Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجار بركان أسئلة أمام رواية محاولة اغتيال بوتين

وضع الصحافي الأميركي كارلسون نفسه وإدارتي بايدن وترمب في حقول ألغام داخلية ودولية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منهمك في قراءة أحد التقارير (رويترز)

ملخص

أخذ مجلس الدوما معلومات الصحافي الأميركي تاكر كارلسون حول تخطيط إدارة بايدن لاغتيال بوتين بسخط شديد وفي الوقت نفسه بكل جدية، ويمكن وصف مناقشة مسألة الاستهداف الجسدي لرئيس الاتحاد الروسي بأنها عمل من أعمال إرهاب الدولة الدولي.

جمعت الرواية المقتضبة جداً التي أطلقها الصحافي الأميركي تاكر كارلسون حول تخطيط إدارة الرئيس السابق جو بايدن لاغتيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بين الفانتازيا والواقعية في عالم غير هادئ يتشكل من الخيال الصاخب والجامح، ويعكس بدوره لعبة الأمم وحياة وصراعات القارة الأوروبية العجوز، وانعكاسات هذه الصراعات على "الكاوبوي" الأميركي خلف المحيط.

بدت هذه الومضة الروائية التي قيلت شفاهة في عقر دار أميركا، كما لو أنها ولدت من عبقرية الكاتب والصحافي وكاتب السيناريو الكولومبي الحائز جائزة "نوبل" غابرييل غارسيا ماركيز، الذي كان قبل رحيله رائداً في أسلوب كتابته المميز والمعروف بالواقعية السحرية التي تجمع بين السرد الواقعي والخيال، والتي تجلت في أشهر رواياته مثل "مئة عام من العزلة" و"الحب في زمن الكوليرا".

تضارب ردود الفعل

وللأسباب الواردة أعلاه، تضاربت ردود الفعل الرسمية في روسيا على رواية الصحافي كارلسون حول أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن كانت تخطط لاغتيال بوتين. فبينما أعلن مجلس النواب الروسي "الدوما" عزمه على إرسال نداء إلى الكونغرس الأميركي والأمم المتحدة يطالبهما فيه بالتحقيق في رواية كارلسون، قلل الناطق الرئاسي في الكرملين دميتري بيسكوف من أهمية وجدية ما ذكره الصحافي الأميركي.

وعلق بيسكوف على ذلك بقوله "نحن لا نفهم تماماً ما قصده كارلسون عندما تحدث عن هذا الأمر. فهو لم يقدم أي دليل، لذا لا يمكنني التعليق على ما قاله لأنه ليس من الواضح ما قصده"، مضيفاً أنه لا ينبغي للمرء أن يأخذ كل كلمة كمعلومة، بغض النظر عن الشخص الذي أطلقها.

 

وذكر أن الخدمات الخاصة الروسية (الاستخبارات) تتخذ باستمرار جميع التدابير اللازمة لضمان سلامة كبار المسؤولين في الدولة، وفي المقام الأول الرئيس.

وأكد المركز الصحافي لمجلس النواب في البرلمان الروسي، في الـ29 من يناير (كانون الثاني) الماضي، أن قرار الدوما مناشدة الكونغرس الأميركي والأمم المتحدة إجراء تحقيق في تصريح كارلسون حول قيام إدارة بايدن بالتحضير لمحاولة اغتيال بوتين "حظي بتأييد جميع الكتل النيابية من مختلف الأحزاب المعارضة والموالية".

وعدَّ رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين أن كلمات كارلسون يجب أن تؤخذ على محمل الجد ويجب التحقيق فيها، قائلاً في تعليق نشره عبر قناته على تطبيق "تيليغرام" إنه يجب تقديم المتورطين بمناقشة نية قتل بوتين إلى العدالة. وأوضح فولودين أنه "من غير المقبول أن تُناقش مثل هذه القضايا على مستوى الدولة بمشاركة الرئيس الأميركي ووزير خارجيته. ماذا يعني هذا؟ البلد الذي يعد نفسه نموذجاً للديمقراطية، يقوده قطاع الطرق والقتلة العاديون. لقد مر يوم على تصريح تاكر كارلسون وهم صامتون. ولم ينف بايدن أو أنتوني بلينكن (وزير الخارجية السابق)" ذلك.

