Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونسيون محتجزون في ليبيا يناشدون السلطات إخلاء سبيلهم

جرى اعتقالهم في ظروف غير لائقة ومن دون احترام الإجراءات القضائية المعمول بها

منظمات حقوقية تدعو إلى الإفراج عن 120 تونسياً محتجزين في ليبيا بتهم قالت إنها لا ترقى إلى سلب الحرية (أ ف ب)

ملخص

يؤكد المرصد التونسي لحقوق الإنسان أن عدداً كبيراً من التونسيين المحتجزين في السجون الليبية يعانون أوضاعاً صعبة، ولم تنجح السلطات التونسية حتى الآن في التوصل إلى اتفاق مع السلطات الليبية لإخلاء سبيلهم.

تناشد المنظمات الحقوقية السلطات التونسية التدخل للإفراج عن 120 تونسياً محتجزين في ليبيا، بتهم قالت إنها كيدية ولا ترقى إلى سلب الحرية ويتعلق معظمها بمخالفات جمركية، ففي ليبيا يجري احتجاز عشرات الموقوفين التونسيين في ظروف غير لائقة ومن دون احترام الإجراءات القضائية المعمول بها، بينهم شباب وحملة شهادات عليا اختاروا السفر إلى ليبيا للعمل، إلا أن مصير عدد منهم كان الاحتجاز بتهم مختلفة لا تستوجب التوقيف.

ابتزاز وسلب للأموال

ويقول بشير الفرشيشي من محافظة القصرين بوسط تونس والذي يعمل في ليبيا بقطاع البناء، إن "عدداً من التونسيين يتعرضون للمضايقات أحياناً من مجموعات خارجة عن القانون، يبتزونهم ويسلبونهم أموالهم ويهددونهم إن تقدموا بشكوى إلى المحكمة"، مضيفاً أنه جرى توقيف عدد من زملائه خلال عودتهم لتونس "بتهمة التهريب، بينما تكون البضاعة عادية وتتمثل في بعض الهدايا لأفراد العائلة".

ويستحضر الفرشيشي أخذ حقيبته وأمواله عند عودته أخيراً من ليبيا على بعد بضعة كيلومترات من المعبر الحدودي في رأس الجدير، وعلى رغم توسلاته لكنه لم يتمكن من استرجاع ما سلب منه، ولذلك لا يفكر في العودة إلى ليبيا آملاً "في أن تستقر الأوضاع قريباً".

بدورها تحدثت منية العوجي عن تجربة قاسية عاشها ابنها صابر (32 سنة)، وهو تقني في الهندسة الفلاحية سافر إلى ليبيا بحثاً عن عمل، وبعد مباشرته الشغل بنحو شهر ونصف الشهر انقطعت أخباره عن عائلته، وبعد اتصالات حثيثة مع عدد من التونسيين في ليبيا توصلوا إلى أنه محتجز بسبب مخالفة مرورية، إذ كان يعمل سائقاً في مؤسسة متخصصة في تجهيزات المطاعم، وبعد فترة احتجاز دامت نحو شهر أحيل على المحكمة ثم أطلق ليعود لتونس بصورة نهائية.

وهناك حالات كثيرة لتونسيين تعرضوا للاحتجاز والمضايقات في ليبيا إثر الإجراءات الخاصة التي وضعتها السلطات هناك من أجل مكافحة التهريب، وعلى رغم ذلك تبقى السوق الليبية متنفساً لسكان المناطق الحدودية، وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعدم توفر مواطن الشغل في تونس.

 

التهم لا ترتقي إلى السجن

ويؤكد المرصد التونسي لحقوق الإنسان (منظمة حقوقية) أن عدداً كبيراً من التونسيين المحتجزين في السجون الليبية يعانون أوضاعاً صعبة، ولم تنجح السلطات التونسية حتى الآن في التوصل إلى اتفاق مع السلطات الليبية لإخلاء سبيلهم، ويؤكد رئيس المرصد مصطفى عبدالكبير أن "هؤلاء التونسيين دخلوا بصفة قانونية إلى الأراضي الليبية ووُجهت إليهم تهم تتعلق بنقص وثائق أو مخالفات شغلية مع مشغليهم أو مخالفات جبائية، وهي مخالفات لا ترقى إلى سلب الحرية"، وفق قوله، مضيفاً أن "العقوبة تسلط على العامل التونسي عند مخالفة الشروط الصحية ولا تسلط على صاحب المؤسسة الليبي"، لافتاً إلى أن "التهم لا ترتقي إلى السجن ما بين عامين وأربعة أو خمسة أعوام، وأن هناك من أتم فترة سجنه ولم يطلق إلى الآن"، معرباً عن "قلقه إزاء هذه الأوضاع التي باتت تتطلب تدخلاً عاجلاً من سلطة الدولة التونسية عبر القنوات الدبلوماسية لحل هذه الإشكالات".

