ملخص
قال أطباء وممرضات قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" إن "عدداً من مرضاهم توفوا بسبب أمراض وعدوى يمكن الوقاية منها، وجروح قابلة للشفاء، بسبب الجفاف وغياب المياه".
وقال التقرير إن إحدى الممرضات في غرفة الطوارئ قالت إنها اضطرت إلى اتخاذ قرار "بعدم إنعاش الأطفال الذين كانوا يعانون سوء تغذية وجفافاً شديداً".
اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية اليوم الخميس إسرائيل بارتكاب "أعمال إبادة جماعية" في الحرب التي تخوضها ضد حركة "حماس" في غزة بسبب فرضها قيوداً على وصول جزء من سكان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على تل أبيب.
تنديد إسرائيلي
في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية الخميس أن تقرير المنظمة مجرد "افتراء".
وقالت الوزارة في بيان "مرة أخرى تنشر 'هيومن رايتش ووتش' افتراءاتها الدموية من أجل تعزيز دعايتها المناهضة لإسرائيل... هذا التقرير مليء بالأكاذيب المروعة حتى عند مقارنته بمعايير 'هيومن رايتس ووتش' غير الدقيقة فعلاً".
الحرمان من المياه
وفي تقرير جديد ركز على المياه، قالت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقراً إن "السلطات الإسرائيلية فرضت عمداً على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية مصممة لتدمير جزء من السكان، وذلك من خلال تعمد حرمان المدنيين الفلسطينيين هناك من الوصول إلى المياه بصورة كافية". وأضافت أن هذه القيود أدت "على الأرجح إلى آلاف الوفيات... ومن المحتمل أن يستمر التسبب في الوفيات".
وتابع التقرير "منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عمدت السلطات الإسرائيلية إلى عرقلة وصول الفلسطينيين إلى الكمية الكافية من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة في قطاع غزة".
وتطرق تقرير "هيومن رايتس ووتش" بالتفصيل إلى ما وصفته المنظمة "حرماناً متعمداً من المياه الآمنة للشرب والصرف الصحي اللازمة للحد الأدنى من بقاء الإنسان على قيد الحياة".
أفعال إبادة جماعية
كما أوقفت إسرائيل، وفق التقرير، "ضخ المياه إلى غزة وقيّدت وعطلت معظم البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود... ومواد معالجة المياه وأصابتها بأضرار ومنعت دخول إمدادات المياه الأساسية".
وبحسب التقرير فإن السلطات الإسرائيلية "خلقت عمداً ظروفاً معيشية مصممة لإلحاق التدمير المادي بالفلسطينيين في غزة كلياً أو جزئياً".
وخلُص التقرير إلى أن هذه الأفعال تشكل جريمة حرب متمثلة بـ"الإبادة" وبـ"أفعال إبادة جماعية".
لكن "هيومن رايتس ووتش" لم تؤكد بصورة قاطعة أن إسرائيل ارتكبت "إبادة جماعية".
ووفقاً للقانون الدولي يتطلب إثبات الإبادة الجماعية وجود أدلة على نية محددة، وهو أمر يصعب إثباته بحسب خبراء.
لكن المنظمة الحقوقية أشارت إلى "وجود قصد للإبادة الجماعية من هذه السياسة، إلى جانب التصريحات التي تشير إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين رغبوا في تدمير الفلسطينيين في غزة، ومن ثم فإن هذه السياسة قد ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية".
فرض الحصار الكامل
وخلال إحاطة حول التقرير، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لما فقيه، إنه وفي ظل غياب "خطة واضحة معبّرة" لارتكاب الإبادة الجماعية، قد تجد محكمة العدل الدولية أن الأدلة تفي بـ"الحدود الصارمة" للاستدلال المنطقي على نية الإبادة الجماعية".
وأشارت المنظمة إلى تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت في أكتوبر 2023 عندما أعلن فرض "حصار كامل" على غزة، وقال "لن تكون هناك كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق".
وفي الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، اتهمت "منظمة العفو الدولية" إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، مما أثار رد فعل غاضباً في الدولة العبرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"أهداف عسكرية مشروعة"
وتصر إسرائيل على أن أعمالها في غزة تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية مشروعة، وتنفي اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تدمر عمداً السكان وتقول إنها تسهل إيصال المساعدات.
وتقرير "هيومن رايتس ووتش" الذي استغرق إعداده عاماً استند إلى مقابلات مع عشرات من سكان القطاع وموظفين في منشآت المياه والصرف الصحي ومسعفين وعمال إغاثة، إضافة إلى صور بالأقمار الاصطناعية وبيانات وتحليل للصور والفيديوهات.
وقالت المنظمة إن السلطات الإسرائيلية لم ترد على طلباتها للحصول على معلومات.
الأمراض المرتبطة بالمياه
ووفقاً للتقرير فإنه وبسبب تدمير نظام الرعاية الصحية فإن الحالات المؤكدة للأمراض والعلل والوفيات التي يحتمل ارتباطها بالأمراض المنقولة بالمياه والجفاف والجوع لم تُتبع أو يُبلغ عنها بصورة منهجية.
وأضاف التقرير أن مئات آلاف الفلسطينيين أصيبوا بأمراض وحالات صحية من المرجح أن يكون الحرمان من المياه الآمنة والكافية قد تسبب بها أو أسهم فيها، ومنها الإسهال والتهاب الكبد الوبائي وأمراض جلدية والتهابات في الجهاز التنفسي العلوي.
وأكد التقرير أن الحرمان من المياه "ضار بصورة خاصة بالرضع والنساء والحوامل والمُرضعات والأشخاص ذوي الإعاقة".
كما واجهت المنشآت الطبية في قطاع غزة صعوبة في الحفاظ على أدنى مستويات النظافة.
ووفقاً للمقابلات التي أجرتها "هيومن رايتس ووتش" مع مختصين بالرعاية الصحية وعلماء أوبئة "فمن المرجح أن يكون آلاف الناس قد توفوا نتيجة أفعال السلطات الإسرائيلية".
وقال أطباء وممرضات قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" إن "كثيراً من مرضاهم توفوا بسبب أمراض وعدوى يمكن الوقاية منها، وجروح قابلة للشفاء، بسبب الجفاف وغياب المياه".
وقال التقرير إن إحدى الممرضات في غرفة الطوارئ قالت إنها اضطرت إلى اتخاذ قرار "بعدم إنعاش الأطفال الذين كانوا يعانون سوء تغذية وجفافاً شديداً".
منع مزيد من الأذى
ودعت المنظمة الحقوقية إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات عدة، بما في ذلك "ضمان توفير المياه الكافية والوقود والكهرباء لقطاع غزة على الفور".
وطالبت "هيومن رايتس" المجتمع الدولي بـ"اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع مزيد من الأذى". وأضافت أن "على الحكومات التي تسلّح إسرائيل أن تضع حداً لخطر التواطؤ في الجرائم الفظيعة في غزة، وتتخذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بحظر الأسلحة والعقوبات الموجهة ودعم العدالة".