Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حزب الله" يودع أسوأ أعوامه بالاختراق والاغتيال

التغلغل الاستخباراتي الإسرائيلي أفقده نفوذه ومواقعه العسكرية وتسبب في تصفية كبار قادته

زرعت إسرائيل أجهزة تعقب على صواريخ "فجر" للوصول إلى مواقع الذخائر والقواعد العسكرية السرية (أ ف ب)

ملخص

وضعت إسرائيل خططاً لتخريب "حزب الله" من الداخل سعياً إلى اكتساب ميزة في حرب محتملة معه، وبالفعل تبنت الوحدة 8200 الإسرائيلية و"الموساد" خطة لتزويد "حزب الله" بأجهزة مفخخة يمكن تفجيرها في توقيت مستقبلي، طبقاً لما أفاد به ستة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين.

منذ تكثيف إسرائيل غاراتها على مواقع "حزب الله" في لبنان خلال سبتمبر (أيلول) الماضي وتصفية أبرز قياداته بدا جلياً مدى الخرق والتغلغل الاستخباراتي في صفوف الحزب المدعوم من إيران.

وقد مني "حزب الله" بضربات قاصمة تجلت في اغتيالات عدة لكبار قادته بدءاً من فؤاد شكر الذي يعد من الجيل المؤسس وأحد أبرز قادته العسكريين في ضربة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في الـ30 من يوليو (تموز) الماضي.

وفي الـ27 من سبتمبر الماضي كان أمين عام "حزب الله" الراحل حسن نصرالله مختبئاً داخل معقل للحزب على عمق 40 قدماً تحت الأرض، ونصحه مساعدوه بالانتقال إلى مكان أكثر أماناً، لكنه تجاهل النصيحة، واعتقد نصرالله أن إسرائيل لن تسعى إلى إشعال حرب شاملة، لكن ما لم يكن يعلمه هو أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية كانت تراقب تحركاته بصورة مستمرة، بما في ذلك تجميعها معلومات استخباراتية حول مكان اختبائه، وفق تحقيق نشرته "نيويورك تايمز".

في ذلك اليوم قصفت طائرات "أف-15" الإسرائيلية موقعه، مما أدى إلى تدمير المخبأ ودفن نصرالله وعدد من كبار قادة الحزب تحت الأنقاض، عُثر على جثة نصرالله في اليوم التالي، حيث لقي هو وجنرال إيراني متمركز في لبنان حتفهما بسبب الاختناق.

وكشف أكثر من 20 مسؤولاً إسرائيلياً وأميركياً وأوروبياً حاليين وسابقين عن أن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من رصد لقاءات شكر مع عشيقاته الأربع، فضلاً عن مكالماته لاحقاً معهن لإبرام عقود زواج عبر الهاتف برعاية هاشم صفي الدين الذي كان يعد مرشحاً لخلافة زعيم الحزب حسن نصرالله، لكن صفي الدين أيضاً اغتيل في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ليكتمل بذلك مسلسل اغتيالات قيادات الحزب.

وتحدثت تقارير عن كيفية تمكن جهاز "الموساد" الإسرائيلي من تجنيد أشخاص في لبنان لزرع أجهزة تنصت داخل مخابئ "حزب الله" وتتبع اجتماعات كبار القادة، وأظهرت المعلومات كيف كانت لدى إسرائيل رؤية شبه دائمة لتحركات قادة الحزب على مدار سنوات. وتبين أن هذه الاختراقات الاستخباراتية بدأت منذ عقدين من الزمن، ففي عام 2012 قامت الوحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية بسرقة كنز من المعلومات التي تضمنت تفاصيل عن المخابئ السرية لقادة الحزب وترسانة الأسلحة من الصواريخ والقذائف، وكذلك مواقعها، كما كشف ثلاثة مسؤولين إسرائيليين سابقين عن أن تل أبيب زرعت أجهزة تعقب على صواريخ "فجر" التابعة لـ"حزب الله"، مما أعطاها معلومات دقيقة عن مواقع الذخائر المخبأة داخل القواعد العسكرية السرية والمنشآت المدنية.

وفي حرب 2006 قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف تلك المواقع وتدمير الصواريخ، وعندما انتهت حرب يوليو 2006 كانت لدى إسرائيل ملفات تحوي أهدافاً لنحو 200 من قادة "حزب الله" وعناصره ومخازن أسلحته ومواقع صواريخه، ومع مرور الوقت، وبخاصة في سبتمبر الماضي، كانت إسرائيل جمعت معلومات عن عشرات الآلاف من أهداف الحزب.

واستمر مسلسل الاغتيالات في الفترة الأخيرة، إذ اغتالت إسرائيل في الـ30 من يوليو الماضي فؤاد شكر، وفي الـ20 من سبتمبر اغتالت قائد وحدة الرضوان إبراهيم عقيل الذي كان يعد الرجل الثاني عسكرياً في الحزب بعد شكر، إضافة إلى 16 آخرين من الوحدة. وفي الـ24 من سبتمبر اغتيل قائد وحدة الصواريخ في الحزب إبراهيم قبيسي، كما قُتل قائد الوحدة الجوية محمد سرور في الـ26 من الشهر نفسه، ثم العضو في المجلس المركزي للحزب والمسؤول عن الأمن، نبيل قاووق بعدها بيومين.

