Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سنوات باريس"... رحلة آدم حنين بين الحجر والروح

التجانس بين الكتلة والفراغ يعكس فلسفته التي تجمع بين الصلابة والماوراء

من معرض آدم حنين في مكتبة الاسكندرية (خدمة المعرض)

ملخص

تستضيف مكتبة الإسكندرية معرضاً لأعمال الفنان المصري الراحل آدم حنين تحت عنوان "سنوات باريس". المعرض الذي يستمر حتى 11 يناير (كانون الثاني) الجاري، يمثل نافذة لاستكشاف رحلة إبداعية امتدت لعقود.

تجمع أعمال آدم حنين بين التقاليد المصرية الأصيلة والتجارب العالمية التي أثرت رؤية الفنان الراحل وأسلوبه الفني. ويقدم المعرض لمحة عميقة عن حياة حنين في باريس، المدينة التي كانت ملاذه الإبداعي لأعوام طويلة.

ولد آدم حنين عام 1929 في القاهرة، وتشرب منذ صغره روعة التماثيل المصرية القديمة التي ألهمت خياله. صقلت دراسته في كلية الفنون الجميلة في القاهرة ثم في ألمانيا مهاراته الفنية. انتقل حنين إلى باريس ليعيش ويعمل هناك أعواماً طويلة، وهي الفترة التي أعطت لأعماله بعداً جديداً. وعلى رغم هذا الانتقال ظل حنين وفياً لجذوره، فالفن المصري القديم برمزيته وروحانيته كان الحاضر الدائم في أعماله.

يضم المعرض الحالي أكثر من 83 عملاً نحتياً و44 عملاً تصويرياً، معظمها أنجز خلال إقامته في باريس. تنوعت الأعمال بين منحوتات من البرونز والحجر، ولوحات مرسومة بتقنيات مختلفة مثل التمبرا والفرسك والطباعة الخشبية، وهو تنوع يعكس قدرة حنين على الجمع بين صلابة الحجر وشفافية الرسم. ولعل أبرز ما يميز أعمال المعرض هو التكامل بين الشكل والمضمون، حيث يظهر في منحوتاته ميله للتجريد والاختزال. فالكتل النحتية لا تقدم التفاصيل بصورة مباشرة، بل تركز على الجوهر. هذا التوجه يمكن ملاحظته في كثير من أعماله التي تظهر ككتلة موحدة تمزج بين الانحناءات والفراغات، من دون التركيز على التفاصيل الدقيقة، لتترك المجال للتفاعل الشعوري مع العمل.

وكثيراً ما كانت الخامة عنصراً أساساً في فلسفة آدم حنين، فرغم استخدامه البرونز والخشب والجص، فإن الحجر ظل هو "رفيق رحلته". ولعل المتأمل في أعمال آدم حنين يدرك جيداً أنها تحمل بصمة واضحة للفن المصري القديم، فالمنحوتات الحجرية والمعالجات المتماسكة للكتلة تستدعي إبداعات أسلافه، كما أن اختزال التفاصيل تأتي استجابة لطبيعة الحجر التي تفرض قواعدها الصارمة. ورغم تفوق آدم حنين في النحت، كان للرسم مكانة خاصة في تجربته، حيث مثلت اللوحة له هدنة إبداعية قصيرة. في أعماله التصويرية يبدو تأثير الفن المصري القديم واضحاً، سواء في اختيار الألوان الطبيعية أو الاعتماد على ورق البردي كأسطح للرسم. هذا الجانب من فنه يقدم رؤية مختلفة، ولكنه يحتفظ بنفس الروحانية والعمق الذي يميز منحوتاته.

كانت باريس ملاذاً للإبداع بالنسبة إلى آدم حنين، حيث التقى هناك فنانين من ثقافات مختلفة، وتفاعل مع مدارس فنية متعددة. ورغم التأثيرات العالمية لم تفقد أعماله هويتها المصرية، بل استطاع المزج بين المحلي والعالمي، فقد ألهمته باريس لتطوير أفكاره مع البقاء مخلصاً لرمزية الفن المصري. ويمثل معرض "سنوات باريس" احتفالاً بمرور 10 أعوام على افتتاح متحف آدم حنين بالحرانية، ويعد نتاج جهد مشترك بين مكتبة الإسكندرية ومؤسسة آدم حنين للفنون. المعرض يظهر جانباً غير مألوف من أعمال الفنان الراحل، حيث يعرض للمرة الأولى مجموعة من الأعمال التي طورت فكرتها أو نفذت في باريس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن هذا المعرض تذكير بتجربة فنية فريدة استطاع صاحبها أن يجعل من الحجر شاهداً على أحلامه وهواجسه. أعمال حنين تروي حكاية إنسانية عابرة للزمان والمكان، وهي تجمع بين الأصالة المصرية والنظرة العالمية. إن أعمال الفنان الراحل تكشف لنا أيضاً عن فهم عميق لعلاقة الكتلة بالفراغ، فالفراغ في أعماله ليس مجرد مساحة فارغة بل هو جزء لا يتجزأ من التكوين الكلي. هذا التجانس بين الكتلة والفراغ يعكس فلسفته التي تجمع بين الصلابة والروحانية، وهي خاصية ميزت أعماله طوال مسيرته.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة