Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
0 seconds of 1 minute, 37 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:37
01:37
 

الفلسطينيون العائدون إلى شمال غزة: "الحرب سلبتنا كل ثمين"

آلاف الأسر الفلسطينية تتسلق أكوام الرمال وتجتاز الحفر وتروي لـ"اندبندنت" رحلة العودة الطويلة التي تشقها نحو بيوتهم

ملخص

يعود الفلسطينيون إلى شمال غزة بعد 15 شهراً من القصف، متجاوزين الدمار والصعوبات للوصول إلى منازلهم المدمرة. على رغم المأساة والخسائر، يحدوهم الأمل بإعادة الإعمار والتمسك بوطنهم.

بدأت الأُسر الفلسطينية في غزة تشق طريق العودة المضني إلى ديارها للمرة الأولى منذ بداية القصف الإسرائيلي العنيف على القطاع منذ 15 شهراً، حاملةً معها ملابسها في أكياس بلاستيكية وهي تجر وراءها عربات يد محملة بالحقائب وتحتضن أطفالها.

أُسر وصلت الليل بالنهار وهي تسير على طريقين- أحدهما ساحلي والآخر داخلي- يربطان شمال القطاع المُحاصر بجنوبه كان الجيش الإسرائيلي قد قطعهما لأكثر من عام قبل أن يعاد فتحهما ضمن إطار اتفاق وقف إطلاق النار المُبرم بين إسرائيل و"حماس". لكن الجرافات والدبابات الإسرائيلية دمرت هذه الطرقات لدرجة جعلت بعضها يبدو أقرب إلى ميدان الحواجز العسكري: لذا تضطر العائلات إلى تسلق أكوام مرتفعة من الرمال أو العبور فوق جسور مصنوعة من الركام لتخطي حُفر امتلأ بعضها بالمياه.

سميرة البالغة من العمر عشر سنوات هي واحدة من بين مئات آلاف الأشخاص الذين يقطعون مسافة 20 كلم للعودة إلى منازلهم، وهي تقول إنها قضت كل فترة الحرب في غزة وهي تهرب من القصف الذي أودى بحياة عدد من أفراد من عائلتها. وتتكلم عن شعور الفرح الغامر لحظة اللقاء بين عائلات فرقتها الحرب وتمكنت أخيراً أن تجتمع للمرة الأولى.

اقرأ المزيد

وتتابع بقولها "نزحنا نحو 20 مرة. أنهكني التنقل والهرب. اشتقت إلى بيتي ومدينتي وأصدقائي وأنا عائدة إليهم بعد طول انتظار". وتضيف أنها لا تعرف كيف تعبر عن مشاعرها بالكلام "تركنا الخيمة حيث كانت في الجنوب. ما زال منزلنا في الشمال قائماً لكنه احترق كلياً".

ويقول محمد المصري وعمره 17 سنة لـ"اندبندنت"، وهو نازح من مخيم جباليا للاجئين إلى خان يونس جنوباً، إن عائلته تسافر هي الأخرى من دون أن تحمل معها أي مقتنيات.

ويضيف فيما تتنازعه مشاعر "الفرح والإحساس بالنصر" من جهة والألم العميق من جهة أخرى "في غمرة شوقنا للعودة تركنا كل شيء وراءنا تقريباً، حتى الخيمة. لم نأخذ معنا سوى ما نستطيع حمله على الطريق".

وتابع قائلاً "أشعر بأن روحي انتعشت- كما لو أن الحياة دبت فينا من جديد. لكنها مشاعر مختلطة. فهذه الحرب سلبتنا أثمن ما لدينا. أخذت مني والدي وشقيقتي وكثيراً من الأقارب. وخسرت منزلي".

في مشهد مذهل، تدفق مئات آلاف الفلسطينيين إلى أكثر المناطق دماراً في غزة يوم الإثنين الماضي بعدما فتحت إسرائيل الطريق إلى الشمال للمرة الأولى منذ الأسابيع الأولى لحربها مع حركة "حماس" المسلحة.

وجاء ذلك ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي صمد للأسبوع الثاني على التوالي. خلال الأسابيع الستة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم بوساطة أميركية وقطرية ومصرية، من المفترض أن تنسحب القوات الإسرائيلية من أجزاء من القطاع فيما من المزمع إعادة عشرات الرهائن الذين أسرتهم "حماس" يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023- حين أخذت 250 رهينة وقتلت نحو 1200 آخرين- إلى ديارهم مقابل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

وشنت إسرائيل أعنف عملية قصف في تاريخها على غزة بعد تلك الهجمات الدموية يوم السابع من أكتوبر. ومنذ ذلك الوقت، يقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن العدوان البري والجوي الإسرائيلي أودى بحياة أكثر من 47 ألف شخص غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال. وقد بلغت حصيلة القتلى ومستوى الدمار درجة دفعت جماعات حقوق الإنسان ومنها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، إلى اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، الأمر الذي تنفيه إسرائيل بشدة.

