ملخص
بدأ بعض المسؤولين بالإشارة إلى أنهم في حاجة إلى رؤية دلائل ملموسة على تحسن التضخم أو تراجع سوق العمل قبل الاستمرار في خفض كلف الاقتراض، وقالت رئيسة "الفيدرالي" في كليفلاند بيث هاماك خلال وقت سابق من هذا الشهر "نحن عند أو قريبون من نقطة يصبح من المنطقي فيها إبطاء وتيرة خفوض الفائدة"
يرى المستثمرون أن خفض الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) هذا الأسبوع شبه مؤكد، لكن حال استمرار الخفوض ستكون أقل وضوحاً داخل البنك المركزي إذا استمر الاقتصاد في أدائه القوي.
وأشار "الفيدرالي" أخيراً إلى أن خفض الفائدة هذا الأسبوع قد يكون نهاية المرحلة الأولى من خطة خفض معدلات الفائدة، ففي هذه المرحلة كان معيار الخفض منخفضاً نسبياً، إذ أبقى كلف الاقتراض عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة وانتظر بضعة أشهر إضافية للتأكد من أن التضخم يقترب من هدفه ويتجه نحو الانخفاض.
وبدأ المسؤولون في خفض معدلات الفائدة خلال سبتمبر (أيلول)الماضي بنصف نقطة مئوية، ثم بمقدار ربع نقطة الشهر الماضي، وهذا الأسبوع هو الثالث على التوالي.
وعلى مدى العام الماضي رفع مسؤولو "الفيدرالي" تدرجاً توقعاتهم لمستوى أسعار الفائدة النهائي، ومن المحتمل أن يستمر هذا التوجه في التوقعات المحدثة هذا الأسبوع.
وبدأ بعض المسؤولين بالإشارة إلى أنهم في حاجة إلى رؤية دلائل ملموسة على تحسن التضخم أو تراجع سوق العمل قبل الاستمرار في خفض كلف الاقتراض، وقالت رئيسة "الفيدرالي" في كليفلاند بيث هاماك خلال وقت سابق من هذا الشهر "نحن عند أو قريبون من نقطة يصبح من المنطقي فيها إبطاء وتيرة خفوض الفائدة".
وأشادت بحالين مماثلتين في التسعينيات عندما خفض "الفيدرالي" الفائدة بسرعة بمقدار 0.75 نقطة مئوية ثم توقف عن اتخاذ خطوات إضافية.
ويواجه رئيس "الفيدرالي" جيروم باول تحفظات متزايدة من زملائه المشككين في الخفوض، وبذلك قد يكون المسار الأقل مقاومة هو الجمع ما بين خفض الفائدة هذا الأسبوع وتوجيه إشارات تفيد بإمكان الانتظار اجتماعاً واحداً أو أكثر قبل إقرار أي خفوض جديدة.
وتوقع مسؤولو "الفيدرالي" في اجتماع سبتمبر الماضي أربع خفوض للفائدة في عام 2025، لكن من المرجح أن تظهر توقعاتهم الجديدة خفوضاً أقل قد تصل إلى واحد أو اثنين وحسب.
الاقتراب من المعدل المحايد
ومن المتوقع أن يعمق اجتماع هذا الأسبوع النقاشات حول قضيتين قد تحددان اتجاه معدلات الفائدة خلال العام المقبل، وهما موقع المعدل المحايد للفائدة واحتمال تغييرات في السياسة من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب.
ويعتبر المعدل المحايد بمثابة الهدف الأساس، وهو المستوى الذي لا يشجع ولا يبطئ النشاط الاقتصادي، لكن تحديد مكان هذا المعدل ليس أمراً بسيطاً، إذ يملك الاقتصاديون تقديرات عدة، فكلما اقترب "الفيدرالي" من التقديرات المحايدة كلما ضعف الدعم للخفض إذا استقرت معدلات التضخم ولم تضعف سوق العمل.
وفي الوقت الحالي أشار كثير من المسؤولين إلى أن المنطق الذي يدعم خفض الفائدة في الشهر الماضي من المحتمل أن يكون صالحاً مرة أخرى، وقال كبير الاقتصاديين في صندوق التحوط "بوينت 72" لإدارة الأصول دين ماكي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "حجة الخفض هي أنهم ما زالوا يعتقدون أنهم بعيدون جداً من المعدل المحايد، والتضخم يبدو في مسار تنازلي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد يؤدي عدم تنفيذ خفض الفائدة الذي يتوقعه الآن المستثمرون إلى مزيد من الالتباس في شأن ما يفعله "الفيدرالي"، ومن غير المرجح أن تكون التطورات الأخيرة في التضخم وأسواق العمل ذات دلالة كافية لتغيير توقعات المسؤولين لعام أو عامين مقبلين، وهي الأكثر أهمية عند النظر في تحديد معدلات الفائدة، وحتى مع خفض ربع نقطة أخرى في سعر الفائدة فستظل معدلات الفائدة أعلى من معظم التقديرات المحتملة للمعدل المحايد والتي تراوح ما بين 2.5 وأربعة في المئة، بينما يبلغ معدل الفائدة القياسي لـ"الفيدرالي" حالياً 4.6 في المئة.
