ملخص
في ظل العنف المستمر ترعى الولايات المتحدة ومصر وقطر مفاوضات لوقف الحرب وتأمين إطلاق سراح العشرات من الرهائن الذين لا تزال "حماس" تحتجزهم في غزة. والثلاثاء الماضي أبدت الولايات المتحدة "تفاؤلاً حذراً" في شأن احتمالات التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
أعلنت ثلاث فصائل فلسطينية هي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" اليوم السبت، غداة اجتماع في القاهرة أن التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بات "أقرب من أي وقت مضى" إذا لم تضع تل أبيب "شروطاً جديدة"، وذلك بينما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام في القطاع ارتفعت إلى 45227 قتيلاً في الأقل.
وقالت الوزارة في بيان إنها أحصت خلال الساعات الـ24 الماضية 21 قتيلاً، لافتة إلى أن العدد الإجمالي للجرحى ارتفع إلى 107573 منذ بدأت الحرب.
وصرح مسعفون لـ "رويترز" اليوم السبت إن خمسة أشخاص بينهم طفلان قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في مخيم النصيرات للاجئين بوسط قطاع غزة.
الحرص على وقف الحرب
وقالت "حماس" في بيان إنّ وفوداً تمثل الفصائل الفلسطينية الثلاث اجتمعت في القاهرة مساء أمس الجمعة واتفقت على أنّ "إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أي وقت مضى إذا توقف العدو عن وضع اشتراطات جديدة".
وأكد البيان "حرص الجميع على وقف الحرب على شعبنا".
وجرت الأسبوع الماضي مفاوضات غير مباشرة في العاصمة القطرية الدوحة بين "حماس" وإسرائيل بوساطة مصرية وقطرية.
وكانت "حماس" أعلنت في بيان مقتضب قبل بضعة أيام أن التوصل لاتفاق بات قريباً في حال لم تضع إسرائيل شروطاً جديدة.
وقال قيادي في "حماس" لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "المحادثات قطعت شوطاً كبيراً ومهماً وتمّ الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف النار وتبادل الأسرى، وبقيت بعض النقاط العالقة لكنها لا تعطل". وأضاف مشترطاً عدم نشر اسمه "الاتفاق يمكن أن يرى النور قبل نهاية العام الحالي إذا لم يعطّله (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو بشروط جديدة".
وأوضح أن "الاتفاق في حال تم إعلانه وتنفيذه سيقضي بوقف للحرب بصورة تدرجية والانسحاب العسكري من القطاع بصورة تدرجية، لكن الاتفاق ينتهي بصفقة جادة لتبادل الأسرى ووقف دائم للحرب وانسحاب كلّي من القطاع وعودة النازحين، وعدم العودة إلى الأعمال القتالية بضمانات الوسطاء الدوليين، والإعمار".
وفي بيانها، قالت "حماس" إن الفصائل بحثت في القاهرة أيضاً "آخر التطورات المتعلقة بلجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة" في اليوم التالي للحرب.
وثمّنت الفصائل الثلاث، بحسب البيان، الجهود المصرية لـ"تشكيل اللجنة والإعلان عنها في أقرب فرصة ممكنة".
كما اتفقت الفصائل على الاجتماع مجدداً "قريباً لاستكمال وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة بعد الحرب".
وكانت "حماس" و"فتح" اتفقتا في القاهرة قبل بضعة أسابيع على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي تتكوّن من 10 إلى 15 عضواً من شخصيات متخصصة وكفاءات مستقلة، لكن عدداً من قادة "فتح"، من بينهم عضو اللجنة المركزية في الحركة، جبريل الرجوب، عبّروا عن رفضهم لهذه اللجنة.
غارات إسرائيلية
وبعد نحو 14 شهراً من بدء الحرب بين إسرائيل و"حماس" في غزة لا تزال أعمال العنف تخيم على القطاع على رغم مواصلة وسطاء دوليين مساعيهم للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال مسعفون إن 25 فلسطينياً على الأقل قتلوا أمس الجمعة في غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة، من بينهم ثمانية في الأقل داخل شقة بمخيم النصيرات للاجئين بوسط قطاع غزة إلى جانب 10 آخرين، بينهم سبعة أطفال في جباليا.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إن هناك 10 قتلى في "مجزرة" ارتكبها الجيش الإسرائيلي "في حق عائلة خلة بعد استهدافهم بقصف جوي على منزلهم في جباليا النزلة"، مضيفاً أن جميع القتلى من العائلة نفسها، بينهم 7 أطفال أكبرهم في عمر 6 سنوات.
