Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دوافع إيران للاتفاق مع ترمب... بقاء النظام أم الوضع الاقتصادي؟

على رغم أن الملف النووي كان أحد الأسباب وراء توتر علاقات طهران مع أوروبا فإنها راهناً تبدي المرونة والتعاون

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمرشد الإيراني علي خامنئي (أ ف ب)

ملخص

الخوف على بقاء واستمرار النظام الإيراني هو ما دفع طهران لتجنب المواجهة العسكرية مع إسرائيل منذ "طوفان الأقصى" خلال أكتوبر 2023، ودفعها للتخلي عن دعم "حزب الله" حليفها الرئيس ومن قبله التهاون في حماية إسماعيل هنية، والآن هذا الهدف المتمثل في بقاء النظام هو ما يدفعها بقوة لإتمام اتفاق جديد مع ترمب رجل الصفقات.

على رغم أهمية القضية النووية لإيران لارتباطها بالعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، والتي تدفع الوضع الاقتصادي لمزيد من التدهور، فإن طهران لم يعد أمامها خلال الوقت الراهن سوى تلك الورقة لاستمرار التواصل مع الغرب ومحاولة إيجاد فرص للتفاوض معه، وبخاصة الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دنالد ترمب.

يعاني الوجود الإقليمي لإيران خلال الوقت الحالي ضعفاً على خلفية الضربات القاسية التي وجهتها إسرائيل لمعظم أطراف ما يسمى "محور المقاومة"، من ثم تشهد على المستوى الميداني انحساراً ووهناً لمشروعها، وربما تعمل الآن على إعادة تقييم موقفها الاستراتيجي لتعاود استئناف مشروعها، لكنها تعاني ضغطاً مؤكداً لا يمكنها من استعراض القوة.

جل ما تقوم به طهران الآن هو اتخاذ كل السبل من أجل إعادة التفاوض في شأن اتفاق نووي جديد مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فقد اتخذت تلك السبل مسارات دبلوماسية وإجراءات في الداخل، من ذلك عقد جلسة جديدة من المفاوضات بين إيران وألمانيا وفرنسا وبريطانيا في جنيف يومي الـ14 والـ15 من يناير (كانون الثاني) الجاري، وقال المتحدث باسم وزارة خارجية إيران إن هذه المحادثات استمرار للمحادثات السابقة، وإن هذه العملية اتفق عليها مسبقاً، وإن هناك جولة عقدت خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ومن المتوقع خلال هذه المحادثات أن تُناقَش مجموعة من القضايا، بما في ذلك القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية والقضية النووية ورفع العقوبات. ومن جهة أخرى أكد وزير الخارجية الإيراني استعداد بلاده لإجراء مفاوضات لرفع العقوبات، وفي المقابل معالجة مخاوف الأطراف المتنازعة في شأن طبيعة برنامجها النووي.

وتحاول طهران إبداء حسن النيات وكامل تعاونها مع الغرب، على رغم أن الملف النووي وتخليها عن التزاماتها كان أحد الأسباب وراء توتر العلاقات مع دول أوروبا خلال الأشهر الماضية، لكن راهناً تبدي إيران المرونة والتعاون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهة أخرى، عاد الحديث داخل إيران حول قضية انضمامها لمنظمة العمل المالي "فاتف" FATF، فقد أكد المتحدث باسم الحكومة عودة مجموعة العمل المالي إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام بأمر من المرشد، مؤكداً أن الوضع الآن ليس مثل الفترة التي رُفضت خلالها مجموعة العمل المالي، لأنها ستُراجع مرة أخرى بموافقة من المرشد. وتسعى حكومة بزشكيان وبخاصة وزير المالية ووزير الخارجية إلى تقديم توضيحات حول مقدار ما خسرته البلاد بسبب عدم تنفيذ مجموعة العمل المالي، وكم المشكلات التي خلقتها لإيران.

مجموعة العمل المالي منظمة حكومية دولية أنشئت عام 1989 بمبادرة من مجموعة الدول السبع، ويقع مقرها الرئيس في باريس. وعام 2019 أضيفت إيران إلى القائمة السوداء للمنظمة، ولم تُزال منها بعد. وهذه القضية طرحت في البرلمان وصُوِّت عليها، لكن اعتُرض عليها في مجلس صيانة الدستور.

وللتعامل مع قضية رفع العقوبات ودمج إيران في الاقتصاد العالمي تحتاج إلى حل قضية مجموعة العمل المالي، صحيح أنه حتى لو حُلت هذه المشكلة، فإن إزالة إيران من القائمة السوداء سيستغرق عامين في الأقل، لكن طهران من جهة تريد أن تبدي حسن النية والاستعداد للتعاون مع الغرب لذا سُرِّع التعامل مع هذه المشكلة الآن. ومن جهة أخرى، فإن اتخاذ تلك الخطوات من شأنه أن يمنح المواطنين أملاً في احتمال تحقق آثار إيجابية في الاقتصاد.

النقطة الأهم هنا هي تصريح المتحدث باسم الحكومة بأنه أُعيدت مراجعة مجموعة العمل المالي بموافقة من المرشد، مما يعنى ضوءاً أخضر للموافقة على اتباع إيران لتعليمات المجموعة والعمل على إزالتها من القائمة السوداء.

مما سبق نجد أن إيران تهيئ المناخ من أجل عودة المفاوضات، ثم إتمام اتفاق جديد مع ترمب ومن ثم رفع العقوبات. إن استعداد إيران لرفع العقوبات ودفعها للتعاون مع مجموعة العمل المالي يؤشر إلى أنها على استعداد للتعاون الكامل مع الإدارة الأميركية المقبلة. والسؤال هنا، لماذا تسعى إيران بكل قوة إلى إتمام اتفاق نووي جديد مع ترمب؟

يُذكر هنا تشابه الفترة الحالية في الإقليم بالفترة التي جاء فيها المحافظون الجدد في ظل إدارة جورج بوش الابن، والتي اتخذت سياسات تستهدف تغيير النظم الديكتاتورية بالقوة العسكرية، وأطلقت مسمى محور الشر الذي يضم كوريا الشمالية وإيران وأفغانستان والعراق، حينها حاولت إيران التفاوض مع إدارة جورج بوش الابن تفادياً لأية خطوات عكسية أميركية تطيح النظام الإيراني، والآن ذات الشعور بالتهديد تستشعره إيران بعد القوة العسكرية لإسرائيل التي استخدمها نتنياهو للقضاء على قادة "حماس" و"حزب الله" ووجه هجمات عدة لأهداف في العمق الإيراني، ومن ثم مع مجيء ترمب تخشى إيران من ترجيح سيناريو الإطاحة بالنظام الإيراني وتحاول أن تتجنبه عبر تعزيز الدبلوماسية والتفاوض من أجل اتفاق جديد، ثم من أجل إبراز مصالح مشتركة مع واشنطن.

أي إن الخوف على بقاء واستمرار النظام الإيراني هو ما دفع طهران لتجنب المواجهة العسكرية مع إسرائيل منذ "طوفان الأقصى" خلال أكتوبر 2023، ودفعها للتخلي عن دعم "حزب الله" حليفها الرئيس ومن قبله التهاون في حماية إسماعيل هنية والآن هذا الهدف المتمثل في بقاء النظام هو ما يدفعها بقوة لإتمام اتفاق جديد مع ترمب رجل الصفقات.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء