ملخص
بات نتنياهو (75 سنة) أول رئيس وزراء إسرائيلي يتهم بارتكاب جرائم بينما لا يزال في منصبه، ويأتي إدلاؤه بأقواله في وقت تشن إسرائيل حرباً على غزة.
أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأقواله أمام محكمة في تل أبيب اليوم الثلاثاء للمرة الأولى خلال محاكمته المستمرة منذ فترة طويلة في قضايا فساد، وقال إنه يتعرض للملاحقة بسبب سياساته الأمنية المتشددة.
ونتنياهو (75 سنة) هو أول رئيس وزراء إسرائيلي يتهم بارتكاب جرائم بينما لا يزال في منصبه، ويأتي إدلاؤه بأقواله في وقت تشن إسرائيل حرباً على غزة، وتواجه تهديدات جديدة محتملة جراء الاضطرابات في المنطقة، بما في ذلك الوضع في سوريا.
والأسبوع الماضي قال قضاة إن نتنياهو يجب أن يدلي بأقواله ثلاث مرات في أسبوع واحد، مما سيجبره على التنقل بين قاعة المحكمة وغرفة إدارة الحرب في وزارة الدفاع الواقعة على بعد دقائق من مقر المحكمة.
واستمر إدلاء نتنياهو بأقواله أربع ساعات تقريباً وسيستأنفها غداً الأربعاء، وتسلم رسائل مكتوبة من سكرتيره العسكري مرتين خلال إدلائه بشهادته، ليطلب للمرة الأولى وقف الجلسة موقتاً ويشدد على ضرورة مواصلة مهماته رئيساً للوزراء.
مهاجمة الإعلام
وهاجم نتنياهو وسائل الإعلام الإسرائيلية بسبب ما وصفه بموقفها اليساري، واتهم الصحافيين باستهدافه لأعوام لأن سياساته لا تتفق مع الدفع نحو إقامة دولة فلسطينية، وقال للقضاة الثلاثة المعنيين بالقضية "انتظرت ثمانية أعوام حتى هذه اللحظة كي أقول الحقيقة، لكن أنا أيضاً رئيس وزراء وأقود البلاد في حرب على سبع جبهات، وأعتقد أنني قادر على التوفيق بين المهمتين".
ويواجه نتنياهو اتهامات في ثلاث قضايا تتعلق بتلقي هدايا من أصدقائه من رجال الأعمال وسعيه إلى منح خدمات تنظيمية لأباطرة الإعلام في مقابل تغطية إخبارية إيجابية عنه، بينما ينفي ارتكاب أية مخالفات ويدفع ببراءته.
وقال "لو كنت أريد تغطية جيدة فكل ما كان علي فعله هو الإشارة إلى حل الدولتين، ولو كنت قد تحركت خطوتين إلى تيار اليسار لحظيت بالإشادة".
ووقف نتنياهو داخل منصة الشهود ولم يجلس طوال فترة إدلائه بأقواله، وصور نفسه في إجابات طويلة على أنه مدافع قوي عن أمن إسرائيل، وأنه يقاوم ضغوطاً من قوى دولية ووسائل إعلام محلية معادية.
محاكمة في قاعة تحت الأرض
وظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي مبتسماً عندما دخل محكمة تل أبيب الجزئية في نحو الساعة الـ 10صباحاً (08:00 بتوقيت غرينتش)، ونقلت المحاكمة من القدس لأسباب أمنية غير معلنة لتعقد في قاعة محكمة تحت الأرض.
وقبل أن يدلي نتنياهو بأقواله قدم محاميه أميت حداد للقضاة ما يعتبره الدفاع عيوباً أساسية في التحقيق، وقال إن المدعين العامين "لم يكونوا يحققون في جريمة، بل كانوا يستهدفون شخصاً".
وتجمع بضع عشرات من المحتجين في الخارج بعضهم من المؤيدين له وبعضهم الآخر يطالبه ببذل مزيد من الجهد للتفاوض على إطلاق نحو 100 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشن إسرائيل حرباً على قطاع غزة منذ أكثر من عام، وخلال هذه الفترة سمح لنتنياهو بتأجيل بدء مثوله أمام المحكمة، لكن قضاة قرروا الخميس الماضي أنه يتعين على رئيس الوزراء البدء في الإدلاء بأقواله.
