ملخص
- تستفيد البلدان في مختلف أنحاء العالم من مجالها الجوي السيادي، من خلال فرض رسوم على شركات الطيران في مقابل تحليق طائراتها فوق أراضيها.
- قد تكون رسوم التحليق أعلى في بعض المجالات الجوية التي تصنف على أنها ذات حركة مرور كثيفة أو مزدحمة، بسبب زيادة الطلب على خدمات مراقبة الحركة الجوية والملاحة.
في كثير من بلدان العالم قد يضطر العابرون إلى دفع رسوم لاستخدام طريق سريع معين، وهي الرسوم نفسها التي تفرضها البلدان على شركات الطيران لاستخدام مجالها الجوي، سواء كان الأمر يتعلق بالطيران داخل أم خارج أم عبر هذا المجال الجوي، إذ تفرض ما يعرف برسوم التحليق، فكيف تحسب رسوم التحليق؟ وكيف يؤثر ذلك في سعر تذكرة الطيران؟ ومن المستفيد الأكبر من رسوم التحليق؟
رسوم التحليق
تستفيد البلدان في مختلف أنحاء العالم من مجالها الجوي السيادي، من خلال فرض رسوم على شركات الطيران في مقابل تحليق طائراتها فوق أراضيها، وتلعب هذه الرسوم المعروفة باسم "رسوم التحليق" دوراً كبيراً في الدخل القومي، لاسيما بالنسبة إلى الدول الواقعة على طول الطرق الجوية الدولية الرئيسة، إذ تعتبر هذه الرسوم ضرورية للحفاظ على البنية الأساسية للملاحة الجوية التي تضمن السفر الجوي الآمن والفعال.
ورسوم التحليق هي رسوم تفرضها دولة ما عندما تحلق إحدى شركات الطيران عبر مجالها الجوي من دون هبوط، وتطبق هذه الرسوم سواء كانت الطائرة في طريقها إلى وجهة داخل الدولة أم كانت تمر عبرها فقط. وتضع منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، المعايير الدولية للطيران المدني، وعلى رغم ذلك فلكل دولة الحق في فرض رسوم التحليق الخاصة بها.
إذ تشكل رسوم التحليق مصدراً حيوياً للإيرادات بالنسبة إلى الدول في جميع أنحاء العالم، وبخاصة تلك التي تتمتع بحجم كبير من الحركة الجوية ولها تأثير اقتصادي، إذ تسهم هذه الرسوم بصورة كبيرة في الدخل القومي لأية دولة، وبخاصة تلك الواقعة على طول الطرق الجوية الدولية الرئيسة. وكذلك تؤثر في تمويل الخدمات الحيوية، إذ تلعب الإيرادات المتولدة من رسوم التحليق دوراً حاسماً في تمويل خدمات الملاحة الجوية الحيوية مثل مراقبة الحركة الجوية ومعايير السلامة، وهذا يضمن صيانة وتطوير البنية الأساسية اللازمة للسفر الجوي الآمن والفعال داخل المجال الجوي لأية دولة.
العوامل المؤثرة
تلعب بعض العوامل دوراً رئيساً ومؤثراً في تحديد رسوم التحليق، وتعتبر المسافة المقطوعة إضافة إلى وزن الطائرة أحد أبرز هذه العوامل، فكلما زادت المسافة المقطوعة في المجال الجوي للدولة زادت الرسوم، إذ تحسب بعض الدول هذه المسافة بناء على مسافة الدائرة العظمى، وهي أقصر مسار بين نقطتين على الكرة الأرضية. كما أن وزن الطائرة غالباً ما يحدد المبلغ الذي تدفعه شركة الطيران، وعليه تدفع الطائرات الأثقل وزناً التي تتطلب أنظمة مراقبة وتحكم أكثر تطوراً في الحركة الجوية رسوماً أعلى من الطائرات الأخف وزناً.
ومن العوامل المهمة أيضاً هي فئة المجال الجوي، إذ تختلف المجالات الجوية من حيث هياكل الرسوم واللوائح الخاصة بها، إذ قد تكون رسوم التحليق أعلى في بعض المجالات الجوية التي صنفت على أنها ذات حركة مرور كثيفة أو مزدحمة، بسبب زيادة الطلب على خدمات مراقبة الحركة الجوية والملاحة.
كيفية حساب رسوم التحليق
يمكن الاطلاع على رسوم التحليق في وثيقة سياسات منظمة الطيران المدني الدولي في شأن رسوم المطارات وخدمات الملاحة الجوية، إذ تحتوي الوثيقة على توصيات واستنتاجات من دراستها المستمرة للرسوم في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي للمطارات وخدمات الملاحة الجوية المقدمة للطيران المدني الدولي.
ففي كندا تحسب رسوم التحليق باستخدام مزيج من الوزن والمسافة، ويختلف سعر الوحدة بحسب ما إذا كانت الطائرة مسجلة في كندا أو أجنبية، وكذلك ما إذا كانت تعمل بمحرك توربيني أو بمحرك نفاث، كما تتغير الرسوم بحسب ما إذا كانت الرحلة عبر المحيط.