وتابع "في ما يتعلق بالقوانين الأميركية، فإن هذه الجريمة يمكن أن تؤدي إلى الكرسي الكهربائي". وأضاف "عليهم أن يثبتوا إذاً أن هذا بلد ديمقراطي ودولة قانون، وسنطالب بذلك من جانبنا. دع بايدن يذهب مع بلينكن إلى الكرسي الكهربائي، وعندها سيرى العالم كله هذه هي الديمقراطية. وإن سكتوا وإن ستروا فلا تفتح فمك، ولا تعلم أحداً". وقال أيضاً "سنبذل قصارى جهدنا لحماية الرئيس وبلدنا، لأننا نعد أية تحديات وتهديدات له بمثابة تهديد لبلادنا. وهذا يعني أنه يجب أن يكون هناك رد صارم وفوري".

 

وأخذ مجلس الدوما معلومات كارلسون بسخط شديد وفي الوقت نفسه بكل جدية، ويمكن وصف مناقشة مسألة الاستهداف الجسدي لرئيس الاتحاد الروسي بأنها عمل من أعمال إرهاب الدولة الدولي.

وفي هذا الصدد، طالب مجلس الدوما الكونغرس الأميركي في رسالة وجهها إليه، الخميس الماضي، بإجراء تحقيق شامل في المعلومات. وجاء في مناشدته أنه إذا تم تأكيد ذلك فيجب معاقبة المخططين لذلك.

وبحسب النواب الروس، يمكن اعتبار عدم رد فعل بايدن وبلينكن على تصريح كارلسون دليلاً على إدانتهما وعزمهما على التهرب من المسؤولية. وقال "الحديث عن تنظيم اغتيال رئيس الدولة الروسية جريمة. إضافة إلى ذلك، فإنه يشكل تهديداً خطراً للأمن العالمي ويمكن أن يؤدي إلى حرب نووية عالمية."

رواية كارلسون

وادعى الصحافي التلفزيوني تاكر كارلسون في الحلقة الأخيرة من برنامجه الصوتي "استعراض تاكر كارلسون" أن إدارة بايدن كانت تحاول "قتل بوتين"، ووصف خططها في هذا الشأن بأنها "مجنونة". وفي الوقت نفسه، أكد المذيع أن وزير الخارجية السابق بلينكن كان "يسعى إلى إشعال حرب حقيقية"، وكان يحرّض على ذلك من دون أن يقدم أية توضيحات أو تأكيدات أو أدلة ووثائق تدعم روايته وتثبتها.

وكان كارلسون وصل إلى موسكو خلال فبراير (شباط) 2024 لإجراء أول مقابلة يجريها صحافي أميركي مع بوتين بعد اندلاع الحرب الأوكرانية. وقابل أيضاً فيلسوف الكرملين ألكسندر دوغين. وخلال وقت لاحق، تحدث المذيع مع وزير الخارجية سيرغي لافروف.

 

وكما ورد، قال كارلسون في حديث مع زميله مات تايبي إن السلطات الأميركية خلال رئاسة جو بايدن حاولت قتل بوتين. ووصف الحادث بأنه "جنوني بكل بساطة". ووفقاً له، فإن بلينكن خلال الشهرين الأخيرين من ولايته "بذل كل ما في وسعه لتسريع الحرب بين الولايات المتحدة وروسيا، حتى من خلال محاولة اغتيال بوتين على سبيل المثال". ولم يحاول تايبي استيضاح مصدر معلومات كارلسون مكتفياً بسؤال "حقاً؟".

وهنا، قال العالم الأميركي كارل سايغان إن "السرديات السياسية على المستوى الدولي في ظاهرها الاستثنائي في الأقل تتطلب أدلة استثنائية، ولا بد من تطبيق هذه القاعدة على بعض المزاعم في العالمين السياسي والإعلامي، خصوصاً حين تكون السردية تدور حول محاولة اغتيال رؤساء دول لهم حضورهم الوازن على الساحة الدولية".

الحقيقة والخيال!

وما يثير دفقاً هائلاً من التساؤلات ليس مزاعم كارلسون في حد ذاتها، بل صعوبة تسرب مداولات سرية كهذه، على افتراض حصولها، إلى سياسيين وإعلاميين بعيدين من المحيط المباشر للرئيس الأميركي السابق، هذا عدا أنهم من أشد المعارضين له، وثمة سؤال أكثر وجاهة يتمثل في عدم اكتشاف الاستخبارات الروسية ولو لبعض معلومات أو قرائن عن هذا الموضوع الخطر الذي يهدد البلاد والعباد.

