ملخص
بدأت حركة "حماس" في إحصاء الرهائن المحتجزين في غزة بعد انسحاب طائرات الاستطلاع من سماء القطاع، في خطوة تؤسس لوقف إطلاق النار المرتقب.
من دون اتفاق رسمي بين حركة "حماس" وإسرائيل، غادرت جميع أنواع الطائرات الإسرائيلية أجواء غزة بعدما كانت تحلق في سماء القطاع على مدار الساعة، وعم هدوء كبير أتاح الفرصة لعناصر الفصائل الفلسطينية حصر الرهائن الإسرائيليين استعداداً لاتفاق وقف إطلاق نار محتمل.
وعلى مدى الـ 15 شهراً الماضية التي شنت فيها إسرائيل حرباً مدمرة على القطاع، كانت سماء غزة ملبدة بجميع أنواع الطائرات القتالية والاستطلاع، وتحلق القطع الجوية طوال الوقت وعلى مدار الساعة من دون انقطاع، في محاولة لرصد مكان إخفاء حركة "حماس" والفصائل الأخرى الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
محاولة للحصول على معلومات
لكن في ضوء محادثات الوسطاء مع طرفي الحرب من أجل ترتيب اتفاق وقف إطلاق نار قريب في غزة، غادرت جميع أنواع الطائرات سماء القطاع، وهذا ما قرأه المراقبون السياسيون بأنه مؤشر إلى وجود تفاهم بين "حماس" وإسرائيل هدفه إحصاء الرهائن المحتجزين في غزة لتسهيل مفاوضات الصفقة.
وبسبب طائرات الاستطلاع والضربات الجوية وعمليات التوغل البرية للجيش الإسرائيلي فقدت حركة "حماس" قنوات الاتصال مع المجموعات التي تحمي الرهائن الإسرائيليين لديها، وأدى ذلك إلى غياب المعلومات عن القيادة في شأن وضع المحتجزين وسبّب صعوبة التفاهم على صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار.
وبسبب الحرب أيضاً قتل الرهائن، وأقرت "حماس" فعلياً بأنها فقدت الاتصال بعدد من المجموعات المكلفة بحماية الرهائن، إذ قتل منهم 33 محتجزاً مع حراسهم مما أدى إلى فوضى في معلومات الحركة عن المحتجزين لديها.
بديل لهدنة الأيام الخمسة
عدم وجود معلومات لدى "حماس" عن وضع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة أضعف كثيراً موقفها خلال محادثات سابقة كان هدفها الوصول إلى صفقة تبادل، وبالفعل عرقل إمكان نجاح تلك المفاوضات.
وفي ضوء إعادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الزخم لجهود وقف حرب غزة وإطلاق الرهائن، جدد الوسطاء محادثاتهم مع حركة "حماس" وإسرائيل لإبرام اتفاق في هذا الشأن، وصاغوا مسودة خريطة طريق تنهي الأعمال العدائية وتحرر المحتجزين.
وضمن خريطة الطريق طلبت "حماس" تنفيذ هدنة مدتها خمسة أيام تتوقف خلالها حركة الرصد والمراقبة من الجو، والهدف منها إحصاء أعداد الرهائن لديها ومعرفة مصيرهم بشكل دقيق، وبعد ذلك يجري الخوض في تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ "اندبندنت عربية" فإن الوسطاء رأوا أن طلب "حماس" مقنع ومن حقها جمع المعلومات قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، ولكن إسرائيل عارضت هذا البند واعتبرت أنه لا يتناسب معها.