ويذكر رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان "أنه بالتنسيق مع السلطات الليبية فقد جرى خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي الإفراج عن أكثر من 30 تونسياً وُجهت إليهم تهم جمركية تستوجب حجز البضاعة أو السيارة، إلا أنه جرى توقيفهم قبل الإفراج عنهم بعد تدخل المرصد وعدد من المحامين الليبيين".

ويرى عبدالكبير أن "معظم التهم الموجهة إلى التونسيين مرتبطة بمخالفات جمركية، إذ تتهم السلطات الليبية من تسميهم 'تجار الشنطة' بالتهريب عبر الحدود الليبية - التونسية، بينما هو تبادل للسلع بين عدد من التجار على الحدود بين الدولتين"، كاشفاً عن أن "75 في المئة من السجناء التونسيين في ليبيا هم من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 22 و30 سنة، والكهول بين 45 و55 سنة، وبينهم من يحمل شهادات عليا وكثير منهم يواجهون تهماً كيدية، وليست لهم أية إشكالات مع الأجهزة الأمنية في ليبيا، بينما خضع بعضهم لجراحات وهم لا يزالون قيد الاحتجاز"، داعياً السلطات التونسية إلى "التدخل العاجل لإيجاد حل لهذه الأوضاع وإنصاف التونسيين المحتجزين في ليبيا".

 

القنوات الدبلوماسية

وتنظم الاتفاقات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف المسائل القضائية في إطار تكتل إقليمي أو إطار التعاون الثنائي بين الدول، ويربط تونس وليبيا اتفاق يعود لعام 1962 ينظم تبادل المجرمين، على غرار تسليم تونس آخر رئيس وزراء في عهد معمر القذافي، البغدادي المحمودي، إلى السلطات الليبية.

ويؤكد أستاذ القانون العام في "الجامعة التونسية" ناجح سالم في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "القنوات الدبلوماسية وحدها الكفيلة بالحسم في مثل هذه الإشكالات من خلال العمل على تأمين محاكمة عادلة لهؤلاء المحتجزين، وأيضاً ملاءمة الجُرم المرتكب مع العقوبة"، مضيفاً أن "ما يربط تونس وليبيا من علاقات أخوية ودبلوماسية عريقة يمكن أن يدفع في اتجاه فض هذه الإشكالات عبر تكليف محامين تونسيين بالتنسيق مع وزارة الخارجية للدفاع عن التونسيين المحالين إلى المحاكم في ليبيا بتهم مختلفة".

ويشدد أستاذ القانون على أنه "في إطار ممارسة الدولة سيادتها فإنه من حق السلطات الأمنية والقضائية الليبية توقيف ومحاكمة تونسيين على أراضيها، كما أنه يحق لتونس مقاضاة الليبيين الموجودين على أراضيها".

وبخصوص دعوات منظمات المجتمع المدني السلطات التونسية إلى التدخل، يرى سالم أن "الحسم في كون التهم كيدية يعود للقضاء الليبي وحده الذي يملك صلاحية التحري والتحقيق في التهم المنسوبة إلى الموقوفين التونسيين"، لافتاً إلى أن ذلك "لا يمنع القنوات الدبلوماسية من التدخل لفائدة التونسيين المحتجزين هناك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تدهور الوضع الصحي والمعيشي في سجون ليبيا

يشار إلى أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا كشفت في آخر تقرير لها عن "تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية داخل عدد من السجون الليبية"، داعية إلى "تمكين السجناء من حقهم في التواصل مع محاميهم وأهلهم وذويهم، وحقهم في الرعاية الصحية والتغذية السليمة، وضمانات حق التقاضي وضرورة الإفراج عن المتهمين ممن انقضت مدة عقوبتهم".

وحمّلت المؤسسة الوطنية وزارة العدل في حكومة الوحدة الوطنية المسؤولية القانونية الكاملة إزاء "تردي أوضاع السجناء والموقوفين والانتهاكات الجسيمة المرتكبة في حقهم، مثل عدم الامتثال للأحكام القضائية القاضية بالإفراج عن السجناء والموقوفين ممن انتهت مدة محكوميتهم، أو من صدرت بحقهم أوامر بالإفراج من قبل النيابة العامة".

المزيد من تقارير