كما أن بوتين نفسه ضابط استخبارات سابق يتحدر من جهاز الـ"كي جي بي" الرهيب، فلو كان حسه الاستخباراتي يصدق هذه الرواية لما التزم الصمت المطبق منذ كشفها والإعلان عنها على رؤوس الأشهاد. وإذا كان لظاهر تصريحات وأقوال بايدن أن تكشف أدلة عن مزاعم الإعلامي الأميركي مثل وصفه بوتين بأنه "قاتل" ونعته بصفات مهينة، فإنها كلها لا تشكل أدلة قاطعة، هذا إن صُنفت في خانة الأدلة. وهي بالتأكيد ليست "استثنائية".

وأطلق بايدن انتقادات شخصية جارحة كثيرة بحق بوتين، لكن الأخير تجاهلها. ومع ذلك، لم توحِ المعطيات بأن الرئيس السابق قد يذهب إلى حد اغتيال نظيره الروسي. وقبل الحرب، عقد بايدن قمة رئاسية مع بوتين في سويسرا وأرسل موفدين أميركيين للتشاور مع نظرائهم الروس بخصوص الهواجس المشتركة، ولا تؤيد هذه السلوكات إضافة إلى طريقة إدارة حرب أوكرانيا ادعاءات كارلسون.

النمط واضح

وقبل العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، قال بايدن جملته الشهيرة التي أوحت بأن رد فعل أميركا "سيعتمد على ما تفعله" روسيا كما هي الحال مع "توغل صغير". وبعد الحرب، عرض بايدن على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تأمين طائرة له تنقله إلى الخارج، لكن الأخير رفض. وأثار البطء في مدّ كييف بالأسلحة إحباطاً بين الأوكرانيين والسياسيين المؤيدين لها، وغالباً ما كانت المساعدات تأتي خلال وقت متأخر وبكمية قليلة، هذا إلى جانب أن الإدارة منعت كييف من استخدام الأسلحة ضد الأراضي الروسية، ولم تجز لها ذلك إلا بعد خسارة الديمقراطيين الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة.

 

وما يؤكد هذا النمط من الحذر الأميركي في التعامل مع روسيا، أن الإدارة الديمقراطية السابقة طلبت من أوكرانيا وقفاً للعمليات السرية داخل روسيا حين أطلق زعيم "فاغنر" السابق يفغيني بريغوجين تمرداً قصير الأجل ضد موسكو خلال صيف عام 2023. وطلبت واشنطن من كييف عدم فعل أي شيء للتأثير في ذلك الحدث أو حتى للاستفادة منه، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز". وكان واضحاً من هذا إلى حد بعيد أن بايدن خشي إثارة أي خلل في الاستقرار الداخلي لروسيا، وما يمكن أن يسفر عنه من وقوع قدرات نووية في أياد غير مسؤولة.

اغتيالات متقنة

ومع أن مزاعم الصحافي كارلسون هي مجرد كلمات تبدو وكأنها أمر لا يمكن إثباته، وربما يفهم هذا الأمر جيداً، ومع ذلك فإن المحللين الروس يؤكدون أن الممارسات التاريخية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي أي" تدعم رواية كارلسون في شأن محاولة اغتيال بوتين، إذ إن الوكالة تتمتع بتاريخ حافل بالاغتيالات في جميع أنحاء العالم.

ويتذكر مراسل "كومسومولسكايا برافدا" العسكري ألكسندر كوتس أن الولايات المتحدة تتمتع بخبرة واسعة في قتل معارضيها، وكتب في قناته على تطبيق "تيليغرام" "ليس هناك شك في أن شركاءنا المحلفين فكروا في مثل هذا الاحتمال. تتمتع وكالة الاستخبارات المركزية بخبرة واسعة في اغتيال القادة السياسيين الذين لا تحبهم واشنطن. ولقد قام الأميركيون بأكثر من 600 محاولة لاغتيال فيدل كاسترو وحده. لكن هذه المرة، لم يحدث شيء. ربما أدركوا أن هذا ليس حتى خطاً أحمر بل إعلان مباشر للحرب على قوة نووية".

