ملخص
لا يحمل وصول "هيئة تحرير الشام" إلى السلطة في أعقاب هجوم خاطف ما يطمئن القاهرة، إذ إن الهيئة كانت مرتبطة بتنظيم "القاعدة" ونالت مع وصولها إلى السلطة دعماً واضحاً من تركيا حليفة جماعة "الإخوان المسلمين".
يثير وصول إسلاميين إلى السلطة في سوريا بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد قلق مصر عقب 10 أعوام على تولي عبدالفتاح السيسي الرئاسة، إثر إسقاط جماعة "الإخوان المسلمين" من الحكم.
ودعمت مصر الأسد حتى لحظات حكمه الأخيرة، وحالياً مع تولي إسلاميي "هيئة تحرير الشام" السلطة في سوريا منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، تشعر القاهرة بالقلق من أن يتوسع تأثير هذا التغيير.
وقالت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون البحثي بواشنطن ميريسا خورما "بالنسبة إلى مصر يثير هذا الوضع مخاوف بالطبع، لا سيما بسبب تاريخ جماعة ’الإخوان المسلمين‘ في البلاد".
وسارعت دول عربية إلى الاتصال بالسلطات الجديدة داخل دمشق، في حين أبدت القاهرة قدراً أكبر من الحذر.
وأكدت مصر تأييدها لنظام بشار الأسد حتى قبل ثلاثة أيام من إطاحته، وانتظر وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي ثلاثة أسابيع قبل أن يتصل بنظيره السوري الجديد أسعد الشيباني داعياً سلطات الأمر الواقع إلى تنفيذ عملية انتقال سياسي "تتسم بالشمولية".
وأمس السبت، أعلنت وزارة الخارجية في القاهرة أن طائرة شحن حطت في مطار دمشق حاملة أول مساعدات إنسانية مصرية منذ إطاحة الأسد.
وخلال الأيام التي تلت سقوط الأسد اتسمت تصريحات السيسي بالحذر، وقال خلال لقاء مع صحافيين إن "أصحاب البلد" هم من يتخذون القرارات في الوقت الحالي داخل سوريا و"إما أن يهدموها أو يبنوها".
وقالت الباحثة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن ميريت مبروك إن "رد الفعل المصري كان حذراً جداً"، وترى أن خطوط مصر الحمراء هي الأمن والإسلاميون والجهات الفاعلة غير الحكومية.
وأضافت "لكن في سوريا اليوم، هناك في السلطة جهات فاعلة غير حكومية وإسلاميين، وهذا بمثابة استفزاز لمصر".
وبمجرد سقوط الأسد اتخذت القاهرة إجراءات وقائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت المبادرة المصرية لحقوق الإنسان أن قوات الأمن اعتقلت 30 سورياً كانوا يحتفلون بسقوط الأسد، ثلاثة منهم يواجهون الترحيل.
وشددت مصر التي يعيش فيها نحو 150 ألف سوري القيود على منح تأشيرات للسوريين.
وبثت قنوات موالية للحكومة المصرية شريطاً مصوراً يعرض مشاهد اضطرابات، وتدريبات عسكرية ومشاريع تنمية، مرفقاً بخطاب ألقاه السيسي عام 2017 أكد فيه أن الجهات الواقفة وراء الحرب في سوريا يمكن أن تتحول إلى مصر.
ووردت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة حديثة للقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إلى جانب القيادي الإخواني محمود فتحي الذي صدر بحقه حكم غيابي بالإعدام، في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات.
ولا يحمل وصول "هيئة تحرير الشام" إلى السلطة في أعقاب هجوم خاطف ما يطمئن القاهرة، إذ إن الهيئة كانت مرتبطة بتنظيم "القاعدة" ونالت مع وصولها السلطة دعماً واضحاً من تركيا حليفة جماعة "الإخوان المسلمين".
وتعيد "هيئة تحرير الشام" إلى الأذهان فترة حكم "الإخوان" القصيرة التي استمرت عاماً في مصر بقيادة الرئيس السابق محمد مرسي، وتتعارض مع صورة السيسي باعتباره حصناً في مواجهة الإسلام السياسي.
في حين تراجعت حدة لهجة "هيئة تحرير الشام" وتعهدت بحماية الأقليات، واعدة بعدم "تصدير الثورة" إلا أن الشكوك ما زالت تساور مصر.
إلى ذلك، أدى سقوط النظام السوري إلى تغير التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط مقلصاً نفوذ إيران حليفة الأسد وممهداً الطريق أمام تركيا، التي تدعم فصائل من المعارضة السورية منذ أمد.
ونظراً إلى التنافس بين القاهرة وأنقرة، يغذي هذا التغيير مخاوف مصر من أن تصبح تركيا أقوى حليف لسوريا، على رغم أن علاقات الطرفين شهدت تحسناً أخيراً بعدما كانت متوترة.
وبادرت القاهرة إلى التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا، بعدما أجرت دول الخليج وبينها السعودية والإمارات وقطر اتصالات معها.
لكن ترى مصر أن حدوث أي تقارب سيكون بشروط، وأشارت مبروك إلى أن القاهرة تشدد خصوصاً على مبدأ تقاسم السلطة، الذي من شأنه أن يمنع الإسلاميين من احتكار الحكم في دمشق.