وأجرى الوسطاء في مصر مفاوضات ومقاربة كبيرة بين طرفي الحرب خلصت إلى أن تسحب إسرائيل جميع أنواع طائراتها من أجواء قطاع غزة لثلاثة أيام على مدار ساعات النهار فقط، وتنفذ ذلك أيضاً جميع الدول الأخرى التي تقوم بعمليات رصد ومراقبة من الجو، بما يتيح لـ "حماس" حرية العمل لإحصاء الرهائن فقط
حدث غير عادي
ووافق المستوى السياسي والعسكري في تل أبيب على هذا العرض، لكن لم يعتبر أي طرف أن توقف تحليق الطائرات من سماء غزة يعد صفقة بحد ذاتها وإنما إجراء عادياً لهدف ما، ولذلك طلبت تل أبيب من الوسطاء عدم إعلانه رسمياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي صباح أمس دخل الاتفاق حيز التنفيذ وسحبت إسرائيل والدول الأخرى طائراتها الخاصة بالاستطلاع من سماء القطاع، وشمل توقف حركة الرصد والمراقبة الجوية مدينة غزة ومحافظة دير البلح وضواحيها وسط القطاع، ومدينة خان يونس جنوباً والمنطقة الإنسانية.
ولأن توقف تحليق الطائرات في سماء غزة أمر يمكن ملاحظته بسهولة، إذ تصدر الدرون المخصصة للاستطلاع صوت أزيز مستمر، فإن سكان غزة لاحظوا ذلك فور تنفيذ الاتفاق وأملوا بأن تكون هذه الخطوة مقدماً لنهاية الحرب.
ورصدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية توقف حركة طائرات الاستطلاع بشكل كامل في سماء غزة، وعدت أن الحدث غير عادي وربما يرتبط بنضوج اتفاق بين "حماس" وإسرائيل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن.
إحصاء ومفاوضات
ميدانياً علمت "اندبندنت عربية" أن قيادة "حماس" طلبت من المجموعات المكلفة بحماية الرهائن البدء في تحديد مكان المحتجزين وإعداد قوائم نهائية بالرهائن الأحياء وحال البقية منهم، كما اتصلت "حماس" بالفصائل المسلحة التي تحتجز رهائن إسرائيليين في غزة وطلبت منهم تنفيذ الحصر سريعاً وتقديم معلومات لها عن الرهائن الذين يحتجزون لديهم، وجرى تداول ملفات وقف إطلاق النار.
وتفيد المعلومات الواردة بأن "حماس" تمكنت من إجراء الإحصاء ولكنها لا تزال تجهل مكان كثير من جثث المحتجزين الذين قتلوا خلال الحرب، ولكنها ستعمل خلال وقف إطلاق النار النهائي على تحديد أماكنهم لتسليمهم.
وعقب تجهيز المعلومات قال عضو المكتب السياسي لـ "حماس" باسم نعيم إن "الحركة مستعدة لإبداء مرونة خلال المفاوضات حول ما يتعلق بتنفيذ الاتفاق، وخلال ساعات سيسافر وفد إلى القاهرة لعقد محادثات جديدة في شأن صفقة التبادل".
إسرائيل ترى أملاً
ويبدو أن إسرائيل تسلمت بعض المعلومات من "حماس"، إذ يقول وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن "احتمال التوصل إلى صفقة رهائن يتزايد، وتل أبيب أمام فرصة للتوصل إلى اتفاق".
وأيضاً قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "قد تنضج في أية لحظة الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وإسرائيل تعمل بلا كلل أو ملل من أجل إعادة جميع الرهائن".
ونقلت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية (كان) أن مجلس الوزراء المصغر وافق على إرسال وفد يغلب عليه الطابع الفني إلى العاصمة المصرية القاهرة لمناقشة تطورات وقف إطلاق النار واتفاق تبادل الرهائن والأسرى.
وعقبت على ذلك الباحثة السياسية نجوى منصور قائلة إنه "لا يمكن أن تمنح إسرائيل هدنة موقتة لـ 'حماس' بهدف إحصاء الرهائن لأن المجتمع الإسرائيلي لا يقبل بذلك، ويعتبر أن هذا تضييع للوقت ويمكن أن يثور ضد نتنياهو، لذلك جرى منح الحركة أياماً قليلة من دون هدنة لإحصاء الرهائن".
وتضيف، "بعد حصول قيادات الحركة على المعلومات فإن فرص نجاح المفاوضات مرتفعة جداً وقد نصل إلى اتفاق خلال أسابيع، وهذا ما يريده الوسطاء والرئيس المنتخب ترمب وتستعجله عائلات الرهائن".