وفيما قال نائب رئيس البنك السابق دونالد كون "يبدو أن لديك نحو 50 إلى 75 نقطة أساس أخرى لتصل إليها"، فقد يعارض بعض المسؤولين مزيداً من الخفض لأنهم يعتقدون أن الاقتصاد لا يستدعي معدلات فائدة منخفضة، ولأن المعدلات أقرب إلى المعدل المحايد مما تشير إليه النماذج، كما قد يشعر بعض المسؤولين بالقلق من استمرار خفض الفائدة في ظل الارتفاع السريع في أسعار الأصول مثل الأسهم و"بيتكوين"، وهو ما قد يعزز الإنفاق ويمنع التضخم من الانخفاض أكثر، ليتساءل ماكي "هل ستسكب البنزين على النار؟ لا أعرف".
ومن المرجح أن يكون أولئك الذين يشككون في الخفض أكثر اقتناعاً بآرائهم لأن سوق العمل لم تضعف بالقدر الذي كان بعضهم يخشاه في نهاية الصيف، كما أن تقدم التضخم قد تعثر أخيراً، وقال ماكي "لم يكن الوضع كارثياً ولكن التضخم لم يكن كما كان يتمنى بعضهم".
ترمب وإعادة تشكيل آفاق النمو
وفي حين قد تعيد التغييرات المقترحة من ترمب في السياسات التجارية والهجرة والتنظيمات والضرائب تشكيل آفاق النمو والتوظيف والتضخم خلال الأعوام المقبلة، فسيبدأ المسؤولون في التعامل مع هذه التحولات خلال اجتماعهم هذا الأسبوع، وعلى سبيل المثال قد تدفع عمليات الترحيل وعكس السياسات المتساهلة في مجال الهجرة إلى زيادة الأجور ولكنها قد تثبط الطلب، وقد تؤدي الرسوم الجمركية إلى رفع الأسعار لكنها قد تقلص الهوامش وتقوي الدولار أو تؤثر في معنويات الأعمال، في حين قد تساعد أية زيادة في إنتاج الطاقة في تعويض زيادات الأسعار في أماكن أخرى.
ونظراً إلى هذا الغموض قال باول إن "الفيدرالي" يجب ألا يبالغ في التنبؤ أو تقديم تخمينات حول تأثيرات هذه السياسات، وفي حديث له خلال وقت سابق من هذا الشهر سرد قائمة من المجهولات حول الرسوم الجمركية، بما في ذلك المنتجات والدول التي ستواجهها وحجمها ومدى تحذير الشركات منها وكيف ستستجيب الدول الأخرى، قائلاً "يجب أن نترك هذا يتكشف".
ومن المرجح أن يُطلع المسؤولون من قبل الاقتصاديين في "الفيدرالي الأميركي" على التأثيرات المحتملة للاقتصاد في ظل مجموعة من السيناريوهات، وأضاف باول "نحن نقوم بنمذجتها ونراقب، ولكن القرارات التي نتخذها الآن ليست حول ذلك".
وقد ردد كثير من المسؤولين هذا الرأي، فقال رئيس "الفيدرالي" في أتلانتا رافائيل بوستيك للصحافيين هذا الشهر إنه طلب من فريقه "أن ينتظر لأطول فترة ممكنة" قبل تضمين الافتراضات حول تغير السياسات في التوقعات الخاصة بالبنك وتحديد أسعار الفائدة المناسبة.
وقال رئيس "الفيدرالي" في سانت لويس ألبرتو موسالم الشهر الماضي إن "اجتماع الشهر الجاري بالتأكيد باكر جداً لتبدأ في دمج التغييرات السياسية المحتملة في آرائي الشخصية أو توقعاتي".
لكن بعض المسؤولين السابقين يقولون إن على "الفيدرالي" دمج التغييرات المحتملة في الهجرة والتجارة في توقعاته، لأن هذه السياسات لا تتطلب موافقة الكونغرس، وقد هدد ترمب بفرض الرسوم الجمركية وبدء عمليات الترحيل من اليوم الأول لإدارته.
وقال إريك روزنغرين الذي كان رئيساً لـ "الفيدرالي" في بوسطن بين عامي 2007 و2021 للصحيفة نفسها إن "من الصعب القول إنك ستتجاهل شيئاً من المفترض أن يحدث في الـ 20 من يناير (كانون الثاني) المقبل وأنت تصدر توقعاتك منتصف ديسمبر (كانون الثاني) الجاري".
وأشار رئيس "الفيدرالي" في شيكاغو أوستين غولسبي إلى ذلك التوازن قائلاً "لست مرتاحاً لتحديد السياسات استناداً إلى تكهنات سياسية"، موضحاً "لا أعتقد أننا يجب أن نكتفي بالتصرف رداً على أفعالنا".