وتقول الأمم المتحدة إن 90 في المئة على الأقل من سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة نزحوا من بيوتهم. فيما أوضح تقرير تقييم الأضرار الذي نشرته الأمم المتحدة هذا الأسبوع أن عملية إزالة أكثر من 50 مليون طن من الركام الذي خلفه القصف الإسرائيلي قد تتطلب 21 عاماً وتكلف نحو 1.2 مليار دولار (965 مليون جنيه استرليني).

لكن وسط هذا الدمار المترامي الأطراف، سارت جموع الفلسطينيين الفرِحة يوم الإثنين الماضي ليلاً ونهاراً، محملةً بالفرش وزجاجات المياه وغيرها من المقتنيات الأساسية، فيما رفع مقاتلو "حماس" الملثمون والمسلحون علامات النصر. وراقبت الدبابات الإسرائيلية المتمركزة على تلة قريبة هذا الحشد.

وقال الأشخاص الذين عبروا من خلال نقطة تفتيش رئيسة تصل الشمال بالجنوب، كانت القوات الإسرائيلية تسيطر عليها في وقت من الأوقات، لـ"اندبندنت" إن من يدير النقطة الآن هم رجال يتحدثون بلهجة مصرية ويرتدون قمصاناً كُتب عليها "اللجنة المصرية- القطرية". وانتشرت على الإنترنت فيديوهات تؤكد ذلك على ما يبدو.

كما وقف رجال مسلحون يرتدون اللباس العسكري لمراقبة المشهد، وقد افترضت بعض العائلات أنهم قد يكونون متعاقدين أمنيين أميركيين. واطلعت "اندبندنت" على إعلانات لوظائف بأجور مرتفعة من شركات مقاولة أميركية تبحث عن محاربين قدامى في صفوف القوات الخاصة الأميركية للإشراف على نقاط تفتيش في غزة مع انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق.

وتقول لينا المبيض ذات الأربعة عشر ربيعاً "اضطررنا لبيع خيمتنا من أجل ادخار بعض المال لرحلة العودة". أُرغمت الفتاة على الهرب من منزلها ومن عشرة أماكن إيواء لجأت إليها بعد ذلك خلال فترة الحرب. وقد نجت من القتل بأعجوبة عندما قصفت القوات الإسرائيلية مدرسة أوت إليها وسط القطاع.

وأكملت "نحن أيضاً فقدنا أعزاء- جدي والكثير من أولاد عمومتي. كذلك دُمر منزلنا. وسوف نعيش في خيمة أخرى"، مضيفةً "لكنني سعيدة لعودتنا إلى أرضنا وديارنا، ولأن الحرب انتهت بعد طول انتظار وما زلنا أحياء وسالمين".

تعود رنا يوسف، وعمرها 35 سنة، برفقة زوجها وأطفالها إلى منزلها في مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة بعد أن اضطرت للهرب منه مع بداية القصف. جهزت أستاذة الرياضيات خيمة مدرسية لتعليم الأطفال النازحين في الجنوب.

وتقول "كان من الرائع أن أصل في النهاية إلى منزلي وألتقي بأقاربي وأحبتي، وأبكي على تلك اللحظات الحلوة والمرة"، مضيفةً أنها تعتبر نفسها محظوظة أكثر من معظم الأشخاص لأن منزلها لا يزال قائماً.

وهي تؤمن أنه على رغم الدمار، سوف تنهض غزة ثانية.

ويوافقها الرأي عليّ الحايك، 35 سنة، العامل من شمال غزة الذي كان يسير مع صف العائدين إلى الشمال "لا يمكن لشعبنا التخلي عن غزة. سوف نعيد إعمارها مهما تطلبت هذه العملية من وقت".

ويقول لـ"اندبندنت" فيما يسير وراءه أطفاله التسعة "نحن ممتنون للعودة على رغم كل الصعوبات. لا شيء يضاهي وجودك في وطنك على رغم التحديات. لقد نشأنا هنا وعشنا هنا. ونحن ننتمي إلى هذا المكان".

© The Independent

المزيد من تقارير