وخلال الفترة التي سبقت موعد محاكمته عاد نتنياهو لخطاب ما قبل الحرب المألوف ضد سلطات إنفاذ القانون، ووصف التحقيقات ضده بأنها حملة شعواء.
انقسامات في إسرائيل
وقبل الحرب أدت المشكلات القانونية التي واجهها نتنياهو إلى انقسام شديد بين الإسرائيليين، كما أربكت الساحة السياسية خلال خمس جولات من الانتخابات وأدت محاولة حكومته العام الماضي الحد من صلاحيات القضاء إلى زيادة انقسام الإسرائيليين.
وأدى الهجوم المباغت الذي شنته "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والحرب التي تلته على قطاع غزة إلى إبعاد محاكمة نتنياهو عن الاهتمام العام في إسرائيل، إذ اتحد الإسرائيليون في ظل حال من الحزن والصدمة، لكن مع استمرار الحرب انهارت الوحدة السياسية.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، وبعد هدوء القتال على إحدى الجبهات بتوصل إسرائيل إلى وقف لإطلاق النار مع "حزب الله" اللبناني، اندلع صراع بين أعضاء حكومة نتنياهو، ومنهم وزيرا العدل والأمن، وبين السلطة القضائية.
وتفاقمت مشكلاته القانونية في الداخل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقه ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، إضافة إلى قيادي في "حماس" بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
ونتنياهو (75 سنة) الذي تولى السلطة بصورة متواصلة تقريباً منذ عام 2009، هو الزعيم الأطول بقاء في السلطة في تاريخ إسرائيل وأول رئيس وزراء في منصبه يتهم بارتكاب جرائم.
ثلاث قضايا
وبدأت محاكمة نتنياهو عام 2020 في ثلاث قضايا جنائية.
الأولى هي "القضية 4000"، التي يقول ممثلو الادعاء فيها، إن نتنياهو منح مزايا تنظيمية بقيمة 1.8 مليار شيكل (نحو 500 مليون دولار) لشركة "بيزك" الإسرائيلية للاتصالات. وسعى في المقابل كما يقول ممثلو الادعاء، للحصول على تغطية إيجابية لنفسه وزوجته سارة على موقع إخباري يديره رئيس الشركة السابق شاؤول إلوفيتش. وفي هذه القضية، اتهم نتنياهو بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
الثانية هي "القضية 1000"، واتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاحتيال وخيانة الأمانة للاشتباه بأنه وزوجته تلقيا بصورة غير قانونية ما يقارب 700 ألف شيكل (210 آلاف دولار) في شكل هدايا من أرنون ميلشان، وهو مواطن إسرائيلي ومنتج في هوليوود، ومن رجل الأعمال الأسترالي الملياردير جيمس باكر. وقال ممثلو الادعاء، إن الهدايا شملت زجاجات شمبانيا وأنواعاً من السيجار الفاخر مقابل مساعدة نتنياهو لميلشان في مصالحه التجارية. ولا يواجه باكر وميلشان أي اتهامات.
الثالثة هي "القضية 2000" التي يقال فيها إن نتنياهو تفاوض على صفقة مع أرنون موزيس، مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، تقوم الصحيفة بموجبها بتقديم تغطية إيجابية عنه في مقابل تشريع لإضعاف صحيفة منافسة. وفي هذا الصدد، اتهم نتنياهو بالاحتيال وخيانة الأمانة.
في الأثناء وبموجب القانون الإسرائيلي، فإن رئيس الوزراء غير مجبر على التنحي ما لم تتم إدانته. وإذا استأنف على حكم الإدانة، فيمكنه الاحتفاظ بمنصبه طوال عملية الاستئناف.
وفي إسرائيل، تصل عقوبة تهم الرشوة إلى السجن لمدة 10 أعوام و/أو غرامة. ويعاقب على الاحتيال وخيانة الأمانة بالسجن لمدة تصل إلى ثلاثة أعوام. وما لم يسع نتنياهو للتوصل إلى اتفاق بإقرار بالذنب، فمن غير المرجح صدور حكم عليه قريباً إذ قد يستغرق الأمر أشهراً عدة أخرى قبل أن يقول القضاء كلمته.