اقرأ المزيد

ورجح المحلل العسكري فلاديسلاف شوريغين ما كان سيحدث لبلينكن لو كان جوزيف ستالين على رأس الدولة الروسية، فيما قال الباحث البارز في مركز دراسات الأمن التابع لـ "الأكاديمية الروسية للعلوم" والمحلل السياسي والمتخصص في الشؤون الأميركية كونستانتين بلوخين، إن هذا الأمر دون وجود إثباتات ملموسة لا يمكن اعتباره واقعة قائمة من دون أدلة. وأضاف "لكن إذا أخذنا في الاعتبار تجربة التفاعل بين وكالات الاستخبارات الأميركية، فقد قامت مراراً وتكراراً بتدمير عدد من قادة البلدان الأجنبية الأخرى. لقد قتلوا صدام حسين ومعمر القذافي. وفي عهد ترمب قُضي على قاسم سليماني. ونفذت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أكثر من 600 محاولة اغتيال لفيدل كاسترو". ومضى في حديثه "علاوة على ذلك، اغتالت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المرتبطة بالأجهزة الأميركية رئيس المكتب السياسي لحركة ’حماس‘ الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران، وكذلك زعيم ’حزب الله‘ حسن نصرالله بعد ذلك. أي إن هذه هي العادة. وربما يعتمد كارلسون على هذه الممارسة ويحاول بناء جسر، لكن مرة أخرى كل هذا لا أساس له من الصحة من دون تقديم إثباتات ملموسة".

والآن يمكننا أن نقول هل يجب أن نلوم بايدن على كل شيء، بما في ذلك الديمقراطيون؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بصراع سياسي داخلي بين النخب السياسية في الولايات المتحدة.

حسابات جوهرية أخرى

منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، كانت صناعة القرار في البيت الأبيض مأخوذة بهاجس إدارة التصعيد أولاً، وبهاجس الاضطرار إلى التعامل مع موسكو مضطربة، إذ يمكن أن تسقط ترسانتها النووية بين الأيادي الخطأ في حال حدوث حروب أو تقسيم. ويشكك بعض حتى في أن بايدن كان يريد إلحاق الهزيمة بروسيا.

ويدرك الأميركيون على الأرجح أن التخلص من بوتين لن يحل قضية الحرب مع أوكرانيا، والمواجهة طويلة الأمد مع الغرب الجماعي، ولن يخفف التوترات بين موسكو والغرب. وفي الواقع، وإلى جانب ترجيح مجيء شخصية أكثر تشدداً من الرئيس الروسي الحالي، ستخاطر أميركا بحرب نووية مباشرة مع روسيا في حال نفذت عملية اغتيال كالتي تحدث عنها كارلسون.

 

ولعل هذا ما كتبه دوغلاس لندن أستاذ الدراسات الاستخباراتية بجامعة "جورج تاون" الذي خدم داخل مديرية العمليات ضمن وكالة الاستخبارات المركزية لمدة 34 عاماً، في مجلة "فورين بوليسي"، مؤكداً أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية متفقة على إمكانية التنبؤ بسلوك بوتين والتي أثبتتها بالتحديد عندما توقعت أنه سيشن الحرب على أوكرانيا، لافتاً إلى أن المقربين من القيصر سيتهمون واشنطن باغتياله حتى من دون دليل.

لسنا في فيلم سينمائي

قرار اغتيال رئيس دولة أجنبية ولو غير نووية ليس مسألة سهلة حتى ضمن الفريق الرئاسي الواحد، ومنع وزير الدفاع الأميركي السابق جيمس ماتيس الرئيس دونالد ترمب خلال ولايته الأولى من تنفيذ رغبته في اغتيال الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد أن اتهمه باستخدام السلاح الكيماوي في خان شيخون عام 2017.

وبعد نفي أولي لهذا التقرير، عاد ترمب وأكد عام 2020 أنه رغب بقتل الأسد لكن وزير دفاعه السابق وقف ضده، و"لم يرد ماتيس فعل ذلك. كان ماتيس جنرالاً يحظى بتقدير مبالغ به، وتركته يرحل عن الإدارة".

حتى قبل الوصول إلى تداعيات عمليات اغتيال رؤساء الدول، ليست مرحلة التخطيط سهلة على الإطلاق. فاغتيال رؤساء الدول عملية غير سلسة كما تصورها الأفلام، بحسب لندن المسؤول السابق في "سي آي أي".

وحتى اللحظة، ما من حجة متينة لأخذ تصريحات كارلسون على محمل الجد. أما إذا كان المستقبل سيكشف شيئاً رسمياً بهذا الصدد فهذه قضية أخرى.