وأشار بصل إلى أن 15 شخصاً آخرين أصيبوا في الغارة. ولم يدل الجيش الإسرائيلي بتعليق فوري على الغارة.
عمليات قتل عشوائية
ورفض الجيش الإسرائيلي بشدة أمس الجمعة ما أوردته صحيفة إسرائيلية بارزة نقلاً عن جنود يخدمون في غزة عن وقوع عمليات قتل عشوائية للمدنيين الفلسطينيين في ممر نتساريم في القطاع.
ونقلت صحيفة "هآرتس" اليسارية التي واجهت انتقادات شديدة من الحكومة اليمينية، في تقرير عن جنود وضباط قولهم إن القادة مُنحوا سلطة تقديرية غير مسبوقة للعمل في قطاع غزة.
وورد في الشهادات أن القادة أمروا أو سمحوا بقتل نساء وأطفال ورجال عزل في ممر نتساريم، وهو شريط يبلغ عرضه سبعة كيلومترات يمتد من حدود غزة مع إسرائيل وصولاً إلى شاطئ البحر، وقد حولت إسرائيل الممر إلى منطقة عسكرية.
ونقل التقرير عن ضابط قوله إن إحدى الحوادث أعلن إثرها مسؤول عسكري عن مقتل 200 مسلح، بينما "تم تأكيد مقتل 10 نشطاء فقط معروفين بانتمائهم لـ(حماس)".
"لا استثناءات"
وقال جنود لصحيفة "هآرتس" إنهم تلقوا أوامر بفتح النار على "أي شخص يدخل" نتساريم. ونقل جندي عن قائد كتيبة قوله "أي شخص يتجاوز الخط هو إرهابي. لا استثناءات، ولا مدنيون. الجميع إرهابيون". ووصف الجنود كيف حصل قادة الفرق على "صلاحيات موسعة" تسمح لهم بقصف المباني أو شن غارات جوية كانت تتطلب في السابق موافقة من أعلى مستويات الجيش.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم يتسن التحقق من التصريحات الواردة في تقرير "هآرتس" بصورة مستقلة. من جهته رفض الجيش هذه الاتهامات في بيان، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال الجيش إن "جميع الأنشطة والعمليات التي تقوم بها القوات في قطاع غزة، بما في ذلك في ممر نتساريم، تتم وفقاً لإجراءات قتالية منظمة وخطط وأوامر عملياتية معتمدة من أعلى الرتب".
وأضاف أن "جميع الضربات في منطقة (نتساريم) تجري وفقاً للإجراءات والبروتوكولات الإلزامية، بما في ذلك الأهداف التي تضرب في إطار زمني عاجل بسبب الظروف العملياتية حينما تواجه القوات البرية تهديدات فورية". وأكد أن "الحوادث التي تثير مخاوف في شأن الخروج عن أوامر جيش الدفاع الإسرائيلي أو المعايير الأخلاقية تفحص وتعالج بدقة".
مشاهد غير إنسانية
في سياق متصل، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجنود الإسرائيليين تحدثوا إليها لأن "الشعب يحتاج إلى معرفة كيف تبدو هذه الحرب في الواقع، وما هي الأعمال الخطرة التي يرتكبها بعض القادة والجنود داخل غزة"، مؤكدين "إنهم في حاجة إلى معرفة المشاهد غير الإنسانية التي نعيشها".
واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
واعتبرت حركة "حماس" التي اتهمت أيضاً بعمليات قتل عشوائي للاسرائيليين ومدنيين آخرين في هجوم العام الماضي، في بيان أن تقرير "هآرتس"، "دليل جديد على جرائم حرب غير مسبوقة وعمليات تطهير عرقي مكتملة الأركان".