أما في الولايات المتحدة فتحدد إدارة الطيران الفيدرالية أسعار رسوم التحليق، وهناك سعران مختلفان للطيران عبر المجال الجوي الخاضع لسيطرة الولايات المتحدة، فعند الطيران فوق الأراضي الأميركية يبلغ سعر الرحلة 61.75 دولار لكل 100 ميل بحري، وعلى رغم ذلك فعند الطيران فوق المحيط الذي تراقبه إدارة الطيران الفيدرالية ينخفض هذا السعر إلى 26.51 دولار لكل 100 ميل بحري.
وتفرض بعض الدول، وبخاصة الدول الصغيرة رسوماً ثابتة على الطيران عبر أجوائها، إذ تفرض أفغانستان رسوماً ثابتة للتحليق فوق أجوائها تبلغ 950 دولاراً، أما الصين فتفرض تصريحاً بالتحليق فوق أجوائها وتظهر بعض الأبحاث أن هذا يكلف 500 دولار.
من المستفيد الأكبر من رسوم التحليق؟
هناك عوامل عدة تحدد البلدان التي تستفيد أكثر من رسوم التحليق، وتشمل هذه العوامل موقع الدولة وحجمها إذا تم حساب الأسعار بحسب المسافة، وتعتبر الدولتان اللتان تجمعان مبالغ كبيرة من رسوم التحليق هما كندا وروسيا.
ويعتبر المسار الأكثر كفاءة لربط عدد من المدن الأميركية الكبرى بالمدن الأوروبية الكبرى يمر عبر المجال الجوي الكندي، وهذا يعني أن الطائرة المتجهة من سياتل إلى لندن ستقضي ما يقرب من نصف وقتها في الجو، وهي تحلق فوق كندا قبل أن تواصل رحلتها فوق غرينلاند وأيسلندا والمملكة المتحدة، وبما أن عدداً من المدن الأميركية الكبرى مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وهيوستن ودالاس فورت وورث، تقوم بتشغيل خدمات إلى أوروبا عبر المجال الجوي الكندي، فإن مزود خدمات الملاحة الجوية في كندا قادر على تحقيق إيرادات من هذه الرحلات أثناء مرورها.
أما روسيا فإن موقعها وحجمها يشكلان ميزة إضافية في تحصيل رسوم التحليق فوق أراضيها، ويرجع هذا إلى حجم حركة المرور بين أوروبا وشرق آسيا، فمن لندن إلى طوكيو، ومن باريس إلى سيول، ومن أمستردام إلى هونغ كونغ، ما هي إلا أمثلة قليلة على الرحلات الجوية التي تتطلب قدراً كبيراً من الوقت في التحليق فوق روسيا مروراً بما يعرف باسم "الممر عبر سيبيريا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القوة السياسية للمجال الجوي
يقال إن السيطرة على المجال الجوي في بعض الأحيان لا تتعلق بالمال بقدر ما تتعلق بالسياسة، فكثيراً ما يواجه شركات الطيران وهي في الجو موقف سياسي تضطر على إثره إلى أن تعود أدراجها إذا ما حصلت مشكلة بين البلد المنطلقة منه الرحلة وذلك الواصلة إليه أو المارة عبره، فالمجال الجوي يعتبر كمركز قنصلية، كما أن بعض البلدان قد تكون على استعداد للتنازل عن عائدات إضافية من التحليق في أجوائها لصالح التعبير عن المحاباة لدول مختارة، في حين تخلق مسافة بينها وبين دول أخرى.
ووفقاً لصحيفة South China Morning Post قد يؤدي هذا إلى تقلب الأسعار والمسارات نظراً إلى أن شركات الطيران المختلفة تخضع لسياسات مغايرة، ومن يتحمل هذه الكلفة هم المسافرون من خلال أجرة السفر وربما وقت الرحلة الإضافي.
وعلى سبيل المثال فإن الإجراءات المعتادة في روسيا هي السماح لشركة طيران واحدة فقط من كل دولة بالمرور عبر مجالها الجوي، ومع ذلك فهناك بعض الاستثناءات مثل شركة الخطوط الجوية البريطانية وشركة "فيرجن أتلانتيك" البريطانية، وبما أن شركة الخطوط الجوية الاسكندنافية هي شركة الطيران الوحيدة التي تتمتع بحقوق تمثل السويد والنرويج والدنمرك، فإن الخطوط الجوية النرويجية تحظر في بعض الأوقات، وبالتالي لا تطير الخطوط الجوية النرويجية إلا إلى وجهات جنوب شرقي آسيا التي لا تتطلب المرور عبر روسيا.
ومن الأمثلة الأخرى أيضاً بما أن الصين تعتبر تايوان "إقليماً منشقاً"، فإن شركات الطيران التايوانية لا تتمتع بحقوق التحليق فوق المجال الجوي الصيني، وهذا يعني أن الرحلات الجوية من تايوان إلى أوروبا لابد وأن تدور حول المجال الجوي الصيني على نحو غير فعال، إما "تحت" الصين عبر جنوب آسيا أو "فوق" عبر روسيا.