وتواصل إسرائيل استهداف القيادات المتبقية لـ"حزب الله" في ظل تقارير تؤكد أن لدى الاستخبارات الإسرائيلية معلومات شاملة ودقيقة عن تحركات الحزب وقياداته، مما يشير إلى اختراق استخباراتي عميق طاول جميع جوانب الحزب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووضعت إسرائيل خططاً لتخريب "حزب الله" من الداخل، سعياً إلى اكتساب ميزة في حرب محتملة معه، وبالفعل تبنت الوحدة 8200 الإسرائيلية و"الموساد" خطة لتزويد "حزب الله" بأجهزة مفخخة يمكن تفجيرها في توقيت مستقبلي، طبقاً لما أفاده ستة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين.

وداخل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي عرفت الأجهزة باسم "الأزرار"، والتي يمكن تنشيطها في اللحظة التي تختارها تل أبيب، واتسم تصميم وإنتاج "الأزرار" ببساطة نسبية، وأتقن المهندسون الإسرائيليون وضع متفجرات (PETN) داخل بطاريات الأجهزة الإلكترونية، مما حولها إلى قنابل صغيرة.

أما العملية الأصعب فكانت من نصيب "الموساد"، الذي خدع جماعة "حزب الله" لما يقارب العقد، ودفعها إلى شراء معدات عسكرية وأجهزة اتصالات من شركات وهمية إسرائيلية. وفي عام 2014 اغتنمت إسرائيل الفرصة عندما توقفت شركة التكنولوجيا اليابانية (iCOM) عن إنتاج أجهزة الاتصال اللاسلكية الشهيرة(IC-V82) ، وكانت الأجهزة التي جرى تجميعها في الأصل في أوساكا باليابان شائعة جداً لدرجة أن النسخ المقلدة كانت تصنع بالفعل في جميع أنحاء آسيا، وتباع في المنتديات عبر الإنترنت، وفي صفقات بالسوق السوداء.

ونما إلى علم الوحدة 8200 أن "حزب الله" يبحث تحديداً عن الجهاز نفسه لتجهيز جميع قواته في الخطوط الأمامية، وفق سبعة مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين، وصممت الميليشيات حتى سترة خاصة لقواتها، مع جيب صدر مصمم خصوصاً للجهاز. وبالفعل، شرعت إسرائيل في تصنيع نسخها الخاصة من أجهزة الاتصال اللاسلكية، مع إدخال تعديلات صغيرة، بما في ذلك تعبئة المواد المتفجرة في بطارياتها، طبقاً لثمانية مسؤولين إسرائيليين وأميركيين حاليين وسابقين، ووصلت أولى النسخ إسرائيلية الصنع إلى لبنان عام 2015، وجرى شحن أكثر من 15,000 نسخة، في نهاية الأمر، طبقاً لما أفاده بعض المسؤولين.

وفي عام 2018 وضعت ضابطة في "الموساد" خطة لزرع مادة متفجرة في بطاريات أجهزة الـ"بيجر"، لكن تم تأجيلها بسبب قلة استخدام "حزب الله" لهذه الأجهزة، وعلى مدى السنوات التالية، ازداد حذر الحزب وإيران من استخدام الهواتف الذكية بسبب قدرة إسرائيل المتزايدة على اختراقها، مما دفع إسرائيل إلى نشر إشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الخوف بين حلفاء الحزب.

وكرد فعل قررت قيادة "حزب الله" استخدام أجهزة الـ"بيجر" الأكثر أماناً التي لا تكشف عن الموقع ولا تحوي كاميرات أو ميكروفونات قابلة للاختراق، وعليه بدأ "حزب الله" في البحث عن أجهزة "بيجر" قوية، بينما عملت الاستخبارات الإسرائيلية على بناء شبكة شركات وهمية لتزويد الحزب بتلك الأجهزة.

وفي مايو (أيار) 2022 تم تسجيل شركتين وهميتين في المجر وبلغاريا، حيث قامت شركة (BAC Consulting) بشراء ترخيص من العلامة التجارية التايوانية (Gold Apollo) لصناعة طراز جديد من أجهزة الـ"بيجر" يدعى (AR-924 Rugged) الذي كان أكبر وأكثر مقاومة للماء، ويتميز ببطارية أطول، وتحت إشراف "الموساد"، تم تصنيع الأجهزة في إسرائيل ثم تسويقها لوكلاء "حزب الله" عبر وسطاء بسعر مخفض.

وفي مارس 2023 عرض "الموساد" جهازاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تفقد الجهاز باختباره القوي ضد الجدار، وفي الخريف، تم شحن الدفعة الأولى من الأجهزة إلى "حزب الله".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير