Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
0 seconds of 1 minute, 18 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:18
01:18
 

صدمة "ديب سيك"... هل تفقد أميركا ريادتها التقنية؟

سباق محموم بين بكين وواشنطن من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية ومنصات التواصل وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي

ملخص

هذا التنافس لم يكن مجرد تنافس تجاري، بل تطور إلى صراع جيوسياسي، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على تفوقها التكنولوجي، فيما تحاول الصين تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية وتطوير قدراتها الداخلية.

تصاعد التنافس التقني بين الولايات المتحدة والصين بصورة متسارعة خلال السنوات الأخيرة، إذ ظلت واشنطن في المقدمة من حيث الابتكار، بينما استطاعت بكين تحسين هذه التقنيات وتطويرها عبر كوادر محلية مميزة، مما عزز مكانتها كمنافس قوي في مجالات متعددة مثل الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي.

مع توسع استخدامات الذكاء الاصطناعي تصاعدت المخاوف الأميركية من تنامي القدرات الصينية في هذا المجال، مما دفعها إلى فرض قيود صارمة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة. وكانت أبرز هذه الإجراءات منع شركة "نفيديا" من بيع معالجاتها المتطورة للصين، إذ ينظر إليها على أنها عنصر أساس في تشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. كما شملت القيود تقييد وصول الشركات الصينية إلى كروت الشاشة المتطورة، مما أثر في قدرة بكين في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي منافسة.

هذا التنافس لم يكن مجرد تنافس تجاري، بل تطور إلى صراع جيوسياسي، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على تفوقها التكنولوجي، فيما تحاول الصين تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية وتطوير قدراتها الداخلية.

ما "ديب سيك"؟

حقق روبوت الدردشة الصيني "ديب سيك" انتشاراً واسعاً في نهاية الأسبوع، متصدراً قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً في متجر "أبل" في الولايات المتحدة، ومتجاوزاً تطبيق "تشات جي بي تي" الذي طورته شركة "أوبن أي آي". لكن المفاجأة لم تكن في عدد مرات التحميل، بل في مدى تقدم التكنولوجيا التي يستخدمها هذا النموذج.

أعلنت "ديب سيك" تطوير نسختها الأخيرة "آر1" (DeepSeek-R1) بكلفة أقل بكثير من النماذج التي تنتجها الشركات الأميركية الكبرى، خصوصاً في ما يتعلق بشرائح "نفيديا" الإلكترونية التي تعد أساسية في هذا المجال. هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول قدرة الصين على تطوير ذكاء اصطناعي بكفاءة عالية وبكلف منخفضة، مما قد يقلب موازين المنافسة العالمية.

 

"ديب سيك - آر1" هو نموذج لغوي متقدم يعتمد على خوارزميات معقدة تتيح له تقديم أداء قوي في تحليل البيانات والاستجابة الدقيقة للمستخدمين، وما جعله أكثر جذباً هو إتاحته مجاناً للجمهور، على عكس "تشات جي بي تي" الذي تفرض "أوبن أي آي" رسوماً شهرية تصل إلى 20 دولاراً للوصول إلى ميزاته الكاملة.

أثار نجاح "ديب سيك"، الذي تديره شركة صينية صغيرة تضم 200 موظف فقط، اهتماماً عالمياً، إذ تمكنت هذه الشركة من تقديم نموذج لغوي منافس باستخدام موارد محدودة، مما شكل تحدياً مباشراً لشركات التكنولوجيا العملاقة. هذا الإنجاز وضع شركات مثل "أوبن أي آي" في موقف صعب، إذ تمتلك الأخيرة فرقاً بحثية ضخمة وأحدث المعالجات، ومع ذلك وجدت نفسها في منافسة قوية مع شركة ناشئة صينية.

جرس إنذار

علق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على هذا التطور، واصفاً نجاح "ديب سيك" بأنه "جرس إنذار" للشركات الأميركية، ومشيراً إلى أن هذا الحدث يجب أن يدفع الشركات الأميركية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها وخفض كلفها لمواكبة التطور التكنولوجي السريع.

من جانبه، قال مستشار ترمب في الذكاء الاصطناعي ديفيد ساكس إن هذا التطور يبرر إلغاء القيود التنظيمية التي فرضتها إدارة بايدن على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن تلك القواعد "كانت ستعوق الشركات الأميركية من دون ضمان التزام الصين بخطوات مشابهة".

أما مارك أندريسن، المستثمر البارز في مجال التكنولوجيا، فشبه نجاح "ديب سيك" بـ"لحظة سبوتنيك"، في إشارة إلى إطلاق الاتحاد السوفياتي أول قمر صناعي عام 1957، وهي خطوة أثارت قلق الغرب آنذاك ودفعته إلى تسريع الابتكار التكنولوجي.

لم تقتصر المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على مجال الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تمتد جذورها إلى مجالات تقنية عدة. فمنذ سنوات برزت الهواتف الذكية كواحدة من أبرز ساحات الصراع، إذ تنافست شركات أميركية كـ"أبل" و"غوغل" مع "هواوي" الصينية، التي استطاعت حينها تحقيق نجاح كبير وانتزاع حصة سوقية مؤثرة، مما انعكس سلباً على أداء شركتي "سامسونج" و"أبل".

لكن مع القرارات التي اتخذها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فترة رئاسته الأولى، تعرضت "هواوي" لقيود صارمة أدت إلى خروجها بصورة كبيرة من المنافسة العالمية، على رغم استمرارها بقوة في السوق الصينية، إذ طورت نظام تشغيل خاصاً بها وحققت نجاحات محلية، إلى جانب منافستها في مجالات أخرى مثل السماعات والساعات الذكية.

وفي قطاع السيارات الكهربائية، الذي انطلق بريادة شركة "تسلا" الأميركية، دخلت الشركة الصينية "BYD" بقوة إلى السباق، مقدمة ابتكارات مميزة، ونجحت في اقتناص حصة كبيرة من السوق. بل إنها تفوقت على "تسلا" في المبيعات ببعض الأحيان، مما دفع الشركة الأميركية إلى خفض الأسعار وتسريع وتيرة تطوير منتجاتها لمواكبة هذه المنافسة المتصاعدة.

وامتدت المنافسة أيضاً إلى منصات التواصل الاجتماعي، إذ بدأت الريادة أميركية من خلال منصات مثل "إكس" (تويتر سابقاً) و"إنستغرام" و"يوتيوب" و"فيسبوك"، لكن المنصة الصينية "تيك توك" اقتحمت السوق بقوة، مستحوذة على شريحة واسعة من المستخدمين، مما هدد الهيمنة الأميركية على هذا المجال.

وعلى رغم أن الابتكار والإبداع غالباً ما ينبعان من الولايات المتحدة، كونها أرضاً خصبة للأفكار الجديدة والتقنيات الرائدة، فإن الصين برزت كقوة محورية قادرة على تحويل هذه الابتكارات إلى منتجات عملية على نطاق واسع، من خلال تحسينها وتقليل تكاليف الإنتاج وتسريع وتيرة التصنيع، مما يجعلها لاعباً أساسياً في السباق التقني العالمي.

المزيد من علوم