهمية للتبني الواسع النطاق لهذه التكنولوجيا.

الذكاء الاصطناعي في صناعة الطيران

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تصميم طائرات أكثر أماناً وكفاءة من خلال محاكاة السيناريوهات وتحليل مجموعات البيانات الشاملة، وتالياً يساعد المهندسين في إنشاء منتجات موثوقة. وإضافة إلى ذلك تساعد الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي شركات الطيران في تحسين العمليات وجعل السفر الجوي أكثر كفاءة مع تعزيز تجربة العملاء، إذ يعتبر الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة محوريان بصورة متزايدة في مساعدة صناعة الطيران على تحقيق أهداف الاستدامة، وتعمل تقنياته على تحسين جوانب مختلفة من عمليات الطائرات عبر تحسين كفاءة الوقود والسلامة.

تولد الطائرات الحديثة مثل "إيرباص إيه - 350" كميات هائلة من البيانات تصل إلى 2.5 تيرابايت يومياً، وتُحلل هذه البيانات للتنبؤ بحاجات الصيانة وتحسين مسارات الطيران وتعزيز الكفاءة التشغيلية الشاملة، فيما تعمل الصيانة التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي على تقليل الحاجة إلى الصيانة غير المجدولة عبر تحديد الأعطال المحتملة قبل حدوثها.

ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً دفع مفاهيم مبتكرة مثل الطيران التكويني المستلهم من تشكيل حرف "V" للطيور المهاجرة، إذ يقلل هذا النهج كما هو موضح في مشاريع مثل "فيلو فلاي"، من مقاومة الهواء ويوفر الوقود من خلال جعل الطائرات تطير في تشكيلات قريبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفرص المستقبلية

هناك فرص مستقبلية عدة من المقرر أن تحدث ثورة في نهج صناعة الطيران المستدام، وسيكون تحسين سلسلة التوريد المستدامة بدافع من الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية في تقليل البصمة الكربونية عبر تحسين كفاءة الخدمات اللوجستية وإدارة الموارد، كما تلوح في الأفق الأتمتة الذكية وقدرات الطيران المستقلة المحسنة، مع مشاريع رائدة في أنظمة الطيران المستقلة لتحسين السلامة والكفاءة التشغيلية.

ويوفر التطوير المستمر لأنظمة الدفع الهجينة إمكان رحلات أكثر هدوءاً وكفاءة في استهلاك الوقود، وستعمل التطورات المستقبلية في علم المواد على إنشاء مواد أخف وزناً وأقوى وأكثر استدامة، مما يساعد في تقليل استهلاك الوقود والحد من الانبعاثات.

ولضمان موثوقية وسلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي وتوحيد وتنظيم التقنيات الجديدة والحفاظ على السيادة في تطوير الذكاء الاصطناعي، يجب على صناعة الطيران تعزيز التعاون بين خبراء الذكاء الاصطناعي والمهندسين والجهات التنظيمية وأصحاب المصلحة الآخرين، لدفع الابتكار مع ضمان السلامة والامتثال، والأخذ في الاعتبار أن نشر هذه التقنيات سيتطلب استثمارات كبيرة وتعاوناً عالمياً واسعاً.

وفي المحصلة يمكن اعتبار فكرة الطيران الصافي الصفري بحلول عام 2050 طموحة وقابلة للتحقق، ولا سيما أن صناعة الطيران تحرز خطوات كبيرة نحو الحد من تأثيرها البيئي عبر دمج الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتقنيات المبتكرة، ولا تتعلق هذه الثورة الرابعة بتلبية المتطلبات التنظيمية أو خفض الكلف وحسب، بل تتعلق بضمان قدرة صناعة الطيران على الاستمرار في ربط الناس والثقافات في جميع أنحاء العالم من دون المساس بصحة كوكبنا.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم