ملخص
مع سقوط النظام في دمشق قبل أيام، برزت جملة قضايا شائكة داخل لبنان منها عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، والمقدر عددهم بنحو مليونين، وكذلك مسألة الاتفاقات المشتركة بين البلدين، وأيضاً ما قيل إنه هروب شخصيات من النظام السوري إلى لبنان ومن لبنان إلى وجهة أخرى.
فما آخر المعطيات في هذا الملف؟
تتفاعل تباعاً تأثيرات سقوط النظام السوري وفرار بشار الأسد وعائلته إلى روسيا على الداخل اللبناني بشكل مستمر، نظراً للحدود المشتركة التي تجمع البلدين والتي تقدر بـ 375 كيلومتراً وكذلك تداخل الشأنين السوري واللبناني على مدى أكثر من 50 عاماً، بدءاً من دخول الجيش السوري إلى لبنان خلال الحرب الأهلية عام 1976 مروراً بالوصاية السورية على لبنان والتدخل المباشر بسياسته الداخلية، وصولاً إلى خروج الجيش السوري عام 2005 بعد اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري.
لكن مع سقوط النظام في دمشق قبل أيام، برزت جملة قضايا شائكة منها عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، والمقدر عددهم بنحو مليونين، وكذلك مسألة الاتفاقات المشتركة بين البلدين، وأيضاً ما قيل إنه هروب شخصيات من النظام السوري إلى لبنان ومن لبنان إلى وجهة أخرى.
تداولت وسائل إعلام كثيرة هذه المسألة في اليومين الماضيين، بين من أكد أنها صحيحة وعرض بالأسماء الشخصيات الموجودة في لبنان وفي أية مناطق يوجدون، فيما خرجت وسائل إعلام أخرى لتؤكد أن هذا الخبر غير صحيح وأن الموجود هنا هم عائلات لشخصيات من النظام وسبق أن كانت موجودة أو تتردد باستمرار حتى قبل سقوط نظام الأسد وهي من حملة الإقامة اللبنانية.
كما قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن كبار المسؤولين في النظام السوري المخلوع فرّوا عبر الحدود إلى لبنان بمساعدة "حزب الله".
من الأسماء مطلوب لبنانياً ودولياً
ضمن الأسماء المتداولة أنها موجودة في لبنان بعد فرار بشار الأسد، المدير السابق لمكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك، رجال أعمال سوريين ومنهم خالد قدور وزوجة خال بشار الأسد أي والدة رامي مخلوف، وأيضاً بشرى الأسد شقيقة بشار.
واللافت أن علي المملوك هو مطلوب لبنانياً لاتهامه بالضلوع في تفجير مسجدي التقوى والسلام في طرابلس عام 2023، وكذلك في قضية نقل المتفجرات من سوريا إلى لبنان بسيارة الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة، المعروف عنه قربه من النظام السوري السابق عام 2012 لتنفيذ أعمال إرهابية داخل لبنان.
كما أن المطلوب مدرج على لائحة العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانية والكندية.
تؤكد معلومات خاصة لـ "اندبندنت عربية" أن ما تم تداوله في هذا الملف صحيح لناحية دخول شخصيات مقربة من النظام السوري إلى لبنان، من دون تأكيد أسمائهم، لكن المفارقة أن غالبية هؤلاء عادت وغادرت لبنان بعد ساعات إلى وجهة أخرى عبر مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت، ولم تبق غالبيتها هنا، وسط ضبابية في المعلومات عمن بقي منها هنا.
البلاد تحولت نقطة "ترانزيت"
يوضح مصدر قضائي أن ما حصل في لبنان في الأيام القليلة الماضية حول البلاد إلى نقطة "ترانزيت" لهذه الشخصيات وليس نقطة بقاء، واصفاً الوضع عند الحدود بين البلدين وبالتحديد عند نقطة المصنع بأنه وضع فوضوي ما يعني أن كل شيء ممكن.
ويضيف أن بعض هذه الشخصيات تحمل إقامة لبنانية لامتلاكها شقة وهي كانت تتردد باستمرار إلى لبنان، كما أنها من عائلة الأسد لكنها ليست من الشخصيات المطلوبة قضائياً، ودخولها إلى لبنان كان "قانونياً".
ما يعزز من فرضية دخول هذه الشخصيات أن الوضع على معبر المصنع بين لبنان وسوريا كان متفلتاً في الساعات الأولى بعد سقوط الأسد وقد سجلت محاولة دخول مئات السوريين إلى الداخل اللبناني وسط حالة من الفوضى، قبل أن يعود ويضبط أمنياً من الجانب اللبناني.
فيما يذهب البعض نحو فرضية أن يكون هؤلاء قد دخلوا بأسماء مستعارة وهويات مزورة وعبروا النقاط الحدودية بين البلدين.
ناهيك عن أن جزءاً من المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان لا يزال قائماً، بدليل ما تسرب في الإعلام عن خروج مئات العناصر من "حزب الله" من محافظة حمص السورية المحاذية للبنان، وهم دخلوا من معابر شمالية نحو المنطقة القريبة من مدينة الهرمل البقاعية شرق البلاد.
وفي السياق يكشف تقرير نشرته “لوفيغارو” الفرنسية، نقلاً عن مصدر لبناني، أن المستشارة الرئاسية بثينة شعبان هربت الى لبنان، بعد فقدان التواصل مع بشار الأسد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يعلق الناشط والمحامي شربل عيد على هذه الأخبار بالقول إنهم حتى الساعة غير متأكدين من صحتها، لكنهم يرجحون أن تكون صحيحة انطلاقاً من الفوضى التي كانت موجودة عند معبر المصنع خلال الساعات الأولى التي تلت فرار الأسد، وأكد أنهم سيتابعون هذا الملف وإن تأكد وجود المسؤولين السوريين في بيروت فسيطالبون القضاء اللبناني بإصدار مذكرات إحضار بحقهم، وأن تعتقلهم الأجهزة الأمنية وصولاً ربما إلى إصدار مذكرات دولية. ويضيف مشدداً على أن الخطوط غير الشرعية بين لبنان وسوريا لا تزال مفتوحة وهي الخطوط التي تتضمن عبور السيارات الصغيرة وكذلك الأشخاص سيراً على الأقدام، والتي تعرف بأنها المعابر غير الشرعية بين البلدين.
في هذا السياق خرج وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي لينفي الأخبار التي تحدثت عن دخول مسؤولين من النظام السوري السابق إلى لبنان، معتبراً أن الأمر يقتصر على وجود عائلاتهم في لبنان.
أيضاً سارع المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي للقول إن رئيس الحكومة يتابع هذا الموضوع عن كثب، وقد أجرى لهذه الغاية اتصالات مكثفة بكل من وزير العدل هنري خوري، ومدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، والمدير العام للأمن العام بالتكليف اللواء الياس البيسري، وأعطى توجيهاته بأن يصار إلى الاحتكام بهذا الملف إلى ما تفرضه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، وتحت إشراف القضاء المختص وفي ما يؤمن مصلحة لبنان واللبنانيين ومستقبل العلاقات مع الشعب السوري، من دون أن ينفي أو يؤكد صحة الأخبار المتداولة، ما عده البعض تأكيداً ضمنياً.
وقد أثار هذا الملف حالة من الغضب بين اللبنانيين الذين عبروا عن امتعاضهم، وخرجت منشورات في عالم التواصل الاجتماعي تطالب وزير الداخلية بتوقيف هؤلاء الأشخاص بخاصة من هم مطلوبون للقضاء اللبناني وكذلك دولياً.
الأمن العام يرد عبر بيان
الأمن العام اللبناني قال بدوره في بيان، إن معبر المصنع يشهد تدفقاً لعدد كبير من الوافدين السوريين، ويقوم الجيش والأمن العام باتخاذ الإجراءات لمنع وصولهم إلى الحدود قبل التأكد من استيفائهم شروط الدخول إلى لبنان، الأمر الذي تسبب بزحمة سير على الطريق الدولي لعدة أيام. وأكد أيضاً أنه لن يسمح بمرور أي شخص مطلوب للقضاء الدولي أو المحلي.
لكن سياسيين وفاعلين في لبنان رفعوا تساؤلات في الإعلام حول هذا الملف. وتوجه رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع بسؤال إلى رئيس الحكومة ووزير الداخلية جاء فيه "هل صحيح أن بعض ضباط الأمن العام يتعاونون مع مجموعة أمنية من مخلفات "حزب الله" لإدخال عصابات من مخلفات نظام الأسد إلى لبنان؟... إذا لم يكن ذلك صحيحاً، فالمطلوب الإعلان رسمياً عن ذلك بوضوح تام وبالوقائع".
بدورها، نقلت قناة "أل بي سي" اللبنانية عن المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية السورية عبيدة أرناؤوط قوله إن القضاء السوري سيأتي بمجرمي النظام السوري الذين فروا إلى لبنان.
كذلك أثار الحزب "التقدمي الاشتراكي" هذا الأمر منبهاً إلى ورود أخبار عن هروب بعض قيادات النظام السابق في سوريا إلى لبنان عبر المعابر الشرعية أو عبورهم من لبنان إلى دول أخرى، محذراً من خطورة تحويل لبنان إلى ملجأ آمن لهؤلاء، ودعا الدولة بكل مؤسساتها الأمنية والقضائية إلى تدارك هذا الوضع.