ملخص
رفضت منظمات الأمم المتحدة تولي مهام "أونروا"، ولكن عند إسرائيل خطة أخرى في جلب منظمات إنسانية لغزة، فهل تنجح؟
بصورة رسمية أبلغت إسرائيل الأمم المتحدة بأنها حظرت وكالتها المتخصصة في تقديم العون للاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وألغت معها الاتفاقية التي تسمح لها بالعمل في الأراضي الفلسطينية، ولكن سفير تل أبيب جلعاد إردان أكد أن بلاده ستواصل تقديم المساعدات لسكان غزة.
في رسالة إسرائيل الرسمية الموجهة من وزارة الخارجية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ذكرت تل أبيب أنها "سنواصل العمل مع الوكالات الأممية الأخرى، كما سنعمل على تقديم المعونات الغذائية المنقذة لحياة المدنيين في غزة".
مؤسسات الأمم المتحدة البديل
قبل أيام سن البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" تشريعاً يحظر "أونروا" ويوقفها عن العمل بصورة نهائية، ولكن هذه الخطوة تحتاج إلى خلق بدائل خاصة عند التعامل مع ملف قطاع غزة، إذ يأتي هذا القرار في ظل حرب مدمرة يعتمد فيها السكان إلى المعونات والمساعدات.
طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حكومته وضع خطة لما بعد "أونروا"، وجاءت الأفكار على أن تتولى مؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة مهام وكالة اللاجئين كل واحدة منهم حسب تخصصها.
تقوم أونروا بأنشطة مختلفة ومركبة في غزة، إذ تقدم الوكالة الأممية خدمات التعليم، واقترح نتنياهو أن يتولى هذا النشاط صندوق الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة "يونيسكو".
وكذلك تقدم "أونروا" خدمات الصحة والصحة الأولية، وبحسب المخطط الإسرائيلي فإن منظمة الأمم المتحدة للصحة العالمية تتولى هذه المهمة، وتقدم خدمات الرعاية للاجئين الفلسطينيين.
وفي ملف الإغاثة الغذائية فإن إسرائيل تقترح أن تتولى برنامج الأغذية العالمي هذه المهمة، ويتعاون معه المطبخ المركزي العالمي ومؤسسات أخرى. أما قضية رعاية وتسجيل اللاجئين فإن نتنياهو يخطط لأن يتوقف متابعة هذا الملف وتعمل منظمة الهجرة الدولية على إيجاد حلول لهذه القضية من خلال توطين اللاجئين أو تقديم تعويضات لهم أو أي حلول أخرى.
أميركا تشجع البدائل
بحسب المخطط الإسرائيلي فإن المهم هو تفكيك "أونروا"، أما خدماتها فإنه من السهل إيجاد منظمات دولية أو أممية قادرة على التعامل مع الجوانب التي كانت تقدمها وكالة اللاجئين الفلسطينيين.
وعلى رغم معارضة الولايات المتحدة ودول العالم لحظر "أونروا" فإن المخطط الإسرائيلي لخلق بدائل عنها وجد تأييد من أميركا وقد يحظى بعد ذلك في دعم دولي، يقول نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتل "الحلول المطروحة في هذا الشأن ممكنة". ويضيف، "يمكن توجيه التمويل الممنوح لـ(أونروا) إلى شركاء آخرين لتقديم المساعدات لقطاع غزة، مثل برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومنظمات مدنية أخرى، هذا قد يحل أزمة طويلة ومعقدة".
توزيع مهام "أونروا" على منظمات الأمم المتحدة الأخرى أمر ليس سهلاً بالمطلق، إذ يوجد للوكالات الأخرى أي بنية تحتية في غزة، بينما لوكالة اللاجئين الفلسطينيين مقار وبنية تحتية وشبكة مخازن وموظفين محترفين في البرامج التي تقدمها "أونروا".
"الصحة العالمية" تعارض
وجدت فكرة توزيع مهام "أونروا" معارضة الأمم المتحدة ومنظماتها، إذ رفضت منظمة الصحة العالمية تولي مهام تطعيم الأطفال وتقديم خدمات الرعاية الأولية ومتابعة النساء والحوامل في غزة، وعدت أنها غير جاهزة لهذه المهمة الصعبة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يقول مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، "حظر إسرائيل عمل (أونروا) لن يجلب الأمن ولا الصحة العالمية لقطاع غزة، إن هذا القرار يفاقم معاناة سكان غزة ويزيد من تفشي المرض". ويضيف، "(الأونروا) منظمة لا استغناء عنها، ولا نستطيع القيام بالمهام بديلاً عنها، باختصار الصحة العالمية لا يمكن أن تحل مكان (أونروا)، ثلث العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يشاركون في حملة التطعيم الجارية من شلل الأطفال يعملون مع (الأونروا)، فلا طواقم لنا هناك مثلهم".
"يونيسيف" و"الأغذية العالمي" لا يمكنهما العمل
وفيما يتعلق في رعاية الأطفال وتعليمهم، فإن مدير إعلام "يونيسيف" عمار عمار أكد أن "أونروا" هي "العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة، ولا يوجد بديل لها، حتى إن منظمة (يونيسيف) لا تستطيع أن تحل مكانها أو أن تقوم في دورها".
يتابع عمار، "يواجه أطفال غزة واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث إذا لم تتمكن (الأونروا) من العمل، فمن المرجح أن نشهد انهيار المنظومة الإنسانية في غزة، هذا القرار يعني أن إسرائيل عثرت على طريقة جديدة لقتل الأطفال، لا يمكن لأي وكالة تابعة للأمم المتحدة أن تتولى هذه المسؤولية".
وفيما يتعلق بأكثر شيء يحتاج إليه سكان غزة وهو الطعام، فإن برنامج الأغذية العالمي رفض تولي مهمة إطعام سكان غزة، وبحسب مدير مكتبه مارتن فريك فإنهم لا يمكن أن يكونوا بديلاً عن "أونروا" في قطاع غزة.
ويقول فريك، "لا نستطيع إدارة المدارس التي تحولت إلى ملاجئ ولا نفهم آلية إطعام النازحين في مراكز الإيواء داخل مقار (أونروا)، لا يمكن أن نقوم في مهام وكالة اللاجئين الفلسطينيين ولا تستطيع أي مؤسسة القيام بذلك".
الهجرة الدولية ستعمل ولكنها ليست بديلاً
وتؤكد رئيسة المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب أنها ستقدم دعماً ومساندة لسكان غزة بعد حظر "أونروا"، وأن منظمتها حريصة على مواجهة أزمات النازحين بعد القرار الإسرائيلي، لكنها تشير إلى أنه لا يمكن الاستغناء عن أونروا ولا تستطيع الهجرة الدولية أن تحل مكانها في غزة.
يختصر كل هذا الحديث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ويقول، "لا يوجد بديل لـ(الأونروا)".
في ظل رفض منظمات الأمم المتحدة أن تحل مكان "أونروا" فإن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس قرر التعامل مع منظمات أميركية تتولى بدورها مهام تقديم الخدمات الأساسية والغذائية لسكان غزة، ويقول، "نجحت في جلب منظمات إنسانية لغزة مثل أنيرا الأميركية والرحمة العالمية، نحن لا نحتاج إلى (أونروا) ولا نرغب بها".