ملخص
تتزامن الخطوة السويدية مع دخول قانونين إسرائيليين لحظر أنشطة "أونروا" داخل إسرائيل ومنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات مع الوكالة، حيز التنفيذ اعتباراً من نهاية الشهر المقبل.
مع أن الحكومة السويدية علقت مطلع العام الحالي تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لأشهر عدة، بعد اتهام موظفين في الوكالة بالتورط في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لكنها قررت قبل أيام إنهاء كامل تمويلها للوكالة الأممية بحجة أنها "تمر بأزمة ثقة".
وجاء قرار إنهاء دعم الوكالة "صادماً" بالنظر إلى تاريخ السويد في دعمها للفلسطينيين عامة ولـ"أونروا" التي تعد رابع أكبر داعم لها، إضافة إلى أنها كانت تحشد دول العالم لدعم الوكالة.
مع السياسة الإسرائيلية
لكن السويد أعلنت أنها ستزيد مساعداتها المخصصة لقطاع غزة، وستقدمها عبر منظمات دولية أخرى غير الوكالة الأممية، "في موقف ينسجم مع السياسة الإسرائيلية".
وتتزامن الخطوة السويدية مع دخول قانونين إسرائيليين لحظر أنشطة "أونروا" داخل إسرائيل ومنع السلطات الإسرائيلية من إجراء اتصالات مع الوكالة، حيز التنفيذ اعتباراً من نهاية الشهر المقبل.
ويشير ذلك إلى أن الحظر الإسرائيلي لعمل الوكالة سيؤثر في دورها داخل القدس بصورة مباشرة، لكن نشاطها في الضفة وغزة سيستمر، إلى جانب الأردن وسوريا ولبنان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي فإن المنظمة "ملتزمة حماية ولاية ’أونروا‘ وامتيازاتها وحصانتها الدبلوماسية في جميع الأراضي الفلسطينية التي تخضع لسيادتها، وستدافع عن تفويضها، ولن تسمح لأية جهة بالعمل على تقويض ولايتها أو طرح بديل عنها بحسب الاتفاقات الثنائية الموقعة بينهما".
أبو هولي أوضح أن قوانين الكنيست الإسرائيلي ضد الـ"أونروا"، وهي غير ملزمة لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية.
لكن الحكومة السويدية بررت قرارها الأخير بأن حظر إسرائيل عمل الوكالة "سيجعل توجيه المساعدات للفلسطينيين عبرها أكثر صعوبة"، وفق وزيرها المعني بالمساعدات بنيامين دوسا.
وبحسب دوسا فإن المساعدات "يجب أن تصل إلى وجهتها وألا تعلق في حساب مصرفي، وبسبب قرار إسرائيل في الكنيست نحن مضطرون لتمرير المساعدات إلى منظمات أخرى".
لكن أبو هولي عدَّ تلك المبررات "غير مقنعة"، لأن "أونروا" منظمة دولية تعمل في خمس مناطق، والقرار السويدي يأتي في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة ضد قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر حظر الوكالة.
وطالب أبو هولي السويد بالتراجع عن قرارها، محذراً من اتباع دول أخرى الخطوة السويدية، ومشيراً إلى أن الوكالة مهددة "بالتفكيك، ليس بسبب القوانين الإسرائيلية فحسب، ولكن بسبب تجفيف الموارد المالية لها".
ورفض أبو هولي المبرر السويدي لوقف تمويل الوكالة، واستبدال ذلك بتمويل منظمات دولية لمساعدة الفلسطينيين، مضيفاً أن 17 منظمة دولية تعمل في قطاع غزة شددت على أنها لا تستطيع القيام بمهام "أونروا"، وأنه لا بديل عنها.
السامية وحق العودة
بدوره عبر القنصل العام السويدي في القدس جوليوس ليلجيستروم عن "تفهمه لمخاوف الجانب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الخارجية السويدية "ستدرس تلك المخاوف، وستعمل على رفع توصياتها لحكومتها بما يتماشى مع التزاماتها الدولية والإنسانية".
وبينما استقبلت تل أبيب القرار السويدي بالترحيب الشديد، عدته "أونروا" مخيباً للآمال في أسوأ الأوقات بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين، وفق المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني.
لكن المتحدث باسم حركة "فتح" في أوروبا جمال نزال رأى أن وقف السويد تمويل "أونروا" طابعه "تقني لضرورة عملية، ولا يشكل تحولاً جذرياً في الموقف السويدي الداعم لفلسطين".
وناشد نزال دول العالم باستمرار تمويل الوكالة "لتواصل عملها باعتبارها ركيزة من ركائز الاستقرار الاجتماعي، من ثم السياسي في المنطقة كلها".
الباحث في الشؤون الأوروبية محمد بركات يرى أن القرار السويدي في شأن "أونروا" يأتي "بسبب التغيير الحاصل في موقف ستوكهولم منذ تولي اليمين المتطرف زمام الحكم في السويد".
وأشار إلى أن السويد "تتحول من الدعم التاريخي للفلسطينيين إلى الانحياز لإسرائيل ومواقفها السياسية ومنها قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي تعد وكالة الـ(أونروا) عنواناً سياسياً لها".
وأوضح أن الحكومة السويدية "لديها شكوك بفعل التحريض الإسرائيلي بأن الوكالة تسهم من خلالها مناهجها التعليمية بتشجيع معاداة السامية".
وبحسب بركات فإن "السياسة الإسرائيلية أثرت في مواقف الحكومة السويدية، التي أصبحت تعد أن استمرار وجود الوكالة يعني استمرار مطالبة الفلسطينيين بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين".
وقبل أسبوعين اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يطلب فتوى من محكمة العدل الدولية حول التزامات إسرائيل، في ما يتعلق بوجود وأنشطة الأمم المتحدة ومنظمات أخرى في الأرض الفلسطينية، وذلك رداً على قوانين إسرائيلية حظرت عمل "أونروا".
وأعربت الجمعية العامة عن "القلق البالغ في شأن الحال الإنسانية في الأرض الفلسطينية"، وطالبت بأن "تحترم إسرائيل جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي"، وأعربت عن تقديرها لعمل وكالة "أونـروا" وبخاصة في قطاع غزة.
ومنذ تأسيسها بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 تقدم الوكالة خدماتها الصحية والإغاثية والتعليمية لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس داخل الضفة الغربية، بما فيها القدس وغزة ولبنان وسوريا والأردن.
وتجدد الجمعية العامة للأمم المتحدة تفويض الوكالة كل ثلاثة أعوام، كان آخرها عام 2023 عندما صوتت 157 دولة لمصلحة قرار تجديد التفويض، فيما صوتت خمس دول ضده هي إسرائيل وكندا وجزر المارشال، وميكرونيزيا وأميركا، وامتنعت أربع دول عن التصويت.