آراء سياسيين وبرلمانيين روس

ودعا رئيس لجنة الدوما للشؤون الدولية، زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي ليونيد سلوتسكي إلى إجراء تحقيق شامل في المعلومات المتعلقة بجرائم إدارة بايدن، مطالباً بأهمية اضطلاع المجتمع الدولي بذلك. ورأى سلوتسكي أن المعلومات التي قدمها تاكر كارلسون حول الجرائم التي ارتكبتها إدارة بايدن بصورة أساس، وكذلك تحقيق صحافي آخر هو سيمور هيرش حول هوية المتورطين في تفجير خط غاز "نورد ستريم"، يجب أن تخضع لتحقيق شامل من قبل المجتمع الدولي. وقال "حان وقت الإدانة الكاملة لتصرفات فريق الرئيس الـ46 للولايات المتحدة بسبب الأضرار التي لحقت بالأمن العالمي والقانون الدولي وسيادة واستقلال عشرات الدول والشعوب"، موضحاً أن بايدن في خطابه الوداعي اعترف فعلياً بالمسؤولية عن حقيقة أن العالم كان عملياً على شفا حرب نووية.

 

وشكر نائب مجلس الدوما عن منطقة القرم وعضو لجنة الأمن ميخائيل شيريميت كارلسون لأنه "أظهر للعالم أجمع الجوهر الإرهابي لبايدن الذي كان يدرك جيداً أن قوة روسيا ومزاياها تكمن في زعيمها فلاديمير بوتين". وقال "أعتقد أنه من الضروري فتح (قضية) جنائية للتحقق من المعلومات حول الإعداد المحتمل لمحاولة اغتيال رئيس روسيا وتحديد هوية جميع المتورطين، ويجب أن ينال المجرمون العقوبة التي يستحقونها، وبخاصة أننا عندما نفعل ذلك لن نتفاجأ إذا كانت إدارة بايدن أيضاً وراء محاولة اغتيال دونالد ترمب". وأوضح نائب مجلس الدوما عن سيفاستوبول عضو لجنة الشؤون الدولية دميتري بيليك أن خطط بايدن تظهر أنهم يريدون تدمير روسيا كحضارة.

واعترف نائب مجلس الدوما أليكسي تشيبا بأن أجهزة الاستخبارات الأميركية قد تكون بالفعل تخطط لاغتيال بوتين، وأضاف خلال الوقت نفسه أن الولايات المتحدة يجب أن تفهم العواقب الوخيمة التي يمكن أن تؤدي إليها مثل هذه الخطوة. وأضاف "أجهزة الاستخبارات تعمل في اتجاهات مختلفة، وليس لدي أدنى شك في أن مثل هذه الخطط دُبرت. ونرى أن الأعمال الإرهابية ارتُكبت بالفعل ضد أشخاص مختلفين، ونتذكر أنه نفذ ذلك في بعض الأحيان". ومضى تشيبا في حديثه "لذلك أنا متأكد من أن أجهزة الاستخبارات الأميركية يمكنها وضع مثل هذه الخطط"، مشدداً على أن الخدمات الخاصة الروسية تعمل أيضاً في اتجاهات مختلفة ويمكن أن تمنع محاولة اغتيال الرئيس الروسي. وقال "بالطبع مقتل زعيم سياسي محفوف بأشد العواقب، وبطبيعة الحال تخشى الولايات المتحدة ذلك. ولكن من المؤكد أن أجهزة الاستخبارات لا تزال تعمل في هذا الاتجاه، لكنني أعتقد أن وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات لدينا تعمل على منع مثل هذه المحاولات".

وكتب النائب آدم دليمخانوف في قناته على تطبيق "تيليغرام"، "أعتقد أن الصحافي الأميركي عبر عن نفسه بصورة مجازية عندما تحدث عن الرغبة في قتل رئيس الاتحاد الروسي، لكنه عبر عن الرسالة بدقة شديدة، إنهم يحلمون بتدميرنا جسدياً كحضارة ولم تختف هذه الرغبة الجنونية للغرب على مدى الألف عام الماضية، على العكس من ذلك كان الغضب يتزايد مثل الغضب من المحاولات الفاشلة. إن مثل هذه الجريمة ليست مجرد عمل عدواني ضد روسيا، هذا هو إرهاب الدولة في أنقى صوره. إن الإعداد لمحاولة اغتيال زعيم قوة نووية هو طريق مباشر لكارثة عالمية".

وختم البرلماني حديثه "في الولايات المتحدة نفسها، جريمة محاولة اغتيال رئيس دولة أجنبية يعاقب عليها بالإعدام. ووفقاً للقانون الأميركي، يجب أن يتعرض بايدن الشيطاني الخرف وحليفه بلينكن لأشد عقوبة، إذا كانت الولايات المتحدة تعد نفسها حقاً كدولة ديمقراطية، فليجروا تحقيقاً ويطبقوا قوانينهم على مجرميهم".

