ملخص
توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يشهد الاقتصاد العالمي نمواً بوتيرة أسرع قليلاً العام المقبل مع استمرار تباطؤ التضخم، لكنه قد يتعرض للانتكاس إذا ارتفعت الرسوم الجمركية وفشلت الحكومات في تقليص العجز الكبير بموازنتها
مع توقع انخفاض معدلات التضخم أكثر ووصولها إلى أهداف البنوك المركزية في معظم الدول عام 2026، دعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة الرئيسة، ولكن بطريقة "مدروسة بعناية" لضمان استمرار تباطؤ أسعار الخدمات بصورة خاصة.
وتتوقع المنظمة أن ينخفض سعر الفائدة الرئيس لمجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى ما بين 3.25 و3.5 في المئة بحلول الربع الأول من عام 2026، وتتوقع أيضاً انخفاض سعر الفائدة الرئيس للبنك المركزي الأوروبي إلى اثنين في المئة مع نهاية عام 2025.
وفي المقابل، تتوقع المنظمة أن يرفع بنك اليابان سعر الفائدة الرئيس إلى 1.5 في المئة بنهاية عام 2026.
ورفعت المنظمة توقعاتها للنمو في الهند لعام 2025 بعد أن وصفتها بـ"نقطة مضيئة" في الاقتصاد العالمي، بينما عدلت توقعاتها للصين.
وعن ذلك، قال كبير الاقتصاديين في المنظمة ألفارو بيريرا في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن "ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيظل متأثراً بالتراجعات الكبيرة في أسعار العقارات".
وأضاف "أحياناً تستغرق هذه الآثار وقتاً طويلاً للتلاشي، والصادرات ما زالت تؤدي بصورة جيدة لكن الاستهلاك ضعيف للغاية".
ورداً على الموازنة الجديدة التي أعلنتها الحكومة البريطانية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفعت المنظمة توقعاتها للنمو في بريطانيا إلى 1.7 في المئة من 1.2 في المئة، في حين خفضت توقعاتها للنمو في ألمانيا إلى 0.7 في المئة من واحد في المئة.
وقال بيريرا إنه "من الضروري للغاية تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الإنتاجية"، مشيراً إلى "نقص في البنية التحتية الرقمية في ألمانيا".
نمو الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع عام 2025
وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يشهد الاقتصاد العالمي نمواً بوتيرة أسرع قليلاً العام المقبل مع استمرار تباطؤ التضخم، لكنه قد يتعرض للانتكاس إذا ارتفعت الرسوم الجمركية وفشلت الحكومات في تقليص العجز الكبير بموازنتها.
وفي تقريرها الفصلي، قالت المنظمة التي تتخذ من باريس مقراً لها إنها تتوقع الآن نمو الاقتصاد العالمي 3.3 في المئة عام 2025، مقارنة بمعدل نمو يقدر بـ3.2 في المئة هذا العام.
وكانت المنظمة توقعت في السابق أن يظل معدل النمو العالمي من دون تغيير عام 2025، لكنها رفعت الآن توقعاتها لنمو الاقتصاد الأميركي إلى 2.4 في المئة مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 1.6 في المئة.
وقال بيريرا "يستمر النمو في إظهار مرونة كبيرة ونرى أن نمو الاقتصاد الأميركي قوي للغاية".
لكن هذه التوقعات تفترض عدم حدوث تغييرات في السياسات التجارية، وهو أمر يبدو غير مرجح بالنظر إلى تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب حول نيته فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات من مجموعة واسعة من الدول.
الحمائية وأخطار العجز في الموازنات
وحذر بيريرا من أن التوترات التجارية وسياسات الحماية تشكل أخطاراً متزايدة على التوقعات الاقتصادية، إذ إنه من المحتمل أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة إلى إضعاف النمو ورفع أسعار المستهلكين.
ويعترض تهديد آخر طريق التعافي من جائحة كوفيد 19 وارتفاع التضخم يتمثل في العجز الكبير بموازنات عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا.
وارتفعت عائدات السندات الحكومية الأميركية قبل وبعد الانتخابات الرئاسية مباشرة، مع قلق المستثمرين من احتمالية تفاقم العجز في الموازنة خلال عهد ترمب الثاني.
وعلى رغم انخفاض العائدات قليلاً منذ تعيين مدير صندوق التحوط سكوت بيسنت لقيادة وزارة الخزانة، فإن هذه المخاوف لا تزال قائمة.
وعن ذلك قال بيريرا "لا يزال الدين يتصاعد والعجز كبير نسبياً، ونعتقد أن من الضروري تحسين استدامة المالية العامة من خلال السياسات المالية".
وفي فرنسا، دفعت الحكومة بحزمة خفوض إنفاق وزيادات ضريبية تهدف إلى تقليص عجز الموازنة من ستة في المئة متوقعة من الناتج الاقتصادي هذا العام، لكنها تواجه معارضة من المشرعين وتصويتاً بحجب الثقة، وارتفعت الفائدة التي يطالب بها المستثمرون للاحتفاظ بالدين الحكومي طويل الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ أزمة ديون منطقة اليورو عام 2012.
وقال بيريرا "الوضع لا يزال قابلاً للإدارة حتى الآن"، مستدركاً "لكن من المهم ضمان استمرار هذه القابلية للإدارة"، مشدداً على أهمية الحفاظ على الانضباط المالي.