لكن النائب السابق للبرلمان الأوكراني أوليغ تساريف عد أن كلمات كارلسون لم يتم التحدث بها على محمل الجد. وعلق على قناته قائلاً "يبدو الأمر وكأن كارلسون يتصيد بلينكن فقط".

قنبلة صوتية في صراع داخلي

وعلق المحلل ديمتري دروبنيتسكي على رواية محاولة اغتيال بوتين، قائلاً "لقد أظهرت إدارة جو بايدن انهياراً كاملاً للحكومة. وفي مثل هذه الحال قد يكون البيت الأبيض واقعياً يفكر في اغتيال الرئيس الروسي. ومع ذلك، فإن تاكر كارلسون الذي وجه اتهامات للديمقراطيين، يمكن أنه قصد تحذير الأميركيين من احتمال عودة النخب الليبرالية من حاشية بايدن إلى الحكم". ويتذكر دروبنيتسكي أن "الولايات المتحدة نظمت محاولات اغتيال لعدد من معارضيها". ومع ذلك، كما أوضح المحاور، في حال روسيا نحن نتحدث عن قوة نووية عظيمة، وسيكون مقتل زعيمها بمثابة إعلان حرب. وضرب مثالاً على حديثه بقوله "هل كانت محاولة اغتيال فيدل كاسترو تهدد واشنطن بالحرب مع كوبا؟ البيت الأبيض رسم خطاً غير معلن بين التلاعب بالوضع السياسي داخل الدول التي لا تستطيع تحدي الولايات المتحدة واتباع نفس السياسة تجاه الجهات الفاعلة الجادة".

 

وقال إن "خطط اغتيال الرئيس الروسي لعبة واضحة للحرب النووية. الولايات المتحدة كانت دائماً حذرة من هذا الأمر، لكن إدارة بايدن السابقة أظهرت انهياراً كاملاً للحكومة عندما فعلت كل مجموعة ما أرادت". وعلى هذه الخلفية، يعترف دروبنيتسكي بأن فكرة الاغتيال ربما ظهرت بطريقة أو بأخرى بين المسؤولين الأميركيين. وقال "من الصعب أن نتخيل حدوث هذا في أية إدارة أخرى قبل بايدن. لكن في ظل الرئيس السابق يمكن أن تتزعزع قواعد اللعبة الداخلية التي كانت قائمة منذ عقود"، مشيراً إلى كلمات كارلسون التي قال فيها إن "الفوضى أصبحت بمثابة شاشة واقية" بالنسبة إلى قيادة البيت الأبيض السابقة.

وفي هذا الصدد، لفت المحاور الانتباه إلى شخصية أنتوني بلينكن ووصفه بأنه "من الصقور الرئيسين الهادئين في إدارة بايدن". وسعى وزير الخارجية السابق نفسه والوفد المرافق له إلى تعظيم تفاقم الأزمة الأوكرانية مع دخول الولايات المتحدة الزاحف في الصراع. ورداً على تعليقات مفادها أن التصعيد يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، أجاب بأنه لا يرى أية مخاطر.

ألغام أمام ترمب

وإذا تأكدت المعلومات حول بحث إدارة الرئيس السابق محاولة اغتيال بوتين، فإن ذلك سيلقي بظلال خطرة على أي تفاعل إيجابي قريب مع واشنطن. ويقول ديمتري دروبنيتسكي "نعم، وصلت إدارة جديدة إلى السلطة وأصبح خطاب ترمب تجاه سلفه ساخناً للغاية، وهو بدأ يحاول مغازلة بوتين ولو على حياء. لكن القيصر الآتي من صفوف الاستخبارات لن يغفر للسلطة في أميركا إذا ما تأكد أنها حاولت اغتياله، لأن هذا الأمر خطر للغاية بالنسبة إلى رجل يعد أنه إذا كان لا مناص من الاشتباك، فلتكن أنت من يوجه أول ضربة بدلاً من تلقيها".

 

تورط الولايات المتحدة في عدد من عمليات الاغتيال الناجحة والفاشلة في العالم، جعل منها قوة خطرة للغاية. وبوتين يعرف هذا ويحسب له حساباً ويأخذه على محمل الجد، لكن صمته المطبق حتى كتابة هذا التقرير وإعراضه عن التعليق على رواية اغتياله، يرجح كفة الخيال الجامح في إطلاق هذه الرواية في الأساس، على كفة الواقعة الثابتة، وهذا ليس في ميزان حسنات صديقه كارلسون.

المزيد من تحقيقات ومطولات